الرئيسية » خطابات الرئيس محمود عباس »

كلمة السيد الرئيس أمام قمة برشلونة الأورومتوسطية

27 تشرين الثاني 2005

كلمة السيد الرئيس أمام قمة برشلونة الأورومتوسطية

27-11-2005

 

السيد الرئيس ثباتيرو،

 السيد الرئيس بلير،

 

اسمحوا لي سيادة الرئيس أن أعبر لكم عن بالغ شكرنا وتقديرنا لحسن الاستقبال وكرم الضيافة الذي قوبلنا به، منذ أن وطأت أقدامنا أرض برشلونة الجميلة، تلك المدينة التي شهدت أول قمة للشراكة الأوروبية المتوسطية، والتي كانت ثمرة عملية السلام بين فلسطين وإسرائيل.

 

لا شك أن عملية برشلونة قد أحدثت بعض المتغيرات الهامة على المسرح الدولي، وفي الجانبين العربي والأوروبي، الأمر الذي يستدعي مواصلة العمل المشترك، ورفد تلك الشراكة بكل الإمكانات المتاحة، كي تظل مواكبة لتطورات العصر ومتطلباته، وتتمكن من مواجهة كل أنواع التحديات والمخاطر في المنطقة.

 

إنها، لمناسبة هامة، أن يتم إحياء الذكرى العاشرة هذه وعلى مستوى الرؤساء، برئاسة كل من المملكة المتحدة وأسبانيا. وفي هذا السياق نثمن الدور الهام الذي لعبته أسبانيا في إرساء أسس صرح العلاقات المتوسطية.

 

ولعل أهمية هذه القمة تكمن في كونها تأتي بعد سنوات من العمل الدؤوب والمتواصل، لترسيخ المبادئ والمفاهيم التي تم الاتفاق عليها في قمة برشلونة الأولى، حيث تم ترجمة هذه الاتفاقات والتفاهمات على أرض الواقع، من خلال برامج عمل واضحة على جميع الأصعدة.

 

إن مشاركة السلطة الوطنية الفلسطينية الفعالة، منذ بداية عملية برشلونة تنبع من إيماننا العميق والصادق بأهمية المسار الذي يصب في خدمة مصالح الأطراف المعنية، وخلق واقع حقيقي إيجابي وفعال من الشراكة، يساهم إلى حد بعيد في تعزيز التقارب بين شعوب وحكومات الدول الأوروبية والمتوسطية، وكذلك المساهمة في إرساء أسس السلام والأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط..

 

السلام القائم على قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بما فيها حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على الأراضي التي احتلت عام 1967. وهو ما يعزز ثقة الشعب الفلسطيني بإرادة المجتمع الدولي الداعم لنضاله وسعيه للحصول على حريته واستقلاله.

 

السيد الرئيس،

 

إن الوضع الذي يرزح تحت وطأته الشعب الفلسطيني، يستدعي التأكيد على أهمية وضرورة أن يستمر الجانب الأوروبي بالقيام بدور رئيسي في تطبيق خارطة الطريق، وتحقيق رؤية الرئيس بوش، والعودة إلى المسار السياسي التفاوضي، من أجل إيجاد حل عادل وشامل لجميع قضايا الوضع النهائي، وصولاً إلى إقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشريف.

 

السيد الرئيس،

 

لقد شكل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وأجزاء من شمال الضفة الغربية خطوة مهمة نحو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لتلك الأراضي. غير أن نجاح هذه الخطوة مرتبط بحل سريع وجدي لكافة القضايا العالقة ما بعد الانسحاب، وفي هذا الإطار فإن الاتفاقية حول الحركة والعبور تشكل خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، وإن الدور الأوروبي بالمشاركة كطرف ثالث مراقب في معبر رفح له أثر كبير في إنجاح هذا الاتفاق. وقد افتتحنا هذا المعبر للجمهور اعتباراً من يوم 25- 11- 2005 م.

 

إننا في السلطة الوطنية الفلسطينية ملتزمون بالحفاظ على التهدئة، وضبط الأمن، وبإجراء الانتخابات التشريعية في موعدها المحدد، من أجل تجديد الحياة السياسية، وبناء مؤسسات ديمقراطية، وتعزيز سيادة القانون. ونحن نتطلع إلى مساعدة الجانب الأوروبي في هذه المهمة الصعبة، خصوصاً لجهة العملية الانتخابية، والتدخل لدى إسرائيل لتسهيل إجراء هذه الانتخابات في كافة المناطق الفلسطينية بما فيها القدس الشريف.

 

السيد الرئيس،

 

إن القضية الفلسطينية تشكل لب الصراع في المنطقة، وتقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية كبرى من أجل تطبيق قرارات الشرعية الدولية، التي تضمن لشعبنا الفلسطيني حقوقه المشروعة، وإننا على يقين أن المبادرة العربية للسلام تشكل إطاراً يساهم إيجاباً في حل الصراع العربي الإسرائيلي والتوصل إلى السلام الشامل.

 

إن الهجمات الإرهابية التي تعرض لها الأردن الشقيق مؤخراً وراح ضحيتها أناس أبرياء كانت نتيجة لإرهاب أعمى ندينه بكل قوة، وهو يستوجب منا جميعاً التعاون والعمل المشترك لوضع حد لهذه الظاهرة، بما في ذلك معالجة الأسباب الكامنة التي تغذي هذه الأعمال الإرهابية.

 

وفي الختام، نتوجه بالشكر الجزيل للاتحاد الأوروبي على دعمه المستمر للشعب الفلسطيني والسلطة الوطنية الفلسطينية، ونأمل في استمرار هذا الدعم لما له من أثر إيجابي في تمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة الديمقراطية.

 

إننا نتطلع إلى جارتنا أوروبا أن تساهم بدور فاعل وكبير في دعم السلام والاستقرار في منطقة البحر المتوسط، على أساس احترام القانون الدولي في كافة المجالات، وإعلاء شأن الحوار وتعزيز التعاون وتفاعل الثقافات واحترام الآخر حتى نتمكن من البناء على ما تم إنجازه في السنوات العشر الماضية نحو غدٍ أكثر إشراقاً.

 

وشكراً