كلمة السيد الرئيس القاها بالنيابة عنه أمين عام الرئاسة السيد الطيب عبد الرحيم في المؤتمر الدولي للإحصاء والتنمية في رام الله
كلمة السيد الرئيس القاها بالنيابة عنه أمين عام الرئاسة السيد الطيب عبد الرحيم في المؤتمر الدولي للإحصاء والتنمية في رام الله
27/3/2007
السيد ممثل الأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)،
السيدات والسادة أعضاء المجلس الاستشاري للإحصاءات الرسمية الفلسطينية،
السيدات والسادة الضيوف والحضور،
السلام عليكم ورحمة الله وبعد،
فأرجو أن تسمحوا لي بداية بالترحيب بحضراتكم باسم سيادة الأخ الرئيس محمود عباس "أبو مازن" وبالأصالة عن نفسي، وأن أنقل بالغ تحياته وتمنياته لكم، راجياً لمؤتمركم العلمي الهام حول قضايا الإحصاء والتنمية، أن يكلل بالنجاح والتوفيق الكامل..
مؤكداً في هذا السياق اعتزازنا بانعقاد هذا المؤتمر الهام في هذا الظرف البالغ التعقيد، خاصة نتيجة استمرار انسداد الآفاق السياسية ووطأة الحصار الخانق الذي يتعرض له شعبنا، حيث تراجع الوضع الإنساني والاجتماعي والاقتصادي طبقاً لمؤشرات الإحصاءات الرسمية التي تؤكد ازدياد الفقر ومعدلات من هم تحت خط الفقر، وارتفاع معدلات البطالة، وتراجع الدخل القومي والناتج المحلي الإجمالي..
الأمر الذي أدى إلى ظهور آفات اجتماعية كثيرة، تستوجب تضامن جهود الجميع محلياً وبدعم وإسناد دولي لمواجهتها..
ويأتي انعقاد مؤتمركم ضمن جهود السلطة الوطنية الفلسطينية لإعادة الموضوع التنموي على الأجندة الوطنية والدولية في فلسطين، تجسيداً لاهتمامنا الشديد بهذا الموضوع، الذي يستهدف كل شرائح مجتمعنا التي تشكل ذخره الاستراتيجي نحو مسيرة التحرر والبناء، فالتنمية هي من أهم دعامات الصمود والطريق لتأسيس مجتمع ديمقراطي، وبناء إنسان حر ملتزم بالمبادئ الوطنية والإنسانية، والإحصاءات الدقيقة والعلمية هي العمود الفقري لوضع خطط تنموية مبنية على أسس سليمة تشكل رافعةً لقضايا التنمية وتحقيق الأهداف المعلقة عليها..
أيتها الأخوات. . . أيها الأخوة..
بينما تحاولون في هذا المؤتمر مناقشة الوضع التنموي الفلسطيني واستخلاص النتائج والتوصيات لتوظيف أفضل السبل لاستثمار الإمكانيات الإحصائية والرقمية في رسم الطريق التنموي، عمل الأخ الرئيس محمود عباس "أبو مازن" على مدار الساعة طيلة الشهور الماضية "ولا يزال" لإخراج الشعب الفلسطيني من حالة الحصار التي أدت إلى تراجع الوضع التنموي، وبعد أن تكللت جهوده بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، ليعمل الكل الفلسطيني من أجل الكل الفلسطيني في مركب واحد، يبذل السيد الرئيس الآن كل جهوده مع منظمة التحرير وحكومته لرفع الحصار عن شعبنا مع كل الأطراف مستعيناً بموقف القمة العربية في المملكة العربية السعودية..
لقد أكدنا على تمسكنا بالمبادرة العربية للسلام مبادرة الإجماع العربي ووضع الآلية المناسبة لها دون تفريط بحق، أو عزل لأي طرف، أو استدراج بلا ثمن..
وهنا نطالب جميع الجهات الدولية برفض الخضوع للابتزاز الإسرائيلي بعدم التعامل مع الحكومة أو التمييز بين وزرائها، فالجانب الإسرائيلي ينفي وجود الشريك تهرباً من الالتزامات، وحتى يستمر في فرض الحصار على شعبنا بهدف التهجير وتفريغ الأرض من سكانها ليتسنى له تنفيذ مخطط ترسيخ الاحتلال..
وكما ترون فإن المنطقة تشهد الآن تحركات مكثفة ولقاءات متعددة، وتكثر الأحاديث عن خلق أجواء مواتية لاستكشاف الآفاق ووضع الآليات لتنفيذ المبادرة العربية، لكن الوضع حتى الآن دون نتائج على الأرض، اللهم باستثناء العزل والاستيطان والاجتياحات والاغتيالات والمزيد من الاعتقالات..
هناك تعبير في المصطلحات السياسية ذات الأبعاد التي يتم تداولها تسمى بلعبة الثلاث ورقات، نأمل بأن تكون هذه التحركات واللقاءات والسيناريوهات صادقةً مثمرة وليست حملاً كاذباً أو أنها مجرد حركة علاقات عامة كما كانت في السابق لتحقيق هدف في نفس يعقوب..
نعتقد أن الوزيرة رايس لديها النوايا والرغبة، ونأمل أن يكون لديها القدرة فالوقت يمر سريعاً.. فلم يبقِ الجانب الإسرائيلي من الاتفاقيات إلا تسمياتها، أما رؤية الرئيس بوش فقد أصبحت من أجل رؤية هلالها بفعل المماطلة الإسرائيلية بحاجة إلى مرصد ضخم وعدسات شفافة لرؤية الكواكب البعيدة أو إلى مجهر لاكتشاف الكائنات ذات الخلية الواحدة..
لقد أوضح السيد الرئيس مواقفنا وأجمعنا عليها وقبلنا بحل الدولتين كطريق للتعايش والأمن والاستقرار في المنطقة، ووافقنا على حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين كما ورد في القرار 1515، والأمة العربية أعلنت مبادرتها وأكدت وستؤكد عليها لكن بعض الأطراف لا تقرأ وإن قرأت لا تريد أن تفهم وإن فهمت (كما هو الحال مع المبادرة العربية بعد خمس سنوات من إعلانها) تريد الثمن مقدماً، وإن توجهنا للبعض ممن له تأثير لأجل دفع العملية السياسية، قال قائل منهم إن الحكومة الإسرائيلية ضعيفة، وأي ضغط عليها سيعمل على انهيارها، ونفس المنطق مقلوباً، فعندما كانت الحكومة الإسرائيلية قوية كانوا يقولون إننا لا نستطيع أن نفرض عليها بالضغط..
ومن قبل ومن بعد كانت الضحية تلام ويحملونها كل الآثام! لهذا فإننا نقرع جرس الإنذار..
إذا ما فقدنا الأمل وآمل ألا يفقدوننا إياه، علينا أن نقيِّم الأمور مرة أخرى، إنه موقف جاد وجدي، ونأمل من الجميع أن يدرك أبعاده وتداعياته الخطيرة قبل فوات الأوان..
وفي نفس الوقت، فإننا نعيد التحذير ثانية، من أن هناك من يحاول أن يدمر قلعتنا من داخلنا، ويعبث بوحدتنا التي تجسدت مؤخراً باتفاق مكة، وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، بافتعال أحداث تصب كلها في خدمة مشروع بعض القوى في إسرائيل التي تزعم بأن لا وجود للشريك الفلسطيني، فتحقق حلم شارون "بعد الانسحاب من غزة من طرف واحد" بأن تغرق غزة في البحر المتوسط أو في بحر من الدماء، نطالب هؤلاء بالتوقف فوراً عن تصدير الأزمة إلى مجتمعنا ومقامرتهم بمصير هذا الشعب والتخلي عن أوهامهم، فغزة جزء من الوطن الذي نحلم به وليست "باندوستاناً" أو "كانتوناً"، هي للشعب الفلسطيني بكل فئاته وأطيافه وشرائحه.
أيتها الأخوات،
أيها الإخوة،
يأتي تنظيم هذا المؤتمر الهام بالتعاون مع اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، وهذا تعبير حي لأهمية الدور الذي تلعبه مؤسسات الأمم المتحدة بشكل عام و"الإسكوا" بشكل خاص في مساعدة شعبنا لنيل حقوقه، وبناء دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وإنني إذ أتقدم بالشكر لـ "الإسكوا" على هذا الدور، لأدعوها وأدعو كافة مؤسسات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إلى المزيد من الاهتمام بقضايا الشعب الفلسطيني، الذي ظلم على مدى التاريخ، فالقضية الفلسطينية هي محور الصراع في المنطقة، ونقطة الانطلاق نحو تحقيق العدالة الإنسانية والمبادئ والقيم العليا التي أقرتها الشرائع السماوية والقوانين الوضعية ومبادئ السلم الدولي، كما أنها بوابة السلام والاستقرار والأمن في المنطقة..
يحمل انعقاد هذا المؤتمر الذي يهدف إلى ترشيد العمل التنموي الفلسطيني باستخدام المعلومات الإحصائية الدقيقة والموثوقة في رسم السياسات العامة ومراقبتها وتقييمها يحمل رسالة هامة للعالم أجمع، بأننا مصممون على حماية مشروعنا الوطني والحفاظ على هويته التحررية الديمقراطية التنموية لإزالة الاحتلال، وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، فمشروعنا ليس مشروع إغاثة إنسانية، إنما هو مشروع تحرري إنمائي عادل، يهدف لبناء دولة ديمقراطية عصرية ينعم أبناؤها بالحرية والعيش الكريم في ظل تنمية مستدامة وعلاقات على قدم المساواة مع دول وشعوب المنطقة..
كما يشكل هذا المؤتمر رسالة مهمة أيضاً على أننا مصممون على المضي قدماً في ترشيد عملنا العام على طريق استمرار مسيرة الإصلاح من خلال ترشيد استخدام الموارد ومن بينها المعلومات الإحصائية، واستغلالها بالشكل الأمثل الذي يحقق أفضل العوائد للشعب الفلسطيني..
ولا يفوتني هنا أن أشير إلى موضوع هام في تاريخ المسيرة الإحصائية الفلسطينية ألا وهو التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت للعام 2007، حيث ستشهد الأراضي الفلسطينية تنفيذ التعداد الثاني على أراضيها هذا العام، وإن تنفيذ هذا التعداد يأتي في ظروف بالغة التعقيد، خصوصاً في ظل الإجراءات الإسرائيلية التعسفية ضد أبناء شعبنا الصامد ولا سيما صعوبة التنقل بين المحافظات والمناطق الفلسطينية إضافة إلى عزل عاصمتنا القدس، بسبب الحواجز وبناء جدار الضم والتوسع العنصري، ورغم كل هذا إلا أن القيادة الفلسطينية ملتزمة وعازمة كل العزم على تنفيذ هذه المهمة الوطنية، ومن هنا ندعو الجميع سواء أكانوا أفراداً أو مؤسسات إلى التعاون الكامل والتام مع الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وفريقه الوطني في تنفيذ هذا الحدث الهام في حياة الشعب الفلسطيني..
إن التعداد العام يمثل لبنة أساسية في عملية التخطيط والبناء السليم على أسس علمية صحيحة، لما يوفره من بيانات دقيقة لكافة نواحي الحياة، سواء أكانت سكانية أو اجتماعية أو اقتصادية أو جغرافية..
ومن هنا نسجل اعتزازنا وتقديرنا العميق لكافة أبناء الأسرة الإحصائية الفلسطينية على جهودها العظيمة وعملها الرائع والمتميز على مدار 14 سنة الماضية في توفير الإحصاءات الرسمية الدقيقة في كافة قطاعات المجتمع، وذلك بشهادة الجميع على المستويين الوطني والدولي، حيث أن المؤسسة الإحصائية الفلسطينية تحظى باهتمام ودعم وتقدير جميع أصدقاء شعبنا لتميزها في عملها المهني ونهجها الإداري حتى أصبحت مؤسسة يشار لها بالبنان من طرف الجميع، وهنا لا بد أن أتذكر مقولة الزعيم الخالد ياسر عرفات رحمه الله، عندما قال عبارته المشهورة "الإحصاء الفلسطيني مفخرة للشعب الفلسطيني"، إننا مطالبون جميعاً أن ندعم ونشجع الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ليبقى دوماً نموذجاً يحتذى به..
لقد عهدنا في أسرة الجهاز المركزي للإحصاء كل جدية ومثابرة في العمل على تحقيق الأهداف المرسومة لمسيرة الإحصاء الفلسطيني الرسمي، ونحن على ثقة بأن هذا المؤتمر الهام حول قضايا الإحصاء والتنمية سيساهم بشكل جدي في تقدمنا باتجاه تحقيق أهدافنا في تعزيز مكانتنا وترشيد الموارد، وسنصغي جيداً إلى جميع التوصيات التي ستتوصل لها أعمال مؤتمركم هذا، وستوفر نقاشاتكم ومداولاتكم مناسبة طيبة لوزارات ومؤسسات وهيئات السلطة الوطنية الفلسطينية المشاركة في هذا المؤتمر والاستفادة من الإحصاءات الرسمية في التعرف على الاولويات وتخطيط ومراقبة وتقييم السياسات العامة الهادفة إلى نماء المجتمع وتقدمه..
أتقدم باسم السيد الرئيس، وباسم الجميع، بالشكر لأسرة الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني على ما يبذلونه من عمل جاد ودؤوب في سبيل توفير الرقم الإحصائي الرسمي الموثوق، فالإحصاء الفلسطيني علامة تميز وإبداع فلسطيني مهني وعقلي لاقى فيها كل الدعم من القيادة الفلسطينية إلى جانب الجهود المباركة للدول الصديقة والنشاط المنقطع النظير للفريق الوطني..
وختاماً نشكر الأصدقاء الضيوف على حضورهم ومبادرتهم بالمشاركة في هذا المؤتمر الهام، ونثمن العلاقات المهنية الراسخة التي أسسها الإحصاء الفلسطيني مع جميع المنظمات والمؤسسات الدولية.. أشكركم جميعاً على حضوركم ومساهمتكم وحسن استماعكم..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.