الرئيسية » خطابات الرئيس محمود عباس »

الرئيس في مؤتمر بيت المقدس الإسلامي الدولي: المقدسات تستغيث مؤتمر بيامي: المقدسات تستغيث المقدس الإسلامي الدولي: المقدسات تستغيث

17 حزيران 2012

بسم الله الرحمن الرحيم

"سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا، إنه هو السميع البصير" صدق الله العظيم.
السيدات والسادة الضيوف الكرام،


قبل أن أبدأ كلمتي، أريد أن أقول كلمة وهي أننا اليوم في حالة حزن نتيجة وفاة صاحب السمو، الأمير نايف بن عبد العزيز، رحمه الله؛ لذا من هنا باسمنا وباسمكم جميعا نبعث بعزائنا لخادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، وللأسرة السعودية جميعا، ونرجو الله تعالى، أن يسكن الفقيد فسيح جنانه.
يسرني اليوم مشاركتكم في أعمال مؤتمركم الهام، الذي يناقش قضية غاية في الأهمية، وهي علاقة الدين بالسياسة؛ فالعلاقة ما بين الدين والسياسة تتطلب منا جميعاً أقصى درجات الوعي، والوضوح، فمن خلال فهمنا لهذه العلاقة، وإدراكنا لحل إشكاليتها، يمكننا أن نبني مجتمعاً واعياً، يملك تصوراً دقيقاً للعلاقة ما بين المواطنة والتعددية الدينية، وهو ما سيؤدي بالضرورة إلى حالة من التوافق والانسجام في نسيج هذا المجتمع، ويخلق القاعدة الثابتة للسلام الأهلي، الذي يصعب تحقيقه دون حل هذه الإشكالية.
إننا حريصون على تكريس الحرية بمضمونها الشامل الذي أقرته الشرائع والمواثيق الدولية؛ لكي نجنب بلادنا ما اكتوت بناره مجتمعات ودول أخرى، فالتصورات المتضاربة تعصف باللحمة الوطنية، وتهدد النسيج الوطني، وتضعف مناعته أمام أية تدخلات خارجية.
ومن هنا لابد لي أن أقدر، كل التقدير، الرسالة التي بعثها صاحب السمو الأمير حسن بن طلال لما عبر عنه من وعي وثقافة عميقة في هذا الموضوع، وطبعًا، نحن نعرف أنه رجل مثقف في كل المواضيع، ويشهد له في كل المحافل الدولية.

قبل أن أبدأ كلمتي، أريد أن أقول كلمة وهي أننا اليوم في حالة حزن نتيجة وفاة صاحب السمو، الأمير نايف بن عبد العزيز، رحمه الله؛ لذا من هنا باسمنا وباسمكم جميعا نبعث بعزائنا لخادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، وللأسرة السعودية جميعا، ونرجو الله تعالى، أن يسكن الفقيد فسيح جنانه.
يسرني اليوم مشاركتكم في أعمال مؤتمركم الهام، الذي يناقش قضية غاية في الأهمية، وهي علاقة الدين بالسياسة؛ فالعلاقة ما بين الدين والسياسة تتطلب منا جميعاً أقصى درجات الوعي، والوضوح، فمن خلال فهمنا لهذه العلاقة، وإدراكنا لحل إشكاليتها، يمكننا أن نبني مجتمعاً واعياً، يملك تصوراً دقيقاً للعلاقة ما بين المواطنة والتعددية الدينية، وهو ما سيؤدي بالضرورة إلى حالة من التوافق والانسجام في نسيج هذا المجتمع، ويخلق القاعدة الثابتة للسلام الأهلي، الذي يصعب تحقيقه دون حل هذه الإشكالية.
إننا حريصون على تكريس الحرية بمضمونها الشامل الذي أقرته الشرائع والمواثيق الدولية؛ لكي نجنب بلادنا ما اكتوت بناره مجتمعات ودول أخرى، فالتصورات المتضاربة تعصف باللحمة الوطنية، وتهدد النسيج الوطني، وتضعف مناعته أمام أية تدخلات خارجية.
ومن هنا لابد لي أن أقدر، كل التقدير، الرسالة التي بعثها صاحب السمو الأمير حسن بن طلال لما عبر عنه من وعي وثقافة عميقة في هذا الموضوع، وطبعًا، نحن نعرف أنه رجل مثقف في كل المواضيع، ويشهد له في كل المحافل الدولية.

أيها السيدات والسادة،

تأتي أهمية هذا المؤتمر من بعدين تربطهما علاقة جدلية: أولهما الجانب المعرفي الذي يبحث الأمور الفكرية والنظرية، ويؤسس لنقاش، ونحن واثقون بأنه سيكون عقلانياً وإيجابياً؛ وثانيهما الجانب السياسي التطبيقي العملي، الذي يتم من خلال الممارسات التي تنتج عن المستويات المعرفية.  وبالتالي أؤكد هنا على ضرورة أن لا تقتصر التوصيات الصادرة عن مؤتمركم هذا على الجانب المعرفي والنظري، وأن تتجاوز هذا الجانب، على أهميته، باتجاه المناحي العملية التطبيقية أيضًا، والتي سيكون لها أكبر الأثر، بخاصة في وجود هذه الكوكبة من المفكرين والباحثين من العديد من الدول العربية والإسلامية، والذين سيكون لهم دور فاعل في إلمامنا بالعديد من التجارب الفعلية في حل هذه الإشكالية، من خلال الممارسات العديدة والهامة في بلدانهم.

أيها السيدات والسادة،
نحتفل اليوم بذكرى الإسراء والمعراج؛ هذه الذكرى التي سطرت في كتاب الله سبحانه وتعالى وأصبحت قرآناً يتلى أبد الدهر، يؤكد على أهمية هذه البقاع المقدسة، وكرس الله بركاته على هذا البلد بما فيه؛ وأوله المسجد الأقصى، ويوجب على المسلمين في أنحاء المعمورة أن يهبوا لحمايتها، وأن يسعوا جهدهم؛ لحفظ هويتها التي تتعرض في كل لحظة إلى محاولة الاستيلاء عليها.
في مدينة القدس؛ التي يمتزج التاريخ، والدين، والسياسة، في لوحة رائعة من ناحية؛ وفي وضع صعب وقاس وعدواني من ناحية أخرى، الأمر الذي يحتم علينا الإصرار على ضرورة زيارتها دينياً وسياسياً؛ فالتهويد يطال تضاريسها كافة، بما فيها أسماء شوارعها ومبانيها.
 وأصبحت معركتنا الحالية في القدس تدور على الهوية والحضارة والتراث، فالمقدسات تستغيث الله كل يوم، أن يبعد عنها الاحتلال الذي يدنسها كل لحظة ويحمي مستوطنيه الذين يعبثون بكل ركن فيها.  ولولا صمود أهلها الأبطال وما يقومون به، من دفاع عن هويتها العربية، لصرنا إلى واقع صعب ومؤلم، ومن هنا يأتي سعينا الدائم، وتأكيدنا في كل مرة على ضرورة مؤازرة أهلنا الصابرين في مدينة القدس، من خلال زيارتهم، أو دعمهم ليكونوا أكثر قدرة على المواجهة، والحفاظ على الأرض، والصمود وبذل التضحيات.

 أيها السيدات والسادة،

قبل أيام قليلة مرت علينا ذكرى هزيمة حزيران؛ هذه الذكرى الأليمة التي أدت فيما أدت إليه، إلى احتلال الجزء الشرقي من القدس وباقي أراضينا الفلسطينية وأراضي دول عربية أخرى، وأمام إصرار شعبنا على الصمود على أرضه؛ يؤلمنا كثيراً ما تتعرض له دعوتنا لزيارة هذه المدينة وشد الرحال إلى المسجد الأقصى من هجمات تفتقد إلى الدليل الشرعي والوعي السياسي، وتغفل كثيراً طبيعة التغيرات التي تحدث بشكل يومي في مدينتنا المقدسة، من استيطان مادي، وبناء أصبح يحاصرها، بل ويحاصر أبنيتها وبيوتها كافة؛ ومن تهويد طال حتى أسماء الأماكن التي ستنسى أسماؤها الحقيقية بعد حين، إن لم تجد من يحفظها؛ ومن إفراغ سكاني يحاول قتل الذاكرة من خلال إبعاد حامليها، ليصل عدد سكان المدينة الفلسطينيين إلى أقل من نصف عدد الإسرائيليين في آخر الإحصائيات أصبح أهل القدس أقل من المستوطنين الإسرائيليين.

إخواننا،

 خرجت دعوات -كما أشار د.الهباش- بتحريم زيارة القدس، هكذا كان النص، وسألنا شيوخنا وقضاتنا وعلماءنا: من أين جاء التحريم؟ هل ذكر في القرآن أم ذكر في السنة؟ وقيل: لا، لم يذكر في القرآن، بل العكس تماما؛ ذكر في السنة الشريفة؛ حيث أن الرسولzzz*z عليه الصلاة والسلامzzz*z قال: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى"؛ وعندما سئل عن القدس قال: "زوروها، زوروها، زوروها، ومن لم يستطيع فليرسل لها زيتا تسرج به قناديلها".  والمقصود هنا ليس زيت الزيتون (كما قلت مرة في الدوحة)، بل يقصد الدعم به، الدعم المالي والاقتصادي والإنساني، "ومن لا يستطيع"، فليرسل، ولكنه لم يقل: "من لم يرغب".
ولو عدنا إلى تاريخ الرسول -عليه السلام- عندما كان يطوف حول الكعبة في عهد المشركين، لم يطبع علاقاته مع المشركين، بل كان يؤدي واجبًا؛ وهو يعرف أن في الكعبة أصنام وهو يطوف حولها؛ وعندما ذهب إلى المدينة المنورة وعاد في صلح الحديبية، قال: لهم أريد أن أزور الكعبة واعتمر، قالوا له: تعال السنة القادمة واعتمر، فعاد واعتمر بوجود المشركين، ولكنه لم يطبع علاقاته معهم؛ عندما  صلى بالأنبياء جميعا في الإسراء لم يأخذوا إذنا من الرومان، وكانت القدس محتلة من الرومان؛ وكثيرا من التاريخ يتحدث عن أيام صلاح الدين، وكانت القدس محتلة من قبل الصليبيين، ولم ينقطع المسلمون عن تقديس أو زيارة القدس؛ لأن كثيرًا من المسلمين يرون أنه إذا زارو الكعبة والمدينة، فعليهم أن يقدسوا في القدس؛ ثم جاء الاحتلال البريطاني وعقد مؤتمر إسلامي برئاسة المفتي وحضور شيخ الأزهر وأكثر من 150 من العلماء من مختلف الدول الإسلامية، جاءوا لنصرة القدس، كما تأتون انتم لنصرة القدس، رغم الدعوات التي تقول بالتحريم، سألنا: هل هناك تحريم؟ وقالوا: أن التحريم لا يأتي إلا بنص، فقيل: لا يوجد تحريم لا في القرآن ولا في السنة، فقلنا لمن  يحرمون: إذا كان الدين لا يقول تحريمًا، وإن كان الأمر سياسيًا، فاتركوا السياسة لنا، نحن أفهم منكم في السياسة، وغير ذلك لا تسيسوا دعواتكم، لا تحرفوا الكلمات عن مواضعها، لتحرفوا الدين عن أهدافه، نحن نرحب بكم وبمجيئكم هنا، أهلا وسهلا بكم لتروا وتزوروا وتطلعوا بأنفسكم؛ وزيارة السجين لا تعني التطبيع مع السجان.
 إننا نأمل من رافضي الزيارة ومنتقدي الداعين لها، أن يضعوا هذه البديهيات نصب أعينهم وهم يدبلجون الكلام المعسول دون انتباه إلى مدى الخطورة التي يحملها على واقع المدينة، وننبههم إلى المقولة الهامة zzz*zإن زيارة السجين لا تعني التطبيع مع السجانzzz*z؛ وأنا من هنا أعيد الدعوة إلى إخوتنا في جميع أنحاء العالم إلى زيارة المسجد الأقصى والقدس الشريف، اللذين يشكوان إلى الله صعوبة الهجر وألم البعد عن الأحبة، وندعو جميع إخوتنا إلى شراء وقت لهم في مدينتنا، من خلال زيارتها، وقضاء أيام فيها، أو حتى ساعات، في رحاب البقاع الشريفة، وحبذا أن يقوم المقتدرون بشراء العقارات والأرض التي تتسرب من خلال السماسرة؛ أغنياء اليهود يشترون المتر بمئات الألوف من الدنانير في القدس، ليحرموا أهلها من هذه الأرض، فأين أغنياء العرب والمسلمين! أين هم؟ أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين.

أيها السيدات والسادة،

إن ما ذكرناه سابقاً بشأن القدس يتعلق بما آلت إليه أوضاعنا السياسية؛ حيث أن العملية السلمية تعاني من حالة موت سريري؛ الجانب الإسرائيلي هو المسؤول حتما، والكرة في ملعبهم، بعد أن نفذنا ما ترتب علينا من التزامات، باعتراف مختلف دول العالم.

أيها الأخوة،

نحن نشعر أن من واجبنا الالتزام بالشرعية الدولية؛ لأننا جزء من المجتمع الدولي؛ وبالتالي كل ما فرض علينا في القرارات الدولية أو في قرارات اللجنة الرباعية أو في خطة خارطة الطريق، نفذناه بالحرف؛ طمعا في أن يقول العالم: نعم، نحن ملتزمون؛ وقال العالم: نعم، أنتم ملتزمون، أنتم الفلسطينيون قمتم بكل ما عليكم، فماذا عن الجانب الإسرائيلي؟ نطالبه بأن يوقف الاستيطان لنستطيع أن نتكلم، لا يريد! نريد منه أن يعترف بالدولة على حدود 1967، لا يريد! إذا من هو المخطئ؟ ومن هو غير الملتزم؟ نحن مصممون على موقفنا والله معنا.
 إن إحجام الجانب الإسرائيلي عن القيام بالتزاماته سيؤدي إلى جعل حل الدولتين حلاً وهمياً، هم الآن بتصرفاتهم وبنائهم واستيطانهم، يحاولون أن يقضوا على حل الدولتين.
إن الاحتلال الإسرائيلي زرع مستوطناته، ومستوطنيه بطريقة مدروسة، حولت أراضي دولتنا المستقبلية إلى معازل منفصلة، يستحيل معها إقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة.
إننا أعلنا ومنذ اللحظة الأولى، وبكل حزم، أننا مع خيار الدولتين، وأن خيارنا للتوصل إلى حلول سياسية، هو عبر المفاوضات، وهنا، نعني المفاوضات التي تقوم على أسس سليمة ومرجعيات معترف بها من المجتمع الدولي بأسره، واتفاقات تم الالتزام بها، بحيث تؤدي إلى الاعتراف بحقنا في دولة كاملة السيادة على حدود العام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.

أيها السيدات والسادة،

لقد قطعنا الآن شوطاً طويلاً فيما يتعلق بالمصالحة الداخلية، ونحن الآن بصدد إغلاق ملف حكومة التوافق الوطني من المستقلين، خلال الأيام المقبلة، أي بعد فترة، كما أننا أنجزنا الكثير من الأمور على صعيد العملية الانتخابية، حيث بدأت لجنة الانتخابات المركزية عملها، في تحديث السجل الانتخابي، كما تم الاتفاق عليه منذ أيام في قطاع غزة.
إن ما تم إنجازه، والذي نسأل الله سبحانه أن يعيننا على تطبيقه على الوجه الأكمل، هو إنجاز كبير سيعيد ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، في أكثر مراحل قضيتنا حلكة؛ فنحن نحتاج إلى أن نكون موحدين في ظل ما تتعرض له قضيتنا الفلسطينية من محاولات لتصفيتها، وإبعادها عن الاهتمام العربي والإسلامي والعالمي، وجعلها على هامش اهتمام المجتمع الدولي.
نحن مصممون على المصالحة؛ لأنها مصلحة وطنية فلسطينية، لأنها تعيد لحمة الشعب والأرض والوطن.  نحن حريصون عليها؛ لذلك سرنا في هذا المسار خطوات، ولكن نحن نقول: أن الأساس في المصالحة الوطنية هو الانتخابات؛ ألسنا جميعا نؤمن بالديمقراطية وبصندوق الاقتراع؟ ألم نأتي ويأتون إلى السلطة والمجلس التشريعي والرئاسة من خلال صندوق الاقتراع؟ نحن نريد صندوق الاقتراع ومعروف عن انتخاباتنا على مدى 15 عاما أو يزيد، بأنها انتخابات نزيهة حرة وديمقراطية، فإذا رفضت الانتخابات فمع الأسف، فإن هناك من يضع الدواليب في عجلة المصالحة.
الانتخابات هي الأساس، وإذا أقرت وأقر موعدها، ستكون هناك حكومة انتقالية من المستقلين والكفاءات الوطنية لفترة زمنية لا تزيد عن أشهر قليلة تجرى فيها الانتخابات، ومن ثم من جاء ليقول له الصندوق: أنت الذي نجحت، فهو الذي ينجح، ويكون صاحب القرار الأول والأخير، كما يجري الآن في مصر؛ فهناك صراع لأول مرة يجري في تاريخ مصر (الصراع على الانتخابات)، لا أحد يعرف نتيجتها سوى صندوق الاقتراع الذي سيقرر، ومن يقرر له الصندوق، فعلى الآخرين أن يلتزموا، ونحن لا نتدخل في شؤون أحد.
مع الأسف الشديد وصلني خبر، أن مستوطنا قتل فلسطينيين في الخليل، هؤلاء يعيثون في الأرض فسادا برعاية الحكومة الإسرائيلية، وبرعاية بنادق الجيش الإسرائيلي، يقتلون ويقتلعون الأشجار ويحرقون المساجد.  تصوروا لو أحد منا فعل ذلك مرة واحدة ماذا ستكون النتيجة، أما هم فيحرقون 5 مساجد فالأمر عادي.  هذا غير مقبول، ولن نسمح به، وسنبقى مغروسين في أرضنا، مهما فعلوا، سنبقى مغروسين في أرضنا.

أيها السيدات والسادة،

إن ما أنجزه أسرانا البواسل في معركة الأمعاء الخاوية، ضد صلف السجان الإسرائيلي، من تحصيلهم لحقوقهم الإنسانية المشروعة، لا نقول أنهم حققوا كل ما يريدون، ولكنهم أضربوا عن الطعام وحصلوا على معظم مطالبهم، من إخراج للمعزولين الذين أمضوا سنوات طوال في عزلة عن العالم، في محاولات بشعة استهدفت روحهم المعنوية وصمودهم، ومن السماح لأهلنا من قطاع غزة بزيارة أبنائهم بعد امتناع لسنوات طويلة، إضافة إلى إنجازات أخرى، لم تكن لتتحقق، لولا الوحدة التي عاشتها الحركة الأسيرة، وحركتها النضالية ومطالبها المتفق عليها.
 إننا مدعوون للاقتداء بأسرانا البواسل في نضالهم السلمي، ومقاومتهم اللاعنفية، فما تم تحقيقه لم يكن ليتم لولا وحدتهم وتوافقهم على برامج العمل، والأهداف.
بالمناسبة، الأسرى أفضل من الذين يعيشون خارج السجن، لماذا؟ لأنهم موحدون ونحن لا نعرف أن نتوحد، أتذكرون وثيقة الأسرى؟ هي التي قادتنا إلى طريق الوحدة، فدائما وأبدا الحركة الأسيرة في شفافيتها متقدمة تماما على من يعيشون خارج السجون، ولا أقول أحرارًا، لأننا كلنا نعيش في سجن كبير.
إن تحرير الأسرى وإفراغ السجون من المعتقلين سيظل هدفًا واضحًا لنا، ولا يقبل أية تنازلات، فلن يكون هناك سلام حقيقي دون الإفراج عن أسرانا البواسل؛ هؤلاء الذين ضحوا بسني عمرهم في خدمة مشروعنا الوطني.
يعني إذا كانت هناك قضايا: الحدود، والأمن، والقدس، واللاجئين، وغيرها؛ فهناك قضية مهمة جدًا، وهي الأسرى، وإذا لم يطلق سراح الأسرى، فلن يكون هناك سلام.

أيها السيدات والسادة،

إن الاحتلال الإسرائيلي يهدف فيما يهدف، إلى رفض الوجود الفلسطيني على أرضه؛ ولذا فهو يحارب هذا الوجود؛ لذلك نرجو من إخواننا وأبنائنا وضيوفنا القادمين، أن يشدوا من أزرنا، هم لا يريدوننا هنا؛ هم يريدوننا أن نخرج، ومجيئكم يشد من أزرنا، ويحمي صفوفنا؛ فأكثروا من هذا المجيء، وقولوا لمن خلفكم: تعالوا إلى المسجد الأقصى، وإلا فهو يحارب هذا الوجود بكل ما أوتي من قوة وصلف: يحاربه في هويته، وتراثه، وأماكنه الثقافية؛ كما يحاربه في إنسانه من خلال قتله واعتقاله؛ بل وحتى احتجاز جثامين الشهداء في أسلوب بشع قد يمتد إلى عشرات السنين؛ إمعاناً في التعذيب والإساءة، عمركم سمعتم واحد بحجز جثمان شهيد أكثر من 40 سنة في مقابر الأرقام؟ فلماذا؟ ولكن إمعانا في الإذلال، لا أكثر ولا أقل.  مؤخرا أفرجوا عن بعض الجثامين، ولكن مازالت هناك المئات محتجزة، نفسي أتلقى جواب واحد وهو: لماذا يحجزوا هذه الجثامين بدون أسماء في مقبرة الأرقام؟، وبعد محاولات حثيثة وإلحاح مستمر تمكنا من الإفراج عن عشرات الجثث التي تم احتجازها، في خطوة أعادت الأمل إلى كثير من العائلات التي حرمت من أن تدفن أبناءها على الوجه الذي يليق بهم؛ فقد حرم الاحتلال الإسرائيلي مئات العائلات الفلسطينية والعربية، ولا يزال، من أن يكون لديها قبر لأبنائها.
إن احتلالاً بهذه الطبيعة يقتضي منا أن نكون على أعلى درجات المسؤولية في التعامل معه، وذلك من خلال تمتين وحدتنا الوطنية، واتفاقنا على برامج عمل واحدة، وأهداف مرحلية واحدة، وأسلوب عمل موحد، لنصل إلى دولتنا الفلسطينية المستقلة المرتقبة، وعاصمتها القدس الشريف.