كلمة السيد الرئيس أمام قمة الاتحاد الإفريقي المنعقدة في مدينة سرت في الجماهيرية الليبية
كلمة السيد الرئيس أمام قمة الاتحاد الإفريقي المنعقدة في مدينة سرت في الجماهيرية الليبية
4-7-2005
فخامة الأخ القائد معمر القذافي، قائد ثورة "الفاتح" من سبتمبر العظيمة،
فخامة الرئيس أولسيجان أوباسنجو، رئيس جمهورية نيجيريا الاتحادية الصديقة، رئيس قمة، الاتحاد الأفريقي
فخامة الرئيس الدكتور ألفا عمر كوناري، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي،
معالي السيد عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية،
معالي السيد خافيير سولانا، مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي،
معالي السيد أدوين كارنغتون، السكرتير العام لتجمع دول الكاريبي،
أصحاب الجلالة والفخامة رؤساء الدول والحكومات الأفريقية الشقيقة،
السيدات والسادة،
تلقينا باعتزاز كبير دعوتكم الكريمة، للمشاركة في أعمال هذه القمة الإفريقية، التي تلتئم في هذا البلد العزيز ليبيا الشقيقة الكريم بأهله وفي ضيافة الأخ القائد معمر القذافي، واسمحوا لي بداية أن أتوجه بالتحية للرئيس أولسيجان أوباسنجو على رئاسته لقمة الاتحاد الإفريقي، كما أحيي جهوده الحثيثة لتعزيز مكانة ودور القارة الإفريقية بدولها وشعوبها بين دول وشعوب الأسرة الدولية.
وأتوجه بالتهنئة القلبية للأخ العزيز القائد معمر القذافي على كرم ضيافته لهذه القمة الخامسة للاتحاد الإفريقي، ونحن على ثقة أن الأخ العزيز القائد معمر القذافي، سيضع كل خبرته القيادية المشهودة وحكمته وجهده في خدمة إفريقيا. وأتوجه لفخامته بالاعتذار لعدم تمكني من حضور القمة الأفريقية الرابعة في أبوجا لظروف خارجة عن إرادتي.
السيد الرئيس،
إن فلسطين وشعبها وقيادتها تكن لإفريقيا العزيزة كل التقدير والاعتراف بالجميل، فعلى مدى القرن العشرين كافحت الشعوب الإفريقية والشعب الفلسطيني ضد الاستعمار والاضطهاد والتمييز العنصري. إنها وحدة التاريخ والكفاح المشترك في سبيل الحرية والاستقلال الوطني، والقضاء على التخلف والتبعية والتمييز العنصري ومن أجل بناء أوطان حرة مستقلة.
ولا يسعني هنا إلا أن أعبر لكم عن الامتنان والتقدير لتضامنكم ووقوفكم دولاً وشعوباً في المحافل الدولية مع شعبنا الفلسطيني، الذي تعرض ويتعرض حتى الآن للعدوان والاحتلال الإسرائيلي، وإقامة المستوطنات في أرضنا، وبناء جدار العزل والتوسع والتمييز العنصري لتمزيق وحدة أرضنا ووطننا، وتحويله إلى "بانتوستانات" معزولة وممزقة، لمنع شعبنا من ممارسة حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
السيد الرئيس،
إن شعبنا الفلسطيني قد اختار طريق المفاوضات والسلام وصولاً إلى حريته واستقلاله الوطني، ومن أجل هذا الهدف أعلنا وقف إطلاق النار والتهدئة، وفي حوار القاهرة أعلنت كافة القوى والفصائل التزامها بالتهدئة والهدنة، وبرعاية الرئيس حسني مبارك والملك عبد الله توصلنا إلى تفاهمات شرم الشيخ.
ولكن هذه التفاهمات لا تجد طريقها إلى التنفيذ، وتقوم الحكومة الإسرائيلية بمواصلة بناء المستوطنات، ومصادرة الأراضي الفلسطينية، وبناء الجدار العنصري، رغم ما قررته محكمة العدل الدولية بعدم شرعية الجدار، ورغم تصويت الجمعية العامة ضده وضد المستوطنات، إضافة إلى احتجاز إسرائيل لآلاف الأسرى، والسعي لتغيير معالم القدس الشريف.
السيد الرئيس،
لقد أعلنا موافقتنا على خريطة الطريق وحل الدولتين الذي أعلنه الرئيس الأمريكي جورج بوش، وعبرت اللجنة الرباعية المكلفة بتنفيذ خريطة الطريق عن دعمها لاستئناف عملية السلام والدخول في مفاوضات جادة وحاسمة لحل كافة قضايا الوضع النهائي على طاولة المفاوضات، بما يحقق طموحات شعبنا في استعادة أرضه وإقامة دولته المستقلة في حدود عام 67 إلى جانب دولة إسرائيل. هذا وقد أعلنا تصميمنا على تنسيق الانسحاب لضمان انسحاب كامل من قطاع غزة وبعض مناطق الضفة الغربية، على أن يكون هذا الانسحاب جزءاً من خارطة الطريق.
السيد الرئيس،
إن السلام والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط تشكل اليوم المحور والمركز في الاهتمامات الدولية والإقليمية، وقد حان الوقت لإنصاف الشعب الفلسطيني، ورفع هذا الظلم التاريخي الذي أصابه على مدى أكثر من نصف قرن، ولا بد من وضع قرارات الشرعية الدولية موضع التطبيق، فلم يعد مقبولاً أن تستمر سياسة ازدواجية المعايير تجاه القرارات الدولية التي عالجت القضية الفلسطينية، وأتوجه لقادة إفريقيا وحكمائها من على هذا المنبر لتشكيل لجنة إفريقية عليا للمساهمة مع أطراف الأسرة الدولية لتحريك عملية السلام، ولتنفيذ خطة خارطة الطريق التي أقرها مجلس الأمن الدولي في قراره 1515.
السيد الرئيس،
إننا نتابع باهتمام مسيرة إفريقيا الصديقة على طريق التقدم والتعاون والتضامن، ونحن نهنئكم على تشكيل مجلس السلم والأمن الإفريقي، وانتخاب البرلمان الإفريقي، وتشكيل المحكمة الإفريقية، والتقدم بالمسار الديمقراطي في دول القارة.
إن هذه الإنجازات هي وسيلة هامة في حل النزاعات داخل القارة بالاعتماد على الجهود الإفريقية، كما تسهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية والحد من البطالة والفقر والمرض، ولا شك أن هذه الجهود الطيبة تستحق كل الدعم والتأييد. وفي هذا المجال ندعم جميع المبادرات الإفريقية والدولية الرامية إلى وضع الهموم الإفريقية على رأس أولويات المجتمع الدولي، بما في ذلك تعزيز التنمية الاقتصادية في إفريقيا.
السيد الرئيس،
وإننا وفي هذه القمة الإفريقية العتيدة، نستذكر قادة وزعماء الحرية الأفارقة الذين أسهموا في تحرير القارة الإفريقية من الاستعمار والتمييز العنصري، وننحني بإجلال أمام هؤلاء القادة:أحمد سيكوتوري، وكوامي نكروما، وجوليوس نيريري، وجمال عبد الناصر، وانتهاءً بالزعيم الكبير ورمز الحرية والكرامة نيلسون منديلا، وإذا كان هؤلاء الأبطال قد تركوا إرثاً نضالياً نهتدي به في سعينا لتحرير أرضنا وإقامة دولتنا، فقد ترك لنا الرئيس الراحل ياسر عرفات إرثاً نعتز به من الدعم الإفريقي، الذي تمثل هذه الدعوة الكريمة لمشاركتنا في هذه القمة تعبيراً صادقاً عنه، متمنين استمراره حتى تحقيق أهداف شعبنا في الحرية والاستقلال وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة على كامل أراضيه المحتلة، وعاصمتها القدس الشريف.
أجدد التحية والتقدير العميقين للأخ القائد معمر القذافي، الذي أكن له ويكن شعب فلسطين المناضل كل الحب والوفاء والاحترام، وأتمنى للشعب الليبي الشقيق المزيد من الازدهار والتقدم في ظل قيادته الحكيمة. نتمنى النجاح لأعمال هذه القمة لتحقيق المزيد من الإنجازات والتقدم والازدهار للقارة كلها.
شكراً لحسن استماعكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.