كلمة السيد الرئيس القاها بالنيابة عنه الدكتور محمد القدوة خلال احتفال جماهيري بمناسبة يوم المرأة العالمي بغزة
كلمة السيد الرئيس القاها بالنيابة عنه الدكتور محمد القدوة خلال احتفال جماهيري بمناسبة يوم المرأة العالمي بغزة
8/3/2007
إنه لمن دواعي سعادتي أن أشارككن اليوم هذا الاحتفال بهذا العيد الهام، يوم الثامن من آذار الذي يحتفل فيه العالم بيوم المرأة العالمي، موجهين في هذه المناسبة الهامة بطاقة تهنئة وتحية ملؤها التقدير والاحترام للمرأة بشكل عام، وللمرأة الفلسطينية بشكل خاص أينما وجدت، وهي تحتفل مع زميلاتها في كافة أنحاء العالم بهذا اليوم العالمي من أجل مواصلة العمل والعطاء والنضال في سبيل انتصار قيم الحرية والعدالة والإخاء والمساواة ومن أجل القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ولاستكمال نيل كافة حقوقها كإنسانة معطاءة، وعضوة فاعلة تشكل نصف المجتمع..
فاليوم بالنسبة لنا هو يوم وفاء وعرفان بعظمة الدور الذي تلعبه المرأة الفلسطينية، وتضامناً معها وتقديراً لنضالاتها، كيف لا؟ وهي الأم والزوجة والأخت والابنة والعاملة المناضلة، التي قال عنها قائدنا ورمز نضالنا الرئيس الراحل ياسر عرفات -رحمه الله- بأنها حارسة ديارنا المقدسة، وستظل كذلك، قدمت ولازالت تقدم التضحيات الجسام، وعانت أكثر من عانى في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني الطويلة..
فالتحية كل التحية للمرأة الفلسطينية التي تقف شامخة بكل إصرار لتؤكد على مواصلة المسيرة، مسيرة النضال ضد الاحتلال وكافة ممارساته وإجراءاته العدوانية الاستيطانية ضد شعبنا ووطنا ومقدساتنا المسيحية والإسلامية، ورفضه وتحديه لقرارات الشرعية الدولية، وفي مقدمتها حق شعبنا في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف..
وبهذه المناسبة، نؤكد للمرأة الفلسطينية المناضلة أننا سنواصل دعمنا الكامل لشعار المساواة في الحقوق والواجبات على كافة الصعد لتتمكن نساء فلسطين من المشاركة الحقيقية والفعالة في عملية بناء وطننا وتنميته وحماية مشروعنا الوطني، الذي تضطلع به سلطتنا الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، ممثلنا الشرعي والوحيد وسنواصل العمل من أجل دعم سن كل القوانين والتشريعات المنصفة التي تضمن المساواة والعدالة الاجتماعية، وتوفر للمرأة سبل المشاركة في كافة مناحي الحياة وفقاً لمبدأ التكافؤ والمساواة في مختلف المجالات، وخاصة تلك القوانين المتعلقة بمشاركتها في الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية، وتمكينها من المشاركة في كافة هيئات صنع القرار الوطني، وقد مارست المرأة الفلسطينية بوعي وقدرة حق الانتخاب والترشيح في تلك الانتخابات، وحصلت لأول مرة على سبعة عشر مقعداً في المجلس التشريعي، مما يؤكد مرة أخرى على المكانة المرموقة التي تحتلها، والثقة التي تحظى بها، وقدرتها على المشاركة كعضو فاعل ونشيط في المجتمع، وإن تلك النجاحات والانجازات التي حققتها تعزز قدرتها وعطائها في عملية البناء الوطني، والمشاركة الفعالة جنباً إلى جنب مع الرجل في كافة الميادين، كأم وزوجة وأخت لها دورها الكبير والمميز في صنع الإنسان الفلسطيني الذي هو أغلى ما نملك..
وكما تعلمون جميعاً، فإن الاحتفال بهذه المناسبة، يأتي في ظل ظروف حساسة وخطيرة ولازال شعبنا الذي قدم ولا زال يقدم التضحيات الجسام يتعرض لحرب وحشية شرسة وحصار خانق طال كافة مناحي حياته وعدوان متصاعد ألحق به أفدح الخسائر بالأرواح والممتلكات، ولا يخفى عليكم ما يترتب على ذلك من حالات يتمٍ وترملٍ وفقرٍ وحرمانٍ، تؤثر تأثيراً مباشراً على المجتمع الفلسطيني، وعلى تطوره ونموه وتقدمه، حيث أن وضع المرأة في المجتمع الفلسطيني يرتبط ارتباطاً وثيقاً ومباشراً بالظروف السياسية والتاريخية التي عاشتها القضية الفلسطينية، ولازالت تعيشها، حيث ينعكس ذلك بشكل مباشر على أوضاع المرأة سواء كان ذلك في الوطن أم في الشتات، مع فروق وخصوصيات تميز كل بيئة من البيئات التي يعيش فيها شعبنا، مما أدى لتباين في الظروف المعيشية والقانونية والمستويات التعليمية والثقافية للمرأة الفلسطينية..
إننا اليوم ونحن نحتفل بهذه المناسبة الوطنية، وانطلاقاً من إيماننا بالدور الهام للمرأة الفلسطينية، لأحوج ما نكون جميعاً إلى وقفة تأمل يتحمل كل منا مسؤولياته بأمانة وإخلاص، ليكون باستطاعتنا مواجهة التحديات الجسام التي تواجهنا والحفاظ على مصالح شعبنا الوطنية العليا، وعلى النهوض به، حيث بذلنا ولا زلنا نبذل في سبيل ذلك الجهود المخلصة لرص الصفوف ولتعزيز وحدتنا الوطنية والحفاظ على مكتسباتنا ومنجزاتنا الوطنية ليقيننا التام بأنها سر انتصارنا، ومصدر قوتنا ومنعتنا، ونحن على أبواب مرحلة جديدة، نرجو أن تتكلل بأسرع وقت ممكن بالنجاح، وهي تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي كانت نتيجة لاتفاق مكة المكرمة الذي رعته المملكة العربية السعودية، وقائدها خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، حيث أكد الاتفاق على حرمة الدم الفلسطيني، وعلى المشاركة السياسية وتشكيل حكومة وحدة وطنية، فهذا الاتفاق هو إنجاز تاريخي برهن على أن فلسطين للجميع، وأنها أكبر من الجميع، وسيكون بداية الانطلاقة لمرحلة جديدة من تاريخ شعبنا الفلسطيني ومرحلة جديدة من الشراكة السياسية والعمل الوحدوي، الذي يتوجب علينا جميعاً أن نقف صفاً واحداً، وعلى قلب رجل واحد، لحمايته والدفاع عنه، خاصةً في ظل هذه الظروف الصعبة والحساسة التي تعيشها ساحتنا الفلسطينية، ولتفويت الفرصة على أعداء شعبنا وعلى كل المتآمرين الذين يتربصون بشعبنا الدوائر، فلنعمل بكل إخلاص ونية صادقة على تعزيز هذه الوحدة، لأنها طريقنا لتحقيق أهدافنا السامية في إقامة دولتنا المستقلة..
ولا يفوتنا أيتها الأخوات، وأيها الإخوة في هذا اليوم، أن نتوجه بتحية وفاء وإكبار واعتزاز لكافة أخواتنا الأسيرات والمعتقلات البطلات القابعات خلف القضبان في سجون الاحتلال، فألف تحية لهن ولكل أسرانا الأبطال الذين يسطرون بصبرهم وثباتهم أروع المثل في الصمود والتضحية والفداء، ونؤكد لهم جميعاً بأن قضيتهم ستظل كما كانت دوماً على رأس سلم أولوياتنا وفي صلب اهتماماتنا، وأن فجر حريتهم لابد أن يبزغ، ولن يهدأ لنا بال إلا بانعتاقهم ونيلهم لحريتهم وعودتهم لأهلهم وذويهم سالمين، وتحية وفاء وتقدير وإجلال أيضاً لجرحانا البواسل ولأسرهم وللأكرم منا جميعاً شهدائنا الأبرار ولأرواحهم الطاهرة ولأسرهم وذويهم، ولنجعل من هذه المناسبة العالمية فرصة للتأكيد على دور المرأة الفاعل والخلاق، باعتبارها نصف المجتمع وضميره ورمزاً للبذل والعطاء والتفاني، فهي التي تصنع الأجيال وتقف جنباً إلى جنب مع المقاتلين في الخنادق ومع العمال في المعامل، وتشارك في فلاحة الأرض وزراعتها رمز الخصوبة والعطاء..
التحية لكن جميعاً والاحترام والتقدير للمرأة الفلسطينية، وليكن الثامن من آذار معلماً بارزاً في حياة المرأة الفلسطينية، ومنعطفاً في مسيرة الحرية والاستقلال في سبيل التكافل والتضامن الأسري، من أجل بناء المجتمع الفلسطيني العصري الأمثل القائم على العدل والإخاء والمساواة واستعادة الحقوق الوطنية.