خطاب متلفز للسيد الرئيس حول آخر التطورات السياسية – برام الله
خطاب متلفز للسيد الرئيس حول آخر التطورات السياسية – برام الله
11/10/2009
بسم الله الرحمن الرحيم
أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
يا أبناء شعبنا الشجاع في الوطن والشتات،
أتوجه إليكم بالحديث اليوم انطلاقا من قاعدة المصارحة والمكاشفة التي اعتمدناها على الدوام، وانطلاقا من إدراكنا لمسؤولياتنا وواجباتنا وحرصنا على الأمانة التي حملتمونا إياها، وإيماناً بالحق الراسخ لشعبنا في أن يسأل وأن يعرف وأن ينتقد وأن يحاسب.
أتحدث إليكم اليوم ونحن في خضم استحقاقات حاسمة وفي مواجهة تحديات صعبة، فمنذ شهور تتصاعد الممارسات الاحتلالية الإسرائيلية ضد القدس ومواطنيها بتواتر وتكثيف لم يحدث منذ عقود، وأصبح هدم واحتلال البيوت وتشريد أصحابها، ومصادرة الأراضي وبناءً الوحدات الاستيطانية، ممارسة يومية تنفذ برنامج التطهير العرقي، وأصبح المسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين هدفاً ثابتاً لحملة الاحتلال والمتطرفين الإسرائيليين.
هذه الحملة التي تستهدف المقدسات الإسلامية والمسيحية من أجل تهويد القدس العاصمة الخالدة لدولة فلسطين وإلغاء وجهها وهويتها العربية والإسلامية الأصيلة.
لقد قلنا على الدوام ونقول اليوم أن القدس هي بوابة ومفتاح السلام، وأكدنا باستمرار أن العبث بالمدينة المقدسة من قبل الاحتلال هو إذكاء لنيران التوتر والحروب في المنطقة والعالم. وإذ نُحيي جماهير شعبنا في المدينة المقدسة وهم يتصدون مع أبناء شعبهم في كل مكان للهجمة الجديدة ضد الأقصى وضد القدس فإننا نؤكد تمسكنا بكل ذرة تراب، وكل حجر من القدس وأننا مصممون على الدفاع عن عاصمة فلسطين وعن الأقصى وعن كنيسة القيامة، وعلى دعم صمود أبناء شعبنا الشجعان.
ونؤكد أنه لن يكون هناك أي اتفاق سلام لا يتضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للقدس.
يا أبناء شعبنا العظيم،
في الوقت الذي نخوض فيه معركة الدفاع عن القدس فإننا نخوض مواجهة ساخنة على صعيد عملية السلام، وإذ رحبنا ونرحب بالتوجهات التي أعلنها الرئيس باراك أوباما، وإذ انخرطنا مع الإدارة الأمريكية في جهد متصل لترجمة هذه التوجهات إلى واقع، فإننا حافظنا وبثبات على منطلقات موقفنا الذي حددته هيئاتنا القيادية.
وقد أكدنا على هذه المواقف في كل مكان، ولم نتأثر بالضغوط المتعددة الأشكال، ولم نحفل بالتهجمات والمهاترات، ولم نتخل عن دورنا ولم نسمح بأن يكون صوت فلسطين غائبا أو مغيبا عن أي محفل، بل أردناه أن يكون حاضراً وصريحاً وعالياً وشجاعاً يعبر ويدافع عن حقوقنا، متسلحين بإيماننا بقضيتنا وبثقة شعبنا.
ومن هذا المنطلق طرحنا قبل اللقاء الثلاثي في نيويورك وخلال اللقاء وبعد اللقاء نفس الموقف، وأكدنا أمس للمبعوث الأمريكي السيد جورج ميتشل ونؤكد اليوم أننا إذ نتمسك بخيار السلام فإننا نؤمن بأن هذا يتطلب توفير المتطلبات التي حددها المجتمع الدولي والرئيس أوباما لإعادة إطلاق عملية السلام والمفاوضات، وفي مقدمتها الوقف الشامل للنشاطات الاستيطانية في القدس وبقية أرجاء الأراضي الفلسطينية، والتحديد الواضح لمرجعية عملية السلام بما يؤمن ووفقا للشرعية الدولية إنهاء الاحتلال والاستيطان وقيام دولة فلسطين المستقلة وحدودها هي حدود الرابع من حزيران 1967.
وقد لمسنا خلال الأسبوعين الماضيين تفهماً ودعماً لموقفنا لدى دول العالم التي تدرك عدم جدوى إطلاق المفاوضات في ظل استمرار الاستيطان، وتدرك عبثية التفاوض حول الحدود في حين يعمل الاحتلال على محاولة رسم وفرض الحدود التي تلبي أهدافه التوسعية، وعبر طرح مخطط الدولة ذات الحدود المؤقتة الذي رفضناه ونؤكد مجدداً رفضه، و وأصبحت هذه الدول تدرك أن أي عملية سلام محكومة بالفشل السريع ما دامت تفتقر لاتفاق حول مرجعياتها وأهدافها وفق ما حدده المجتمع الدولي والشرعية الدولية.
أيتها الأخوات والإخوة،
في الوقت الذي نخوض فيه التحديات على جبهتي القدس والعملية السياسية، فإننا كنا وما زلنا نعمل بمثابرة وبكل جهد ممكن لأداء استحقاق المصالحة الوطنية لإنهاء الانقسام الذي فرضه الانقلاب ألظلامي في قطاع غزة الحبيب، ومن أجل استعادة وحدة الوطن أرضاً وشعباً ومؤسسات ونظاماً سياسياً، ولإنهاء الحصار الجائر الذي يتعرض له شعبنا في غزة.