خطاب السيد الرئيس أمام القمة العالمية حول مجتمع المعلومات في تونس
خطاب السيد الرئيس أمام القمة العالمية حول مجتمع المعلومات في تونس
16-11-2005
بسم الله الرحمن الرحيم
فخامة الرئيس زين العابدين بن علي،
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي،
سعادة الأمين العام للأمم المتحدة،
سعادة الأمين العام للاتحاد الدولي للاتصالات،
الحضور الكرام،
يسعدني، ويشرفني أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير للجمهورية التونسية رئيساً وحكومةً وشعباً على استضافتهم لهذا المؤتمر، وعلى كرم الضيافة العربية الأصيلة وحسن الاستقبال، كذلك نتقدم بالشكر والتقدير لمنظمة الأمم المتحدة والاتحاد الدولي للاتصالات لجهودهم الكبيرة والمتميزة في التنظيم والإعداد لهذا المؤتمر.
نلتقي اليوم، هنا على أرض تونس الخضراء، وفي كنف ضيافة وحفاوة القيادة والشعب التونسي الشقيق، في المرحلة الثانية من القمة العالمية حول مجتمع المعلومات، من أجل إيجاد الحلول لتحقيق هدف أممي مشترك يتمثل في بناء مجتمع المعلومات والمعرفة.
السيد الرئيس،
لقد أولت السلطة الوطنية الفلسطينية اهتماماً خاصاً بقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، لما يمثله من دور حيوي ومحوري في عملية التنمـية، باعتـباره يشكل مدخلاً لا غنى عنه في مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، والتي لم تعد ذات مسار محلي فحسب، بل أصبحت عملية يتطلب القيام بها درجة كبيرة من الارتباط الإقليمي والعالمي بمواقع الإنتاج، فضلاً عن كونها تعديلاً جذرياً في نمط الحياة لمجتمعنا، وهو ما لا يمكن تصوره دون التركيز على تقنيات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، واعتمادها في صلب عملية التنمية والتخطيط للمستقبل.
ومن هذا المنطلق، فقد أولت السلطة الوطنية الفلسطينية اهتمامها بتنمية وتطوير الموارد البشرية، والتركيز على تطوير البنية التحتية وإعادة تأهيلها، وتكوين الأطر القانونية والتنظيمية الواضحة وخلق بيئة تمكينية وتنافسية تفسح المجال أمام شراكة فاعلة وحقيقية بين القطاعين الحكومي والخاص، جسدتها الإجراءات والقرارات الأخيرة التي اتخذتها السلطة الوطنية الفلسطينية والخاصة بفتح السوق، والبدء بتنفيذ عدد من المشاريع في إطار الإستراتيجية الوطنية لتكنولوجيا المعلومات وأبرزها:
1- البدء بإنشاء وتكوين هيئة تنظيم قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
2- الشروع بتطبيق مشروع الحكومة الالكترونية.
3- إطلاق مبادرة التعليم الالكتروني مع ما تتضمنه من إعادة صياغة برامج تعليمية وتدريبية شاملة.
4- تنفيذ مشروع ربط الجامعات والمعاهد والمؤسسات الأكاديمية الفلسطينية من خلال مشروع يورميد.
5- الإعداد لإطلاق مشروع حاسوب لكل بيت..
السيد الرئيس،
يواجه شعبنا الفلسطيني ومنذ ثمانية وثلاثين عاماً المعضلة القائمة بين الحاجة والسعي لتطور مجتمعه وبين العوائق المفروضة عليه من قبل الاحتلال واحتجاز تطوره. فالاحتلال بإجراءاته العنصرية والقمعية يقف عائقا أمام تحقيق التنمية والتطور بأبعاده المختلفة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس العربية، وقطاع غزة، الذي رغم انحسار الاحتلال عنه، إلا أنه ما زال يرزح تحت وطأة مختلف القيود، وما زالت معابره مغلقة، واتصاله بالعالم ممنوعاً ومقطوعاً، وجدار الفصل العنصري والاستيطان يلتهم بخاصة مدينة القدس ويسجنها خلف جدران سامقة ويفصلها عن باقي الأراضي الفلسطينية التي تئن تحت أنياب جرافات الاستيطان الذي يحيل مدن وقرى الضفة الغربية إلى معازل وكانتونات. بالإضافة إلى تطبيق شتى صنوف إجراءات العقوبات الجماعية من حصار وإغلاقات، وحواجز، وزج الآلاف من المواطنين في السجون، وارتكاب جرائم القتل والاغتيالات في عموم الأرض الفلسطينية..
إن الأخذ بأسباب التطور، وركوب طريق المعرفة لا يمكن أن يتحقق دون إحلال السلام العادل والشامل، سلام يضمن أمن واستقرار جميع شعوب المنطقة، وحقها بالعيش ضمن حدود آمنة ومعترف بها، وهو ما يقتضي العودة إلى طاولة المفاوضات دون أي إبطاء، وفتح جميع ملفات عملية السلام بما فيها ملفات الحل النهائي على أساس قرارات الشرعية الدولية، وتطبيق خطة خارطة الطريق، وتنفيذ رؤية الرئيس الأمريكي جورج بوش، بإقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافياً، قابلة للحياة إلى جانب دولة إسرائيل..
لقد أخذ شعبنا الفلسطيني وقيادته وبقناعة راسخة بالسلام خياراً استراتيجياً لا رجعة ولا عودة عنه، خيار السلام الذي ينهض على أساس قرارات الشرعية الدولية وذلك بإعطاء الحقوق الوطنية الثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني غير منقوصة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967. وإيجاد حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين على أساس القرار 194. إن إحقاق الحقوق المشروعة لشعب فلسطين، هو الضمانة الأساسية لإقامة سلام يتمتع بصفة الثبات والدوام، وهو الكفيل بفتح نوافذ المستقبل أمام شعوب المنطقة، بعد أن تقفل أبواب الحروب وتنخرط المنطقة وشعوبها ودولها في بناء صرح التعاون المشترك، وإقامة البنية العلمية والمعرفية للسلام، ومحاصرة أسباب الفقر والجهل والعنف، واجتثاث أسباب الإرهاب من جذورها التي تضرب المنطقة، وتوقع المزيد من الضحايا الأبرياء.
الأخ الرئيس،
السادة الحضور،
لقد أولت المرحلة الأولى من القمة العالمية في جنيف 2003 وفي سياق إعلان المبادئ المادة 16 اهتماما خاصا باحتياجات البلدان والأقاليم الخاضعة للاحتلال، وقد عانى شعبنا الفلسطيني ولا زال يعاني من الحرمان المتواصل للحاق بركب التطور التكنولوجي بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي والذي يطال الأرض والهواء من خلال احتلاله واستمرار سيطرته على الطيف الترددي لفلسطين ووضع المعوقات والعراقيل أمام نمو وتطور هذا القطاع وحرمان شعبنا من حق النفاذ المباشر إلى خدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
ومن هنا، ومن على هذا المنبر، فإننا نطالب المجتمع الدولي بإلزام سلطات الاحتلال الإسرائيلي باحترام المواثيق والقرارات الدولية ذات الصلة،وبخاصة ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادتان 6 و7 من دستور الاتحاد الدولي للاتصالات، والذي يعطي الحق في إيصال مزايا التكنولوجيا الجديدة في الاتصالات إلى جميع سكان العالم والترويج لاستعمال خدمات الاتصالات في سبيل تسهيل العلاقات السلمية".
كما نطالب المجتمع الدولي بإلزام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتمكين شعبنا من حق النفاذ المباشر وتشغيل البوابة الدولية لفلسطين بكامل أشكالها بما في ذلك الاتصالات السلكية واللاسلكية والفضائية، والتوقف الفوري عن السيطرة على الطيف الترددي لفلسطين، وكذلك وقف التغلغل غير المشروع لشركات الاتصالات الإسرائيلية في السوق الفلسطيني حتى يتمكن شعبنا من ممارسة حقه المشروع في استخدام وتسخير الإمكانات الهائلة التي تتيحها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التنمية المستدامة والاندماج الفعال في الاقتصاد العالمي وتقليص الفجوة الرقمية وتوفير فرص العمل والقضاء على الفقر.
إن السلطة الوطنية الفلسطينية تؤكد على ضرورة احترام وتعزيز التنوع الثقافي واللغوي، واحترام القيم الأخلاقية والاجتماعية والتقاليد والهوية الوطنية والتراث الحضاري والمعتقدات الدينية للشعوب وحماية حقوق الملكية الفكرية.
السيد الرئيس،
الحضور الكرام،
وفي الختام أرجو لمؤتمرنا النجاح والتوصل إلى النتائج التي نصبو إليها جميعا لبلوغ الأهداف الواردة في إعلان الأمم المتحدة، وضمان توزيع عادل ومنصف للثروات والإمكانات التي توفرها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، من أجل بناء مجتمع المعلومات والمعرفة، وتحقيق التنمية، لتنعم شعوبنا وأجيالنا القادمة بالسلم والعدل والرخاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.