كلمة الرئيس محمود عباس أثناء افتتاح الملتقى الإعلامي الرياضي في رام الله
إنها فرصة ثمينة وغالية على قلوبنا جميعاً أن نرى هذه الكوكبة من إعلاميين من العالم، من عرب وأصدقاء من مختلف العالم، جاؤوا ليساهموا في هذا المؤتمر، مؤتمر الرياضة والإعلاميين الرياضيين؛ لكن معنى هذه الزيارة إضافة لما تعنيه من دعم الرياضة من إعلاميين ورياضيين؛ إلا أنه في الأساس دعم لصمود الشعب الفلسطيني، دعم لهذا الشعب المحاصر الذي يعيش الحصار منذ عقود طويلة، ولكن جئتم لتفكوا عنه الحصار ولتقولوا له: "نحن معكم، ونؤيدكم؛ لأن قضيتكم هي قضيتنا".
أعرف أنكم تتصورون ما قيمة هذه الزيارة وهذا اللقاء الذي يتم على أرض فلسطين، رغم ما أحيطت الزيارة بمقولات مختلفة ومتناقضة ما بين التحريم والتحليل، والقبول والرفض، ولكن القوة في عقولكم وقلوبكم، دعتكم لتأتوا إلى هنا؛ فأهلا وسهلا بكم. هناك وفود من 15 دولة عربية وهذا رد بليغ لمن يقول: "لا تأتوا إلى هنا".
أنا لا أفتي، ولكن رجال الإفتاء قالوا وأكدوا أن القرآن والسنة النبوية لم يحرما زيارة الأراضي الفلسطينية والقدس الشريف، وخير مثال هو تنظيم زيارة إلى فلسطين من قبل مفتي القدس (أمين الحسيني) لكل رجال الدين العرب والمسلمين والذي لبوا الدعوة، وعلى رأسهم شيخ الأزهر عام 1931 وكانت حينها زمن الانتداب البريطاني، فكيف كان ذلك حلالاً والآن أصبح حراماً.
هناك وفود من أندونيسيا وغينيا وكينيا وبريطانيا والسويد وأميركا وغيرها، كلها جاءت لتساهم في حق شعبنا على أرضه ليبني عليها دولته التي يجب أن تكون عاصمتها القدس الشريف.
الرياضة رسالة، ورسالة هامة لكل الناس وهي فوق الجغرافيا والسياسية، وفوق التشعبات والفروقات ما بين الرجل والمرأة.
نحن نعتبر، كما كثير من الدول، المرأة هي نصفنا الأحلى، وصاحبة الحق في كل شيء، وعلى رأس كل شيء.
يجب أن تكون المرأة شريكة في كل أنواع الرياضة، ونعرف أن الرياضة رسالة إضافة إلى أنها رسالة سياسية؛ لأنها تقرب بين الشعوب وتعرفها على بعضها، وتشيع الحب والأخوة والتآلف بين الشعوب.
المرأة شريك أساسي في الرياضة، والرياضة فوق السياسة تتعامل مع كل شعبنا في الضفة وغزة والقدس والشتات، لا فرق ولا حدود ولا سدود، والجميع سواسية؛ لهم الحق في المشاركة ومتابعة النشاطات الرياضية التي تخلق الشعوب وتدعم حياة الشعوب، وهي ليست ممتعة فقط، بل من مكونات الحياة المختلفة (السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية).
الرياضة تسهم في تقريب وجهات النظر، وفي حل الكثير من المشاكل التي استعصت عليها السياسة، واللواء الرجوب استطاع أن يوحد بين الضفة وغزة، رغم أن السياسيين مختلفون.
لكم رسالة هامة جدا: ندعمكم ونؤيدكم، ندعم هذا الجانب من حياتنا؛ لأنه مهم، وقد يكون الأهم.. لم تكن الرياضة على رأس أولوياتنا؛ لأسباب الاحتلال والشتات، كنا بعيدين عنها، وإن كان شبابنا يشاركون ويلعبون مع كل شباب العالم، لأنهم يشعرون بأن الرياضة مهمة في حياة الشعوب.
في عام 1934؛ لم يكن أحد منكم مولود، كنا نتبارى مع أشقائنا في مصر لندخل كأس العالم؛ أي أننا وصلنا الدرجات النهائية، هذا يعني أنه كان لنا رياضة عربية، لكن ظروف الاحتلال غيرت الكثير من حياتنا، وقبل سنتين قررنا أن نقوم بنهضة رياضية، وهذا ما ترونه الآن من نشاطات على كل المستويات، عمرها سنتان فقط، والرجوب قام بكل الجهود.
كانت هناك نزاعات بين الصين وأميركا لم يستطع أحد حل المشكلة، إلا أن فريق كرة الطاولة الأميركي جاء إلى الصين وحل المشكلة.
نرحب بكم ونقول لكم أنتم في بلادكم ووطنكم، وأنتم لستم ضيوفًا علينا، لكنكم أهل البلد، وسفراء لنا في كل مكان في العالم، نحن نحترم كل المواثيق الدولية في الرياضة وغير الرياضة، ومصممون، وهذه هي سياستنا على احترام مواثيق الأمم المتحدة والاتفاقات الثنائية والدولية، ونحن تحت القانون، وتحت الأنظمة الدولية، في كل يوم نردد أننا ملتزمون بالشرعية الدولية، وأنتم الحكام؛ إذا أخطأنا فأخرجونا من الملعب.
نريد من إسرائيل أن توقف النشاطات الاستيطانية؛ لأن الأرض أرضنا، ولا يجوز أن يستمروا في البناء... تعالوا نجلس على الطاولة والعالم كله يقول حدود 67، ولكن إلى الآن يرفضون، وبالتالي تتعطل المفاوضات... نريد استغلال كل دقيقة وساعة للوصول إلى دولة فلسطين، فقط نقول حدود 67، ويوقف الاستيطان.
قبل أيام مرت بسلام قضية إضراب الأسرى، وتم حلها، وهي ليست المشكلة، المشكلة وجود أسرى بالسجون. هناك اتفاقات مكتوبة وشهود عليها من الأميركان ورؤساء حكومات سابقين في إسرائيل ووزراء، نريد إطلاق سراح جميع الأسرى، وهم أكثر من 5000، والحادثة مرت بسلام أي بعد مرور 78 يوما.
أصر على أن الحكومة الإسرائيلية يجب أن تطلق سراح الأسرى، هناك أسرى إداريين من دون محاكمة. أي شريعة في العالم تقبل أن يعتقل إنسان لمدة طويلة من دون محاكمة؟ قضايا نحن بصدد حلها، ونتمنى أن يقبلها الطرف الإسرائيلي، لا يوجد حل إلا من خلال مفاوضات، وهذا ما لم نصل له.
الرأي العالمي ودول العالم تؤيد وتقبل وجود دولة فلسطينية مستقلة، ولا تقبل وجود أسرى في السجون. 133 دولة تعترف بفلسطين التي عاصمتها القدس ودول كثيرة في أوروبا تعترف بها.
قضية أخرى (المصالحة)، حدث الانقلاب عام 2007 لم نتعامل نحن معها بالقوة، ولجأنا إلى جامعة الدول العربية، لتقول رأيها. والجامعة حولت الأمر إلى مصر التي بذلت جهودا خارقة حتى وضعت الأمور في نصابها، واستمرت الجهود، واختتمت باتفاق الدوحة ... حماس والطرف القطري قالوا إنه لا بد من تشكيل حكومة انتقالية من المستقلين برئاستي، ووافقت على ذلك على مضض.
هذه الحكومة وحتى تشكل لا بد أن تحضر لانتخابات، وهناك معضلة في غزة، ولا أحد يعرف من ينتخب ومن لا ينتخب، ولدينا شفافية في الانتخابات، والذي يشرف على الانتخابات لجنة مستقلة، وعندما نجحت حماس في الانتخابات في المجلس الشريعي، أنا أعلنت النتائج فورا وهنأت حماس، نحن لا نلعب بموضوع الانتخابات نؤمن بالديمقراطية وبالحرية والتعددية، التحركات في دول الربيع العربي قامت من أجل الحرية والتعددية.
نؤكد ضرورة السماح للجنة الانتخابات المركزية بالعمل في قطاع غزة لتسجيل الناخبين؛ لأنه منذ العام 2007 لم يتم تسجيل الناخبين، وهناك الآن حوالي 250 إلى 300 ألف مواطن غير مسجلين في قوائم الانتخابات.
ونجن جاهزون للانتخابات، ننتظر إخواننا أن يوافقوا، وللآن لم يحدث شيء. وهناك حجج عند "حماس" بعدم إجراء الانتخابات، اليوم سنعلن، عند الساعة 6 مساء، الحكومة الفلسطينية؛ لا نستطيع أن نبقى للأبد من دون حكومة؛ لأن هناك وزراء استقالوا.
الآن، عندنا مسارات مختلفة، المسار السياسي ننتظر وأرسلنا رسائل: إذا لم يحصل أي شيء سنذهب إلى الأمم المتحدة للحصول على شيء، عندما نذهب إلى الأمم المتحدة لن تحل المشكلة؛ لأن المشكلة تحل بالمفاوضات الثنائية. هناك ثلاثة أمور مهمة: المصالحة، والوضع السياسي، والحكومة.
المصالحة: يقولون إنه عندما نذهب إلى المصالحة نترك السلام، ولكن هذا غير صحيح، نحن نقول: إن المسار السياسي والمصالحة مساران متوازيان، يكملان بعضهما البعض.
وحماس جزء من الشعب الفلسطيني، لا يمكن إنكاره أو سلخه، ونتنياهو شريكنا في السلام.
مرت العلاقة الفلسطينية اللبنانية بظروف صعبة، وبالذات في فترة السبعينيات وبداية الثمانينيات، إلى أن وصلت إلى حد القطيعة، في العام 2005 في حكومة ميقاتي الأولى، بدأ الحديث عن الحقوق المدينة للفلسطينيين في لبنان، وكان وزير العمل آنذاك "طراد حمادة" وضع هذه الحقوق على الطاولة؛ وهذا أدى إلى تقليص عدد المهن التي لا يجوز للفلسطينيين أن يعملوا بها، والآن يوجد عدة قوانين في البرلمان، ورئيس البرلمان متحمس من أجل إنهاء الحظر على الفلسطينيين في لبنان، بحيث يستطيعون أن يعملوا في كل شيء.
نحن نعتبر أنفسنا ضيوفًا في لبنان، هذا البلد الكريم الذي استضافنا في أصعب الظروف، ونحن نقول: إننا بحماية الجيش اللبناني، ومسألة السلاح، لا نريدها.
وهذا كله لا يعني التوطين في لبنان (الذي نحن ضده)، ولو سألت طفلاً فلسطينيًا عمره عدة سنوات: ما هو خيارك؟ لقال لك: العودة إلى فلسطين، فلقد زرت تشيلي وقابلت أطفالاً وطلاب مدارس أهلهم مهاجرون منذ العام 1850، والكل يقول: فلسطين، فلسطين.
مصر هي الشقيقة الكبرى، ولديها أسبوع صعب يترشح فيه 13 من أبنائها، لتختار الأصلح من بينهم، وموريتانيا بلد المليون شاعر، نتمنى له دائما النصر والثبات، وأهم دعم عربي لنا هو مجيئكم هنا؛ لأن البعض يحاول منعكم من المجيء.