خطاب السيد الرئيس خلال مهرجان الحرية والاستقلال في مدينة رام الله
خطاب السيد الرئيس خلال مهرجان الحرية والاستقلال في مدينة رام الله
24-9-2005
بسم الله الرحمن الرحيم
"إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم"
بسم الله الرحمن الرحيم"
"إذا جاء نصر الله والفتح، ورأيت النار يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا" صدق الله العظيم
يا جماهير شعبنا الفلسطيني العظيم،
أيتها الأخوات أيها الإخوة،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أحييكم جميعاً يا أبناء شعبنا المناضل الصامد، ونحن اليوم نعيش معاً لحظات الحزن والغضب، التي شوهت فرحتنا بخروج المستوطنين وجيش الاحتلال من غزة وجنين. لقد خسرنا شهداء طولكرم في عملية اعتداء واغتيال جبانة على أهلنا هناك. ولقد أصبنا جميعاً بالذهول والألم نتيجة ما وقع في غزة من مجزرة، رحم الله الشهداء ونتمنى للجرحى الشفاء العاجل، حيث حدث ما كنا نخشاه ونحذر منه دائماً، وصار مطلوباً اليوم أكثر من أي وقت مضى أن تنتهي هذه المأساة المتكررة والناتجة عن الفوضى وفلتان السلاح والاستعراضات، والعبث هنا وهناك في مواقع السكن والمدنيين على حساب العمل الجدي وسيادة القانون والنظام.
يا جماهير القدس ورام الله والخليل، نابلس وأريحا، جنين وبيت لحم، وقلقيلية وطولكرم وسلفيت وطوباس وشبيبة فتح، يا أبناء المخيمات والريف والأغوار، أيها الصامدون في وجه الاستيطان والجدار العنصري، جئت اليوم من غزة البطلة التي غادرها آخر مستوطن وجندي احتلالي لأشارك معكم في هذا المهرجان الوطني الشامل، مهرجان منظمة التحرير بجميع قواها وفصائلها وشخصياتها، مهرجان القدس عاصمة فلسطين بكنائسها ومساجدها، مهرجان الأسرى وعائلات الشهداء، حتى نعلن كلنا بصوت واحد:
لا بديل عن الحل الشامل، وطريق غزة الحرة لا يكتمل إلا بانسحاب الاحتلال عن جميع أراضينا في الضفة الغربية والقدس وقيام دولتنا المستقلة، وعلى حدود عام 1967م، وعاصمتها القدس الشريف، وتوفير حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين وفق القرار 194، وكذلك إزالة الاستيطان عن أرضنا حتى نتمتع بدولة فلسطينية مستقلة متصلة قابلة للحياة، وعاصمتها القدس، إن شاء الله.
الحل الشامل هو الطريق، وليس الحلول الجزئية والمنفردة، الحل القائم على الشراكة والمفاوضات، وليس القائم على الانفراد وفرض الأمر الواقع، الحل الذي يضمن العدالة والمساواة عبر إنهاء الاحتلال، وليس الحل الذي يمزق أرضنا إلى معازل وكانتونات، ويبقي على الصراع مفتوحاً ويدمر بالتالي فرص الأمن والسلام العادل لكلا الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. الحل الذي تسعى إليه قوى السلام بين الشعبين وتعمل من أجل أن يبدأ عهد جديد من المصالحة التاريخية وحسن الجوار بديلاً عن الحرب والقتل والاستيطان والعزل العنصري والإرهاب.
أيتها الأخوات والإخوة،
إن دربنا صعب ومليء بالمخاطر، ويجب أن نتسلح بالوعي والوحدة حتى لا نقع في الأفخاخ التي ينصبونها لنا، يجب أن نتسلح بالأمل الدائم، وإننا واصلون إلى هدفنا بإقامة الدولة.
إننا نتمسك ببرنامج منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، وإننا نلتزم ببرنامجها، وبرنامج السلام الذي أقرته في مجالسها الوطنية وبالمبادرة العربية، ولن نخرج عنها أو نرضى بحلول تدمر مصالح شعبنا، مثل الحل الذي يسمى الدولة ذات الحدود المؤقتة، وعلينا أن نقول جميعاً لا للدولة ذات الحدود المؤقتة.
فالقدس هي أساس كل حل كما هو توفير الحل العادل للاجئين من شعبنا، وإطلاق سراح جميع الأسرى، ولا نتحدث عن أسرى من هنا وهناك نتحدث عن جميع أسرانا لابد أن تبيض كل السجون الإسرائيلية حتى يعود الأبطال إلى أهليهم وذويهم.
نحن نقول لأنفسنا ولأشقائنا العرب: أنتم جئتم بالمبادرة العربية وأقرتها القمة العربية في بيروت 2002 وأقرتها كل القمم، تمسكوا بهذه المبادرة ولا تخرجوا عنها ولن نخرج عنها.
لقد التزمنا معاً كقوى فلسطينية في لقاء القاهرة، بأن تعزيز الديمقراطية يكون من خلال انتخابات حرة يشارك فيها الجميع بدون قيود أو شروط، ومعلوم أن تجربتنا الديمقراطية أصبحت نموذجاً، وبالتالي لن نرضخ لأية إملاءات أو استفزاز من أي مصدر جاء. نحن الشعب الفلسطيني من نقر قانوننا الانتخابي ولا "فيتو" لأحد علينا من الذي يشارك أو لا يشارك، ليس لأحد قرار يفرضه علينا.
وسنجري انتخاباتنا البلدية والتشريعية في مواعيدها المحددة، نحن ملتزمون بقرارات القاهرة التي أتخذت لتفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، الوعاء الشامل لكل الشعب ولن نتخلى عن المنظمة.
نحن نحتاج إلى الأمن لأنه مصلحة فلسطينية، يجب علينا جميعاً أن نحرص عليه ونحول دون من يحاول أن يعبث في هذا الأمن ويعبث بحياة أبنائنا، ولن تكون غزة أولاً وأخيراً، بالأمس كانت غزة، وأقول لم تحرر غزة بعد وإن خرج الجيش والمستوطنون منها، وكانت جنين وجنين لم تحرر بعد إنما خرج المستوطنون منها ولن نقبل أن تكون غزة أولاً وأخيراً، بل هي أولاً من أجل الحل الشامل وصولاً إلى الدولة الفلسطينية المستقلة.
أيتها الأخوات و الإخوة،
نلتقي اليوم إلى جانب ضريح زعيمنا الخالد أبو عمار، ونعاهد الله أن تظل الراية الفلسطينية، راية الحرية والاستقلال مرفوعة وخفاقة، مؤكدين على أن تبقى السياسة الواقعية الوطنية التي تنطلق من مصالح شعبنا الأساسية والتي تحمي حقوقه، هي السياسة التي نسير على هديها لنكمل المشوار، ولنتحد كلنا على درب الاستقلال الوطني، وباسمكم أرسل اليوم التحية، كل التحية إلى كل أبناء شعبنا في جميع أماكن تواجده. شعبنا الذي بقي مزروعاً في أرض وطنه ولم يغادرها وشعبنا في منافي اللجوء في كل مكان. شعبنا العظيم الذي يتوق للحرية والسلام العادل.
كما أرسل التحية إلى قوى السلام في إسرائيل وفي العالم التي تسير معنا على طريق العدل والمساواة وإنهاء الاحتلال، وإلى العالم كله كما أتوجه بالتحية إلى ضيوفنا الأعزاء ميشيل روكار، رئيس وزراء فرنسا الأسبق، الصديق الحبيب لشعبنا الفلسطيني، وإلى رجال الدين مسلمين ومسيحيين، وأريد أن أبعث بالتحية لرمزين من رموز شعبنا الشاعرين محمود درويش وسميح القاسم، نقول اليوم : نحن بدأنا في غزة لنثبت أننا شعب جدير بالحياة، وغزة يجب أن تنفتح على العالم لا أن تتحول إلى سجن كبير. كما أن إنجاز غزة لا يمكن حمايته إلا بالبدء في السير نحو الحل الشامل، وهو الحل الذي يؤمن مصالح الجميع وليس مصلحة الشعب الفلسطيني وحده.