الدورة الثالثة للمجلس الوطني الفلسطيني
الدورة الثالثة للمجلس الوطني الفلسطيني 1966- 1966
تاريخ انعقاد الدورة |
مكان الانعقاد |
رئيس المجلس الوطني |
رئيس اللجنة التنفيذية |
شعار الدورة |
عدد أعضاء المجلس الوطني |
عمر الدورة بالأشهر |
20 ايار 1966- 24 أيار 1966 |
غزة |
أحمد الشقيري |
أحمد الشقيري |
|
466 |
20 أيار 1966-24 كانون أول 1967 |
كلمة اللواء عبد المنعم حسنىي مندوب سيادة الرئيس جمال عبد الناصر في جلسة افتتاح الدورة الثالثة للمجلس الوطني الفلسطيني
غزة 20 / 5 / 1966
( منظمة التحرير الفلسطينية الدورة الثالثة للمجلس الوطني الفلسطيني - غزة 20 –24 أيار، مايو 66، منشورات رسمية )
أيها الاخــوةالإخوة الأحرار أعضاء المجلس الوطني. يشرفني أن ينيبني السيد الرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربيــة المتحــــدة افتتاح مجلسكم الموقر، في دورته الثالثــة على أرض الجهــاد، أرض البطولة والفداء، باعثا لكم بتحياته الطيبة وتمنياته بالسداد والتوفيق، كما أنقل لكم تحية الشعب العربي في الجمهورية العربية المتحدة، وكل أمانيه، أن يكون الله معكم مرشدا وسندا في المهمة الكبيرة التي تتحملون أمانتها أمام تاريخها المتدفق من ماض عظيم إلى مستقبل أعظم، عبر تحديات ومصاعب أراد الله أن يمتحن بها استحقاقنا جميعا للحياة والحرية والشرف النضال من أجلها.
ويشعر أهل القطاع بعرفان لكم، لا يقدر، أن اخترتم غزة، معقل الأحرار ومربض الأبطال لتكون بيتا لاجتماعكم الثالث، ولذلك معنى خاص يعتز به أهل القطاع، فهي دليل على وحدة الفلسطينيين في كافة أرجاء الوطن العربي، فمن هنا ستنطلق جحافل الفلسطينيين لاستعادة الأرض السليبة، تدعمها وتساندها جميع قوى العرب في شتى أنحاء الوطن العربي. إن تجمعكم اليوم لهو تجمع الشعب الفلسطيني المناضل الذي تتجه أنظاره إليكم لتحققوا لفلسطين ما تهدف إليه من آمال بالعمل الثوري، فقد كان، وما يزال السيد الرئيس جمال عبد الناصر ينادي بالعمل الثوري العربي كوسيلة رئيسية لعودة فلسطين. فقد قال في مؤتمركم الموقر في ٣١ مايو سنة ١٩٦٥: إن العمل الموحد الناتج عن مؤتمر الملوك والرؤساء ليس هو السبيل الذي يحقق لنا أهدافنا، ولكنه مسلك على طريق العمل العربي، مقوٍّ للعمل الجماعي العربي ويساعد على تحرك جزئي، على الأقل خاصة في موضوع فلسطين ومواجهة إسرائيل، إن الحل هو العمل الثوري العربي.
أيها الإخوة الأحرار:
إن طريق العودة إلى أرض فلسطين الطاهرة ليس طريقا مفروشا بالورود، بل هو طريق مفروش بالدماء، إنه طريق صعب على الضعفاء، سهل على المؤمنين الأقوياء. إن الحل لقضية فلسطين لا يمكن أن يتم إلا بالعمل الثوري العربي الذي يحشد كل الإمكانيات للأمة العربية، هذه الإمكانيات والطاقات غير المحدودة التي تمثل الجماهير في كل بلــد عربي، الجماهير الصابرة الحـــــرة المؤمنة، إن إسرائيل ليست وحدهـا عدونا، ولكن عدونا هم من أقاموا إسرائيل، فكانوا دائما خلف إسرائيل. إن أكبر ما أثار الرعب في أعدائنا هو قيام الكيان الفلسطيني وتحرك منظمة التحرير وإنشاء جيش فلسطين. لقد أيقن العدو أن الشعب الفلسطيني والشعب العربي يتحرك بعد سكون، ويزحف بعد توقف، ثم هو قريبا سيهجم ليدمر ويستعيد أرضه السليبة ممن دنسها بأقدامه، ولطخها بعاره.
أيها الإخوة أعضاء المجلس الوطني، لقد تعرضت منظمة التحرير في فترة من الزمن إلى هجوم؛ لكونها لم تقم بالأعمال التي كانت منتظرة منها، ولكنها اليوم أثبتت للعرب جميعًا بل للعالم أجمع، أنها قادرة على تحمل المسؤولية، وأنتم بتضحيتكم اليوم واجتماعكم اليوم، تبرهنون للعالم بأسره على أن الشعب الفلسطيني قادر على مواجهة مسؤولياته، وقادر على النضال والارتفاع إلى مستوى الأحداث والتحديات، فها هو الشعب الفلسطيني، ممثلا بمنظمة التحرير يجتمع اليوم، في شخصكم، ليكتّل قواه الشعبية ضد ما يبثه العدو من أسباب للفرقة بين الصف الواحد، وليعمل عملا واحدا، على طريق العودة إلى البلاد السليبة فسيروا على بركة الله، واضعين نصب أعينكم، دائما المصلحة العليا لقضيتكم، واجمعوا لها كل الطاقات والجهود، وكرسوا لها كل أوقاتكم، فلن تقر عين عربي حتى يسترد الوطن السليب، واعملوا في قوة وإيمان فعين الله ساهرة وترعاكم، والشعوب العربية تشد من أزركم، والقوى الثورية العربية متحفزة لمعركة المصير معكم، ولقد قال الله تعالى، وهو أصدق القائلين: "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، وأنّ سعيَهُ سوف يُرى ثم يُجزاهُ الجزاءَ الأَوْفى".
والله أكبر والعزة لله، والنصر للعرب.
والله أكبر، وإننا لعائدون.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الوثائق الفلسطينية العربيه لعام 1966، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت.ص 191، 192.
كلمة السيد أحمد الشقيري في جلسة افتتاح الدورة الثالثة للمجلس الوطني الفلسطيني في غزة
20 / 5 / 1966
( منظمة التحرير الفلسطينية، الدورة الثالثة للمجلس الوطني الفلسطيني، غزة ٢٠ - ٢٤ أيار مايو – ٦٦ منشورات رسمية)
أخي مندوب الرئيس جمال عبد الناصر،
إخواني أعضاء المجلس الوطني،
إخواني أعضاء وحدات التنظيم الشعبي في قطاع غزة،
إخواتي وأخواني أبناء فلسطين،
أفتتح هذا المجلس الوطني، باسم الله العلي القدير، أفتتحه ونحن نلتقي كلنا هنا على هدف التحرير تحت راية التحرير وعلى موعد مع التحرير، ونحن أيها الإخوان في لقائنا هذا، في يومنا هذا، لا نعيش وحدنا هذه الأيام التي ينعقد فيها المجلس الوطني في دورته الثالثة، لا نعيش في هذا القطاع على واحة معزولة مقطعة الأوصال ممزقة الصلات، ولكن في هذه الأيام التي ينعقد فيها مجلسكم الموقر، تعيش معنا الأمة العربية كلها من المحيط إلى الخليج، تعيش معنا الأمة العربية كلها، بكل أقطارها وبكل أمصارها، بحواضرها وبواديها، من المحيط إلى الخليج، تعيش معنا بكل جوارحها ومن أعماق ضميرها، لأنه منذ وقعت النكبة، منذ وقعت كارثة فلسطين، والأمة العربية تعيش هذه القضية وهذه الكارثة، بكل جوارحها، وبكل أحاسيسها، تبذل الجهد والعزم لتغسل العار الذي نزل بالأمة العربية، ويزداد الوعي يومًا بعد يوم، ويزداد معه تصميم الأمة العربية وعزمها عامًا بعد عام، فينتشر في آفاق الأمة العربية كلها بين جماهيرها، وقد جست خلال ديارنا في السنين الثلاث الأخيرة في الوطن العربي كله، في صدد العمل للكيان الفلسطيني من المحيط إلى الخليج، في الحواضر وفي البوادي، في المدن والقرى.
ورأيت جماهير الأمة العربية كلها تعيش قضية فلسطين. هنا نحن لسنا وحدنا، وإنما تعيش معنا الأمة العربية، والوعي يزداد يوما بعد يوم، والتصميم يزداد يوما بعد يوم، على التحرير، على التدريب، على التسليح وعلى مد شعب فلسطين بكل أسباب الكفاح. وقد شهدتم منذ خمسة أيام، في ذكرى 15 أيار ذكرى أيام النكبة، في كل عاصمة، وفي كل مدينة، مؤتمرا وندوة شعبية. في الصحف وفي الإذاعات، في المدن وفي القرى، وعي شامل منتشر في صفوف الأمة العربية كلها، وكلهم على عهد واحد، وكلهم ميثاق واحد. من أجل تحرير فلسطين، لا من أجل فلسطين وحدها، ولا من أجل شعب فلسطين وحده، فقد نزلت الكارثة في الوطن الصغير، ونزلت النكبة في الشعب الصغير، إن تحرير فلسطين هو تحرير للأمة العربية بأسرها.
أيها الإخوة،
سأكلمكم بالصراحة في كل ما تريدون، لأننا هنا نستجيب لكلمة الشعب، نحن هنا أيها الإخوان، وحين نلتقي هنا في قطاع غزه في هذه البقعة الصغيرة من الوطن الصغير من البقعة المقدسة من الوطن العربي الكبير، لا نعيش على واحة مقطعة الأوصال ممزقة الصلات، لا نعيش وحدنا، نحن هنا أعضاء المجلس الوطني في دورته الثالثة، يعيش معنا وعلى مقربة منا أربعمائة ألف من إخواننا أبناء القطاع المرابط المجاهد، كلهم يعيشون معنا مع هذه اللحظات التاريخية هنا في قطاع غزة. وما أنا أصفه بلاجئين أو مقيمين كل شعبنا أبناء غزة لاجئون، والمقيمون في الخيام لاجئون، وكلنا شعب لاجئ، أبناء نابلس والقدس والخليل وجنين وطولكرم، والمقيمون في منازلهم وفي ديارهم هم أيضًا لاجئون، كلنا شعب لاجئ، لا فرق بين نازح ومقيم، لا فرق بين ساكن المدن والقرى، ولا المقيم على الذل والهوان والحرمان لثمانية عشر عاما طوالا في الخيام. إن يافا ليست لأهل يافا وحدهم، وإن عكا ليست لأهل عكا وحدهم، وكذلك اللد والرملة. هذا الوطن السليب ليس لأصحابه الذين ولدوا فيه، هو لنا جميعا أبناء غزة أصحاب يافا، ابن غزة لا يستطيع الوصول إلى يافا، ولا إلى عكا ولا إلى حيفا، فهو لاجئ، كلنا الشعب اللاجيء، وكلنا نعيش هذه اللحظات مع المجلس الوطني الأربعمائة ألف المقيمون في هذا القطاع، وأبناء فلسطين في الأردن، وفي خارج الأردن، يعيشون معنا هذه اللحظات في المجلس الوطني، والقوات الشعبية كذلك تعيش معنا هذه اللحظات، نحن لسنا وحدنا، ليست القضية مجسدة في هذه الجدران الأربعة، ولا في المجلس الوطني الذي يتخذ من هذه القاعة مقرا لدورته الثالثة، أبناء المخيمات حيثما كانوا في الوطن العربي يعيشون معنا، ويستمعون إلينا، ويتطلعون إلينا بكل ضمائرهم وبكل جوارحهم، كل واحد منهم سيستمع إلى الجهاز الصغير الترانزستور لإذاعة منظمة التحرير الفلسطينية، ليرقب وقائع هذا المجلس وما يقرره هذا المجلس، وما يوصي به هنا إخواننا المقيمون في عقبة جبر في الأردن، المقيمون في مخيم اليرموك في سوريا، في عين الحلوة بلبنان وسائر مخيماتنا العديدة، يعيشون معنا بكل جوارحهم. أبناء القرى الأمامية، وانتم تعرفون حال القرى الأمامية على مدى ٦٥٠ كيلو متر، هؤلاء الصامدون المرابطون منذ ثمانية عشر عامًا.
يزرعون ويفلحون ويعيشون أمام النار، وأمام الرعب وأمام الفزع، فلا يهربون ولا يفرون. هؤلاء أيضًا يعيشون معنا، وفي طليعة هذه القرى الأمامية قرية رافات في قضاء الخليل التي دخلت إليها العصابات الإسرائيلية قبل أسبوعين، دخلوا عليها، فنسفوا ودمروا ما دمروا، وألقوا أمام أطفالنا حلوى الشكولاته. ونتساءل ممّن جاء هذا السلاح الذي دمروا به، وممّن هذه الحلوى التي قدموها؟ من أين تأتي إسرائيل بهذا السلاح الذي يدمر بيوتنا ومنازلنا؟ من أين تأتي إسرائيل بالشوكولاتة هزءا وسخرية بنا، ليقدموها لأطفالنا في قرية رافات؟ وراء هذا الاستعمار أمريكي وراء كل هذا الدمار ووراء كل هذا الخراب.
ساحدثكم، صبرًا، صبرًا، صبرًا، قليلًا من الصبر وقليلا من النظام، وسأحدثكم بكل ما في قلوبكم وكل ما يجري على ألسنتكم، أيها الإخوان، إنه لمن دواعي اعتزازنا، من دواعي فخرنا -وقلّ أن يكون هنالك مجال للاعتزاز والافتخار في شعب غارق في النكبة- لكن من دواعي اعتزازنا وفخرنا أن ينعقد اجتماعنا هذا في القطاع المجاهد المرابط في مدينة غزة.
أيها الإخوان الوافدون من الوطن العربي الكبير، أيها الإخوان الوافدون من الأردن، الوافدون من سوريا ومن لبنان، ومن العراق، ومن الكويت، ومن الجزائر ومن ليبيا، ومن كل الوطن العربي، أيها الإخوان الوافدون من أبناء فلسطين، لستم ضيوفا في غزة، لستم غرباء في غزة، إن غزة هي وطنكم ووطن فلسطين مثلما القدس، هي وطننا ووطن فلسطين أيها الإخوان، أريد سمعكم وأريد صبركم وأريد نضالكم. لقد انعقد المجلس الوطني في دورته الأولى في مدينة القدس، وانعقد المجلس الوطني في دورته الثانية في القاهرة، وينعقد المجلس الوطني في دورته الثالثة هنا في غزة، والمعاني الكبيرة في القدس وفي القاهرة وفي غزة كثيرة، تثور فيها نفوسنا وخواطرنا. إن انعقاد المجلس الوطني في القدس وفي غزة، وقد شطرت إسرائيل جغرافيا بين غزة وبين القدس، ذلك الطريق السرمدي الابدي الذي كان يصل بين غزة وبين بقية أجزاء فلسطين، الخليل والقدس، شطرته إسرائيل، ولقاؤنا في يومنا هذا اجتماعنا في القدس في المرة الأولى، وفي غزة في المرة الثالثة، فيه توكيد وفيه عزم من الشعب الفلسطيني، بأن إسرائيل ستزول من هذه الديار، وأن فلسطين ستعود إليها وحدتها، وشعبها يقرر مصيرها، ولم يكن انعقاد المجلس الوطني في القاهرة عبثا أو لهوا، ولكن وراءه معنى كبيرا. انعقد المجلس الوطني في القاهرة، والقاهرة قلعة النضال العربية الكبرى، حينما ينعقد مجلسنا في القاهرة في ذلك الدلالة الكبرى على أن شعبنا هو جزء من الأمة العربيــة، وأن وطننا هو جـــزء من الوطن العربي الكبير، وأن تحريـــر فلسطين هـــــو تبعة كبرى على الأمة العربية، ملوكها ورؤسائها، جيوشها وحكوماتها، وشعب فلسطين في الطليعة طليعة التحرير هذا هو المعنى الكبير.
أيها الإخوان، ولمناسبة انعقاد هذا المجلس الوطني في غزة، سأل سائل في عمان - وكان من أبناء فلسطين - سأل سائل في عمان وفي قصر بسمان، في جمع فيه أبناء فلسطين، سأل سائل من أبناء فلسطين: لم ينعقد المجلس الوطني في غزة؟ ولكن إخواننا الوافدين من الأردن أجابوا ظهر اليوم على هذا السؤال وقت الغداء على الشاطئ، وكانوا على مقربة مني في الجلسة، وهم من علمائنا الأفاضل الأستاذ غوشة والسائح والقنقيني، وسائر الإخوان الذين كانوا يستمعون إلى هذا الحديث، ينظرون إلى البحر، ألسنا في قهوة أبو شاكوش، في يافا؟ ألسنا في كازينو في حيفا؟ ألسنا في شواطئنا في عكا؟ أی فرق بين هذه الشواطيء وشواطئنا السليبة؟ إنها واحدة، ماؤها ورمالها وأمواجها وذكرياتها. فينا كثير من أعضاء المجلس من إخواننا الوافدين من الأردن وغير الأردن، منذ وقعت الكارثة ما جاءوا غزة، فجاء بهم المجلس الوطني إلى غزة، وكثير من شبابنا من الأجيال الناشئين، خرجوا من فلسطين وما عرفوا غزة، فجاء بهم المجلس الوطني إلى غزة ليروا رقعة من وطنهم الغالية عليهم، هي رقعة من فلسطين. وأجاب الجميع من هنا على سؤال السائل في عمان وفي بسمان، ولكن إخواننا الفلسطينيين الذين كانوا في تلك الجلسة، قد أجابها الجواب الشافي، الجواب المقنع الدامغ.
وهنا نحن من قاعة الشعب، وهذه قاعة من قاعات الشعب - نجيب على سؤال السائل في بسمان: لم لا يكون الاجتماع في غزة، غزة وطننا غزة أرضنا، غزة فيها أهلنا وقومنا وعشيرتنا، في غزة إدارة على رأسها الحاكم الإداري وضع نفسه تحت تصرف منظمة التحرير الفلسطينية، في غزة، كما قال لكم رئيس المجلس التشريعي. أعلن قانون التجنيد الإجباري لأبناء فلسطين، لأبناء القطاع الذين هم كلهم الآن تحت السلاح في ثكناتهم في قطاع غزة، في قطاع غزة فرضت ضريبة التحرير، فرضها المجلس التشريعي نيابة عن أبناء القطاع، وأبناء القطاع جميعًا يدفعون ضريبة التحرير طواعية واختيارا، لأنها ضريبة الدم وضريبة التحرير وضريبة البذل والفداء. هذه هي غزة أجيبها للذي سأل في بسمان، في غزة هنا معسكرات التدريب الشعبي، وقد بلغ الذين دربوا في عهد منظمة التحرير الفلسطينية، ما يزيد على عشرين ألفا، هذه هي غزة. وفي غزة هنا منذ أسابيع مضت تمت انتخابات وحدات التنظيم الشعبي بكل حرية وبكل طواعية وبكل تنظيم، وفي غزة ستتم انتخابات المجلس الوطني بكل حرية وبكل أمانأمانة وبكل عزيمة.
ولكن هنالك سببا أكبر، لأن يكون انعقاد المجلس الوطني في غزة، وعند منظمة التحرير سواء أن يعقد في القدس أو نابلس أو جنين أو طولكرم أو غزة؛ كله عندنا سواء. فوطننا في نظرنا سواء لا نفرق بين مدينة ومدينة، ولا بين قرية وقرية، ولكن هناك سببا آخر لأن يكون اجتماع المجلس الوطني في غزة الطريق الكبير لتحرير فلسطين، ومن هنا ستكون مسيرة التحرير إلى الوطن السليب.
وفي مطلع حديثي إليكم، أرى لزاما عليّ أن أحدثكم أول ما أحدثكم عن أعز إنجازاتنا، أن أحدثكم عن منطلق آمالنا وتمنياتنا، ولا أريد أن أطيل في التعريف، ذلك لأنه أمر أعرَفُ من أن يُعرَّف، أحدثكم عن جيش التحرير الفلسطيني، جيش التحرير الفلسطيني إلى يومنا هذا، أيها الإخوان، عمره عام واحد وبضعة أيام، عام واحد وبضعة أيام منذ أن دُعي الجندي الأول لجيش التحرير الفلسطيني، وماذا أرى بعد هذا العام؟ أرى أن لمنظمة التحرير الفلسطينية جيشًا يسلح ويدرب ويشكل، ليكون جيش تحرير لتحرير الوطن السليب، ومن أبناء فلسطين، بدأ جيشكم من العدم. لقد ورثت بعض الأمم من الاحتلال نواة جيش، وورثت بعض السلاح والذخيرة، ورثت على الأقل قوة شرطة، لكن شعب فلسطين لم يرث من العهد الماضي إلا النكبة على أكتافه، لم يرث نواة جيش، ولا بعضًا من الذخيرة، ولا العتاد. كل ما ورثه شعبنا الكارثة بكل آلامها، نهض الكيان الفلسطيني من تحت الأنقاض والخرائب، ومن تحت الردم، ووجد شعبنا في إنشاء جيش التحرير المصاعب الكبرى، أُنشئت القيادة قبل الجيش، وجمع الجنود قبل التموين وقبل الذخيرة، وأُنشئت الوحدات قبل بناء الثكنات، تلك طبيعة القضية الفلسطينية ومصاعب الدرب، لكن شعبنا بإيمانه وعزيمته وبسالته استطاع أن يذلل هذه المصاعب.
ونقف الآن في عتبات العام الثاني، وفي نهاية العام الأول لإنشاء جيش التحرير، فنجد وحدات الجيش الفلسطيني في ثكناتها في غزة وفي سيناء وفي سوريا وفي العراق، وقيادة جيش التحرير الفلسطيني تمنعني من أن أذكر لكم العدد، لكنني أستطيع أن أقول لكم بأنه بضعة آلاف، ولم تستطع دولة عربية بعد الاستقلال، أن تنشئ جيشًا في عام واحد في قوة جيش الشعب الفلسطيني وفي سلاحه.
في زيارتي الأخيرة أيها الإخوان، وفي زيارة قصيرة ومفاجئة، زرت منذ أسبوعين وحداتنا في غزة، وكان معي الفريق فوزي رئيس أركان حرب جيش الجمهورية العربية المتحدة، وحداتنا كلها في القطاع وفي سيناء، وكانت أول زيارة لرئيس أركان حرب جيش الجمهورية العربية المتحدة، لقد ذهل وهو يرى هذا التدريب الرائع، ذهل وهو يرى هذه الكفاءة الممتازة، وسألني كيف أمكن أن تصل قيادة جيش التحرير الفلسطيني إلى هذا المستوى في عام واحد وبضعة أيام؟ فكان جوابي: هذا هو شعب فلسطين.
وقبلها، كنت في زيارة لوحــدات جيش التحرير في سوريا، وحضر تلك الزيارة ممثلى القيادة العربية الموحــدة، الضباط العظام العرب من القيادة العربية الموحدة، ورأوا أمامهم كتائب جيش التحرير في سوريا بالسلاح وبالتدريب، وكان هنالك سؤال كذلك يدعو إلى الدهشة والذهول: كيف أمكن جيش التحرير في سوريا أن يبلغ في عام هذا المستوى من الكفاءة العالية والتدريب العالمي؟
كان الجواب: هذا هو شعب فلسطين وأبناء شعب فلسطين.
ومثل ذلك أيها الإخوان في كتائبنا في العراق، كبار رجال وزارة الدفاع العراقي ذهلوا عندما رأوا إخواننا في العراق. إنهم بعيدون من الأهل والولد، ضباطنا وجنودنا بعضهم ذهب من الأردن إلى العراق ليدخل جيش التحرير.
بعضهم ذهب من الكويت، بعضهم ذهب من لبنان، وانضموا إلى كتائب جيش التحرير، تفصلهم عن عائلاتهم وأهلهم وولدهم البراري والقفار، لكن حنينهم إلى التحرير، لكن شوقهم إلى السلاح هو الذي جاء بهم إلى هذه المرتبة العالية من التدريب ومن التنظيم.
وفي الاجتماع الأخير لمجلس الدفاع المشترك في القاهرة، كما تعلمون مجلس الدفاع يضم وزراء الدفاع ويضم وزراء الخارجية، تحدث القائد العربي الأكبر السيد علي عامر، حينما قدم تقريره العسكري إلى مجلس الدفاع المشترك إلى مجلس رؤساء الحكومات العربية عن جيش التحرير، قيادته وضباطه وجنوده، ولا أُفشي سرًّا -لأنه ليس بسر- قال لمجلس الدفاع المشترك: بضعة أشهر وجيش التحرير قادر على أن يقوم بالعمل العسكري الذي يُطلب منه.
من أجل هذا أيها الإخوان، اسمحوا لي باسم المجلس الوطني، باسكم جميعًا، أن أحيي جيش التحرير الفلسطيني، واللواء وجيه المدني موجود معنا هنا، والعقيد صبحي الجابي رئيس أرکان حرب جيش التحرير الفلسطيني موجود هنا معنا أيضًا.
واليوم أيها الإخوان في الشرفات العالية، أيها الإخوان في كل مكان، استمعوا إلى كلام رئيس منظمة التحرير عن جيش التحرير، وهو أملكم وهو هدفكم، وأنا أتحدث اليوم عن جيش التحرير، تعود بي الذاكرة إلى اجتماع المجلس الوطني في القدس، يوم ولدت منظمة التحرير الفلسطينية في مدينتنا الخالدة، يوم وضع الشعب الفلسطيني النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، واليوم نرى جيشًا في طريقه إلى التكامل في التشكيل وفي التدريب وفي التسليح. أعود بالذاكرة، وكثير منا قد نسي، - ونسيت بنفسي - لولا لمحات رأيتها في تجمع الشعب هذا اليوم في كل القطاع، تذكرت كيف ولدت منظمة التحرير الفلسطينية في بلدنا الخالدة القدس، وماذا تحدث النظام الأساسي عن جيش التحرير، تحدث بالعبارات التي أقرؤها عليكم الآن.
المادة ٢٢ من النظام الأساسي، وانظروا كيف كانت البداية العسيرة، انظروا كيف كانت البداية الصعبة، وفي خلال عام واحد ذللها الشعب، المادة ۲۲ أقرؤها الآن أمامكم:
تُشكَّل وحدات فلسطينية خاصة وفق الحاجات العسكرية، والخطة التي تقررها القيادة العربية الموحدة، بالاتفاق وبالتعاون مع الدول العربية المعنية. تبدأ هذه المادة بتشكيل وحدات فلسطينية خاصة. بداية هزيلة وعبارة نحيلة، هكذا ولدت الفكرة في بدايتها هزيلة ونحيلة، أما اليوم وقد تألف جيش التحرير، فإنني أقترح على مجلسكم الموقر وفي اللجنة العسكرية أو غيرها من اللجان الخاصة أن تعدّل هذه المادة. إن شعبنا يرفض تلك البداية الهزيلة النحيلة، إننا كتبناه في القدس، وهو بلد عزيز علينا، ونعدله في غزة، وهي بلد عزيز علينا، وأقترح على مجلسكم الموقر أن نقرأ المادة الثانية والعشرين على الوجه الآتي:
(( تنشئ منظمة التحرير الفلسطينية جيشًا من أبناء فلسطين يعرف بجيش التحرير الفلسطيني له قيادة مستقلة، واجبه القومي أن يكون طليعة التحرير وفي معركة التحرير.))
أيها الإخوان، ذلك شأننا في الجيش، ونحن نستكمله، نستكمل عناصر جنوده وضباطه وقيادته، وفي هذا الصدد، عليّ أن أذكر لكم، وهذا واجبي، وهو حق ضباطنا، وهم عشرات، ولا أذكر العدد من شبابنا في المعاهد العسكرية في دمشق، وعشرات من شبابنا في المعاهد العسكرية في العراق. كل هؤلاء لهم تحيتنا، تحية المجلس وتحية الشعب، لكن لنا فرجًا كذلك، يجدر بنا أن نذكره في يومنا هذا، وأن نرسل إليه التحية، وستصله مهما كان بعيدًا، إنه فوج من شبابنا في أرض نائية وراء البحار والبراري والقفار هو على أراضي جمهورية الصين الشعبية.
أيها الإخوان، هذا الفوج من شبابنا ركبوا البحر إلى الصين الشعبية، ليدربوا على صناعة، هي ذروة الصناعات في الحياة، ليدربوا على صناعة التحرير، والصين الشعبية عندها تجربة غنية، في صناعة التحرير نرى أمثلتها في حرب فيتنام التي يقاتل فيها الأبطال. أيها الإخوان، لقد فرضت علينا ظروف في الماضي أن نعتبر هذا الأمر سرًّا للمنظمة، تصمت حين يجب أن تصمت، وتتكلم حين يجب أن تتكلم، فرضت علينا ظروف أن نصمت يوم سافروا، والآن وقد وصلوا، والآن وهم يدربون تحت السلاح، والآن وقد زالت كل الظروف؛ لا حرج علينا أن يعلم العالم كله أن من أبناء فلسطين من يدربون على صناعة التحرير في الصين الشعبية. إن الولايات المتحدة -جهارًا ونهارًا- تمد إسرائيل بالسلاح، تمدها بالدبابات وتمدها بالطائرات، إنها تفعل ذلك نصرة للباطل، فلا حرج على الصين الشعبية أن تمدنا بالسلاح والعون العسكري، وفي هذا نصرة للحق وشعب فلسطين على حق. في صبيحة هذا اليوم لعلكم قرأتم في الصحف عن الصفقة الأخيرة من الأسلحة الأمرأمريكية التي أرسلت إلى إسرائيل، لقد بلغ مجموع الصفقات هذه كلها في خلال عامين أربعمائة وستين دبابة ومائة وخمسين طائرة مختلفة من القاذفات والنفاثات، كل هذا تفعله الولايات المتحدة على مسمع من الأمة العربية كلها، ومن الدول العربية كلها. طفح الكيل ولم يعد مجال للصبر، لم يعد هناك مجال أن تصبر الأمة العربية على هذا العداء السافر، ولا أن تصبر الحكومات العربية على هذا العداء السافر للأمة العربية ولشعب فلسطين، فأمريكا تمد إسرائيل بهذه الأسلحة الضخمة الثقيلة، فوق ما حرضت ألمانيا الغربية على إعطائه لإسرائيل.
لم يعد هناك مجال للأمة العربية ولا للحكومات العربية، أن تصبر، أما المنطق الذي يردد من حين إلى آخر. كيف يمكننا ان نقف موقفا حازمًا من الولايات المتحدة، وبيننا وبينها هذه العلاقات الكثيرة الوفيرة، فهذا منطق يقوم على الوهم الكبير، وإن منظمة التحرير الفلسطينية، ومعها شعب فلسطين، تسأل الحكومات العربية والأمة العربية كلها: عنق من بيد من؟ العلاقات بين أمريكا والدول العربية، عنق من بيد من؟ يدنا في عنق الولايات المتحدة وليست يد الولايات المتحدة في عنق الأمة العربية. لكننا في حاجة إلى تصميم ثوري وإلى عزيمة صادقة. لو نظرنا في هذه العلاقات كلها، لأمكن للأمة العربية أن تتخذ موقفًا حازمًا، ومنظمة التحرير الفلسطينية في أول فرصة يجتمع فيها الملوك والرؤساء، أو تجتمع فيها لجنة الممثلين للملوك والرؤساء، أو اجتماع رؤساء الحكومات العربية، ستناشد الأمة العربية أن تضع حدًّا فاصلًا لهذا الدرب الطويل الذي سلكته الولايات المتحدة في عدائها للأمة العربية ولشعب فلسطين، الدول العربية كثيرة الثروات كثيرة الموارد، وكل ما تحتاجه الأمة العربية أن تتقشف عامًا أو عامين، أن تعيش الأمة العربية كما عاش آباؤنا وأجدادنا عامًا أو عامين، العالم العربي عاش في السنين السالفة بكل صبر وبكل إيمان، قبل أن يكون عنده بترول، وقبل أن تكون عنده معادن وقبل أن تكون عنده هذه الكنوز، فلتعش الأمة العربية، عاما أو عامين، متقشفة صابرة مرابطة وجاهدة، وحينئذ يكون تحرير فسطين.
أيها الإخوان، أنتم تهتفون عن حق للحرب الوقائية، أمريكا تزود إسرائيل كذلك بالمواد الذرية أمريكا قدمت هدية لإسرائيل مفاعلًا ذريًّا، نصبته في « النبي روبين، على أرضنا وفي بلدنا، الوقود الذري تهبه الولايات المتحدة إلى إسرائيل. وإسرائيل لها مفاعل ذري ثان ومفاعل ذري ثالث كبير، وقد رفضت إسرائيل أن يوضع هذا المفاعل الذري تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتستمر الولايات المتحدة في مد إسرائيل بالمال وبالسلاح وبالعون وبالمدد في كل مناسبة، وفي غير مناسبة. الحرب الوقائية التي تتحدثون عنها، تحدث عنها قبلنا في خطابه في السويس الرئيس عبد الناصر، وأنتم تعرفون حديثه بصدد الأسلحة الذرية، فقد أعلن للعالم كله أن الجمهورية العربية المتحدة مستعدة للحرب الوقائية لتدمير المنشآت الذرية في إسرائيل، وليست الأمة العربية بغافلة عن الجهد الذري الإسرائيلي. الأمة العربية تتابع هذا النشاط وكذلك، للأمة العربية جهد في البحث العلمي من أجل الذرة. الأمة العربية ليست بغافلة عما تفعل إسرائيل في مفاعلاتها الذرية، وبالعلماء الأجانب الكثيرين الذين يعملون في الأبحاث الذرية، لا من أجل تحلية البحر الأبيض المتوسط - أبدا - ولكن من أجل جعل الحياة مريرة على الأمة العربية وعلى السلم كله. الأمة العربية ليست غافلة عن هذا.
وللقاهرة في ميدان الذرة عين ساهرة، ولا يمكن أن تكون غافلة عن هذا النشاط الخائن في إسرائيل، والرئيس عبد الناصر أعلن عزمه على الحرب الوقائية، ونحن هتفنا لهذا هنا وصفقنا لهذا هنا، لكننا نحن شعب فلسطين لنا دور آخر غير التصفيق، ولنا دور آخر غير الهتاف الحرب الوقائية يوم يشنها الرئيس عبد الناصر، سيكون جيش التحرير الفلسطيني في الطليعة، لن ندع الرئيس عبد الناصر الذي تهتفون له الآن عن حق وبكل إيمان، لن ندعه وحده في هذه المعركة. إذا كان الطيران المصري سيدمر من الجـو المنشآت الذرية في إسرائيل، فإن جيشنا وشعبنا من الأرض، وفي الزحف على الأرض، مستعد للاشتراك في هذه المعركة.
لم تعد -أيها الإخوان- مواقف الشعب الفلسطيني، مواقف الخطب والقصائد، لم تعد مواقفنا الوقوف على المنابر، لم تعد مواقفنا أن نهتف وأن نصفق، لم تعد مواقفنا البكاء والعويل والندب على الأطلال، والشوق والحنين إلى البلاد، بعد قيام منظمة التحرير الفلسطينية. أصبح الشعب الفلسطيني قوة في الساحة العربية وفي الساحة الدولية، وتحدد مواقفنا على أساس أننا نملك القوة ونملك الوجود، الشخصية الفلسطينيه تجسدت في منظمة التحرير، وتكاملت في جيش التحرير. ولا نقف موقفنا هذا سندا للرئيس عبد الناصر وحده، بل إن كل رئيس عربي، كل ملك عربي يقف إلى جانب قضية فلسطين بالقتال وبالنضال وبالثورية، فنحن معه كتفًا إلى كتف، وسلاحا إلى سلاح.
في هذه الأيام الأخيرة، وأضرب لكم مثلًا، هذه الأيام الاخيرة تحيط بسوريا مؤامرة غادرة ماكرة، تحشد الكتائب الإسرائيلية على حدود سوريا، من أجل القيام بمحاولة غادرة كبيرة، وتهيأ الجيش السوري وأنذر الجيش السوري بأنها ستكون حربًا شامة منظمة التحرير الفلسطينية تعي هذه الأحداث وتعيشها، وليست معزولة عنها ولا تراقبها متفرجة عليها. منظمة التحرير الفلسطينية لا تتفرج على الجيش السوري وهو يقف أمام العصابات الإسرائيلية وحده، اليوم صباحًا كنت أستمع إلى الإذاعة السورية، أو جناح من الإذاعة السورية، يهاجم منظمة التحرير الفلسطينية، يهاجم المجلس الوطني. هذه مسائل صغيرة، أطرحها جانبًا ولا ألقي لها بالًا، ولكني أعلن هنا من المجلس الوطني إلى الحكومة السورية، أنه يوم يصطدم الحديد بالحديد والنار بالنار والجيش بالجيش، فإن جيش التحرير الفلسطيني سيقاتل إلى جانب الجيش السوري.
أيها الإخوان، أستمع إليكم من الشرفات العالية، تطالبون رئيس منظمة التحرير الفلسطينية أن يتحدث عن الحلف الإسلامي، وبصراحة كان في عزمي أن أثير هذا الموضوع في اللجنة السياسية غدًا صباحًا، كأول موضوع على جدول الأعمال، لكني لا أهرب من طلب الشعب، وأنا هنا يجب أن أصغي إلى إرادة الشعب.
لا حرج علينا أن نتحدث عن الحلف الإسلامي، ولا خوف على منظمة التحرير أن تتحدث عن الحلف الإسلامي الصورة واضحة، والطريق واضح، الحرام بيّن والحلال بيّن. سياستنا في العالم الدولي، وسياستنا العربية تقوم على قاعدة ثابتة راسخة، هي الحياد الإيجابي، سياستنا عدم الانحياز إلى المعسكرات، لا شرقية ولا غربية، سياستنا أننا لسنا مع الأحلاف، كائنة ما كانت أسماؤها أو أزياؤها أو أوصافها. سياستنا -أيها الإخوان- أننا لسنا مع حلف وارسو، ولسنا مع الحلف الأطلنطي، ولسنا مع الحلف المركزي، ولم نكن مع حلف بغداد، وقد سقط حلف بغداد إلى الأبد ولن يبعث حيًّا، كائنة ما كانت الأسماء والصفات. أيها الإخوان، نحن مع حلف واحد، إذا جاز التعبير بأنه حلف فنحن مع حلف واحد، ولا حلف سواه، نحن مع الحلف العربي، نحن معه شعب فلسطين.
والحلف العربي، تجسد في الثمانية عشر عامًا الماضية، في محاولتين كبيرتين: تجسيد في معاهدة الدفاع المشترك معاهدة الضمان الجماعي بين الدول العربية التي انبثقت منها القيادة العربية الواحدة، كانت هذه هي المحاولة الأولى، المحاولة الثانية مؤتمر القمة الذي كان يسعى أن يكون حلفًا، ولكنني أقول للدول العربية جميعها: هل الحلف العربي هذا بخير؟ قبل أن ننتقل إلى أحلاف خارج الدنيا العربية، هل أخذنا بالتزاماتنا في معاهدة الدفاع المشترك؟ هل نفذنا تعهداتنا في مؤتمر القمة العربي الأول في القاهرة والثاني في الإسكندرية، والثالث في الدار البيضاء قبل أن نخرج إلى الدنيا ونطلب الأحلاف؟ هل حلفنا بخير؟ وقلوبنا وراء الحلف العربي، هل كل جيوبنا وراء الحلف العربي؟ هل كل ثرواتنا وراء الحلف العربي وكل عزائمنا؟ كلكم تعرفون سيرة مؤتمر القمة ولا أحدثكم عنها طويلا.
نحن نتحدث بلسان الشعب وبضمير الشعب، ولا نعرف لغة الدبلوماسية، ولا لغة الأعراف السياسية، مؤتمرات القمة تسير بالطريق البطيء المتثائب، وليس سرًّا أن تعلموا أن عددا من الدول العربية مدينة لمؤتمرات القمة الثلاثة بثلاثين مليون جنيه إسترليني. لا أقول هذا لنفزع، ولا أقول هذا لنجزع. لن نرتد ولن نصد عن طريق الثورة وعن طريق التحرير، وسنظل في هذه الأمة العربية قمما ثورية تحمل راية التحرير، كائنا ما كان مصير مؤتمرات القمة. وأسألكم الآن: هل هذه هي الصراحة التي تطلبونها؟ أو هل تريدون مزيدا من هذه الصراحة؟ لسنا مع الأحلاف كائنة ما كانت الأسماء.
وسمعتكم بالشرفات العالية تطلبون إلي أن احدثكم بصراحة عن المعتقلين وعن الأردن وعن عمان وعن كل شؤوننا، المجلس الوطني ينعقد هنا، بكل جوارحنا، بكل أفئدتنا، بكل ضميرنا. المجلس الوطني يجتمع هنا بروح الأخوة، يجتمع هنا بروح التآلف، وأناشدكم أيها الإخوان، ونحن وافدون من كل الوطن العربي، وافدون من المحيط إلى الخليج، ويجب أن تكون وحدة الشعب الفلسطيني، وحدة تآلف الشعب الفلسطيني، كل أعضاء المجلس الوطني هنا محل تقديرنا، ومحل إعزازنا، وأريد منكم النظام، ولا شيء إلا النظام. إن قضيتنا أيها الإخوة تطالبنا بالوحدة الشاملة، وحدة الشعب الفلسطيني وحدة الأمل وحدة الهدف. ونريد لهذا المجلس الوطني أن ينتهي إلى نجاح وأن ينتهي إلى وحدة شاملة، إن المهم أيها الإخوان، ما يصدر عنه من قرارات، وما يصدر عنه من توصيات.
إن منظمة التحرير الفلسطينية تواجه في عامها المقبل، تواجه عامًا صعبًا، تواجه عامًا حرجًا، يجب أن يعي الشعب أننا أمام عـام خطير، وأمام عام حرج دقيق على شبابنا وشاباتنا وطلابنا، ورجالنا ونسائنا. كلنا يجب أن نعي العام الذي ينتظرنا. منظمة التحرير الفلسطينية في عامين واجهت مصاعب كبيرة، واستطاع الشعب أن يذللها بوحدته وبأخوّته، وعلى الشعب الفلسطيني أن يصون هذه الوحدة، وأن يصون هذه الأخوّة. ليستطيع السير معا، ودعوني أقل لكم ماذا ينتظر منظمة التحرير في عامها المقبل، أنتم تعلمون أن مؤتمر القمة العربي في الجزائر على أرجوحة، أنا لا أريد أن أكون متفائلا أو متشائما في الحديث عن مؤتمرات الذروة. فلندع هذا لزمانه ولأيامه، لكن مؤتمر الذروة العربي في الجزائر في الأرجوحة قد ينعقد وقد لا ينعقد، فمؤتمر القمة العربي نشأت فيه ثلاث مؤسسات كبرى، القيادة العربية الموحدة هي بنت مؤتمر القمة، مؤتمر الذروة العربي الأول والثاني في القاهرة والإسكندرية اعتمد منظمة التحرير، اعتمد جيش التحرير. الكيان الفلسطيني ولد على فراش مؤتمر القمة، ما هو مصير مؤتمر القمة في الجزائر إذا لم ينعقد، بالنسبة للقيادة العربية الموحدة بالنسبة لتحويل الروافد بالنسبة لمنظمة التحرير الفلسطينية؟ أنا لا أتحدث عن تحويل الروافد؛ لأن شعبنا لا مسؤولية له في تحويل الروافد، لا مسؤولية مالية ولا مسؤولية عسكرية ولا مسؤولية فنية. نحن نرى أن تحويل الروافد هذا خط خلفي، لكن لخط الأمامي الحقيقي هو تحصين وتسليح القرى الأمامية، هذا هو الخط الأمامي. المهم أيها الإخوان نحن لا نبالي، وإن كنا يجب أن نقدر المسؤوليات من قريب أو بعيد. ما هو مصير الروافد؟ إسرائيل على كل حال أخذت الماء، ونحن لا نزال نتثاءب ونتباطأ في هذا المشروع. هذه مسألة لا يلقي الشعب الفلسطيني بالا كبيرًا إليها، ولكنه يلقي بالا إلى مؤسستين كبيرتين هما القيادة العربية الموحدة ومنظمة التحرير الفلسطينية. جيش التحرير، سبعة عشر عامًا مضت على شعبنا ضائعا مشتتا مشردا. الإنسان الفلسطيني لا يعرف إلى من ينتسب سوى كلمة « شعب فلسطيني، الماضية في التاريخ وفي الجغرافيا، الولايات المتحدة والاستعمار أرادوا هذه السنين الطوال أن يطمسوا معالم الشخصية الفلسطينية، معالم الوطن الفلسطيني. القضية الفلسطينية في الأمم المتحدة انتهت في المجال السياسي، ولم يبق منها إلا وكالة الإغاثة التي تعنى بالغذاء وبالكساء، على أبأس ما يكون الغذاء والكساء والدواء.
ومؤخرا الولايات المتحدة ضاقت بحدود أربعة ملايين دولار، أصبحت أمريكا فقيرة لا تملك أربعة ملايين دولار تقدمها في العام کله، إلى اللاجئين، في الوقت الذي تنفق فيه كل يوم، كل صباح ٢٥ بليون دولار تنفق في ساحة الظلم وفي ساحة الدمار، وفي ساحة الخراب، فالولايات المتحدة المسؤولة عن كارثة فلسطين، تبخل على وكالة الإغاثة بأربعة ملايين، لماذا تفعل ذلك؟ تريد أن تطمس معالم القضية الفلسطينية والشخصية الفسطينية. سبعة عشر عامًا مرت وظنت الولايات المتحدة أن الشعب الفلسيطني انتهى، تشرد في كل مكان يعيش الموظفون في الكويت وفي سوريا وفي لبنان وفي الجزائر وفي كل مكان، وراء أرزاقهم ووراء إطعام أولادهم وتعليمهم في المدارس وانتهى الشعب الفلسطيني، الأرض الفلسطينية زالت من الخريطة، وإذا ذهبت إلى الأمم المتحدة ورأيت الخرائط بالنسبة للعالم الدولي، بالنسبة لأعضاء الأمم المتحدة الذين بلغوا الآن ۱۲۰ لاتجد على خريطة شرقي البحر الأبيض المتوسط كلمة فلسطين؛ لأنها زالت، وإسرائيل تقول فلسطين بقيت حتى سنة ١٩٤٧، لكن زالت بعد ذلك، الأرض زالت، والشعب زال، ولم يعد هناك شعب فلسطين. ولكن فوجئ العالم بعد ١٨ سنة، في مؤتمر الإسكندرية، يوم اعتمد الملوك والرؤساء، الكيان الفلسطيني، وقال الشعب الفلسطيني للولايات المتحدة أنا هنا، هنا منظمة التحرير الفلسطينية، وهنا جيش التحرير.
أيها الإخوان، لا نريد أن نستبق الحوادث بالنسبة لمؤتمر الجزائر، وليس لي أن أقول كلاما في هذا الموضوع، لكن ليس لنا أن نفزع، وليس لنا أن نجزع. منظمة التحرير الفلسطينية ولدت على فراش مؤتمر القمة، لكن إذا كان مؤتمر القمة قد زال، فهل تزول منظمة التحرير الفلسطينية؟ أبدا، هنا منظمة التحرير الفلسطينية باقية لأن الشعب الفلسطيني باق، سواء بقى مؤتمر القمة، أو زال مؤتمر القمة.
قضيتنا أيها الإخوان على الصعيد العربي، قضية فلسطين ثبت وجودها، وألقت جذورها عميقة في الأرض، وأصبح الشعب الفلسطيني الآن مجتمعا ملتفًّا حول منظمة التحرير الفلسطينية. رأيتم اليوم القطاع كله خرج لاستقبال أعضاء المجلس الوطني، القطاع كله من المطار ومن المحطة، اليوم في الصلاة والخطيب الأخ الأستاذ الذي خطبنا وحضنا على الوحدة وعلى التقوى وعلى تقوى الله وعلى الخوف من الفرقة ومن تصدع الصفوف، نحن رأينا الشعب كله وهو يصيح هاتفـا لمنظمة التحرير الفلسطينية. من جمع هذا الشعب؟ المنظمة لا تنفق أموالًا لتجمع الشعب، المنظمة ليس عندها شرطة لتجمع الشعب، المنظمة ليس عندها سجون لتضع فيها الحائدين والمرتدين، والحمد لله. قليل في شعب فلسطين المرتدون والحاقدون، كلنا شعب من الثوار، وكلنا شعب من الأحرار، هذا طبع شعبنا، الشعب الفلسطيني ملتف حول منظمة التحرير بكل جوارحه، ليس هناك إجماع خير من إجماع هذا الشعب، حول منظمة التحرير الفلسطينية.
في اجتماع رؤساء الحكومات العربية الذي جرى أخيرا في القاهرة، واحد من إخواننا الجالسين في القاعة قال لي: " أنت مالك، إخوانكم الفلسطينيون متفرقون، إخوانكم الفلسطينيون مختلفون. قلت: لا، أنت لا تعرف شعبنا. أريد أن أقول لكم جميعا يا رؤساء الحكومات العربية الذين تمثلون شعوبكم، إن منظمة التحرير الفلسطينية تمثل الشعب الفلسطيني، كما يمثل زكريا محيي الدين - وكان موجودًا - الشعب المصري، وكما يمثل أيضًا أي رئيس حكومة عربية الشعب. إن شعبنا فيه بعض الناس ممن لهم الآراء، ولكن أی شعب من الشعوب العربية ليست فيه آراء متباينة؟ أي شعب من الشعوب العربية ليست فيه أحزاب. في البلاد التي فيها أحزاب؟
أی شعب من الشعوب ليست فيه اراء متضاربة؟ يومها قلت له - لهذا الحاضر - وأريد أن أكررها عليكم وأمامكم: إن المجلس الوطني الفلسطيني لا يقل في مستواه عن أي مجلس وطني في الأمة العربية، وهاكم مجلسًا بمجلس، ولنقارن رجلا برجل وامرأة بامراة. وشابا بشاب، لنرى المجلس الوطني الفلسطيني لا يقل في مستواه عن المجلس الوطني في العالم العربي، بل هناك عدد من الدول العربية ليست لديها مجالس وطنية أبدا، رغم أنها عريقة في الاستقلال ومرّ زمان على استقلالها، لكن الشعب الفلسطيني الذي لا أرض له، الشعب الفلسطيني الذي لا قيادة له، الشعب الفلسطيني الذي لا حكومة له، الشعب الفلسطيني الذي لا يملك المقومات، عنده مجلس وطني، ولا يقل عن مجلس الأمة المنعقد في القاهرة في هذه الآونة.
هذا على الصعيد الفلسطيني وعلى الصعيد العربي، المنظمة كل يوم تحقق مكاسب، كل يوم تحقق انتصارات. في الدورة الأخيرة في الأمم المتحدة كان للمنظمة وفد، ووفدنا هناك طالب بأن يتكلم باسم الشعب الفلسطيني، وقاوم هذا الوفد الأمرأمريكي، قاوم هذا الوفد البريطاني، قاوم هذا عدد من وفود الاستعمار، ولكن انتفض وفد الاتحاد السوفياتي ودول أمريكا اللاتينية بعضها، والدول الإفريقية والآسيوية، وانتفضت الدول الحرة، وأيدت وقوف وفد منظمة التحرير الفلسطينية ممثلة الشعب الفلسطيني هي على الصعيد الدولي. المنظمة كل يوم تحقق مكاسب حقيقية، هناك مآخذ على المنظمة. حقيقة هناك عيوب في المنظمة، كلنا يعلمها، ولكن علينا أن نصلح هذه الأخطاء، وجب علينا أن نتعلم من خطيئاتنا، مندوب الرئيس عبد الناصر حدثكم في عبارة وجيزة، في كلام الرئيس عبد الناصر، تحدث عن المنظمة، في الماضي، أنه كانت هناك حملة على منظمة التحرير، لكن أثبتت منظمة التحرير في هذين العامين أنها قادرة على تحمل المسؤوليات، وهل هناك أي دولة عربية ليس فيها سيئات. أي دولة عربية ليس فيها خطيئات، كل دولنا العربية لا تخلو من المآخذ والمعايب، والخلل موجود في كل الدول العربية. هناك رشاوى في عدد من الدول العربية، هناك فساد في كل هذا.
الحمد لله منظمة التحرير الفلسطينية فيها الخط العام السياسي خط ثوري سليم، الأمانة سليمة كلها، من الناحية المالية رئيس مجلس إدارة الصندوق القومي وهو أمامي، عبد المجيد شومان، وهو الرجل الأمين. إذن السياسة في أمان والمال في أمان، والعمل كله أمان، وإذا كانت هنالك من عيوب يجب أن نصححها، وأنا أريد أن أعلن هنا أنه يجب أن نعطي الحرية الكاملة للكشف عن الخطيئة أينما وجدت، وعن المخطئ أينما وجد.
على الصعيد الدولي، كما قلت لكم، منظمة التحرير من كان يحلم أن يكون لها صلات في بكين مع جمهورية الصين الشعبية؟ من كان يحلم في الماضي أن يكون هنالك بلاغ مشترك، وتستعمل فيه اللغة الدولية بلاغ مشترك بين فلسطين وبين الصين، على جانب يوقع شو آین لاي رئيس وزراء الصين، وإلى الجانب الآخر يوقع أحمد الشقيري رئيس منظمة التحرير الفلسطينية. من كان يظن -أيها الإخوان- أن الصين ترسل أسلحة لمنظمة التحرير الفلسطينية؟ وليس هذا سرا أنني أكشفه الآن أمامكم، ونحن مستعدون أن نأخذ السلاح من كل دولة، من كل دولة تنذر نفسها بأن تعين الشعب الفلسطيني من غير قيد ومن غير شرط، وجمهورية الصين الشعبية تقدم لنا هذا العون العسكري من غير شرط ومن غير قيد. هنالك شرط واحد واحد، هو لقاء الثوار مع الثوار، ولقاء الأحرار مع الأحرار.
هذه هي مكاسبنا، في مؤتمر هافانا في كوبا، في مؤتمر شعوب القارات الثلاث: آسيا، وإفريقيا، وأمريكا اللاتينية، كان لمنظمة التحرير الفلسطينية وفد، وهذا الوفد رفع علم فلسطين عاليا، هذا الوقد رفع علم فلسطين بین أعلام مائة شعب وأكثر، وتحدث عن قضية فلسطين بكل مطالبها، والقرار الذي صدر من هذا المؤتمر، وفيه ما يزيد عن مائة وفد، باعتبار إسرائيل قاعدة للاستعمار، بالدعوة إلى مقاطعتها سياسيا واقتصاديا وعسكريا، وأخيرا بالدعوة إلى مساندة الشعب الفلسطيني في كفاحه من أجل تحرير وطنه.
هذا قرار من مؤتمر هافانا، هذه مكاسب في الأول من مايو، يوم العمال، وبهذه المناسبة أنا أحيي إخواننا العمال هنا كلهم في قطاع غزة بيوم الأول من مايو، ماذا كان شأن الشعب الفلسطيني في الأول من مايو، كان وفد عمال لفلسطين، اتحاد العمال التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية يسير في شوارع بكين، ويرفع علم فلسطين في المسيرة الكبرى بين الشعوب المناضلة من أجل حريتها واستقلالها، هذا هو انتصار لمنظمة التحرير ولشعب التحرير. وفي الأول من مايو، يوم عيد العمال، كان وفد اتحاد عمال فلسطين يسير كذلك في شوارع موسكو، في المسيرة الكبرى مع عمال الدنيا، ويرفع علم فلسطين عاليا في تلك المسيرة الكبرى.
أخيرا أيها الإخوان، على الصعيد الدولي، لعلكم تريدون أن تسمعوا شيئا عن اجتماعي باليكسي كوسيجين رئيس وزراء الاتحاد السوفياتي.
أيها الإخوان، أريد أن أقول لكم أولا: إنه لم يكن أمرا سهلا لقاء منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس وزراء الاتحاد السوفياتي، لا يحسبن أحد أن الأمر كان عبارة عن طلب قدم إلى السفارة الروسية واستجيب هذا الطلب وانتهى الأمر. الاتحاد السوفياتي دولة عظيمة، لها حسابات قريبة وبعيدة، الاتحاد السوفياتي له سياسات مدروسة دراسة دقيقة، ولا ترسل الكلام عفوا، ولا تتخذ المواقف سهوا أو لهوا. لا أريد أن أذكر لكم تفاصيل، التفاصيل في الأيام العشرة التي قضيتها في القاهرة، وكانت على رغبة أن أكون يوم ١٥ مايو في مدينتنا الخالدة في القدس لألاقي الشعب، وأخطب الجماهير في بلدنا في شعب التحرير، وفي أرض التحرير وفي منطلق التحرير، لكني كنت مشغولا الأيام كلها، ملاحقًا متابعًا هذا اللقاء؛ لأني كنت أعلق عليه أهمية كبيرة، ويعلق شعبنا عليه أهمية كبيرة إلى أن تم اللقاء، قبل يومين في قصر القبة، كان اللقاء بين منظمة التحرير ورئيس وزراء الاتحاد السوفياتي، وهذا اللقاء بنفسه مكسب لمنظمة التحرير. إنه خطوة أولى لفتح باب الاتحاد السوفياتي، أمام منظمة التحرير، وقد يظن البعض ممن يعرفون سيرتي في الأمم المتحدة أن الأمر ليس عسيرا على الشقيري، أن يلتقي برئيس وزراء الاتحاد السوفياتي الذي قضى عشرة أعوام من عمره، وكتفه إلى جانب كتف الاتحاد السوفياتي، في كل القضايا الدولية، في الأسلحة الذرية، في نزع
السلاح، في قضية كوبا، في كل قضية دولية، وأنا أقول هذا متواضعًا وبكل تفاخر، كنت أهجم على هذه القضايا، ومن أجل قضية فلسطين، جعلت نفسي كتفا إلى كتف مع الاتحاد السوفيتي، لدرجة أن وزير خارجية أمريكا وقف على منبر الأمم المتحدة وهو يقول باللغة الإنجليزية: إنني لا أريد أن أرد على أحمد الشقيري وزملائه الوفود الشيوعية، وأنا وقفت على المنبر وقلت: إنني غير منزعج من هذه العبارة من وزير خارجية الولايات المتحدة؛ لأنه يسرني أن يقال أحمد الشقيري وزملاؤه الوفود السوفيتية، أشرف لي من أن يقال أحمد الشقيري وزملاؤه الوفود الاستعمارية.
كانت هذه سيرتي في الأمم المتحدة، وقد يظن الظانون أن من السهل على هذا الإنسان، الذي له هذه السيرة، أن يفتح باب الاتحاد السوفيتي، لا، الأمر ليس بسهل كما يظن، هناك حسابات، وحسابات دقيقة ودولية وبعيدة المدى، لكن الجهد العربي، الجهد العربي في القاهرة، وأنا لا أريد تفصيلا بالإضافة إلى متابعتي، هو الذي فتح أبواب قصر القبة أمام رئيس منظمة التحرير الفلسطينية للقاء إليكسي كوسيجين. لكن المهم ليس اللقاء فالشعب الفلسطيني لا يعتز إذا لقي إنسانا كبيرا أو إنسانا صغيرا؛ لأن الشعب الفلسطيني في هم مقيم معقد من أجل قضيته، ليس من أجل الألقاب ولا من أجل المناصب، ولا من أجل الرواتب.
ما هو الحديث الذي كان؟ سأقول لكم ما يمكن وأسكت عما لا يمكن، كما صمت بعض الوقت بالنسبة إلى الصين، وتكلمت حين يجب أن أتكلم، سأسكت عن بعض الحديث وأقضى ببعض الحديث الذي قلته إلى كوسيجين (( إن الطريق إلى صداقة الأمة العربية، والطريق إلى عداوة الأمة العربية هي قضية فلسطين، وقضية تحرير فلسطين، ومن أراد أن يكون صديق الحرب فلسيند الشعب الفلسطيني في كفاحه، ومن أراد أن يكون عدو العرب فليسند إسرائيل في ظلمها وباطلها »، وقلت للرئيس كرسيجين أنا لا أعلم ما قاله لك الرئيس عبد الناصر من حديث حول قضية فلسطين، إنه لم يذكر لي هذا وأنا لم اقف عليه، لكنـــــي أقول لك، وأنا غائب عن هذا الحديث، إن حديث عبد الناصر عن قضية فلسطين يمثل مائة مليون عربي في الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، ثم أيها الإخوان أشرت إلى حياتنا كشعب فلسطين في عهد الانتداب حياة المروءة لشعب فلسطين، وتقاليد الكرم شعب فلسطين، وتحدثت عن جغرافية فلسطين، وأن نصفها صحراء، والساحل فيها قليل، والأراضي فيها خصبة، قلت نحن بجغرافيتنا بتاريخنا ببيئتنا بكرمنا بتقاليدنا، نحن مجتمع اشتراكي من غير تسمية، هذا هو تاريخ الشعب الفلسطيني، شعب اشتراكي منذ القدم من غير تسمية، ونحن بعد النكبة أصبحنا شعبا اشتراكيا بالنكبة، لأن الاشتراكية بالأرض والاشتراكية بالمصانع والاشتراكية بوسائل الإنتاج، وشعبنا قد سُلب أرضه وسلب مصانعه وسب وسائل الإنتاج، فنحن شعب اشتراكي بالنكبة، وعلى الشعوب الاشتراكية وفاء للاشتراكية أن تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني. ثم أيها الإخوان، في ختام حديثي قلت له إن إسرائيل قد وجهت للاتحاد السوفيتي إهانة كبيرة في الأشهر الأخيرة والتفت إلي بكل انتباه وقال: وما هي هذه الإهانة؟ قلت له: إسرائيل العصابة بأجهزة الدعاية للصحف في أمريكا وفي بريطانيا وفي فرنسا وجهت إهانة كبرى إلى الاتحاد السوفيتي بعد اتفاقية طشقند، التي دعا إليها الاتحاد السوفيتي الهند والباكستان، وانتهى فيها باتفاق طشقند
قامت إسرائیل تصيح وتولول: لماذا لا يعمل الاتحاد السوفيتي اتفاق طشقند بين الدول العربية وبين إسرائيل؟ وأرادوا أن يؤلبوا الرأى العام العالمي الدولي في أمريكا وفي بريطانيا، وقالوا إن الاتحاد السوفيتي يقف إلى جانب الدول العربية مؤيدا عدوان الدول العربية، واتفاق طشقند هو أولى، ما دام هو يبشر بروح طشقند، يجب أن يطبق طشقند بين الدول العربية وإسرائيل. قلت له هذه أكبر إهانة توجه إلى الاتحاد السوفيتي لأن الفارق كبير. في اتفاق طشقند هناك فريقان شرعيان: الهند وباكستان، شعبان شرعيان في وطنهم، أما بالنسبة لنا هناك فريق معتد باغ وهي إسرائيل، ولذلك اتفاقية طشقند لا يمكن أن تشمل الخلاف بين إسرائيل والدول العربية، فالتفت إلي وقال: وهذا ما أنقله إليكم: إن اتفاق طشقند لا يشمل الخلاف بين إسرائيل وبين الدول العربية، ثم قدمت إليه مطالب خمسة، مهما هتف الهاتفون في الشرفات لن أذكر واحدًا منها، ستظل سرا إلى حينها، لكنها مطالب كل فلسطيني، هذه المطالب الخمسة تعيش في ضمائرنا وتعيش في جنائبنا، لست أذكرها الآن، وسيكون هناك زمان لذكرها، ولكني لهذه المناسبة بالذات أعلن باسمكم، باسم المجلس الوطني شكر الشعب الفلسطيني بأسره إلى الاتحاد السوفيتي؛ لموقفه من قضية فلسطين.
أيها الإخوان، بقي علي أن أختم حديثي إليكم في أمر كان محل اهتمام المجلس الوطني يوم انعقد في القاهرة، واتخذ بشأنه قرارا غير مدون، طلب فيه إلى رئيس المنظمة أن يتصل بالمنظمات الفلسطينية كلها سرية أو علنية، عقائدية أو حزبية عسكرية أو شبه عسكرية، بغية توحيد العمل الفلسطيني، وإني استجابة لضميري ولتوصياتكم غير المدونة، عملت كل جهدي في اللقاء مع الإخوان جميعًا المنتسبين إلى هذه المنظمات وإلى هذه الحركات. الشعب الفلسطيني رفع شعار الوحدة القومية، الشعب الفلسطيني اليوم ملتف حول منظمة التحرير لأنها من الشعب، لأنها رمز الشعب، عنوان كفاح الشعب ونضال الشعب من أجل التحرير، والتقى إخواننا من هذه المنظمات في اجتماعات متتاليات في بيروت، حضرت بعضها لوضع منهاج لتوحيد العمل الثوري، وأريد أن أعلن هنا أن قيام هذه المنظمات وتعدد هذه المنظمات، كان أمرا طبيعيا في الماضي، كانت مرحلة لا بد منها، كانت قضية فلسطين تعيش في فراغ، وأنا كمواطن كنت بعيدا عن الساحة العربية على الصعيد الدولي سنين طويلة، على غير علم بما يجري بين شعبنا، فوجئت حين عدت إلى البلاد بأن أری منظمات كثيرة وجماعات متعددة، حمدت الله لأني رأيت في هذا المظهر حيوية دافقة في شعبنا، لقد تهدم كيان الشعب الفلسطيني بعد الكارثة، وقبل الكارثة كانت لنا قيادة وأحزاب ولجان قومية، وبعد الكارثة تصدع بنيان الشعب، وانهار كيان الشعب، لكن شبابنا تلاقوا في الكويت، وتلاقوا في سوريا، وتلاقوا في لبنان، وتلاقوا في غزة، وتلاقوا في الأردن، وتلاقوا في كل مكان مهاجر. كل أربعة وكل خمسة تلاقوا ليلا ونهارا، يفكرون ماذا يصنعون لقضية بلادهم، وكان هذا العدد في الجماعات طبيعيا؛ لأننا تشتتنا، لأننا تشردنا، لأنه كثرت تجمعاتنا في الوطن العربي، وقلّ الاتصال بيننا. السفر ممنوع والانتقال ممنوع، وإرادة العمل الفلسطيني محجبة، والعمل لقضية فلسطين يسير تحت الأروقة وتحت الدهاليز، فكان طبيعيا أن يلتقي بضعة من شبابنا هنا، وبضعة من شبابنا هناك، ورأيت في هذا خلاصا لقضية فلسطين، وحمدت أنهم عبؤوا بعض الفراغ كائنا ما كانت هذه التعبئة جزئية، لأنها دلت على أن شعب فلسطين، في ١٨ سنة لم يكن لاهيا في الرزق، وفي العيال وفي الأولاد، وفي السينما. كانت هناك نخبة من رجالنا ومن شبابنا يفكرون في الوطن، وماذا يصنعون للوطن، وبهذا نشأت منظمات، بعضها عسكري، وبعضها عقائدي، وبعضها حزبي، حمدت لهم هذا النشاط لأنهم عبؤوا جانبا من الفراغ. تلك مرحلة مضت، أحمد لهم فيها إخلاصهم وتفانيهم، وتجردهم، ولكن المرحلة التي نحن فيها هي مرحلة وحدة النضال، وحدة القوى الثورية، كلها، وحدة الشعب الفلسطيني كله، ومن أجل هذا فإن لقاء إخواننا في بيروت قد انتهى إلى مرحلة طيبة، هناك أبحاث ودراسات استطاعوا بها أن يجدوا نقاط تلاق فيما بينهم، ووضعوا لهم منهاجا نظريا، تصفحت فيه قبل مجيئي ورأيت فيه خيرا كثيرا، وعلمت أنهم كذلك أعدوا دراسات أخرى لمحتها كذلك دون أن أتبصر بها، لكنني رأيت فيها الكثير من الخير، وستوزع عليكم وتدرس في اللجنة السياسية أو في غيرها، لكنني أوصي مؤتمركم بالاهتمام بها والعناية بها لأن وراءها فكرا وجدية وثورية، وأنا هنا أريد أن أعلن أيها الإخوان كمواطن منكم، وباسم منظمة التحرير الفلسطينية، أن المرحلة الماضية التي حمدناها وشكرناها قد انتهت. إننا اليوم في هذه المرحلة، مرحلة الوحدة الوطنية الثورية التي تجمع كل طلائعنا، كل شبابنا، كل رجالنا، وكل قواتنا الثورية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المرجع:
الوثائق الفلسطينية العربيه لعام 1966، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت.ص191، 192، 193، 194، 195، 196، 197، 198، 199، 200، 201، 202، 203، 204، 205، 206.
كلمة السيد محمود نجم، نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني في افتتاح الدورة الثالثة للمجلس الوطني
غزة ٢٠-٥-٦٦
( منظمة التحرير الفلسطينية، الدورة الثالثة للمجلس الوطني الفلسطيني، غزة 20، 24 أيار " مايو " منشورات رسمية )
" إنا فتحنا لك فتحا مبينا، ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر، ويتم نعمته عليك، ويهديك صراطا مستقيما، وينصرك الله نصرا عزيزا " بهذه الآيات البينات نفتتح الدورة الثالثة للمجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في مدينة غزة هاشم. السيد مندوب سيادة رئيس الجمهورية العربية المتحدة الرئيس جمال عبد الناصر،
اللواء عبد المنعم حسني الحاكم العام لقطاع غزة،
إخواني الكرام، السيد رئيس المجلس الوطني الفلسطيني الأستاذ أحمد الشقيري، أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني،
سيداتي وسادتي،
باسم إخواني أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني بقطاع غزة، وسكان هذا القطاع، المرابطين الصامدين، أرحب بكم في بلدكم وبين أهلكم وإخوانكم، أرحب بكم في مدينة غزة وفي قطاعنا الغالي الحبيب، هذا الجزء العزيز الذي يحمل اسم فلسطين، الرابض على خط النار، متحفزا لوثبة عربية، تعيد الحق إلى نصابه، لتعود بلادنا عزيزة كريمة إلى حظيرة الوطن العربي الكبير، فأهلا بكم إخوانا بين إخوانكم، ومرحبا بلقاء الفلسطينيين في أرض فلسطين.
أيها الأخوات والإخوة،
إننا لنأمل أن تكون أعمال مؤتمرنا الوطني الثالث مثمرة موفقة، بفضل تكاتف جميع السادة الأعضاء، حتى نخرج من هذا المؤتمر بنتائج طيبة موفقة لقضيتنا العادلة ووطنــــــــــا السليب، ويشرفني أن أتوجه باسمكم بالتحيات
العاطرات الطيبات، والحب والإخلاص والتقدير لقائد نهضتنا، وزعيم أمتنا ورائد قوميتنا وحبيب الشعب العربي في كل مكان السيد الرئيس جمال عبد الناصر.
حفظ الله رئيسنا المفدى، منارًا يشع بنور الفداء والتضحية والجهاد، وسيفا مسلطا على رقاب الأعداء المستعمرين، ونحيي باسمكم مندوب السيد رئيس الجمهورية العربية المتحدة اللواء عبد المنعم حسني، الحاكم العام لقطاعكم الذي تسلّم عمله منذ أسبوعين، راجيا من سيادته التوفيق والسداد في خدمة هذا القطاع العزيز، وتقديم مساعداته المشكورة وخدماته الطيبة لمنظمة التحرير الفلسطينية.
إخواني،
لقد نما جيشنا الفلسطيني وترعرع، وسيؤتي أكله قريبا بإذن الله، والله مع الصابرين، ولا أريد أن أحدثكم طويلا عن جيشكم الفلسطيني، فموعدكم بعد غد في لقاء معه وستشاهدون أبناءكم في الميدان، مرفوعي الرأس، موفوري الكرامة، كلهم همة وعزم، مصممين على خوض معركة الشرف والكرامة، لاسترداد الحمى السليب.
وختاما أيها الإخوة والأخوات، أسأل الله سبحانه أن يسدد خطانا ويوفق أعمالنا ويهدينا جميعا إلى سواء السبيل وإلى طريق الخير والحق والجهاد.
وعاشت فلسطين عربية حرة
والله أكبر وإننا لعائدون
المرجع:
الوثائق الفلسطينية العربيه لعام 1966، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت.ص 207، 208.
القرارات السياسية الصادرة عن الدورة
1- حرية العمل الفلسطيني:
لما كان هدف منظمة التحرير الفلسطينية، تحرير فلسطين واستعادة أرضيها، ولما كان الهدف هذا لا يتحقق إلا بالاشتباك المسلح مع إسرائيل، ولذلك فلا بد من التأكيد على ما يلي:
أ- إن من أول واجبات العمل الفلسطيني أن يستكمل العدة للاشتباك المسلح، وأن يطمئن إلى حركته، وأمان ظهره في مرحلة الاستعداد والاشتباك.
ب- العمل الفلسطيني لن يتصدى لأي وضع داخلي في أي بلد عربي، لأنه متجه بكليته إلى المعركة مع العدو وعازف عن أي معركة جانبية، وعلى ذلك فإنه لن يتصدى إلا لمن يتصدى لحرية حركته.
ت- إن العمل الفلسطيني يعتبر أن القصد من أعمال الاعتقال والإبعاد والتعسف ضد العديد من العناصر الوطنية الفلسطينية في بعض ساحات التجمع الفلسطيني، إنما هو محاولة لمثل هذا التصدي، ويحذر من العواقب الوخيمة التي ستترتب حتمًا على الاستمرار في مثل هذه المحاولة، ولذلك، فإن المجلس الوطني يقرر:
1- أن حرية العمل الفلسطيني ضرورة لا بد منها لخوض معركة التحرير.
2- المطالبة بالإفراج فورًا عن المعتقلين الوطنيين، ووقف أعمال الإبعاد، والتعسف ضد الفلسطينيين في كل مكان.
3- الطلب إلى الدول العربية بإصرار وصلابة منح الفلسطينيين حريتهم في شؤون العمل والسفر، والإقامة.
4- إن جميع المطالب التي تقدم بها رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى حكومة الأردن بشأن العمل الفلسطيني هي الحد الأدنى اللازم لحرية العمل الفلسطيني.
2- وحدة العمل الثوري:
لما كان النضال من أجل استعادة فلسطين يتطلب توحيد جميع القوى الوطنية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وعلى أساس مخطط ثوري للعمل، ولما كانت القوى الثورية الفلسطينية قد أقرت مبدأ توحيد عملها تمهيدًا لتوحيد تنظيمها كله، وأقرت المبادئ التي يقوم عليها هذا التوحيد والصيغة التنظيمية التي تتجسد بها؛ لذلك:
أ- يؤيد المجلس الوطني هذه الخطوة التي بادرت قيادة منظمة التنظيم [كذا في الأصل] إلى اتخاذها، والتي تعتبر -ولا شك- نقطة تحول هامة في مسيرة النضال الفلسطيني، باعتبار أن توحيد القوى الثورية يشكل الدعامة الشعبية الراسخة لمنظمة التحرير الفلسطينية، ويدعو جميع الفئات والتنظيمات الثورية إلى الاشتراك الهادف للانصهار في هذا العمل الموحد.
ب- يفوض المجلس رئيس اللجنة التنفيذية بأن يقدم إلى هذا التنظيم جميع التسهيلات التي يتطلبها لوضع التنظيم أمام مسؤولياته الجسيمة في هذه الفترة الحاسمة من فترات نضالنا لاسترداد الوطن السليب.
ت- يطلب المجلس انبثاق القيادة الجماعية الثورية عن هذا العمل الثوري الموحد، انسجامًا مع طبيعة المرحلة الجديدة التي وصلت إليها قضية فلسطين.
ث- إلى أن يتم انصهار القوى الثورية انصهارًا تامًا يطلب المجلس من رئيس اللجنة التنفيذية أن يتعاون مع هذه القوى حتى يتحقق هذا الهدف.
3- العمل العربي الموحد:
لما كان العمل العربي الموحد المنبثق عن مؤتمرات القمة مسلكًا من مسالك العمل العربي الموحد على طريق تحرير فلسطين، ولما كانت الدول العربية قد التزمت عن طريق هذه المؤتمرات بخطة العمل الموحد، ولما كانت بعض الدول العربية قد خرجت أو انحرفت عن هذه الخطة أو تقاعست في تنفيذها، وبالرغم من إيماننا القاطع بأن السبيل لتحرير فلسطين هو العمل الثوري النابع من القوة الذاتية العربية؛ فإن المجلس الوطني يطالب الدول العربية بأن تلتزم بما قررته مؤتمرات القمة كحد أدنى للعمل العربي الموحد، ويناشد الشعب العربي في كل مكان أن يكون العين الساهرة التي تقوّم كل انحراف، وتعدل كل اعوجاج، وأن يضغط على الحكومات العربية لتنفيذ قرارات القمة نصًا وروحًا، ويؤكد المجلس الوطني أن منظمة التحرير باقية مهما كان مصير مؤتمرات القمة ومنطقها.
4- الخلافات العربية:
بما أن قضية فلسطين ليست قضية الشعب العربي الفلسطيني وحده، وأن مستقبلها مرتبط بمستقبل الثورة العربية، ولأنها قضية الأمة العربية كلها، ولما كانت التناقضات والخلافات العربية تؤثر على مستقبلها، فإن منظمة التحرير الفلسطينية لا تستطيع أن تعزل نفسها عن هذه الخلافات والتناقضات، إذ يتحتم عليها أن تقف الموقف الذي يمليه تحرير فلسطين.
5- الإعداد للمعركة:
لما كانت قضية فلسطين جزءًا لا يتجزأ من قضية الحرية العربية والوحدة العربية، ولما كانت قضية فلسطين هي في الواقع قضية دفاع كل بلد عربي عن نفسه، وقضية الدفاع عن المصير والوجود العربيين بمقدار ما هي قضية استرداد وطن مغتصب وحقوق سليبة.
ولما كان من أول واجبات الشعب الفلسطيني، بلورة هذه الحقائق وإبرازها للأمة العربية؛ يؤكد المجلس الوطني باسم شعب فلسطين:
أ- إن المعركة يجب أن تخاض حتمًا على اعتبار أنها المعركة الحاسمة في تقرير المصير العربي كله.
ب- إن الوقت حان للانتقال من مرحلة الاستعداد إلى مرحلة التهيئة الفعلية النهائية ضمن الإستراتيجية العربية الثورية.
ت- إن واجب إشعال المعركة يقع على القوى الثورية العربية التي يتوجب عليها أن ترفع راية المعركة وتتكتل فورًا حولها، وتستقطب جماهير الأمة العربية كلها لهذا الكفاح التاريخي.
ث- إن الإحجام عن خوض المعركة مرادف لخسارتها، وقبول بالتجزئة بديلًا عن الوحدة العربية، والخطر الدائم بديلًا عن الأمان، وتعريض للأمة العربية لخسارة المزيد من أراضيها، وتخل عن الأهداف الثورية العربية.
6- البترول:
لما كان البترول قد لعب دورًا سلبيًا كبيرًا في ضياع فلسطين في عام 1948م بسبب تقاعس الدول العربية المنتجة له عن استخدامه كسلاح من أسلحة المعركة ضد الصهيونية والاستعمار، ولما كانت الدول الاستعمارية التي خلقت إسرائيل في قلب وطننا العربي تعتمد على البترول العربي في وجودها وفي مقوماتها وطاقاتها؛ يقرر المجلس الوطني ضرورة استخدام البترول العربي سلاحًا أساسيًا من أسلحة المعركة لاسترداد الوطن السليب في جميع مراحلها.
ويطلب إلى الدول العربية المنتجة له ألّا تتردد في أداء هذا الواجب القومي الضخم، مدفوعة إلى ذلك بشعور الواجب بالتضحية من أجل الدفاع عن الوجود العربي كله.
ويناشد الشعب العربي -وهو عماد معركة تحرير فلسطين- أن لا يتوانى عن أداء دوره الفعال في تحقيق هذا الهدف، وجعل البترول وسائر الموارد الاقتصادية سلاحًا أساسيًا من أسلحة المعركة.
7- السلاح الذري والمعركة الاستباقية:
يحذر المجلس الوطني الفلسطيني بصورة خاصة وقاطعة من الجهود التي تبذلها إسرائيل والهادفة لإنتاج السلاح الذري، وينبه إلى خطر الاستكانة إلى أية تصريحات قد تصدر عن العدو معلنة عدوله عن إنتاج مثل هذه الأسلحة.
ويؤكد المجلس بأن هذه التصريحات إذا نظر إليها من زاوية ما ألفناه من العدو من التقدم تحت ستار الخداع والتضليل هي في حد ذاتها القوى على مضيه في طريق صنع هذه الأسلحة. وينبه المجلسًا أيضًا إلى أن هدف العدو من السلاح الذري هو تثبيت ما هدف إليه الاستعمار دائمًا من تجزئة للوطن العربي، والتطلع إلى تجميد القوة العربية الرادعة التي تحمي الوطن العربي كله، والسعي عن طريق التهديد الذري إلى الحصول على أكبر قدر من التوسعات الأقليمية في البلاد العربية الأخرى.
ولذا يعتبر المجلس منع إسرائيل من امتلاك سلاح ذري هدفًا ملحًا وعاجلاً، ويعلن أن من الضروري على الدول العربية خوض المعركة الاستباقية مع إسرائيل لمنعها من الحصول على السلاح الذري، مع التأكيد أن هدف هذه الحرب تحرير أرض فلسطين كلها من العدو، وإعادتها إلى السيادة العربية.
ويقرر المجلس توجيه أصدق عبارات الشكر والامتنان، مشفوعة بالإعجاب والتقدير إلى الرئيس جمال عبد الناصر، للموقف الثوري الذي أعلنه بهذا الصدد، دفاعًا عن سلامة الوطن العربي، وصونًا لقضية فلسطين.
8- جيش التحرير الفلسطيني:
أ. لما كانت الإنجازات التي حققها جيش التحرير الفلسطيني في المدة القصيرة التي مرت على تشكيله تدعو إلى الاعتزاز والإكبار، فإن المجلس الوطني يتوجه إلى قيادة هذا الجيش وضباطه وجنوده بتحية الإعجاب والتقدير، ويوصي بأن تعمل قيادة المنظمة على تأمين الموارد المالية اللازمة لتمكينه من تحقيق إرادة الشعب الفلسطيني في خوض معركة التحرير.
ب. لما كان الفضل الكبير في قيام جيش التحرير، وبلوغه هذا المستوى من التسليح والتدريب والإعداد، يعود إلى الجمهورية العربية المتحدة، والجمهورية العربية السورية، والجمهورية العراقية، والجمهورية الجزائرية؛ يقرر المجلس شكر هذه الدول التي مكّنت جيشنا من البروز كقوة فعالة متهيئة لأداء دور الطليعة في معركة التحرير.
ويناشد المجلس الدول العربية الأخرى أن تبادر إلى تمكين جيش التحرير الفلسطيني من إنشاء وحدات له فيها، تكون قوة ثورية قادرة على العمل لاسترداد الوطن السليب، ضمن الخطة الثورية العربية.
9- الأحلاف:
لما كان الوطن العربي يتعرض اليوم لمؤامرات استعمارية خطيرة هي جزء من المخططات الاستعمارية على الصعيد العالمي، لمحاربة قضية الحرية في كل مكان، عن طريق الأحلاف الاستعمارية المشبوهة التي تستهدف ضرب الدول المتحررة، ووقف تيار التحرر العالمي،
ولما كان الحديث قد كثر في الآونة الأخيرة على ما يسمى بحلف أو مؤتمر إسلامي، وبرزت النوايا المشبوهة لجر الوطن العربي إلى هذه الأحلاف التي تسير في سياسة الدول الاستعمارية، التي كانت السبب الرئيس في ضياع فلسطين عن طريق تبنيها للمشاريع الصهيونية؛ يقرر المجلس الوطني- وهو يتطلع إلى تأييد الشعوب الإسلامية لكفاح شعب فلسطين لتحرير وطنه - شجب الأحلاف مهما كان شكلها أو تسميتها، ويستنكر كل المحاولات لجر الدول العربية إليها، ويطالب الدول العربية بالامتناع عن السير في ركاب مخططات الدول الاستعمارية التي كانت السبب الرئيس في مشكلة فلسطين، ويهيب بالشعب العربي أن يكون يقظًا ومتأهبًا لإحباط أية مؤامرة استعمارية من هذا الطراز.
10- مؤامرات الاستعمار في الوطن العربي:
أ- لما كان تثبيت الثورة العربية اليمنية يمثل دعمًا أساسيًا لقضية الحرية في الجزيرة العربية، ويعزز الكفاح من أجل الاستقلال في الأقطار العربية الرازحة تحت نير الاستعمار وبخاصة في الجنوب المحتل والخليج العربي.
ب- ولما كان الاستعمار قد عمل على سلخ بعض أجزاء الوطن العربي، ويعمل على تعزيز المحاولات الانفصالية في بعض أجزاء الوطن الأخرى.
ولما كان الشعب العربي الفلسطيني يؤمن بوحدة النضال العربي ووحدة الوطن العربي، لذا يقرر المجلس الوطني الفلسطيني:
1- دعوة الدول العربية إلى العمل فورًا على وقف المؤامرات الاستعمارية التي تتعرض لها الجمهورية العربية اليمنية، ويطالب الشعب العربي بتأييد الثورة اليمنية وإحباط كل المحاولات لإضعافها والقضاء عليها.
2- تأييد نضال الجنوب المحتل من أجل حريته، وتأييد شعب عمان في كفاحه من أجل التحرر من الاستعمار وأعوانه، وشجب محاولات التسلل الإيراني إلى منطقة الخليج لتصفية المحاولات الانفصالية في بعض البلاد العربية كالعراق، وجنوب السودان، واعتبار منطقة عربستان ولواء الإسكندرونة أجزاء مغتصبة من الوطن العربي يجب إعادتها إلى حظيرته.
3- دعم جميع الجهود لتصفية المحاولات الانفصالية في بعض البلاد العربية كالعراق وجنوب السودان، واعتبار منطقة عربستان ولواء الإسكندرونة أجزاء مغتصبة من الوطن العربي يجب إعادتها إلى حظيرته.
4- شجب وجود القواعد الاستعمارية في المنطقة العربية بصورها المختلفة؛ لتهديدها سلامة الوطن العربي كله، واستنكار أية محاولة لنقل قاعدة عدن العدوانية إلى إمارة البحرين في الخليج العربي.
11- تسليح أمريكا لإسرائيل:
لما كانت المؤامرات الاستعمارية المسؤولة عن خلق إسرائيل في قلب وطننا العربي مستمرة، وتكاد لا تنقطع عن دعم إسرائيل وتقويتها وحمايتها.
وحيث إن الاستعمار الأمرأمريكي هو العدو الأول لجميع حركات التحرير بما فيها تحرير فلسطين، ولما كانت جميع الدلائل قد أكدت وجود صفقة جديدة للسلاح بين الولايات المتحدة الأمرأمريكية وإسرائيل تم فيها تزويد إسرائيل بمئات الطائرات النفاثة الحديثة وأحدث الأسلحة والمعدات، ولما كانت هذه الصفقة حلقة في سلسلة ما قامت به أمريكا لخلق إسرائيل ودعمها وحمايتها من إجراءات حملت طابع التحدي والعداء السافر لشعب فلسطين والأمة العربية كلها؛
يستنكر المجلس الوطني أشد الاستنكار صفقة الأسلحة الجديدة التي عقدتها الولايات المتحدة الأمرأمريكية مع إسرائيل، ويطلب إلى الشعب العربي في كل مكان أن يحدد موقفه نهائيًا من هذا العداء السافر الذي يصدر عن أمريكا تجاه شعب فلسطين، وألّا يقتصر هذا التحديد على مجرد الأماني.
ويطلب إلى الدول العربية أن تبادر فورًا إلى اتخاذ الإجراءات الرادعة ضد الولايات المتحدة، على ضوء القرار الذي سبق أن صدر عن مؤتمر القمة العربي الثاني، وذلك بتحديد مواقف الدول العربية كلها من الدول الأجنبية في ضوء مواقف الأخيرة من قضية فلسطين.
12- الصين الشعبية:
أ- لما كانت حكومة الصين الشعبية قدمت مشكورة جميع المساعدات الصادقة لتمكين الشعب الفلسطيني من الكفاح ضد الاستعمار وقاعدته إسرائيل، فإن المجلس الوطني يحيي شعب الصين الشعبية، ويعرب عن تقديره لسياسة حكومتها القائمة على مبدأ الاعتماد على النفس، وعن تأييده لنضاله ضد الاستعمار الأمرأمريكي وتحرير تايوان من عصابة تشان كاي شيك.
ب- لما كانت الحكومات العربية قد قررت مبدأ تحديد مواقفها من الدول الأجنبية وفقًا لمواقف تلك الدول من القضية الفلسطينية، لذلك يطالب المؤتمر الحكومات العربية التي لم تعترف بعد بحكومة الصين الشعبية الاعتراف بها تقديرًا لمواقفها من قضية فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية.
13- كوريا الشعبية الديمقراطية:
يحيي المجلس الوطني شعب كوريا الشعبية الديمقراطية، ويعرب عن تأييده لنضال الشعب الكوري للتخلص من عصابة الحكم الحالي في سيؤول العميلة للاستعمار الأمرأمريكي، ويناشد الدول العربية التي لم تعترف بحكومة كوريا الشعبية الديمقراطية الاعتراف بها؛ تقديرًا لمواقفها من قضية فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية.
14- الاتحاد السوفييتي ودول المعسكر الاشتراكي:
أ- يحيي المجلس الوطني سياسة الاتحاد السوفييتي، ودول المعسكر الاشتراكي، في منع الهجرة اليهودية إلى فلسطين ويشكرها على ذلك.
ب- يندد المجلس الوطني بالحملة السياسية والدعائية التي تقوم بها الصهيونية العالمية ضد الاتحاد السوفييتي وسياسته تجاه اليهود المقيمين فيها، ويعتبرها إحدى وسائل الاستعمار للنيل من المعسكر الاشتراكي.
ت- يعتبر المجلس الوطني اللقاء الأخير الذي تم بين رئيس وزراء الاتحاد السوفياتي ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير استهلالًا لجهود أخرى في هذا السبيل، تضمن تحقيق مزيد من التعاون المشترك في سبيل تحرير فلسطين.
15- ألمانيا:
يندد المجلس الوطني بسياسة الحكومة الألمانية الغربية، ويطالب الدول العربية بمقاطعتها اقتصاديًا لاستمرارها في دعم العدوان الإسرائيلي بالمال والسلاح، ويناشد المجلس الدول العربية التي لم تعترف بحكومة ألمانيا الشرقية، كما يؤكد تأييده لحق الشعب الألماني في وحدة بلاده.
16- دول عدم الانحياز:
لما كانت دول عدم الانحياز قد أعربت في مؤتمراتها الأخيرة عن تأييدها لكفاح الشعب الفلسطيني من أجل تحرير وطنه، يقرر المجلس شكر الدول التي ساندت قضيتنا على مواقفها الصادقة من تأييد القضية، وتصفية إسرائيل ككيان استعماري، ويطالب الدول المتبقية منها أن تحذو حذو الدول الأخرى، ويطلب إلى قيادة منظمة التحرير مواصلة الجهود التي تبذلها مع هذه الدول.
17- حركات التحرر:
أ- يحيي المجلس الوطني الكفاح البطل الذي تقوم به جبهة تحرير جنوب فيتنام، ويعلن استنكاره للقصف الأمرأمريكي لجمهورية فيتنام الديمقراطية.
ب. يؤيد المجلس الوطني الكفاح العادل الذي تقوم به حركات التحرير في كل من أنجولا، وموزمبيق، وغيانا المسماة "بالبرتغالية"، والكونغو "ليوبولدفيل"، وزمبابوي "روديسيا الجنوبية" وجنوب إفريقيا.
18- مقررات مؤتمرات القارات الثلاث:
يعرب المجلس عن تأييده التام لقرارات مؤتمر القارات الثلاث المنعقد في هافانا في مطلع العام الحالي، ويؤكد تقديره لتأييد شعوب اثنتين وثمانين دولة اشتركت في هذا المؤتمر لقضية فلسطين وتحريرها من الاستعمار والصهيونية، ويحيي المجلس كفاح الشعب الكوبي ضد المؤامرات الاستعمارية.
19- مكاتب المنظمة:
رغبة في تمكين مكاتب المنظمة من القيام بمهمتها على أفضل وجه ممكن، يوصي المجلس الوطني:
أ- بالقيام بدراسة وافية لأوضاع هذه المكاتب، ووضع مخطط علمي مدروس يتناول تحديد مواقعها، والكفايات اللازمة لكل موقع من هذه المواقع في ضوء مختلف الاعتبارات.
ب- الإفادة من جهود الجاليات الفلسطينية خاصة والعربية عامة.
ت- الاعتماد على الاتحاد العام لطلاب فلسطين وسائر الاتحادات والروابط الطلابية العربية، وتشجيع الندوات الطلابية لخدمة القضية الفلسطينية.
ث- إقامة الصلات مع الشخصيات المناصرة للقضية الفلسطينية، من رجال السياسة والفكر والأدب والصحافة في مختلف بلاد العالم، ودعم الجهود المبذولة لإنشاء لجنة فلسطين الدولية.
ج- التركيز على الأحزاب والهيئات التقدمية في البلاد العربية، وتوضيح قضية فلسطين لقواعدها.
ح- مواصلة المساعي لمنح مكاتب المنظمة الحصانات والإعفاءات اللازمة لها.
خ- الاهتمام بوفود المغتربين الذين يفدون إلى الأقطار العربية، ودعوتهم إلى القيام بواجبهم في خدمة قضية فلسطين في مهاجرهم.
القرارات العسكرية:
1- يعلن المجلس الوطني الفلسطيني ثقته الكاملة بقيادة جيش التحرير الفلسطيني، ويطالبها بمواصلة الجهد لوضع قواتنا المسلحة أمام مسؤوليات القتال في أسرع وقت ممكن.
2- يناشد المجلس الوطني الفلسطيني الدول العربية المعنية الوفاء بالتزاماتها المالية قِبَل قيادة جيش التحرير الفلسطيني، حتى تتمكن هذه القيادة من تنفيذ خطتها.
3- يقرر المجلس الوطني أنه لا يجوز أن تكون مخصصات جيش التحرير الفلسطيني جزءًا من موفورات القيادة العربية الموحدة، وأن تعود هذه المخصصات إلى وضعها الأصيل، بحيث تكون التزامًا على الدول العربية نحو جيش التحرير الفلسطيني.
4- يقرر المجلس الوطني التزام اللجنة التنفيذية للمنظمة بمبلغ المليون جنيه المقررة لها من جامعة الدول العربية في الصرف على أمورها الإدارية، وتحويل جميع إيرادات الصندوق القومي الفلسطيني لحساب جيش التحرير الفلسطيني، وفي حالة عدم وفاء بعض الدول العربية بالتزاماتها في المليون جنيه يغطي العجز من إيرادات الصندوق القومي في حدود 10% من الإيرادات السنوية.
5- يوصي المجلس الوطني بأن تحال طلبات إشغال الوظائف إلى قيادة جيش التحرير لإبداء الرأي، ويرفع هذا الرأي إلى اللجنة التنفيذية؛ لتتخذ القرار الذي تراه مناسبًا.
6- يناشد المجلس الوطني الفلسطيني الحكومة الأردنية تطبيق قانون التجنيد الإجباري، والتدريب الشعبي، والسماح بإنشاء وحدات لجيش التحرير الفلسطيني، والإسراع في تسليح وتدريب وتحصين القرى والخطوط الأمامية.
7- يناشد المجلس الوطني الفلسطيني الحكومة اللبنانية بإفساح المجال لمنظمة التحرير الفلسطينية لتعبئة أبناء فلسطين المقيمين في لبنان تعبئة عسكرية كاملة.
8- يطالب المجلس بمضاعفة الاهتمام بقوات الفدائيين، وزيادة أعدادها بالشكل الذي يتيح لها العمل السريع بما يتفق مع أبعاد المعركة واحتمالاتها والاستفادة بخبرات المجاهدين.
9- يطالب المجلس بالاهتمام الجدي بدور المرأة الفلسطينية في معركة التحرير، مثل: المقاومة الشعبية، والخدمات الطبية، والإسعاف الميداني، وكل ما يتعلق بأعمال الميدان.
10- يقرر المجلس الوطني الفلسطيني وضع الدائرة العسكرية تحت إشراف قيادة جيش التحرير الفلسطيني.
11- يقرر المجلس الوطني الفلسطيني توجيه الشكر والتقدير لجميع الدول العربية التي سهلت وساعدت على إنشاء وحدات جيش التحرير الفلسطيني.
12- يقرر المجلس الوطني الفلسطيني توجيه الشكر والتقدير لقيادة جيش التحرير الفلسطيني نظرًا للجهد الكبير الذي بذلته في سبيل الوصول بقواتنا المسلحة إلى أرفع مستويات التنظيم والتسليح والتدريب.
قرارات في التنظيم الشعبي:
أولًا: قرار المجلس الإسراع في استكمال التشكيلات المختلفة للتنظيم الشعبي في المناطق التي أمكن فيها تنفيذ قانون التنظيم الشعبي؛ تمكينًاًا لها من ممارسة نشاطاتها المختلفة.
ثانيًا: أقرّ المجلس مشروع خطة العمل في التنظيم الشعبي، وأوصى المجلس اللجنة التنفيذية بالعمل على تنفيذ هذه الخطة في جميع مناطق التجمع الفلسطينية.
ثالثًا: قرر المجلس بأنه عندما تتكامل التشكيلات الشعبية في القطر، تكون السلطة في القضايا المحلية للتنظيم الشعبي في القطر من اختصاص مكتب القطر وفقًا لمبادئ قانون التنظيم الشعبي والتوجيهات العامة التي تصدر في قيادة المنطقة.
رابعًا: يوصي المجلس دائرة التنظيم الشعبي بالقيام بمزيد من الدراسة، لموضوع علاقات الاتحادات بأنواعها مع منظمة التحرير والتشكيلات الشعبية التابعة لها.
خامسًا:
أ- يقرر المجلس بأن يكون تمثيل المرأة الفلسطينية في المؤتمرات العربية والدولية عن طريق الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية.
ب- يقرر المجلس بأن يكون المؤتمر العام للتنظيم الشعبي من أعضاء المكاتب القطرية المنتخبين في المراكز التي أتيحت فيها فرصة إجراء الانتخابات للتشكيلات الشعبية، من أعضاء المكاتب القطرية المختارين من قيادة المنظمة بالتناوب مع أعضاء المجلس الوطني وقواعد المنظمة المختلفة في المراكز التي تعذر إجراء الانتخابات فيها، على أن يحل الأعضاء المنتخبون محل الأعضاء الذين تم اختيارهم في حالة إجراء انتخابات تشكيلات التنظيم الشعبي.
قرارات في الإعلام والتوجيه القومي:
1- نظرًا للدور الحيوي الذي تؤديه إذاعة صوت فلسطين في نشر وتعميق أهداف المنظمة وأفكارها وشعاراتها، وإيصالها إلى الشعب الفلسطيني خاصة، والجماهير العربية عامة، يقرر المجلس ضرورة دعم إذاعة صوت فلسطين ماديًا ومعنويًّا، وتسهيل مهمتها الإخبارية بتزويدها بجهاز (تيكر)، وتمكينها من تخصيص بعض الوقت لبث برامج باللغة العبرية توجه إلى اليهود في الأرض المحتلة لكشف التناقضات التي تحفل بها الدعايات المستغلة لتعبئتهم في الدولة الغاصبة.
2- مساندة جريدة أخبار فلسطين لترتفع -من حيث المضمون والإخراج- إلى المستوى الذي يؤهلها للنطق باسم منظمة التحرير الفلسطينية، على أن يشمل توزيعها كافة مراكز التجمعات الفلسطينية والعربية.
3- تكليف نفر من الأساتذة المختصين في مواد الجغرافيا والتاريخ والتربية بوضع مقررات مدرسية وفقًا للمناهج التي أقرتها لجنة المناهج المدرسية، وحث حكومات البلاد العربية المضيفة للفلسطينيين باعتماد هذه الكتب لتدريسها في مختلف المراحل الدراسية.
4- دعم قسم الثقافة الفنية بالإمكانيات اللازمة التي تمكنه من تنفيذ مشروعاته، كإقامة المعأرض في الخارج، وإنجاز مشروع طباعة اللوحات التاريخية، ومشروع كتب الأطفال المصورة، ومساندته فيما ينوي الشروع به من نشاطات في مجال الفنون الشعبية.
5- دعم قسم النشر والإنتاج السينمائي، بحيث يتمكن من إنتاج أكبر عدد ممكن من الأفلام الوثائقية والتسجيلية، ودراسة المجالات التي تمكن من عرض هذه الأفلام على أكبر عدد ممكن من المشاهدين داخل البلاد العربية وخارجها، ضمن إمكانيات المنظمة المالية.
6- نظرًا لما يتمتع به مركز الأبحاث من إمكانيات مالية وإدارية، يقرر المجلس ضرورة حث المركز على بذل الجهد بما يتكافأ مع الإمكانيات المذكورة.
7- العمل على إنشاء مجلة أسبوعية تبلور الخط الفكري للمنظمة، وتعالج القضية الفلسطينية في مختلف نواحيها، لتعميمها في وجدان الجماهير العربية.
8- لما كانت البلاد الأفرو آسيوية، تعتبر الآن مسرحًا إعلاميًا للحركة الصهيونية، مما يقتضي مواجهة عربية شاملة؛ يقرر المجلس أن يعرض على مؤتمر رؤساء الحكومات العربية المقبل التوصيات التالية:
أ- قبول المزيد من الطلاب الآسيويين والإفريقيين في المعاهد والكليات العربية.
ب- مناشدة الدول العربية الإسراع في تنفيذ توصياتها المتعلقة باستثمار رؤوس الأموال العربية في كل من إفريقيا وآسيا.
ت- ضرورة السعي الحثيث لتنفيذ التوصيات المتعلقة بفتح مكاتب الجامعة العربية في إفريقيا.
9- تكليف اللجنة التنفيذية بإعداد دراسة وافية لمشروع إنشاء معهد أو فصول ملحقة بمعاهد كفيلة بتأهيل بعض الشباب الفلسطيني والخبراء الفنيين، للعمل وللتدريس في البلاد الأفرو آسيوية، والاتصال بهذا الصدد بالدول العربية وجامعتها واتحاد المعلمين العرب؛ سعيًا وراء مساهمتهم في تنفيذ هذا المشروع، ودعم معهد الدراسات الفلسطينية في بيروت.
10- كما يؤكد المجلس قراراته التالية المتخذة في دورة انعقاده الثاني:
أ- مطالبة الدول العربية الشقيقة بأن تلحِق في سفاراتها وبعثاتها ملحقًا صحفيًا فلسطينيًا، وذلك في الأماكن التي يتعذر على المنطقة أن تؤسس مكاتب لها، والعمل على إشراك المرأة الفلسطينية والعربية في المؤتمرات الدولية.
ب- المثابرة على استضافة قادة الفكر الأجنبي إلى الوطن العربي وفلسطين خاصة، على أن يهيأ لهم الجو المناسب للتفاعل الفكري مع قادة الرأي الفلسطيني.
ت- ضرورة إقامة تعاون إعلامي بين منظمة التحرير والبلدان التي تحارب الاستعمار.
ث- تأهيل الأدلاء السياحيين في البلاد العربية، بما يمكنهم من شرح القضية الفلسطينية بطريقة صحيحة، وتزويد مكاتب السياحة بالمعلومات والنشرات اللازمة.
ج- ضرورة تعيين ملحقين عماليين في مكاتب المنظمة في بعض البلدان الخارجية وخاصة في الأماكن التي توجد فيها منظمات عمالية عالمية.
ح- المثابرة على كشف ومكافحة الجمعيات ذوات الميول الصهيوني المستترة تحت أسماء إنسانية براقة.
خ- الإسراع في تعيين مسؤولين إعلاميين في مكاتب المنظمة، حيث تدعو الحاجة.
د- التوسع في إنشاء المكتبات العامة التي تحوي مراجع تختص بالقضية الفلسطينية تنتشر في أمكنة تجمع الفلسطينيين.
11- يقرر المجلس تأييد توجيه مؤتمر وزراء الإعلام العرب بشأن مكافحة الإذاعات التلفزيونية الإسرائيلية.
12- يطالب المجلس اللجنة التنفيذية بالاتصال بالدول العربية ووزارات التربية والتعليم فيها، لمنع الكتب المدرسية التي توحي باعتبار إسرائيل دولة قائمة.
13- يطلب المجلس من اللجنة التنفيذية عند تنفيذ هذه القرارات التقيد بالقرار الذي ينص على ألّا تتعدى النفقات الإدارية والإعلام وغيرها المليون دينار.
القرارات المالية:
أولًا: المصادقة على الحسابات الختامية عن المدة الواقعة ما بين 1-4-1965 ولغاية 31-3-1966 - والتي تم تدقيقها من قبل فاحصي الحسابات المعتمدين السادة خضر ورمضان وشركائهم.
ثانيًا: المصادقة على مشروع الميزانية المنظمة لعام 66/1967، على أن تقوم اللجنة التنفيذية ومجلس إدارة الصندوق القومي الفلسطيني بضغط النفقات في حدود المليون دولار.
ثالثًا: لما كان طريقنا لتحرير فلسطين هو الكفاح المسلح، ولما كان شعبنا يعقد أمله ورجاءه على جيش التحرير الفلسطيني الذي أتيح للمجلس الوطني في دورته الحالية أن يرى ما بلغه هذا الجيش من كفاءة وحسن تدريب، وحرصًا على أن تصرف الأموال التي يقدمها الشعب العربي الفلسطيني على تقوية وتدعيم جيش التحرير الفلسطيني؛ فقد قرر المجلس بأن تخصص ضريبة التحرير والتبرعات -مهما كان مصدرها- والوفورات المتحققة لدى الصندوق القومي الفلسطيني، ولا يجوز أن ينفق منها لغير هذا الغرض إلا للتغلب على الأزمات المالية الطارئة وفي حدود 10%.
رابعًا: تخصيص مبلغ 75000 دينار أردني من الاحتياطي العام المرصود في ميزانية عام 66/1967م، وإضافته إلى مخصصات الدائرة العسكرية لحساب قياديي جيش التحرير الفلسطيني لينفق منه على التدريب الشعبي. وبذلك يصبح إجمالي مخصصات الدائرة العسكرية 794220 دينارًا أردنيًا بدلًا من 719220 دينارًا أردنيًا.
خامسًا: يطالب المجلس أعضاء مجلس إدارة الصندوق القومي الفلسطيني بأن يضاعفوا جهودهم لتنمية موارد الصندوق بشتى الطرق والوسائل الممكنة لدعم جيش التحرير الفلسطيني.
سادسًا: يقرر المجلس الوطني مناشدة الدول العربية العمل على إصدار التشريعات اللازمة لفرض ضريبة التحرير على أبناء الشعب العربي الفلسطيني المقيمين لديها، وتقديم التسهيلات اللازمة لقيام أجهزة المنظمة بأعمال الجباية الشعبية، وتدعو الشعب الفلسطيني لدفع ضريبة التحرير على أي حال.
سابعًا: يقرر المجلس بأن تجربة اللجنة التنفيذية الاتصالات مع الدول العربية التي لم تسدد التزاماتها تجاه المنظمة والسعي المتواصل لتسديدها.
ثامنًا: نظرًا لعدم إقرار مشروع المؤسسة المالية العربية المقدم من اللجنة التنفيذية إلى مؤتمر القمة العربي الثاني المنعقد في الإسكندرية، وإبطال الإجراءات الخاصة بهذا المشروع، يقرر المجلس بأن يناشد الدول العربية ووزراء المال فيها إقرار مشروع المؤسسة المالية في أقرب وقت ممكن، وأن تقوم رئاسة اللجنة التنفيذية بإجراء اتصالات ثنائية مع كل من الدول العربية للحصول على موافقتها على هذا المشروع.
تاسعًا: يقرر المجلس الوطني مناشدة الدول العربية التي لم تنفذ قرار مؤتمر المواصلات السلكية واللاسلكية العربي السادس، والخاص بإعفاء المنظمة من أجور البريد والبرق والهاتف المبادرة إلى وضع هذا القرار موضع التنفيذ.
عاشرًا: يطالب المجلس اللجنة التنفيذية أن تعيد النظر في نسبة علاوة غلاء المعيشة وتخفيضها جذريًا، بحيث لا تتجاوز هذه العلاوة بأي حال من الأحوال نسبة العلاوة في الدول العربية.
أحد عشر: يقرر المجلس إلغاء علاوة غلاء المعيشة عن الموظف الذي تقدم له تسهيلات سكنية مجانية.
اثنا عشر: منعًاًا للإسراف، يقرر المجلس بأن تخضع كافة عقود الإنتاج الإذاعي لتصديق اللجنة التنفيذية قبل إبرامها.
ثلاث عشر: يقرر المجلس الحد من التعيينات، والحد من النفقات الإدارية العامة لغاية شهر أيلول/سبتمبر عن عام 1966م.
هذا وأقرّ المجلس التوصيات التالية المقدمة من السيد مدير عام الصندوق القومي الفلسطيني، والمصدق عليها من قبل مجلس إدارة الصندوق القومي واللجنة التنفيذية.
1- أن يجري كل تعيين مجدد في المنظمة على أساس الحد الأدنى للرواتب، وأن تكون مخصصات الرواتب في الميزانية قد رصدت على أساس الحد الأعلى.
2- أن يتم التعيين في حدود شواغر الملاكات المقررة في مشروع ميزانية عام 66/1967م، بحيث لا يستعمل أي وفر في مخصصات الرواتب لإضافة وظائف جديدة إلى هذه الملاكات.
3- ألّا تملأ الشواغر الملحوظة في ملاكات الدوائر والأجهزة والمكاتب الرئيسة والفرعية إلا في حدود احتياجاتها الحقيقية، وعلى أساس العدد المخصص لكل منها.
4- أن يخضع ترفيع الموظفين وزيادة رواتبهم لأحكام الأنظمة المعمول بها دون استثناء.
5- أن يعاد النظر في دائرة الانتخابات والشؤون العامة بعد إجراء الانتخابات على ضوء الحاجة عليها وتحديد اختصاصاتها.
6- ألّا ينفق من الاحتياطي العام إلا على النشاطات العسكرية، ولتمويل المشاريع المستحدثة غير الملحوظة في مشروع ميزانيات دوائر المنظمة.
7- ألّا تجري أية مناقلات بين أبواب الميزانية وفصولها، وأن تقتصر المناقلات في حالة الاضطرار إليها على بنود الفصل الواحد في الباب الواحد، وأن تتم هذه المناقلات في البنود بقرار من اللجنة التنفيذية.
8- ألّا يتم الصرف من أي بند من بنود الفصل الرابع (النفقات الخاصة)، وكذلك من البند 16 من الفصل الثاني (الوقود) إلا بقرارات تصدر عن اللجنة التنفيذية.
9- ألّا يجري الصرف من البند 6 من الفصل الأول (مكافآت وتعويض) إلا لمن يكلفون بمهمات محددة من غير موظفي دوائر منظمة التحرير الفلسطينية وأجهزتها ومكاتبها.
10- اعتبار محاسبي مكاتب المنظمة وأجهزتها ممثلين لدائرة الصندوق القومي الفلسطيني فيها، ومسؤولين عن كل نفقة خلافًا لبنود الميزانية والأنظمة والتعليمات المالية النافذة، وتخويلهم حق الامتناع عن صرف كل نفقة غير أصلية، وأن يقدم المحاسبون ملاحظاتهم أولًا بأول إلى اللجنة التنفيذية.
11- متابعة المساعي في سبيل الحصول على إعفاءات الجمارك والبرق والبريد.
12- يطلب المجلس من اللجنة التنفيذية أن يتم توزيع الميزانية العامة الختامية ومشروع الميزانية الجديدة على أعضاء المجلس الوطني قبل انعقاد دورته بأسبوعين على الأقل.
قرار خاص:
يقرر المجلس اعتبار فلسطين المحتلة دائرة انتخابية لها مقعد واحد، وانتخاب الأستاذ أحمد الشقيري رئيس منظمة التحرير الفلسطينية نائبًا عن هذه الدائرة، واعتباره عضوًا في المجلس الوطني المقبل الذي سيجري انتخابه.
القرارات القانونية:
أولًا: قرر المجلس تعديل المادة 22 من النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، بحيث تصبح كما يلي:
"تنشئ منظمة التحرير الفلسطينية جيشًا من أبناء فلسطين يعرف بجيش التحرير الفلسطيني، تكون له قيادة مستقلة، وواجبه القومي أن يكون الطليعة في خوض معركة تحرير فلسطيني".
ثانيًا: أقر المجلس اللائحة الداخلية للمجلس الوطني.
ثالثًا: يفوض المجلس اللجنة التنفيذية تأليف لجنة خاصة بشؤون الموظفين لدراسة أوضاعهم العامة والخاصة، على أن تقدم تقريرها إلى المجلس الوطني في دورته القادمة.
رابعًا: قرر المجلس تعديل المادتين 2، 3 من مقدمة النظام الأساسي للصندوق القومي الفلسطيني على النحو التالي:
المادة (2): يتألف مجلس إدارة الصندوق من أعضاء لا يقل عددهم عن خمسة عشر عضوًا ولا يزيد على عشرين، يُعيّنون بقرار من اللجنة لتنفيذية، على أن يكون رئيس المجلس عضوًا في اللجنة التنفيذية، فإذا تعذر عليه حضور أي جلسة من جلساتها، فله أن ينتدب أحد نائبيه لحضورها.
المادة (3): ينتخب مجلس إدارة من بين أعضائه نائبين للرئيس وأمينًا للسر.
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1966". بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1967، ص 223-233.
رسائل تأييد للمجلس الوطني الفلسطيني في دورته الثالثة
قطاع غزة 20، 24 أيار " مايو " ( منظمة التحرير الفلسطينية، الدورة الثالثة للمجلس الوطني الفلسطيني، غزة 20، 24 أيار " مايو " 66. منشورات رسمية )
1 - من الرئيس العراقي
رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية،السيد احمد الشقيري،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحييكم أطيب تحية وأتمنى لكم النجاح والتوفيق، وأنتم تبحثون في المؤتمر الفلسطيني الثالث شؤون قضية فلسطين التي هي قضية العرب وموضع اهتمام الجميع منا، إنني أؤكد لكم أنا نسند القضية الفلسطينية حكومة وشعبا بكل ما أوتينا من قوة.
وإنني لأرجو أن يكون رائد الجميع وحدة الصفوف والقوى، ونكران الذات، وهما عنصران مهمان في نجاح كل قضية. أسأل الله العلي القدير أن يوفقنا جميعا لما فيه خير أمتنا، إنه سميع مجيب.
كتب ببغداد، في يوم الثلاثاء الموافق اليوم السابع والعشرين من محرم الحرام لعــــام ١٣٨٦ هـ، والموافق اليوم السابع عشر من شهر أيار لعام ١٩٦٦.
اللواء عبد الرحمن محمد عارف
رئيس الجمهورية العراقية.
2 - من الرئيس الجزائري
السيد رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، إنه لشرف عظيم لي أن أتوجه إليكم باسم الشعب الجزائري ومجلس الثورة والحكومة بأحر تهانينا، وأصدق تمنياتنا لكم بالنجاح في مهمتكم المقدسة، من أجل قضيتنا الكبرى قضية تحرير الأرض السليبة من براثن الصهيونية والإمبريالية والاستعمار. إن اجتماعكم هذا يكتسب أهمية بالغة، لا بالنظر للمرحلة الخطيرة التي يجتازها الوطن العربي اليوم من مشرقه إلى مغربه أمام تحركات الإمبريالية وتحركات الاستعمار، بل إن هذه الأهمية تنطلق من الجوانب التي ستثار في هذه الملتقى والتي ستكون موضع نقاش ومداولة، وهي بدون شك جوانب لها تأثيرها الحاسم على مستقبل قضية العرب الأولى، وعلى تنفيذ مقررات مؤتمرات القمة العربية تنفيذًا يتناسب وخطورة المشكلة التي تنعقد من أجلها هذه المؤتمرات. لئن كان تنظيم الشعب الفلسطيني وإعداده إعدادًا كاملا لمعركة المصير وتحرير الأرض المغتصبة يشكل الهدف الرئيس لآمال مؤتمركم هذا، فإننا نعتقد اعتقادًا جازمًا بأن الجانب السياسي للمشكل، والعمل على إحيائه وطرحه على نطاق واسع أمام الرأي العام العالمي، يعتبر في حد ذاته عملًا فعالًا من شأنه إعادة الطابع الحقيقي للمشكل الفلسطيني الذي هو في الدرجة الأولى طابع سياسي، وإن الذين ما انفكوا يسعون إلى إبعاد المشكل الفلسطيني عن جوهره السياسي يرومون قلبه إلى مسألة تناحر عنصري بين الدول العربية وإسرائيل، لن يكتب المحاولتهم الرخيصة أي قسط من النجاح، مثلما لن يكتب لهم النجاح أمام زحف الشعوب التي تكافح ضد العنصرية والاستعمار والإمبريالية في كل من آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية.
إن الاستعمار الذي يعتمد أولا على الوجود الصهيوني في قلب الوطن العربي، لهو أشد حرصًا على مستقبل ربيبته إسرائيل واستعادة نفوذه البغيض على المنطقة، والوقوف في وجه تيار زحف القوى التحررية العربية. إننا ندرك جيدا أن الاستعمار والإمبريالية والصهيونية تمتلك طاقات مادية كبيرة، وتعتمد على إمكانيات ضخمة، ولكنا على يقين من أن القضايا العادلة لا تضل طريقها نحو النصر، إذ إن التجربة قد أثبتت أكثر من مرة أن الإمكانيات المادية مهما ضخمت لا تستطيع الوقوف في وجه نضال الشعوب المصممة على انتزاع حقها المشروع، وكما سجل العالم بالأمس معجزة انتصار الجزائر على استعمار ظل يستنزف قوى شعبنا المادية طوال قرن وربع قرن، سيسجل غدًا معجزة أخرى يحققها شعب فلسطين باسترداد وطنه، وطرد الغاصبين الدخلاء.
أتمنى لكم التوفيق
أخوكم
هواري بومدين
رئيس مجلس الثورة والحكومة الجزائرية
3 - من أمين الجامعة العربية
السيد الأستاذ رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني، غزة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد،
فإن من دواعي اغتباطي أن أبعث إليكم باسم جامعة الدول العربية واسمي، أصدق عبارات التحية بمناسبة انعقاد مجلسكم الوطني في دورته الثالثة، راجيًا الله أن يحقق لكم ما تنشدونه من إنجازات للمهام الجسام التي تضطلع بها المنظمة، وأن يسدد خطواتكم لتؤدوا واجبكم الطليعي في معركة التحرير المقدسة. إن الكوارث والمحن في الأمم الحية، تصهر نفوسها وتمدها بطاقات جديدة للنضال، وتملأ عزماتها استبسالًا وتفانيًا في خوض معاركها، ضد مغتصبي حقوقها والعادين عليها، وما أجدرنا نحن العرب عامة والفلسطينيين بصفة خاصة أن نواجه بهذا كله، صراعنا الراهن مع الصهيونية العالمية وإسرائيل، ومن يحالفها من القوى الاستعمارية القديمة والجديدة، ولا ريب أننا مؤدون واجبنا.
والله يوفقكم ويكتب النصر لقضيتكم المقدسة.
والسلام عليكم ورحمة الله
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام
الأمين العام
عبد الخالق حسونه
4، من كوريا الديمقراطية.
المؤتمر الثالث للمجلس الوطني الفلسطيني غزة،
أرفع حار تهاني وتحياتي إلى دورة الانعقاد الثالث للمجلس الوطني الفلسطيني، وإلى جميع المندوبين الذين يحضرونه، فإن شعب كوريا ليعبر عن تأييده الفعال للوحدة الثابتة من الشعب الفسطيني، في كفاحه المشروع ضد المناورات العدوانية من الاستعماريين الأمرأمريكان والإسرائيليين، ويعبر كذلك عن تأييده الفعال ووحدته الثابتة من أجل تحرير الوطن، وهو مقتنع بأن دورة الانعقاد الثالث للمجلس الوطني الفلسطيني ستسهم أعظم إسهام في كفاح الشعب الفسطيني ضد المستعمرين، ومن أجل تحرير الوطن واستقلاله، وأتمنى من قلبي النجاح للمجلس.
إلى اللقاء
تشاودن تايك
رئيس المجلس الأعلى لشعب كوريا
الشعبية الديمقراطية
5 - من ألمانيا الديمقراطية، من المجلس الوطني للجبهة الوطنية بألمانيا الديمقراطية.
إن المجلس الوطني للجبهة الوطنية في ألمانيا الديمقراطية يهدي أطيب تحياته إلى أعضاء المؤتمر الوطني الثالث لمنظمة التحرير الفلسطينية، وإن شعب جمهورية ألمانيا الديمقراطية يعتبر كفاح الشعب العربي الفلسطيني لاسترداد وحماية حقوقه الوطنية، جزءا لا يتجزأ من الكفاح المشترك الذي تخوضه الشعوب العربية ضد الاستعمار والاستعمار الجديد والصهيونية، وإن انعقاد مؤتمركم في الآونة الحاضرة له أهميـــــة خاصة، حيث يسعى الاستعمار بكل قوة وبمزيد من العدوان إلى ضرب الحركة التحررية الوطنية في العالم، وبخاصة في المنطقة العربية. ولهذا فإنه من الأمور الجوهرية تقوية وتدعيم القوى النضالية كرد فعل لذلك.
إن الدوائر الحالية الحاكمة في إسرائيل، كما كانت في الماضي تثبت دومًا أنها دعامة أساسية من دعائم الاستعمار في الشرقين الأدنى والأوسط، وهي على استعداد باعتبارها عونا للاستعمار لأن تلعب دورا فعالا لوقف وتجميد تقدم ودعم الاستقلال الوطني للدول العربية. وتحقيقا لهذا الغرض تقوم القوى الاستعمارية بتزويدها بكافة أنواع المعونات، وعلى الأخص الولايات المتحدة الأمرأمريكية وألمانيا الغربية، وليس من قبيل المصادفة أن يتم إبرام اتفاقية للتعاون الاقتصادي بين ألمانيا الغربية وإسرائيل، كذلك، وحصول إسرائيل على معونات اقتصادية وسياسية وعسكرية من ألمانيا الغربيــة في سنــــــوات عديــــدة باسم التعويضات، كما أنها حصلت على معونة مالية مقدارها مائة وستون مليون مارك.
إن هذه المعونات الجديدة للحكومة الإسرائيلية في هذه الآونة التي يسعى فيها الاستعمار لأن يعيد عجلة التاريخ إلى الخلف، لهي محل الاستنكار الشديد بكل ما في كلمة الاستنكار من معنى من قبل شعب جمهورية ألمانيا الشعبية باعتبارها عملًا يخدم خطط إسرائيل العدوانية، وتهديدًا للدول العربية والشعب العربي الفلسطيني. إن الاستعمار الألماني الغربي الذي يهتز تحت أقدام الشعب الألماني داخل بلده، يسير جنبا إلى جنب في العالم مع القوى التي تحاول الوقوف في وجه حركات التحرر الشعبية والالتقاء مع الاستعمار الجديد، كما يحدث في الكونغو وروديسيا الجنوبية وفيتنام الجنوبية وإسرائيل). وهذا ما يدعو شعب ألمانيا الديمقراطية أن يعتبر نفسه متضامنًا بكل قواه مع جميع الشعوب المناضلة من أجل استقلالها، والمحافظة على حقوقها الوطنية، وهذا أيضًا الذي يدعو شعب ألمانيا الديمقراطية أن يؤيد مطالب الشعب العربي الفلسطيني لاسترداد وحفظ حقوقه الوطنية، بما في ذلك حقه الطبيعي في تقرير المصير، وكفاحه ضد محاولات الاستعمار وحليفته الصهيونية لخلق التوتر في الشرق الأوسط، وإن شعب ألمانيا الديمقراطية ليستنكر بكل شدة كافة أشكال التعاون بين المستعمرين الألمان الغربيين وبين الدوائر الإسرائيلية العدوانية الحاكمة، ومحاولتهما المشتركة للحصول على الأسلحة الذرية، وهو ما يعتبر خطرًا عظيما يهدد شعوب الشرق الأوسط وأوروبا، وبالتالي يعتبر تهديدا للسلم العالمي على نطاق واسع. وإن المجلس الوطني للجبهة الوطنية في ألمانيا الديمقراطية يتمنى للمؤتمر الوطني الثالث المنظمة التحرير الفلسطينية نجاحًا كبيرًا في بحث الخطوات القادمة التي يرى أن يخطوها في طريق الكفاح الوطني. ليحيا التضامن العالمي في الكفاح ضد الاستعمار.
المجلس الوطني للجبهة الوطنية لألمانيا الديمقراطية.
نائب الرئيس
ويرنر كرتهوف.
6 - من الصين الشعبية
دور الانعقاد الثالث للمؤتمر الفلسطيني الوطني - غزة - فلسطين. بمناسبة انعقاد الدورة الثالثة للمؤتمر الوطني الفلسطيني، فإن اللجنة الصينية للتضامن الأفرو آسيوي لتحيى مؤتمركم بحرارة، وتحيى عن طريقكم الشعب الفلسطيني العربي البطل، وإن الشعب الصيني ليؤيد بكل تصميم كفاح الشعب الفلسطيني العربي العادل ضد الاستعمار الأمرأمريكي وأداته العدوانية إسرائيل، ومن أجل العودة إلى أرض الوطن واسترجاع حقوقكم المشروعة، كما يؤيد بكل تصميم كفاح الشعوب العربية العادل ضد الاستعمار، وعلى رأسه الولايات المتحدة، وضد الصهيونية، من أجل تأمين الفوز بالاستقلال الوطني، وإننا لمقتنعون تمامًا بأن جميع المحاولات الاستعمارية لضرب نضال الشعوب العربية عن طريق الاستعمار ومأجوريه وشركائه ستنتهي بالهزيمة التامة، وإن النصر النهائى هو بالتاكيد للشعب الفلسطيني العربي البطل والشعوب العربية الأخرى البطلة. نرجو للصداقة العميقة، وزمالة السلاح بين الشعب الصيني وبين الشعب الفلسطيني العربي وجميع الشعوب العربية القائمة على الكفاح ضد العدو المشترك، أن تنمو وتتعاظم مجتمعة، باستمرار. ونرجو لمؤتمركم النجاح.
اللجنة الصينية للتضامن الأفرو آسيوي.
7 - من فيتنام
مؤتمر المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية بغزة،
أرجو أن تتلقوا حار التهاني من شعب فيتنام. إننا نحتج بقوة ضد وجود دولة العصابات الصهيونية الاستعمارية على أرض فلسطين، ونستنكر الهجرة الجماعية التي ينظمها الاستعمار والصهيونية لتجميع سيطرتهم على فلسطين. إن شعب فيتنام يؤيد، كامل التأييد، كفاح الشعب الفلسطيني من أجل التحرر الوطني، ويقف بجانبكم في الكفاح المشترك ضد الاستعمار والإمبريالية؛ من أجل الاستقلال الوطني والسلام، ويرجو للمؤتمر النجاح.
وإن كفاح الشعب الفلسطيني سيكون منتصرا بالتأكيد.
لجنة التضامن الأفرو آسيوي الفيتنامية.
المرجع:
الوثائق الفلسطينية العربيه لعام 1966، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت.ص 219، 220، 221، 222.
حول استفسارات بعض الأعضاء عن موضوع المنظمة والأحلاف في المجلس الوطني
دفعًا لاية مخاوف أو شكوك لا مبرر لها، قضية فلسطين، تحرير فلسطين وشعب فلسطين في حاجة إلى نصرة كل الشعوب المحبة للحرية، كل الشعوب المناضلة من أجل الحرية. والشعوب الإسلامية بطبيعة الحال عليها واجبــات يفرضها الدين الحنيف، كما على الشــعوب غير الإسلامية واجبات تفرضها العدالة الاجتماعية، تفرضها الحرية، يفرضها حق تقرير المصير والواقع. إن قضية فلسطين فيها استجابة لكل الشعوب التي تتفتح قلوبها إلي الحق وإلى الحرية.
ونحن متطلعون كذلك إلى الشعوب المسيحية أن تعمل برسالة السيد المسيح الذي هو رسول السلام في أرض السلام، ولكن كثيرًا من الحكومات غير المسيحية قد نقضت دعوة السيد المسيح وأهدرت وطن السيد المسيح وحمت الهجرة اليهودية، وكان هذا أوله بريطانيا التي حمت لثلاثين عامًا هجرة يهودية دافقة إلى فلسطين، وكانت بهذا أول حكومة غير مسيحية لشعب مسيحي، ثم جاءت بعد ذلك الولايات المتحدة وأقرت تقسيم الديار المقدسة وأول قداسات الديار المقدسة وحدة الأرض المقدسة، وبهذا أثبتت الولايات المتحدة أنها حكومة غير مسيحية لشعب مسيحي.
وهنالك شعوب كثيرة في آسيا وفي إفريقيا غير إسلامية وغير مسيحية، بعضها بوذي وبعضها هندوكي، وكثير من هذه الشعوب تناصر قضية فلسطين، بكل ما أوتيت من قوة. وأمامنا سبعمائة مليون من البشر اسمهم شعب الصين ليسوا مسيحيين ولا مسلمين، ولكنهم يؤيدون قضية الحق والعدل، ويؤيدون كفاح الشعب الفلسطيني لا بالخطب ولا بالتصريحات، لأنه من الميسور أن تبذل التصريحات والخطب عن تحرير فلسطين، شعب الصين يؤيد كفاح فلسطين بالسلاح وبالتدريب وبالتنظيم.
الشعوب الإسلامية من غير شك -وأنا أتكلم على صعيد الشعوب كلهم- عاطفتهم مع شعب فلسطين ومع تحرير فلسطين، وأريد أن أضيف إلى هذا، وألتمس العذر من الأساتذة الأجلاء الفضلاء الموجودين هنا، بأن أقول: إن الجهاد لتحرير فلسطين هو فريضة على كل مسلم، سواء أكان ملكا أم مملوكًا، مواطنا كان أم صعلوكًا، هذه فريضة الجهاد، وهي فريضة يجب أن يقوم بها كل مسلم، وأن يقوم بها كل ملك.
هذه الديار المقدسة، تحريرها واجب على الشعوب الإسلامية ملوكا وشعوبا وحكومات وجيوشا، لو رجعنا إلى شريعة الإسلام، لوجب على كل مسلم أن يجاهد من أجل تحرير فلسطين بماله وبحياته. ولكن يحيرنا في السنين السالفة أن يرى بعض الحكومات الاسلامية ليست قريبة من الشريعة الإسلامية ولا تطبق شريعة الإسلام. ليس الإسلام العبادة فقط، والعبادة عظيمة، وليس الإسلام النطق بالشهادتين بالشهادتين عظيم، لكن الإسلام والنطق - مع هذا- ثورة والإسلام كفاح، والإسلام جهاد. ولهذا يجب على كل مسلم أن يشترك في معركة تحرير فلسطين.
بعض الحكومات الإسلاميـــة تؤيـــد قضية فلسطين تأييدا على الصعيد السياسي، وهنا أذكر حكومـــة الباكستان، منذ كانت قضية فلسطين إلى يومنا هذا، وحكومة باكستان، دائما إلى جانب الدول العربية في قضية فلسطين على صعيد الأمم المتحدة، وباكستان لم تعترف بإسرائيل، وباكستان لا علاقة لها اقتصادية ولا ثقافية ولا سياسية مع إسرائيل. وبهذا القـــــدر، وعلى الصعيــــد السياسي، فإن حكومــــة باكستان مستحقة لشكر المجلس الوطني، ونحن متطلعون من حكومة باكستان إلى المزيد من النصرة لشعب فلسطين بأن يقدموا لشعبنا المال والسلاح لتأييد حركة كفاح شعبنا.
لكن حكومات إسلامية أخرى وليست هناك حاجة إلى الخفاء، لأن زمن الخفاء انتهى، وكان الخفاء في هذه القضية سبب البلية، وأنا أذكر حكومتين وأتحدث برفق، أذكر الحكومة التركية والحكومة الإيرانية، وحينما أذكرهما أبدأ بالتحية إلى شعب تركيا المسلم وشعب إیران المسلم، لكن ماذا كانت سيرة الحكومة التركية في قضية فلسطين منذ كانت قضية فلسطين، في الأمم المتحدة، في لجنة التوفيق الدولية، وكنت في الأمم المتحدة يوم ولادتها. اختيرت تركيا عضوا ثالثا في لجنة التوفيق الدولية، إلى جانب الولايات المتحدة وإلى جانب فرنسا، وكان الظن يومها أن تكون تركيا ممثلة لوجهة النظر العربيه، فماذا كانت النتيجة؟ ممثل تركيا الأول توفيق رشدي أراس الذي كان وزير الخارجية التركية، جلس في لجنة التوفيق دون أن يؤدي للشعب الفلسطيني خدمة كبرى، ثم جاء بعده حسين جاهد بالدشين صاحب جريدة طنين القديمة، وهو كما يعرف أساتذتنا الأجلاء من الدنمة أي اليهود الذين أسلم بعضهم، كما أراد أحد الإخوان أن يسأل: إذا أسلم اليهود فهل يصبح هؤلاء أصحاب حق في فلسطين، الذين كانوا في الاتحاد والترقي في زمن الدولة العثمانية من الأتراك المسلمين، من أصل يهودي، هؤلاء كانوا بلاء على قضية فلسطين وعلى شعب فلسطين، فتوفيق رشدي أراس جاء في لجنة التوفيق ثم تعاقبت وفود الأتراك في لجنة التوفيق، وكلكم تعرفون سيرة لجنة التوفيق التي كان موكولا إليها أن تعيد اللاجئين إلى وطنهم، وانتهى الأمر في لجنة التوفيق بعد ثمانية عشر عاما دون أن يكون للجنة التوفيق القدرة على أن تعيد فلسطينيا واحدا إلى وطنه، أو تنقذ شبرا واحدا من الأرض، كيف يمكن للحكومة التركية أن تكون في وجهة نظرنا نحن حكومة نتطلع إليها بنظرة معينة، وقد أقامت علاقات مرة سياسية ومرة اقتصادية ومرة تجارية ومرة ثقافية مع إسرائيل؟ لكن أيضًا نحن جماعة نحب الإنصاف، ففي الأشهر الأخيرة - وأنا أتحدث عن الأشهر الخمسة الأخيرة - هنالك بداية تفهم من الحكومة التركية لقضية فلسطين، وبدأت بعض الاتصالات بين الحكومة التركية وبين عدد من الحكومات العربية، ونحن نعلن هنا بصراحة أنه إذا قطعت الحكومة التركية علاقاتها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية مع إسرائيل وأيدت كفاح شعب فلسطين، فإنها تكون فعلا حكومة إسلامية، جديرة باسم الإسلام وجديرة بتقدير الشعب الفلسطيني.
ننتقل بعد هذا إلى حكومة الشاه - الأمر يسير جدًّا، في السنين الأخيرة في الأمم المتحدة، كان مندوب الحكومة الإيرانية يتحدث عن قضية اللاجئين كأنما يتحدث عن اللاجئين في الكونغو، هناك لا يكون في إفريقيا كثيرون نتيجة للحركات التحريرية في إفريقيا وفي آسيا، وطبعا يجب على كل منا أن يحس بالمشاعر التي تملأ قلبه، فكان مندوب إيران يتحدث عن المليون وربع المنيون فلسطيني، حتى بمستوى أدنى من الموضوع الشعوري بالنسبة للاجئين في إفريقيا. كلام من بعيد بالنسبة للإغاثة وبالنسبة للبصل والعدس ويطلب زيادة بعض الأشياء أو تحفيض بعض هذه الأشياء، هل يقف مسلم في الأمم المتحدة في قضية شعب أكثريته إسلامية - ونحن نقدر إخواننا المسيحيين لأنهم رفاق معنا في هذه المعركة وهم مواطنون مثلنا لهم مالنا وعليهم ما علينا - ولكن هؤلاء الذين يقولون إنهم مسلمون يقفون في الأمم المتحدة ويراودون إسرائيل، وكأنما هناك مطارحات غرامية بين مندوب إیران وبین مندوب إسرائيل، ويتكلمون من وراء الظهور. ويتبادلون البطاقات والأوراق والزيارات فيما بينهم، ليس هذا شأن المسلم، لأن المسلم مجاهد وثائر ولا يمكن أن يقبل هذا الوضع الدليل المائع في الأمم المتحدة، وبعد هذا فإن المسألة ليست مسالة أصوات، نحن لسنا طالبي أصوات أبدا. نحن لا نحرر فلسطين بالأصوات في الأمم المتحدة أبدا، إذا كنا نعتقد أن تحرير فلسطين يتم في الأمم المتحدة نكون بعيدين عن معركة التحرير، معركة التحرير هي وطن التحرير في أرض فلسطين. الذي يغذي إسرائيل بالبترول في الشرق العربي من هو؟ أنتم تعرفون أن البترول هو حياة البشر في السلم وفي الحرب، وإسرائيل تعيش في السلم وفي الحرب على السواء بالبترول. إخواننا في العراق تكبدوا خسائر جسيمة يوم أوقفوا أنابيب بترول نفط العراق كانوا يتحملون خسائر تبلغ سنويا ٢٠ مليون جنيه إسترليني، تحمّلها الشعب العراقي بكل إباء وبكل شجاعه، وإیران ترسل البترول إلى خليج العقبة، ومن خليج العقبة يدخل إيلات، ومن إيلات يدخل إلى إسرائيل، وإلا من أين يأتي البترول إلى إسرائيل؟ إذا كانت حكومة الشاه حقيقه يملأ قلبها الإسلام، فكيف يمكنها أن تغذي أعداء الشعب الفلسطيني بالبترول؟ ونحن مستعدون إذا كانت حكومة إيران ستقطع البترول عن إسرائيل، وتخرج مندوبي الوكالة اليهودية الموجودين في الأهواز في المنطقة العربية، وعاملين مركز تجسس هناك، ونحن نعرف الطريق في مركز التجسس هذا، وأنا لا أريد أن أطيل في تفاصيل كثيرة، أن وكر إسرائيل أصبح الآن في إیران. أين هذا من الاسلام، أين هذا من الجهاد؟ أين هذا من الأمانة للشعب الفلسطيني؟.. إذا قامت حكومة إيران بتأييد كفاح الشعب الفلسطيني، كما أيده الشعب العراقي في قطع البترول وسائر هذه الأمور، يمكن حينئذ لحكومة الشاه أن تكون جديرة بالإسلام وبتعاليم الإسلام وبجهاد الإسلام.
نحن نريد من العالم الإسلامي كله حكوماته وجيوشه وشعوبه أن يعتبروا هذه المعركة معركتهم، هذا فرض عين إذا قام به البعض لم يسقط عن الباقين، وفرض على كل مسلم، ومن أجل هذا فنحن نتطلع إلى الشعوب الإسلامية
كلها أن تحمل ملوكها، وأن تحمل أمراءها، وأن تحمل جيوشها على أن تضع الإمكانيات العسكرية والاقتصادية والإعلامية والدعائية كلها في خدمة شعب فلسطين وكفاح فلسطين وتحرير فلسطين، إذا كنا نحن نبحث عن ساحل العاج وهي بلد صغير في إفريقيا نطلب نصرته، هل يعقل أن الشعب الفلسطيني لا يريد نصرة أي شعب مسلم؟ إذا كنا نحن نبحث عن دولة صغيرة في إفريقيا، ليست من ديننا ولا بيننا وبينها قوانين ولا بيننا وبينها أي روابط، نطلب منهم أن يكونوا إلى جانب الشعب الفلسطيني، هل يعقل أن نمتنع أن نرى الشعوب الإسلامية وحكوماتها إلى جانب الشعب الفلسطيني وكفاح الشعب الفلسطيني. نحن بهذه التوصيات التي أمامنا، كما قال السيد خيري حماد، لا تمتنع عن قبول أي معونة من أي شعب إسلامي ومن أية حكومة إسلامية. هذه التوصية يراد منها أن على العالم الإسلامي حكوماته وشعوبه، أن يقفوا إلى جانب القضية الفلسطينية هذا هو معنى هذه التوصيات. وأرجو من مجلسكم الموقر أن يوافق عليها بالإجماع.
( 2 ) حول استفسارات بعض الأعضاء عن موضوع المنظمة والخلافات العربيه في المجلس
الذي أريد أن أقولــه للمجلس الكريم إن التوصية في الأصل كما جاءت وكما كانت محل مداولة اللجنة السياسية، كانت تقــف في الأصل عند كلمة أن تعزل نفسها عن هذه الخلافات والتناقضات. كانت التوصيــة في الأصل، في مرحلة المداولة تقف عند هذه النقطة، لكن إزالة لأي شبهة وإزالة لأي مخاوف لا مبرر لها بالنسبة لتحرير فلسطين بالذات، أضيفت العبارتان: " إذ يتحتم عليها " ، يعني على المنظمة أن تقف الموقف الذي يمليه تحرير فلسطين، لنضع المسؤولية على منظمة التحرير الفلسطينية حينما تنشب الخلافات أو تقوم التناقضات بين الدول العربية أن تقف المنظمة الموقف الذي يمليه تحرير فلسطين، وبهذا تكون المنظمة قائمة بواجبها متخذة موقفًا.
المنظمة لا تستطيع أن تكون متفرجة أمام الأحداث العربية، وخاصة المتعلق منها بقضية فلسطين، وأنا أضرب لكم مثلا: بورقيبة. بورقيبة خرج على الجماعة ومنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وحده، دخل على اجتماع رؤساء الحكومات العربية، وطلب فصل - ليس الشعب التونسي - وإنما الحكومة التونسية من الجامعة العربية؛ لأن بورقيبة خرج عن الجماعة. فلو بقيت العبارة، بدون إضافة العبارة الأخيرة فإننا نعزل أنفسنا، لو بقيت العبارة أن نعزل أنفسنا عن الخلافات والتناقضات لوجب على منظمة التحرير الفلسطينية أن تقول لبورقيبة: "مبروك ما فعلت، ونحن موافقون على هذا".
الموضوع، أيها الإخوان، غير متصل بالخلافات، إذا كانت هناك خلافات بين الملوك والرؤساء والأمور خاصة فنحن لا نتدخل فيها من قريب ولا من بعيد، لأن منظمة التحرير الفلسطينية لا تتدخل إلا في قضية فلسطين ومن أجل قضية فلسطين. لكن الخلافات التي تخرج عن قضية فلسطين وعن قضية تحرير فلسطين، إذا وقعت خلافات بين ملوك ورؤساء، الشؤون خاصة أو غيرها. مثلا وقع خلاف بين الجزائر والمغرب، وفعلا وقع على الحدود، وأدى هذا إلى حرب في السنة الماضية، نحن ليس لنا أن نتدخل، وإن كان واجبنا، إن كانت عندنا طاقة أن نوقف هذه الحرب وهذا القتال بين الجزائر وبين المغرب. وأخيرا ثار هذا الخلاف مرة ثانية لما أممت الجزائر منطقة في جنوبها مختلفًا عليها بين المغرب والجزائر، المنظمة لم يكن لها كلام، ولا يصح أن يكون لها كلام. إذن الخلافات التي بين الدول العربية كائنا ما كان شأنها نحن لا نتدخل فيها، كما أننا نطلب منهم ألا يتدخلوا أيضًا في شؤون منظمة التحرير الفلسطينية، المسألة بالتقابل كما أنه ليس لأي دولة عربية أن تتدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة عربية، لكن الخلافات والتناقضات - وأنا أضرب مثلا على واحدة منها وهي بورقيبة - إذا كانت تتصل بقضية فلسطين فهل على الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية أن يعزل نفسه عنها؟
هذه المادة تقول: ليس لنا أن نعزل منظمة التحرير الفلسطينية عن الخلافات والمناقضات المتصلة بقضية فلسطين. ولذلك جاءت العبارة التي بعد هذا (( إذ يتحتم عليها أن تقف الموقف الذي يمليه تحرير فلسطين )).
وأرجو أن يثبت في محضر هذه الجلسة أن منظمة التحرير الفلسطينيه تحدد موقفها من الخلافات والتناقضات حينما تكون متصلة بالقضية الفلسطينية، من قريب أو من بعيد، مباشرة أو غير مباشرة، وحينئذ يتحتم على منظمة التحرير الفلسطينية ألا تعزل نفسها، ألا تقف متفرجة، ألا تكون على الحياد، وإنما تقف الموقف الذي يميله عليها تحرير فلسطين. وإذن هذا الإيضاح يجعل الأمر في ضياء كامل. واذا سمح لي علماؤنا الأجلاء الأساتذة، أصبح الآن الحلال بيّنًا والحرام بيّنًا.
المرجع:
الوثائق الفلسطينية العربيه لعام 1966، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت.ص 234، 235، 236، 237 ،238.