الدورة الرابعة عشر للمجلس الوطني الفلسطيني
الدورة الرابعة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني 1979- 1981
تاريخ انعقاد الدورة |
مكان الانعقاد |
رئيس المجلس الوطني |
رئيس اللجنة التنفيذية |
شعار الدورة |
عدد أعضاء المجلس الوطني |
عمر الدورة بالأشهر |
15 كانون الثاني 1979- 22 كانون الثاني 1979 |
دمشق
|
ياسر عرفات |
خالد الفاهوم |
دورة الشهيد هواري بو مدين |
301 |
22 كانون الثاني 1979- 11 نيسان 1981 |
المقدمة:
افتتح المجلس الوطني الفلسطيني دورته الرابعة عشرة بحضور سيادة الرئيس حافظ الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية، وخالد الفاهوم رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، وياسر عرفات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية القائد العام للثورة الفلسطينية، وأعضاء اللجنة التنفيذية، كما حضرها العديد من أعضاء الوفود العربية الشقيقة والدول الصديقة، وممثلي الأحزاب وحركات التحرر العربية والعالمية.
وذلك في تمام الساعة الخامسة من مساء يوم الاثنين الموافق ١٥/ كانون الثاني عام ١٩٧٩ بقاعة الاجتماعات في مقر الاتحاد العام للنقابات العمالية بدمشق.
وقد بدأت الجلسة بكلمة من خالد الفاهوم رئيس المجلس الوطني الفلسطيني التي استهلت بالوقوف دقيقة صمت إجلالًا وتكريمًا للشهيد الراحل (هواري بومدين)، وشهداء الثورة الفلسطينية والأمة العربية.
وفيما يلي نص الكلمة
كلمة خالد الفاهوم
رئيس المجلس الوطني الفلسطيني
سيادة الأخ رئيس الجمهورية العربية السورية،
ضيوفنا الأعزاء،
أيها الإخوة الزملاء،
أرحب بكم أجمل ترحيب، وأشكر السيد الرئيس والأخوة جميعا بالقاهرة؛ لحضور جلسة افتتاح المجلس الوطني الفلسطيني بدورته الرابعة عشرة. ولقد اعتدنا خلال السنوات الماضية أن نعقد مجلسنا في القاهرة، يوم كانت القاهرة قلعة صمود، ومركز استقطاب للنضال العربي، ولكن النظام المصري انحرف بالقاهرة عن أهدافها، ولوي عنقها إلى طريق الاستسلام؛ فلجأنا إلى حمى دمشق الصامدة المفتوحة الذراعين لكل عربي أبدًا، والمستعدة دائما لتحمل عبئًا فوق عبء، وتضحية فوق تضحية، وإننا نشعر بالامتنان الشديد للأخ الرئيس وحكومة الجمهورية العربية السورية؛ لقاء ما قدم لنا من تسهيلات، ووضع تحت تصرفنا من إمكانات لعقد مجلسنا هذا في دمشق. وأرجو أن تثبت مناقشاتنا وقراراتنا أننا أهل لثقة شعبنا العربي الفلسطيني المكافح الصامد في داخل الوطن وفي خارجه، وأننا نتجه إلى تحقيق أمانيه وأهدافه في استمرار الكفاح حتى النصر. كما أرجو أن تنتهي اجتماعاتنا إلى نتائج ملموسة تطمئن إخواننا في الأرض المحتلة، وتدعم نضالهم، ونؤكد لهم أن الظروف القاهرة التي تمنع ممثليهم احتلال مقاعدهم الطبيعية في مجلسنا هذا لن تمنعنا من أن نحل مسألة دعم صمودهم في المقام الأول؛ ذلك لأننا نرى في صمود أهلنا في الأرض المحتلة الضمانة الأساسية لاستمرار القضية ونجاحها، ولتكن هذه الحقيقة عنوان مجلسنا، لأننا وصلنا إلى زمن يقال فيه إن الصمود قيمة سلبية، ويطلب منا أن نتخلى عن أبسط قيمنا النضالية، لكي يرضى عنا العدو الصهيوني وراعيته الإمبريالية.
ونحن نقول لهؤلاء: لولا الصمود لما كان لنا أي اعتبار في هذا العالم، والسادات نفسه ما كان ليحصل على وعــد بالجلاء الشكلي عن سيناء لولا صمودنا الذي باعه في سوق كامب ديفيد، وليعلم السادات أنه لولا صمود شعب مصر وجيش مصر لطالب الإسرائيليون حتى بالقاهرة.
إن أنور السادات، بقدر ما هو شخص مهزوم، يمثل ظاهرة ضيقة الانتشار ولكنها خطرة، هي ظاهرة الركون إلى كل ما هو مضاد للشعب وللوطن، كوسيلة للتهرب من المسؤولية والالتزام والتضحية، فمنذ البدء عمل على تهديم ملامح البطل الخالد جمال عبد الناصر، من حيث كان يدعي أنه يكمل رسالته،
ومنذ البدء عمل على تقطيع ارتباط مصر بالعروبة، من حيث ادعى أنه ينتصر لكرامة شعب مصر ومستقبله،
وظل يتشدق ثلاث سنوات برفض الحل المنفرد، وأخيرًا وقّع على أغرب حل منفرد في التاريخ المعاصر،
وكذلك زار القدس بحجة التحرير، وإذا به يوافق على تثبيتها عاصمة للعدو. إن الاتفاقيات التي توقع الآن بين حاكم مصر وإسرائيل وأميركا اتفاقات هزيمة منفردة، لا تمثل إرادة شعب مصر، ولا شعب فلسطين، ولا الشعب العربي في مختلف أقطاره. إن اتفاقات كامب ديفيد هي صلح منفرد بكل معنى الكلمة، إنها صلح منفرد؛ لأن أحدًا غير النظام المصري لم يشارك فيها، إنها استسلام منفرد لأنها تكرس الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا المحتلة، إنها اتفاق منفرد لا بمعنى الانفراد عــن سائر الأقطار العربية فقط، بل لأنها من عمل حاكم منعزل لا يعبر عن شعبه، وأن الشعب العربي في مصر تعرفونه هو الشعب الأبي المناضل المستعد للتضحية والفداء.
ومثلما كان الرئيس جمال عبد الناصر يقول:
فلنترك مثل هؤلاء الحكام لشعوبهم.
سنترك السادات لشعب مصر، وإن شعب مصر له أكثر من ثأر عند السادات، ليست مذلة كامب ديفيد آخره، وليست ثغرة الدفرسوار. إن شعب مصر يعرف متى ينبغي له أن يفتح الثغرة، وكيف ينبغي له أن يردمها ليعود لنا عربيا صافيا تتوجه الكرامة والإباء.
أيها الإخوة،
يظن الخونة والمنهزمون أن الكلام على فلسطین نوع من المزايدة وضرب من الخيال، ونحن نعتقد أن معركة فلسطين الحقيقية لم تكن في يوم من الأيام أقرب منها اليوم، لقد حاولوا دائما طوال السنوات الثلاثين الماضية أن يقزموا القضية وأبناءها إلى أصغر حجم ممكن. في البدء أحالها إلى مشكلة لاجئين، واطمأنوا، وإذا بالثورة الفلسطينية تنبثق من اللاجئين وتنفجر وتدمر السدود، وإذا باسم فلسطين في مدى عشر سنوات يعود، وتقبله شعوب الأرض وتقره هيئة الأمم المتحدة، ويحيا في وجدان شعبنا منظمة تحرير وفداء وتضحية وصمودا. واليوم يحاولون أن يقزموا القضية ثانية إلى قضية سكان الأرض المحتلة والحكم الذاتي. وما أشبه الليلة بالبارحة! إنهم يحاولون المستحيل؛ فالثورة ماضية بنفس أقوى وأعمق، لأنها ثورة العرب من أجل فلسطين، وثورة فلسطين من أجل العرب.
أيها الإخوة،
إن الصورة القاتمة التي تقدمها تحركات السادات للاتصال مع العدو وإخراج مصر من المعركة تقابلها صورة أخرى مشرقة. فهناك الجبهة القومية للصمود والتصدي، وهناك اللقاء السوري العراقي، وهناك قمة بغداد، وكلها خطوات للرد على السياسة الانهزامية بإدخال إمكانات الأمة العربية كلها في المعركة. وهناك فوق كل شيء تصميم أمتنا العربية على الصمود وخوض المعركة حتى النصر.
وتحنّ فلسطين إلى حضنها العربي لنبدأ مرحلة كرامة جديدة، لقد اجتمعت فصائل الثورة على برنامج سياسي واحد، يقوم على التمسك بالحقوق الوطنية الراسخة لشعبنا في وطنه فلسطين، وعلى الدفاع عن منظمة التحرير الفلسطينية والتمسك بها ممثلا شرعيا وحيدا لشعبنا الفلسطيني الواحد في فلسطين وخارجها، وعلى التصميم الثابت على مواصلة الكفاح المسلح، وكافة أشكال النضال السياسي، وعلى رفض جميع القرارات والتسويات التي تنتقص من حقوقنا، وعلى مقاومة وإسقاط مشروع الحكم الذاتي الذي يكرس الاستعمار الاستيطاني الصهيوني لأرضنا المحتلة، وعلى رفض تجزئة شعبنا، وعلى حقنا في العودة وتقرير المصير وإقامة دولتنا المستقلة فوق ترابنا الوطني.
أما علاقتنا بالقطر العربي السوري، فهي بإجماع كافة فصائل المقاومة، علاقة حاضر ومستقبل ومصير، إن سورية الصامدة المناضلة الأبية كانت وستظل موئلنا ومنطلقنا وسندنا. وإن تفاعل شعبنا العربي في سورية مع قضيتنا ومع مصيرنا ليس له إلا مثيل واحد في تاريخنا المعاصر هو تفاعل فيتنام الشمالية مع شعب فيتنام الجنوبية في ملحمة النضال العظيم للتحرير.
وإننا ننظر إلى الخطوات الوحدوية التي تجري على قدم وساق بين العراق وسوريا نظـرة أمل وتفاؤل، ونعتبرها الأساس الصلب لمعركة الشرف والكرامة، معركة تحرير الأرض، واسترجاع الحقوق.
أيها الإخوة المناضلون،
مثلما يحدث الفرز على المستوى العربي، فلا بد أن يحدث فرز مشابه على المستوى الدولي. إن أميركا وحلفاءها يجرّون النظام المصري إلى توقيع اتفاقات تضمن للصهيونية إلحاق أرضنا الفلسطينية بالكيان المعتدي، وسياسة الاستيطان والتهويد.
إن الاتفاقات الحالية ليست إشارة توازن كما يحاول الأميركيون أن يوهمونا، وإنما هي تتويج لسياسة الانحياز، والدعم المطلق لأطماع الصهيونية.
ومن خلال هذا الواقع ومن خلال تجربة السنين الطويلة، ستعمل المنظمةعلى تدعيم علاقاتها بالدول الاشتراكية وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي الصديق، وبمجموعة دول عدم الانحياز والدول الإسلامية، وسائر الدول الصديقة.
أيها الإخوة المناضلون،
إن مستقبلنا مشرق ومستقبلهم مظلم؛ لأننا نتمسك بالحق والنضال، وهم يلهثون وراء العمالة والتبعية. ولنا في صمود أهلنا في الأرض المحتلة أبلغ عبرة، ولنا في الجبهة القومية للصمود والتصدي، وفي اللقاء السوري العراقي، وفي مؤتمر قمة بغداد السياج الواقي والحصن الحصين.
ولنا أخيرا في منظمة التحرير الفلسطينية تجسيد آمالنا، وتأكيد استمرار ثورتنا.
في ضوء هذه المفاهيم، يعقد المجلس الوطني دورته الرابعة عشرة التي يسعدني -يا سيادة الرئيس- أن أدعوكم لافتتاحها.
وبعد انتهاء الفاهوم من إلقاء كلمته، دعا سيادة الرئيس حافظ الأسد/ رئيس الجمهورية العربية السورية ليتفضل بافتتاح دورة المجلس الوطني الفلسطيني التي أطلق عليها دورة الشهيد (هواري بومدين) تكريما وتخليدًا له.
كلمة سيادة الرئيس حافظ الأسد
رئيس الجمهورية العربية السورية
أيها الإخوة أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني،
أحييكم تحية الإخوة والنضال، وأرحب أجمل ترحيب وأصدقه بانعقاد الدورة الرابعة عشرة لمجلسكم في دمشق، كما أرحب بالأشقاء والأصدقاء ضيوف المجلس، وعن طريقكم أحيي من تمثلون، أحيي جماهير الشعب العربي الفلسطيني، وأخص بالتحية أهلنا وإخوتنا الأبطال الصامدين في الأرض المحتلة، مؤكدين وقوفنا معهم في صمودهم الرائع، ومقاومتهم المستمرة للاحتلال الصهيوني، وللمؤامرات التي حيكت لسلبهم هويتهم الوطنية، وسلخهم عن شعبهم وأمتهم.
إنني بهذه التحية، وهذا الترحيب، إنما أعبّر أيضا عن سرور إخوتكم أبناء شعبنا في هذا القطر، وعن سرور حزبنا، حزب البعث العربي الاشتراكي، بأن يتم هذا اللقاء على أرض سورية التي ما كانت وفلسطين على امتداد الزمن إلا تاريخًا واحدًا وجسدًا واحدًا، قاوم ولا يزال يقاوم مؤامرة التجزئة الاستعمارية، هنا وفي سائر أنحاء الوطن العربي، فكنا دومًا معًا، إخوة نضال وأخوة سلاح، في تصدينا لهذا المخطط الاستعماري، منذ مطلع هذا القرن، وخلال نضالنا الطويل ضد الصهيونية والاستعمار، ومن أجل وحدة الأمة العربية.
وإذا كنا من واقع إيماننا بالوحدة العربية وتقديسنا لها هدفا أسمى. وعودة للوضع الطبيعي في الوطن العربي، إذا كنا من واقع هذا الإيمان نرى في انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في أية مدينة عربية تعبيرًا عن وحدة أمتنا، فإننا من منطلق القناعة الراسخة بالحق العربي الثابت في أرضنا المحتلة، نشدد على متابعة مسيرة النضال وإياكم مع سائر الأشقاء العرب، متطلعين إلى اليوم الذي يلتئم فيه المجلس الوطني الفلسطيني مجددًا في البقعة التي شهدت انعقاد دورته الأولى، في القدس العربية.
أيها الإخوة أعضاء المجلس،
منذ انعقاد الدورة الأولى في عام ١٩٦٤، توالت في الوطن العربي أحداث جسام، سلبًا وإيجابًا، وكان محورها كلها قضية العرب الأولى، قضية فلسطين، التي كانت المحرك الرئيسي لهذه الأحداث، وموضوع الصراع بين حقنا وباطل أعدائنا.
ولقد حاولت الصهيونية ونجحت ردحًا طويلًا من الزمن أن توهم العالم أن هذا الصراع هو خلاف حدود، يسوى كما تسوى خلافات الحدود في أنحاء العالم، ولكن المستنيرين في عالمنا كله ما لبثوا أن أدركوا أنه صراع وجود، وأن الاستعمار الصهيوني يريد الأرض، ويريد الهيمنة والسيطرة، وبانت الصهيونية على حقيقتها حركة استعمارية استيطانية عنصرية، شأنها شأن سائر الحركات العنصرية البشعة، وتمتاز عليها جميعا بسيطرتها على مراكز النفوذ في الأنظمة الإمبريالية.
وخُيّل لأعدائنا في مرحلة من مراحل هذا الصراع أنهم يمتلكون من التفوق التكنولوجي ما يتيح لهم أن يحسموا الصراع مرة واحدة بالقوة العسكرية، وأن يفرضوا إرادتهم على الأمة العربية، فخططوا لعدوان حزيران عام ١٩٦٧، وكأنه معركة الحسم لصالحهم، وغاب عنهم أن الشعوب التي تملك العزم والتصميم، قادرة على النهوض بسرعة، وامتلاك ما فاتها، والدفاع عن وجودها، وفاتهم أن إرادة الشعوب لا تحطمها نكسة أو خسارة معركة، بل سرعان ما تبادر الشعوب إلى الاستفادة من العبر لتصحيح الأخطاء، وامتلاك زمام المبادرة، واستئناف النضال والتخطيط لتحقيق النصر.
وقد أسقطت حرب تشرين المجيدة حسابات الصهيونية والذين يشدون أزرهم، وأثبتت سوء تقديرهم، وأكدت أن الأمة العربية ترفض الرضوخ والاستسلام، وتملك مقومات الذود عن حقوقها، والنصر في كفاحها، وكانت حرب تشرين ملحمة بطولية، وبرهانًا ساطعًا على الطاقات والقدرات العربية، وفي المقدمة الطاقة الذاتية للإنسان العربي.
خضنا حرب تشرين على أنها حرب تحرير، وخاضها غيرنا على أنها حرب تحريك، مما أتاح لأعدائنا، أن يحاولوا غيرنا، على أن حرب تشرين زعزعت كيان إسرائيل، وأحدثت آثارًا عميقة في العالم كله، ليس في المجال الإستراتيجي فحسب، بل تعدته إلى المجالات الأخرى من سياسية واقتصادية وغير ذلك.
وإذا كنت أذكر الآن ولأول مرة بعد حرب تشرين، أننا خضنا حرب تشرين على أنها حرب تحرير، فقد أكدنا ذلك في خطط العمليات العسكرية التي خضنا الحرب على أساسها، كما أكدته في خطابي الذي وجهته إلى الشعب والقوات المسلحة عاشر أيام الحرب خلال العمليات القتالية، حيث قلت إني أحدثكم اليوم وقد اتخذت المعركة شكلها الحقيقي، شكل حرب تحرير كاملة، أكدت هذا القول في أكثر من مكان من الخطاب، فقلت إن للحرية والكرامة ثمنًا، وثمنها ولا شك غالٍ، ولكننا مستعدون لدفعه في سبيل أن نصون الشرف، وأن ندافع عن الحرية، وأن نحرر الأرض، وأن نسترد الحقوق، أشرت إلى هذا فقط ربما كان فيه إلقاء بعض الضوء على الكثير من التصرفات التي تمت بعد حرب تشرين، ولم أرد بذلك أن أرد على الكثير مما قيل خلال السنوات الماضية.
إن خروج النظام المصري على أهداف حرب التحرير قد مكن الأعداء من محاولة الانتقام من حرب تشرين عبر الأحداث التي فجروها في لبنان، ومهدوا بها للمؤامرة التي شهدنا تتابع فصولها، مؤامرة كامب ديفيد، التي كانت خطة مدبرة لضرب التضامن العربي، وعزل مصر عن ساحة المواجهة عبر اتفاق منفرد، يتصورون أنه يسلب انتماءها العربي، وأنهم بذلك يوجهون ضربة حاسمة لفكرة القومية العربية. وعلى هذا الطريق، وربما في نفس الوقت تتم تصفية القضية الأساس، قضية فلسطين.
وإذا كان رئيس النظام المصري قد نسي التزامه أمام المجلس الوطني الفلسطيني بقرار قمة الرباط الذي اعتبر منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب العربي الفلسطيني، فإننا لم ننس، ومن يلتزم بهذا القرار لا يفرض نفسه وصيًّا بديلا لمنظمة التحرير، فيفاوض نيابة عنها ورغم إرادتها على حقوق شعب فلسطين، ومن يلتزم بهذا القرار لا يفاوض منفردًا على مصير شعب فلسطين. وهنا أيضا تجدر الإشارة إلى أن الإصرار على توقيع ما يتعلق بالحكم الذاتي في نفس الوقت الذي يتم فيه توقيع اتفاقية سيناء يأتي في هذا الإطار، في إطار التصميم على تصفية القضية الفلسطينية؛ لان الحكم الذاتي هو مطلب صهيوني، وجميعنا سمعنا في الفترة الأخيرة أكثر من تصريح لبعض قادة إسرائيل، يقولون إنه إذا لم يتم التوقيع على معاهدة سلام فسوق نطبق الحكم الذاتي، إذ يرون أن الحكم الذاتي عملية تنظيم للبيت الإسرائيلي بشكل يحافظون فيه على الطابع اليهودي لدولة إسرائيل. هذا الأمر يحاولون إظهاره وكأنه تمسك ونضال عنيف وتضحية من أجل القضية الفلسطينية. إنها عملية تضليل إعلامية واسعة.
وإذا كان رئيس النظام المصري قد نسي التزامه أمام المجلس الوطني الفلسطيني بأنه لا تفريط بالحقوق المشروعة لشعب فلسطين كما يحددها ممثلوه، وأنا هنا أشير إلى کلامه أمام المجلس الوطني الفلسطيني، فإن الجماهير العربية لم تنس. ومن يلتزم بذلك لا يعبث بهذه الحقوق، ولا يمسخها بحكم ذاتي تحت سيطرة قوات احتلال العدو. ولا يجهل أحد أن الحكم الذاتي مطلب صهيوني يتمسك به غلاة الصهيونية، ويؤكدون في كل ما يصدر عنهم، لأنهم يرون فيه، كما قلت منذ قليل، تنظيمًا للبيت الإسرائيلي، يحفظ له الطابع العنصري الذي يريدون.
إن السلام في المنطقة مرتبط ارتباطا وثيقا بحقوق شعب فلسطين، والالتزام بهذه الحقوق وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير، وصدق العمل في سبيلها، هما مقياس الصدق في العمل من أجل السلام، وبدون ذلك يظل الحديث عن السلام لغوًا لا معنى له، وتظل حالة الحرب والتفجير قائمة.
وقد أصبح واضحًا أن نهج التخاذل الذي اتبعه النظام المصري قد زاد العدو تعنتًا، وأن التنازلات المتتالية لن تقود إلا إلى الاستسلام، وها نحن نسمع كل يوم عن إجراءات جديدة، تتخذها إسرائيل لتدعيم احتلالها للأراضي الفلسطينية، وعن إنشاء مزيد من المستوطنات، فيها إصرار على اعتبار هذه الأراضي جزءًا من إسرائيل، وإصرار أشد على ابتلاع مدينة القدس بكاملها.
أي سلام مزعوم هذا الذي تتحدث عنه أطراف كامب ديفيد؟ إن هذا السلام المزعوم ليس فيه من مقومات السلام الحقيقي القائم على العدل، إنها محاولة فرض الاستسلام على الأمة العربية، ولكن أمتنا التي لم تستسلم طيلة التاريخ ترفض أن تستسلم اليوم، كما ترفض أن تستسلم في المستقبل. لقد كان ردنا على نهج التخاذل والاستسلام هـــو الصمود والمزيد من التحرك المعزز للصمود، فبعد مؤتمرات طرابلس والجزائر ودمشق للجبهة القومية للصمود والتصدي، والمعنى الكبير نضاليا وقوميا الذي جسدته بقراراتها ومواقف قواها، وبعد مؤتمر الشعب العربي جاء اللقاء التاريخي بين القطرين السوري والعراقي الذي انبثق عنه ميثاق العمل القومي المشترك، إنجازًا ضخمًا في مضمار مجابهة المخططات المعادية، خاصة أن هذا اللقاء كان خارج حسابات الأعداء، وخارج توقعاتهم. ونحن في سورية والعراق نتابع الخطوات الجدية لترجمة هذا الميثاق إلى عمل وحدوي، يعزز صمود الأمة العربية ويدعم قدرتها على المجابهة، وبديهي أن يعود بالخير أول ما يعود على القضية الأولى، قضية فلسطين.
وطبيعي هنا أن هذا اللقاء يحتاج إلى دعمكم جميعًا، وإلى رعايتكم، وإعطائه المزيد من الدفع؛ فاللقاء لنا جميعًا، للأمة العربية، وليس لأشخاص، وليس لقيادات وليس لمجموعات معينة، لا ننظر إليه نحن إلا في هذا الإطار، وكذلك إخوتنا في العراق، وهكذا يجب أن تنظروا جميعا إليه.
ثم جاء انعقاد مؤتمر القمة العربي التاسع في بغداد، تأكيدا جديدا لرفض الأمة العربية النهج الاستسلامي، وتمسكها بخط الصمود، وبالتضامن العربي الهادف إلى مقاومة العدوان الصهيوني. وقد أكد المؤتمر في قراراته أن قضية فلسطين قضية عربية مصيرية، وهي جوهر الصراع مع العدو الصهيوني، وأن أبناء الأمة العربية وأقطارها جميعًا معنيون بها، وملتزمون بالنضال من أجلها، وتقديم كل التضحيات المادية والمعنوية المطلوبة في سبيلها. وأكد أيضا أن النضال من أجل استعادة الحقوق العربية في فلسطين والأراضي العربية المحتلة مسؤولية مهمة، وعلى جميع العرب المشاركة فيها، كل من موقعه وبما يمتلك مــن قدرات عسكرية واقتصادية وسياسية وغيرها.
كذلك قرر المؤتمر أن على كل الأقطار العربية تقديم سائر أشكال المساندة والدعم والتسهيلات لنضال المقاومة الفلسطينية بشتى أساليبه، من خلال منظمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب العربي الفلسطيني داخل الأرض المحتلة وخارجها من أجل التحرير واستعادة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، بما فيها حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني.
وقد ذكرت هذا الجزء من قرارات مؤتمر القمة العربي التاسع، لما فيه من تشدید واضح وصريح على قناعة الأمة العربية بأن قضية فلسطين هي جوهر الصراع بيننا وبين الصهيونية، ولما يرتبه ذلك من مسؤوليات علينا جميعا، بما في ذلك شعبنا العربي الفلسطيني.
ولا بد لي من القول إن في مقدمة مسؤولياتكم أن تعملوا بكل السبل على دعم الوحدة الوطنية الفلسطينية وتعزيزها، باعتبار أن هذه الوحدة الوطنية هي واحد من أهم الشروط لتصعيد النضال وفعاليته من أجل القضية، والشعوب التي كافحت من أجل قضاياها حرصت على أن تكون وحدتها الوطنية طريقها إلى الانتصار. وكما أن القضية الفلسطينية هي مسؤولية قومية، فالوحدة الوطنية الفلسطينية هي مطلب قومي، وكلما تبلورت وتعززت، كان في ذلك مزيد من القوة للنضال في سبيل القضية، وبها تصبح الثورة الفلسطينية أشــد فعالية وأكثر تأثيرًا على ساحة المقاومة، وتحظى بالمزيد من التأييد على الصعيد العالمي.
إن الوحدة الوطنية الفلسطينية ذات خصوصية قومية عربية، وعلى هذا فالوحدة الوطنية الفلسطينية يجب أن تحقق تمتين وتعميق الارتباط القومي، والعمق القومي لشعب فلسطين هو مصدر قوته وفعالية ثورته.
إننا -كما قلت- نخوض صراعًا مصيريًّا قد يطول وقد يقصر، تبعا لما نهيئ له من أسباب القوة وعوامل النصر، ويأتي في قمة هذه الأسباب والعوامل ويشكل مصدرا لهـا تأكيد الحقيقة الكبرى، حقيقة الوحدة العربية، وتجسيدها واقعًا حيًّا عن طريق الكفاح الدؤوب المتواصل الذي لا تقلل من عزمه المتاعب، ولا تحد من تصميمه الانتكاسات، ومهما قست الظروف وأظلمت الأوقات وتعاظمت الصعاب، وكبرت القضايا والأهداف في وطننا العربي، فلا بد أن نتذكر دائمًا أن الوحدة العربية هي قضية القضايا، وهدف الأهداف.
وإذا كانت المحن التي تمر بها أمة من الأمم تحرك في أبنائها أعمق المشاعر النبيلة، وتفجر فيهم أعظم الطاقات الدفينة، فتولد لديهم أكبر قوة اندفاع نحو قضاياهـم الكبرى، فإنني أرى أن قضية فلسطين بقدر ماهي محنة عربية، يجب أن تفجر فينا مشاعرنا القومية النبيلة، وتوقظ في أعماقنا الوجدانية، ما يجب أن يشكل طاقة كبرى للاندفاع نحو أخطر قضايانا وأفضلها وأكثرها إلحاحًا؛ قضية الوحدة العربية.
مرة أخرى، أود أن أخاطب إخوتنا في الأرض المحتلة باسم شعبنا في سورية، مؤكدًا لهم أننا على العهد مقيمون، وفي نضالنا مستمرون، لا تراجع ولا تهاون، حتى تعود إلى شعب فلسطين حقوقه كاملة، نحن مع أهلنا وإخوتنا في الأرض المحتلة نعزز صمودهم، ونشد أزرهم في مواجهة المؤامرة الإمبريالية الصهيونية التي تستهدف الأمة العربية كلها.
أيها الإخوة أعضاء المجلس،
مرة أخرى أحييكم وأؤكد لكم أن أبناء القطر العربي السوري الذين كانوا دائمًا أمناء على قضيتهم قضية فلسطين، سيظلون على الدرب نفسه، ولن يستطيع أحد أن يحول دون استمرارهم في الوفاء لهذه الأمانة، والعطاء المستمر من أجلها، مهما تطلب ذلك من بذل، ومهما اقتضى من تضحيات.
رسائل وبرقيات وردت للمجلس الوطني الفلسطيني
تلقى المجلس الوطني الفلسطيني العديد من البرقيات والرسائل من الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة، كما تلقى عشرات الرسائل من الأرض المحتلة، موقعة ومختومة من قبل العديد من رؤساء البلديات والهيئات الطلابية والمجالس المحلية والنقابات والمؤسسات الاجتماعية، تؤكد وقوف جماهير شعبنا في المناطق المحتلة إلى جانب منظمة التحرير الفلسطينية، وتتمنى للثورة الفلسطينية المزيد من الانتصارات ضد الإمبريالية والصهيونية العالمية وعميلتهما إسرائيل. كما تشجب هذه البرقيات والرسائل اتفاقات كامب ديفيد بين السادات رئيس النظام المصري والكيان الإسرائيلي، الهادفة إلى تصفية القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية، وتؤكد دعمها المطلق لقيادة المنظمة والإنجازات التي حققتها، معلنين للملأ قاطبة بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب العربي الفلسطيني، حيثما كان وأينما وجد، داخل الأرض المحتلة وخارجها، كما تبين إصرارهم على رفض نهج السادات والحلول الاستسلامية، ومفاوضات الصلح المنفردة مع إسرائيل، ومقاومة ورفض مشروع الحكم الإداري الذاتي الإسرائيلي التصفوي.
هذا، وكان لرسائل وبرقيات أهلنا في الأرض المحتلة الذين منعتهم سلطات الاحتلال الصهيوني من المشاركة في أعمال المجلس الوطني الأثر الكبير، والاستحسان البالغ في نفوس جميع أعضاء المجلس.
جلسة العضوية
بعد أن تأكد لرئاسة المجلس الوطني الفلسطيني من اكتمال النصاب القانوني، وذلك بحضور معظم الأعضاء، وافق المجلس على اعتبار المناضل المطران إيلاريون كبوجي عضو شرف في المجلس، وكذلك قبول الثمانية التالية أسماؤهم أعضاء جددًا فيه، وهم:
1. فرحان أبو الخيل
2. محمد أبو شنار
3. محمد عباس
4. عبد الفتاح غانم.
5. سمير غوشة
6. أحمد عبد الحميد حسين
7. عبد الله العبد الله.
8. السيدة وديعة خرطبيل
إقرار جدول الأعمال:
عرضت رئاسة المجلس الوطني مشروع جدول الأعمال الذي أرفق بالدعوة الموجهة للأعضاء لإقراره وإدخال التعديلات اللازمة عليه.
وبعد نقاش شارك فيه بعض الأعضاء، تم إقرار جدول الأعمال التالي:
1) التقرير السياسي المقدم من اللجنة التنفيذية.
2) التقرير المالي المقدم من مجلس إدارة الصندوق القومي الفلسطيني المركزي، والبرنامج السياسي والبرنامج التنظيمي اللذين أقرهما المجلس المركزي.
3) مناقشة عامة للتقارير.
4) أعمال اللجان
5) مناقشة تقارير اللجان وتوصياتها
6) جلسة خاصة لمناقشة الوضع في الجنوب اللبناني
7) ما يستجد من أعمال
التقرير السياسي المقدم من اللجنة التنفيذية:
بعد توزيع التقرير السياسي على الأعضاء، قام فاروق قدومي رئيس الدائرة السياسية بمنظمة التحرير الفلسطينية بتلاوته، وهذا نصه:
أيتها الأخوات والإخوة أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني،
عقدت الدورة الثالثة عشرة في شهر مارس عام ١٩٧٧، ولقد قدمت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تقريرًا شاملا عن الفترة التي شملتها تلك الدورة، واليوم سوف يشمل تقريرنا السياسي على سرد وتحليل ومناقشة للأوضاع والمنجزات التي حققناها، في الفترة بين مارس ۱۹۷۷حتى 15/1/1979. لقد تجنبنا في هذا التقرير سرد الكثير من الوقائع والأحداث، واعتمدنا مبدأ الدراسة والتحليل لهذه الأحداث والوقائع حسب أولوياتها وحسب أهميتها.
يأتي انعقاد هذا المجلس بعد عام ونيف من انعقاد دورته الماضية التي تميزت خلالها هذه المرحلة ببعض السمات التي لابد من تسجيلها، لكي تكون مؤشرًا ومرشدًا في فهم الأحداث التي تلت الدورة الأخيرة، وتوضيح الظروف القاسية التي اجتازها نضالنا فيما بين الدورتين، على الصعيدين العربي والدولي.
كما أن هذه المرحلة تميزت باشتداد التناقضات بين التكتلات المختلفة داخل العالم الرأسمالي والاشتراكي، الأمر الذي ترك انعكاساته على مجمل العلاقات الدولية، بالإضافة إلى ملاحظة تباطؤ وتيرة الانفراج الدولي واحتمالات جمود سياسة الانفراج الدولي بين المعسكرين، بالرغم من توقيع اتفاقية هلسنكي،
حيث بات واضحًا أن سياسة الانفراج الدولي لا تعمل على توطيدها وتطويرها بإخلاص الولايات المتحدة الأمريكية، بل على العكس تحاول أن توظفها في خدمة سياستها القائمة على السيطرة والتوسع.
ولا شك أن كل ذلك يعكس نفسه على العلاقات الدولية وقضايا العالم القائمة، ومن بينها قضية الشرق الأوسط.
ولا شك أن هذه الفترة تعتبر من أهم وأخطر الفترات التي تمر بها قضية فلسطين بشكل خاص، والمنطقة العربية بشكل عام، فقد حكمتها ظروف ووقائع تعتبر في بعض الأحيان شاذة وسلبية، بالنسبة للعلاقات العربية فيما بينها، والعلاقات العربية الفلسطينية بشكل خاص. كما إننا تحملنا وزر وآثار مرحلة سابقة كادت تشبه هذه المرحلة إلى حد كبير، وبكلمة قصيرة نستطيع القول إن الأوضاع العربية التي تميزت بالخلافات والانشقاقات والتمزق، والصراع الدموي في بعض الأحيان، كانت لمثل هذه الأحداث مردودات سلبية كادت تؤثر على رصيدنا السياسي في المجال الدولي، ولكننا لا يمكن أن ننسى أو نتناسى الوعي الفلسطيني ونضجه وتساميه، فلقد كان سببًا من أسباب احتفاظ قضية فلسطين في مستوياتها اللائقة، بالرغم مما قدمته الثورة من تضحيات وخسائر لا مبرر لها.
ولا شك أن الحرب الخامسة التي شنتها قوى العدوان الصهيوني على جنوب لبنان، وصلابة المواجهة التي تميزت بها القوة الفلسطينية المقاتلة، قد زادت من رصيدها السياسي، وبدا الصراع على حقيقته وفي جوهره صراعًا فلسطينيا إسرائيليا، في إطار الصراع العربي الصهيوني.
ولقد أثبتت إسرائيل من خلال عدوانها بعد زيارة القدس أنها غير مستعدة للسلام العادل، ومستمرة في تنفيذ سياستها العدوانية التوسعية، علمًا بأن المفاوضات المصرية الإسرائيلية قد فتحت أمامها بوابة ضخمة، لتدخل من خلالها إلى العالم العربي، وقد انعكست هذه الأحداث بصورة مباشرة في المجال الفلسطيني، فتعززت الوحدة الوطنية، ونشطت العلاقات الفلسطينية الداخلية بشكل ملموس، وبالرغم مما تخللها في بعض الأحيان من قلق وتوتر، فقد تمكنت كل فصائل المقاومة من أن تقف موحدة، بداية من وثيقة طرابلس حتى الآن، كما نشطت منظمة التحرير الفلسطينية على المستويين العربي والدولي؛ لتواجه التحديات الجديدة، وبدأت تراجع الكثير من حساباتها في الماضي، وكانت تقيم من حين لآخر ما كانت تقوم به من أفعال أو ممارسات سياسية، طبقا لمقررات مجلسكم الوطني الكريم، وانطلاقا من الميثاق الوطني، وتنفيذًا لبرامج عملنا السياسي المرحلي.
وهنا لابد من القول: إننا سنتناول بالتفصيل في بعض الأحيان بعض المسائل التي نعالجها، وسوف نختصر عندما يجوز لنا الاختصار، فإذا كانت هناك أسئلة أو استفسارات، فنحن على استعداد للرد عليها بوضوح وصراحة كما عودناكم، فأنتم الأساس والمرجع، وأنتم مصدر الثقة والدعم، وسوف نضع أمامكم بأمانة وإخلاص كل ما فعلناه، وما نراه واجبًا في المستقبل.
السياسة الأمريكية في المنطقة العربية
أيها الإخوة،
رافقت الفترة الواقعة ما بين الدورة الثالثة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني والدورة الحالية، خروج النظام المصري عن الإجماع العربي، ومحاولة عزل مصر عن الأمة العربية، وإخراجها من دائرة الصراع ضد العدو الصهيوني، وذلك تنفيذًا لمخطط التسوية الأمريكية الصهيونية التي قبلها الرئيس السادات، وسار فيها شوطًا طويلًا، لم يعد قادرا بعدها على التراجع أو التغيير. ولئن كانت سياسة الولايات المتحدة الأمريكية إزاء قضية الشرق الأوسط قد بلغت مراحلها الخطيرة، بين الدورتين المذكورتين لمجلسكم الموقر، فإنها قد بدأت بشكل عملي وواضح بعد حرب أكتوبر عام ١٩٧٣، هذا ما حملنا على أن نثبت في تقريرنا السياسي الذي قدمناه إلى الدورة السابقة للمجلس أهداف هـذه السياسة العدوانية، ضد شعبنا الفلسطيني والأمة العربية التي تتمثل في سياسة الخطوة خطوة التي استهدفت تحطيم التضامن العربي، وضمان أمن إسرائيل، وسلامة حدودها، والعمل على اعتراف عربي بإسرائيل، وضرب الثورة الفلسطينية وتصفية قضية فلسطين، والمحافظة على المصالح الأمريكية، وضرب الصداقة العربية السوفيتية، وإنهاء الوجود السوفيتي في المنطقة العربية.
كما أن مشاريع التسوية الأمريكية الصهيونية التي طرحت منذ حرب أكتوبر عام ۱۹۷۳، لن توصل العرب ولا شعبنا الفلسطيني إلى حقوقهم الوطنية والقومية، وما هي إلا محاولات خادعة تتستر بشعار السلام لتثبيت الوجود الصهيوني في فلسطين، وتأمين استمرار المصالح الأمريكية الإمبريالية في الوطن العربي، ولهذا كانت مجمل نشاطاتنا في التحرك السياسي على المستويات المختلفة تنطلق من ضرورة الصمود في وجه هذه السياسة، والعمل على إفشال مخططاتها. مع شديد الأسف فقد وجدت هذه السياسة في النظام المصري عنصرًا عربيا أساسيا لتبدأ به، وما كان لها أن تنجح إلى هذا الحد لولا استجابة النظام المصري لها والتعامل معها. كما كانت الفترة ما بين عامي 1977 و1978، هي المرحلة التي بلغت تلك السياسة فيها قمة ممارساتها العملية، والتي تمثلت في اجتماعات القاهرة بزيارة الرئيس السادات للقدس، وزيارة بيغن للإسماعيلية، والتوقيع على اتفاقيات كامب ديفيد، والتوجه نحو توقيع معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل، وتستمد السياسة الأمريكية بعض اسمها من تقرير معهد بروكنغز حول التسوية في الشرق الأوسط الذي نوجز بعضا من فقراته، لكي نتمكن من إلقاء الضوء على هذه السياسة وأطوارها.
يشير التقرير إلى أن الوقت قد حان للتفاوض حول التسوية بين أطراف النزاع مباشرة، رغم أن الحكومات المعنية تتحمل مباشرة مسؤولية التفاوض والاتفاق إلا أنها غير قادرة على التوصل لاتفاق وحدها، إذ لا بد أن تأتي المبادرة من الخارج.
إن الولايات المتحدة -لما تتمتع به من ثقة الأطراف، ولما تملكه من وسائل المساعدة الاقتصادية والعسكرية لإيجاد إطار من المفاوضات، وتقديم اقتراحات واقعية من حين لآخر- هـي الطرف المؤهل للقيام بهذه المبادرة.
وعلى الولايات المتحدة أن تكون مستعدة لتقديم المساعدات والضمانات حيث يكون ذلك ضروريا ومرغوبا.
إن مفتاح النجاح في التوصل إلى حل مشكلة الشرق الأوسط يكمن في بذل الولايات المتحدة لجهود استثنائية لتحديد وتدبير التنازلات المقبولة من كل الأطراف. ويرى التقرير تقديم الاقتراحات التالية:
أ ـ تتعهد الأطراف المعنية باحترام استقلال وسيادة وسلامة أراضي الدول الأخرى، كما تقلع عن استخدام القوة والتهديد بها.
ب - تتعهد الدول العربية بالإضافة إلى إنهاء أعمال العنف ضد إسرائيل (الغارات المسلحة، المقاطعة الاقتصادية، الحملات الإعلامية) بتقديم الدليل على حسن النية بتطوير علاقات سياسية واقتصادية وطبيعية مع إسرائيل على نطاق إقليمي وعالمي.
ج - تتعهد إسرائيل بالمقابل بالانسحاب -حسب خطوات متفق عليها- إلى حدود ١٩٦٧ مع إجراء تعديلات يتفق عليها.
د ـ يجب أن يكون هناك نص على حق الفلسطينيين وحريتهم في تقرير مصيرهم، بشرط أن يقبلوا بسيادة إسرائيل وسلامة أراضيها ضمن الحدود المتفق عليها، ويمكن أن يكون ذلك بشكل كيان فلسطيني مرتبط مع الأردن أو دولة فلسطينية تقبل بالالتزامات والتعهدات الواردة في اتفاقات السلام.
هــ يرى المجتمعون أنه ليس بالضرورة أن يكون في السعودية تهديد لإسرائيل بل قد يكون إحدى الفرص البناءة، ولمصلحة إسرائيل أن يتحد العرب من أجل صنع السلام.
وـ كما يرون أن سوريا على استعداد لتبني السياسة السعودية المصرية المعتدلة ( التسوية عن طريق التفاوض).
ز ـ إذا لم يبدُ السلام ممكنًا في نظر المعتدلين العرب، فمن المحتمل جدًّا أن يعودوا إلى الاتحاد السوفيتي للحصول على الأسلحة، وأن الاتحاد السوفيتي على استعداد لذلك.
ح - فكما أن أمريكا لم تسمح بهزيمة إسرائيل، فمن المرجح ألّا يسمح الاتحاد السوفيتي بهزيمة عسكرية كبرى لأحد زبائنه الرئيسين.
ط ـ رغم أن نفوذ السوفييت في المنطقة آخذ بالتراجع، إلا أنه لابد من إشراكه في التسوية لحفظ ماء الوجه، وإلا فمن المحتمل أن يكون بمقدوره تقويض الحل، عن طريق بعض الجماعات المتطرفة.
ي ـ بقدر ما يستبعد تصور حل لا يشترك فيه الاتحاد السوفييتي، يستبعد تصور مشاركة سوفييتية فعالة؛ نظرًا لضيق علاقته بالأطراف، إلا أنه بالإمكان اختيار السوفييت بسهولة إلى طاولة المفاوضات كمشارك أقل قرابة. ولكن إذا تبين أن السوفييت غير مستعدين لهذا النوع من المشاركة، فإن المفاوضات تجري بشكل غير رسمي، ويبقى مؤتمر جنيف فقط للتصديق على ما يتفق عليه بين الأطراف.
ق - من الأفضل أن يصادق مجلس الأمن على اتفاقات السلام ويتخذ الإجراءات المناسبة لدعمها.
أيها الإخوة،
إن مقارنة أسس السياسة الأمريكية نحو التسوية بالموقف الإسرائيلي الرسمي الذي تبلور، واتضح من خلال اجتماعات واتفاقات كامب ديفيد، يظهر مدى التطابق بين الموقفين الأمريكي والإسرائيلي في النظرة للتسوية الاستسلامية التي تدور فصولها الآن.
وعلى ضوء هذه الأسس المشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وتجاوب النظام المصري معها بالتنازلات والتراجعات الباهظة، على حساب قضية فلسطين ومستقبل الأمة العربية؛ ندرك مدى الأخطار الجسيمة التي تهدد المنطقة العربية لسنين طويلة قادمة.
إن طبيعة هذه الهجمة الصهيونية قد وضعت منظمة التحرير الفلسطينية أمام معركة شرسة على مختلف المستويات السياسية، فلسطينيا وعربيا ودوليا، بالقدر الذي تتطلب فيه المواجهة مع هذه الأوضاع وحدة وطنية فلسطينية للصمود، فإنها تتطلب العمل على المستوى العربي لتطويق ما يترتب عليها من انحرافات عربية باطنية نحوها. أما على المستوى الدولي، فإن هذه السياسة المقبولة من النظام المصري تولد انعكاسات خطيرة على علاقاتنا مع الدول الأخرى أولا، كما تنطوي على تأثيرات سلبية في المحافل الدولية على قضية فلسطين، في اتجاه إجهاض المكتسبات الدولية التي حققتها القضية، على مدار سنوات طويلة ماضية. وتفرض علينا خوض معركة عنيفة وشرسة، ضد مفهوم السلام الأمريكي الإسرائيلي.
التسوية الأمريكية ومراحل تطورها:
سارت التسوية السياسية الأمريكية في طريق لا تعرج فيه، فقد اختطّ كسينجر سياسة المراحل، وبدأ ينفذها مرحّلة، بدءًا بفك الاشتباك الأول وانتهاء بكامب ديفيد، وسياسة المراحل بالنسبة لكيسنجر، كانت ترافقها الدبلوماسية السرية التي ترى وضع قضية فلسطين على الرف، والبدء أولا بحل أزمة الشرق الأوسط بدون قضية فلسطين، لذلك كان يرى أية خطوة تتم حسب هذا المخطط هي خطوة سليمة، ستسير بأزمة الشرق الأوسط إلى الحل الذي تشتهيه الولايات المتحدة الأمريكية.
وكان يرى كيسنجر في عهد نيكسون، وفورد من بعده، ألّا يتطرق في تصريحاته للمسألة الفلسطينية، اهتمامه في الانسحابات الجزئية مقابل ما يحصل عليه الإسرائيليون من شروط للأمن، ثم من مقومات دفاعية وهجومية في آن واحد، فلقد كانت بروتوكولات سيناء تنص على عدم التعامل مع منظمة التحرير الفلسطينية، واستمرار الولايات المتحدة بسياستها الحالية، حتى تعترف منظمة التحرير بالقرارين ٢٤٢ و۳۳۸، كما قدمت هذه الاتفاقية (التي سميت باتفاقية سيناء الثانيــة) ضمانات أمريكية لإسرائيل، على أساس متواصل وطويل الأمد، لتلبية حاجات إسرائيل من الاعتدة العسكرية، والطاقة، والمعونات الاقتصادية، وألزمت إسرائيل الولايات المتحدة بالمشاورات الدولية المتبادلة حول هذه المساعدات العسكرية والاقتصادية، فقدمت لها النفط، وتعهدت بتقديم الوسائل اللازمة لنقل هذا النفط في كافة الظروف إذا وجد أو لم يوجد الحظر على النفط، وألزمت حكومة الولايات المتحدة من أجل بناء التسهيلات لتخزين النفط في إسرائيل لمدة تكفي حاجة إسرائيل لمدة ستة أشهر على الأقل. كما أن هذا الاتفاق كان ينص على ضرورة التزام الولايات المتحدة في أن يكون هذا اتفاق سلام نهائي مع مصر، ونصت المادة الثانية عشرة من الوثيقة الأولى من هذا الاتفاق على ما يلي:
(يقوم موقف حكومة الولايات المتحدة على أن الالتزامات المصرية بموجب الاتفاق المصري الإسرائيلي وتطبيقه، وسريان مفعوله ومدته ليست مشروطة بأي عمل أو تطورات، بين دول عربية أخرى وإسرائيل).
إن حكومة الولايات المتحدة تعتبر أن الاتفاق قائم بذاته، وهذا معناه عزل مصر نهائيًّا عن قوى المواجهة العربية الأخرى، وتوقيع اتفاق منفرد معها. كما نصت المادة الثالثة على أن تشارك الولايات المتحدة في الموقف الإسرائيلي في أنه في الظروف السياسية القائمة ستوجه المفاوضات مع الأردن نحو تسوية سلمية شاملة، وهذا أيضا يعني إغفال منظمة التحرير وقضية فلسطين بشكل عام، كما نصت المـــــادة الرابعة عشرة على اعتراف حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بحق إسرائيل في حرية الطيران فوق البحر الأحمر، وحرية المرور في مضايق باب المندب وجبل طارق.
أما عن مؤتمر جنيف للسلام، فقد ورد في الوثيقة الثانية ما يلي:
(يعاد عقد مؤتمر جنيف للسلام في موعد يجري تنسيقه بين الولايات المتحدة وإسرائيل)، وفي البند الثاني، (تواصل الولايات المتحدة سياستها الحالية بعدم الاعتراف بمنظمة التحرير، وتسعى إلى تنسيق موقفها وإستراتيجيتها في مؤتمر جنيف مع حكومة إسرائيل). وتنص المادة الثالثة على (أن تبذل الولايات المتحدة كل الجهود لتضمن إجراء كل المفاوضات الأساسية في المؤتمر على أساس ثنائي).
كما تنص المادة الرابعة على أن الولايات المتحدة ستقترع ضد كل مبادرات مجلس الأمن لإجراء تعديل مضر بالقرارين ٢٤٢ و۳۳۸، لقد سبق للولايات المتحدة أن اقترعت ضد ذلك في شهر يناير عام ١٩٧٦، أما الوثيقة الثالثة لهذا الاتفاق فكانت حول المساعدات العسكرية لإسرائيل، وأن الولايات المتحدة مصممة على الاستمرار في المحافظة على قوة إسرائيل العسكرية، بواسطة إمدادها بأنواع متطورة من الاعتدة كطائرات ف - ١٦. وستقدم حكومة الولايات المتحدة سنويا إلى الكونغرس الأمريكي طلبًا بمساعدات عسكرية واقتصادية لتلبية حاجات إسرائيل. وقد ورد في الوثيقة الأولى أن حكومة الولايات المتحدة ستأخذ موافقة الكونغرس الأمريكي على كل ذلك؛ حتى يصبح الاتفاق ملزمًا لكل رئيس أمريكي جديد.
هذه هي خطوط السياسة الأمريكية وملامح سيرها بالنسبة للتسوية، وإن اختلفت التكتيكات التي استخدمت لتنفيذها، ولقد اعتمدت السياسة الأمريكية في تنفيذها للتسوية السياسية على شق الجبهة العربية، وخلق المزيد من الأحداث والخلافات بين الأطراف العربية، فجاءت أحداث لبنان دليلا على ذلك، فلعب (دین براو) دورًا أساسيًّا في إشعال الفتنة في لبنان الشقيق، وإرباك الصف العربي وتمزيقه، لتمرير اتفاقية سيناء بسهولة ويسر.
بل إن هذه المؤامرة قد أشغلت الأطراف الأساسية وحلفائها لمدة من الزمن، وبالرغم من نشر هذه الوثائق على الملأ العربي، فإن بعض الأطراف العربية لم تتخذ أية إجراءات لإيقاف هذا التدهور، وردع النظام المصري، ليعود مرة أخرى بعد أن انحرف عن المسيرة العربية الصحيحة. وبدأت بعد ذلك محاولات من النظام المصري، ومن أطراف أخرى، لإقناع منظمة التحرير الفلسطينية بالاعتراف بالقرار ٢٤٢، على أن تعترف الولايات المتحدة بمنظمة التحرير، وبحقها في الاشتراك في مؤتمر جنيف، على أساس إقامة دولة فلسطينية، وعادت تراجعت وقالت: اعتراف المنظمة بالقرار ٢٤٢ مع التحفظ عليه لعدم ذكره للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، فإن الولايات المتحدة ستقوم بالمقابل بإجراء حوار مع منظمة التحرير. وكانت لعبة خبيثة أدركناها منذ البداية، رفضناها وفندناها في حينها، مشيرين إلى بروتوكولات سيناء التي تلزم الولايات المتحدة بعدم القيام بمثل هذا العمل.
والحقيقة أن المؤامرة قد اكتشفت نهائيا في الأشهر الأولى من عام ۱۹۷۸، فقد كانت الولايات المتحدة تقول للأطراف العربية إن التزاماتها تحول دون أن تتحاور مع منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن يمكنها أن تعترف ببعض حقوق الشعب الفلسطيني.
وهنا نرى أن السياسة الأمريكية متوافقة مع السياسة الإسرائيلية، في أن تكون هناك اتفاقات ثنائية وجزئية ومرحلية، وسلام متعاقد عليه مع كل طرف على حدة، وعدم التنازل عن كل الأراضي العربية المحتلة في عام ١٩٦٧، وشاهدنا كيف بدأ مع التراجع العربي تعنت إسرائيلي ملحوظ خاصة، بعد أن تسلم الليكود برئاسة بيغن مسؤولية الحكم في إسرائيل، وكان ذلك بمثابة إشارة إلى الأطراف العربية، وخاصة مصر؛ كي تزيد من تنازلاتها أمام هذا التعنت الإسرائيلي. ومع الأسف الشديد، استجاب الحكم في مصر لمثل هذه الابتزازات السياسية، وذهب بعيدًا إلى حد زيارة وعقد اجتماعات ثنائية في القاهرة والإسماعيلية، فتمت هناك عملية الانحراف الكامل عن الإجماع العربي وعن مقررات القمة العربية، وأُسقط ذكر منظمة التحرير الفلسطينية في خطاب القدس في الكنيست، وبعدها جاء دور إقامة دولة فلسطينية مستقلة، فسقطت في اجتماعات الإسماعيلية، ولما جاء كارتر إلى المنطقة العربية ووقعت اجتماعات أسوان، سقط حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وصدر بيان بحق الفلسطينيين بالمشاركة في صنع مستقبلهم، وتوالت التراجعات والتنازلات من جانب النظام المصري -مع الأسف- إلى أن عقد اجتماع كامب ديفيد، وتم فيه التوقيع على اتفاقيتين، تخص الأولى سيناء، والثانية الضفة الغربية وقطاع غزة. وباختصار، نستطيع القول إن هاتين الاتفاقيتين لا تضمنان حتى سيادة مصر على أراضيها، فلقد ورد مثل هذا النص في مقدمة الاتفاق، ولم يأت في صلبه، وهذا في العرف القانوني غير ملزم. ولقد نص الاتفاق الأول على فترة انتقالية مدتها خمس سنوات بالنسبة للضفة الغربية، وعلى حكم ذاتي محدود، وعلى إشراف القوات الإسرائيلية بعد تخفيض عددها على الأمن في الضفة الغربية، وعلى إجراء انتخابات في موعد لم يحدد، ولم يشر الاتفاق إلى وقف إنشاء المستعمرات في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولا إلى الانسحاب الشامل للقوات الإسرائيلية من الأراضي الفلسطينية، حتى بعد نهاية الفترة الانتقالية، كما أشارت إلى عرب الداخل وكأنهم رعايا يقيمون على أرض إسرائيلية، لا يمتلكون حق السيادة عليها، كما أن الاتفاق أهمل بشكل واضح الشعب الفلسطيني خارج الأراضي المحتلة، ولم يعترف بحق عودتهم إليها، وبذلك أراد تقسيم شعبنا إلى شعبين من خلال إجراء انتخابات محلية، واستبدال منظمة التحرير وانتزاع صفتها التمثيلية الشاملة لهذا الشعب. كما أن الاتفاق أهمل القدس ولم يذكرها، وقال المتعاقدون إن هناك رسائل متبادلة حول هذه المسألة، وبدأت مسرحية الخلافات حول ضرورة الربط أو عدمه بين الاتفاقيتين، وهذا الأمر أخطر من عدم الربط بحد ذاته. كما قيل إن المادة السادسة هي موضع خلاف لدى الأطراف المعنية، أي أن الجانب الإسرائيلي يطالب بأن تكون هذه الاتفاقية لديها الأولوية بالنسبة لكل اتفاق آخر عقدته أو تعقده مصر مع أي طرف عربي أو أجنبي. أضف إلى ذلك أن هاتين الاتفاقيتين قد أضيفت إليهما ملاحق وبنود أخرى، تشمل تبادل السفراء، وإقامة علاقات دبلوماسية وقنصلية عادية، وإقامة علاقات تجارية وثقافية طبيعية من خلال اتفاقات تعقد بينهما، وأن يمتنع الطرفان عن القيام بأي نوع من الدعاية ضد الآخر، بالإضافة إلى اتفاقات حول النقل والمواصلات، وبناء طريق يربط مصر بالأردن عند شمال إيلات، وفتح الموانئ بين الطرفين، وحرية الملاحة في المياه الإقليمية لكل طرف.
وفي هذا الطريق سارت التسوية السياسية الأمريكية الإسرائيلية، ولكنها لم تسر بسهولة ويسر. وفي ظل هذه التطورات السياسية كان علينا أن نعزز نضالنا العسكري والسياسي ونشاطاتنا داخل الأرض المحتلة، ونزيد من تحركاتنا الدبلوماسية على المستويين العربي والدولي.
العمل على مستوى أرضنا المحتلة:
لقد نشطت مجموعاتنا المقاتلة داخل أرضنا المحتلة، وتصاعدت عملياتنا العسكرية في جميع أرجائها، حتى أصبحت تزيد على العشرات كل شهر، وبدأت تتنوع في مضمونها، وتأخذ أشكالا متعددة؛ مما أثار العدو الصهيوني، فقام بالعديد من الغارات الانتقامية مستخدما المليشيات الانعزالية في جنوب لبنان، فقد تعرضت القرى اللبنانية بما في ذلك النبطية إلى غارات قصف وحشي، ولكن كان رد الثورة الفلسطينية سريعًا وفعالا، وكانت الأشهر تمر، والعمل العسكري في هذا المجال بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية.
كما قدمت هذه العملية للرأي العام العالمي الدليل على أن إسرائيل بقيادة حكومة الليكود بزعامة بيغن غير مستعدة للسلام، فقد قابل الإرهابي بيغن ما يقال لها مبادرة السلام المصرية بعدوان جديد، فدلل على النوايا العدوانية التوسعية الحقيقية لإسرائيل. ولا شك أن مثل هذا العدوان كان معدًّا منذ زمن ضمن مخططات إسرائيل التوسعية، فأثبت للعالم بشكل قاطع النوايا العدوانية لإسرائيل. وقد اجتمع مجلس الأمن بسبب هذا الوضع الخطير الناشئ، واتخذ قراره رقم ٤٢٥ و٤٢٦، بإرسال قوات دولية إلى جنوب لبنان متجاهلا الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية اللتين تصدينا للعدوان الإسرائيلي الغاشم. لقد حركت هذه الأحداث شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج، فانتفض في مظاهرات صاخبة وبدأت قوافل المتطوعين بالآلاف تنضوي تحت لواء الثورة، فارتفعت معنويات جماهيرنا عندما احسوا بقوة الثورة وشكيمتها وقدرتها على الصمود والتصدي وحيدة في هذه الحرب الخامسة، بالرغم من تفوق الجندي الإسرائيلي بالسلاح والعتاد والمعدات.
فلقد تفوق المقاتل الفلسطيني على الجندي الإسرائيلي في فنون القتال والمواجهة وحسن التدريب، واستخدام تكتيك حرب العصابات الذي أتقنه مناضلونا بشكل شهد به لهم الكثير من الخبراء العسكريين في الدول الصديقة وغير الصديقة في العالم.
لقد رفضت منظمة التحرير الفلسطينية القرارين ٤٢٥ و٤٢٦ والقرارين أن تأتي قوات الأمم المتحدة وتأخذ مواقعها في الجنوب بدون التسهيلات التي قدمناها، فدارت بيننا وبين الأمين العام للأمم المتحدة الدكتور كورت فالدهايم ومستشاريه السياسيين والعسكريين مشاورات ومفاوضات مطولة، تم الاتفاق بيننا على أن تقدم لقوات الأمم المتحدة كل التسهيلات، من أجل ضمان انسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب، وضمان سيادة لبنان الشقيق على كل أراضيه، شريطة عدم المساس بالاتفاقات المعقودة بيننا وبين السلطة اللبنانية، كما قامت اتصالات مباشرة بيننا وبين الدول التي اشتركت في إرسال قوات دولية لبحث هذه المسألة؛ لأنها كما تدرك بأننا كنا نمسك بمفتاح الحل، وأن قراري مجلس الأمن ناقصان وغير مكتملين. ولكن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي فرضت مثل هذين القرارين. لقد عززت نتيجة هذه البطولات والمواقف المكانة السياسية والعسكرية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وحظيت بمزيد من التقدير من جانب الأوساط الدولية
أما في المجال السياسي، فلقد أعلنت جماهيرنا من خلال هيئاتها وبلدياتها ومجالسها القروية ومؤتمراتها الشعبية، تمسكها بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني، فتظاهرت يوم زيارة السادات للقدس الشريف، وأرسلت العرائض والاحتجاجات على مثل هذا العمل إلى الجامعة العربية والأمم المتحدة مدينة مستنكرة، ووقفت صارمة أمام من سولت له نفسه دعم هذه الخطوة التصفوية لقضية فلسطين، ورفضت اتفاقات كامب ديفيد، وأعلنت هذا الرفض في كل مناسبة وعززت من وحدتها وتماسكها، فكان إجماع أهلنا في الداخل مثلًا يحتذي به لكل الشعوب حتى أن شعبنا داخل الأرض المحتلة قديما لم يخش الإرهاب، بل أعلن نفس الموقف وتظاهر واحتج مستنكرًا هذه التسوية الأمريكية، فكان الإجماع الشعبي دليلًا واضحًا على وحدتنا الوطنية وتماسكنا وقوتنا السياسية.
كما رفض شعبنا مقابلة المبعوثين الأمريكيين ساندروز وأثرتون، حتى أن تلك القلة القليلة التي قامت بمقابلة هذين المبعوثين أعلنت بوضوح أنها لا تمثل الشعب الفلسطيني، وأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا في الداخل والخارج، وأن اتفاقات كامب ديفيد لا توفر الحد الأدنى المقبول لهذا الشعب، كما أعلنت جماهيرنا رفضها للحكم الذاتي، ولأية انتخابات مقبلة بهدف خلق قيادات بديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية.
التحرك على الصعيد العربي:
لقد حددت منظمة التحرير الفلسطينية منذ البداية موقفها الحاسم، وأعلنت رفضها لاتفاقية سيناء وما تلاها من خطوات استسلامية، وسيرت الوفود إلى جميع البلاد العربية، تستنهض الهمم وتشرح موقفها وأسباب رفضها لاتفاقية سيناء، وتعاونت مع سوريا الشقيقة، ونسقت معها جهدها على الصعيدين العربي والدولي حتى تخلق القاعدة الصلبة لجبهة الصمود والتصدي، بالرغم من ضعف التجاوب العربي في ذلك الحين، ووجود بعض الدول العربية التي كانت ترى فيما يقوم به النظام المصري عملا صالحا ومبررا، باسم المرونة أحيانا والسلام أحيانا أخرى، فإن الخطوات التي اتخذها النظام المصري قد أجبرت هذه الدول في النهاية أن تعلن موقفها بوضوح، بالنسبة لاتفاقيتي كامب ديفي،د وأحست بأخطائها لعدم اتخاذها موقفا رافضا منذ البداية لاتفاقية سيناء، وكنا والشقيقة سوريا نعمل ونبذل كل جهد لنقف أمام التحدي الجديد، وقد تضامنت معنا في هذا الموقف كل من الجزائر وليبيا واليمن الديمقراطي والعراق، وقد عقدت العديد من مؤتمرات قمة الصمود والتصدي كان أولها في مدينة طرابلس في ليبيا، حيث صدرت القرارات الأولى لجبهة الصمود والتصدي، معلنة موقفها الحاسم من خطوات التسوية الأمريكية، كما صدر في ذلك المؤتمر وثيقة طرابلس المشهورة عن جميع المنظمات الفدائية الفلسطينية. وعقد بعدها مؤتمر الجزائر، ثم دمشق، فكانت هذه المؤتمرات بمثابة وقفات سياسية تشير وتدعو الأمة العربية إلى ضرورة رد النظام المصري عن غيّه، ووقف هذه الخطوات التراجعية، والعودة به إلى الخط العربي السليم.
لقد كانت زيارة القدس نذيرًا لكل فرد وبلد عربي، فلقد قدم الرئيس السادات في تلك الزيارة الاعتراف الواقعي بإسرائيل، وأعلن إنهاء حالة الحرب معها، وبدأ إقامة علاقات طبيعية، واعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ودمر الجهـــــود الدولية التي كانت تعمل من أجل سلام عادل، كما حطم مؤتمر جنيف الذي كان أول من نادى به. وفي خطابه في الكنيست الإسرائيلي أسقط ذكر منظمة التحرير الفلسطينية، وتلا ذلك التنازل تلو الآخر.
لقد قامت جبهة الصمود والتصدي من الأطراف الخمسة التي ذكرناها، وبذلت الجهود مع العراق الشقيق لكي ينضم إلى هذه الجبهة، ولكن كان له رأيه واجتهاده الخاص، فكانت قرارات جبهة الصمود تنص وتحث على جلب العراق ليصبح عضوًا فاعلا في جبهة الصمود والتصدي.
ومع الأسف مرت العلاقات الفلسطينية العراقية في تلك الفترة من الزمن بصراعات سقط فيها العديد من الشهداء بلا سبب أو مبرر، فانعكست مثل هذه الإحداث على جبهة الصمود والتصدي، وعلى المنطقة العربية بأسرها، وبذلنا وبذل الأشقاء معنا كل جهد خير لرتق الصدع وتعزيز التضامن وحل كل الخلافات. ومع الأسف مرة أخرى جرت محاولات من أطراف عربية أخرى، مستغلة هذه الظروف الصعبة التي تمر بها القوى العربية التقدمية، والخلافات المستشرية بينها، فكانت تروج للنهج الذي اتخذه الرئيس السادات، وكأنه الأمثل، وبدونه ستسير الأمة إلى الهاوية، وتشكلت لجنة لعودة التضامن العربي من بعض الأشقاء العرب، وجالت بلدان دول الصمود والتصدي لتقنع هذه الدول بأن النظام المصري سيعود إلى الإجماع العربي، وكانت تدعو إلى جمع الصفوف وتوحيد الكلمة. وكان النهج التسووي أثناء ذلك يسير بهدوء ويسر، ولم تنطلِ مثل هذه المحاولات التي كانت تهدف أيضا إلى تقديم غطاء عربي للجهود والمفاوضات التي يقوم بها النظام المصري، ولتخفيف النقمة العربية عليه، وتقديم مظلة واقية جديدة له.
وكانت منظمة التحرير وسوريا الشقيقة، بالإضافة إلى ما عانته بسبب ما قام به الرئيس السادات، قد عانت المزيد من الأزمات داخل لبنان الشقيق، فتحركت أصابع الشر والفتنة من القوى الانعزالية، فكانت تفتعل الأحداث مثل أحداث الفياضية، لتلتهب الخصومات من جديد، ولتزرع الأحقاد والفساد في لبنان وبين صفوف شعبه البطل، وتصاعدت مثل هذه الأعمال لكي تسهل تمرير مؤامرة التسوية، وصمدت سوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية وكظمت غيظها، كما بدأت تروج إشاعات حول مشاريع التوطين لشعبنا في لبنان، هادفة من ذلك إثارة المتاعب والصعاب أمام مسيرة هذه الثورة، بعد أن خذلت القوى الانعزالية من قبل حليفتها إسرائيل، من خلال اتفاقات كامب ديفيد التي تتنكر لحق شعبنا في العودة إلى أرضنا المحتلة وإبقاءه لاجئا في البلدان العربية ومشردا في بقاع العالم الأخرى.
وجاءت أحداث جنوبي لبنان تهدف في جملة ما تهدف اختبار جدية وفاعلية جبهة الصمود والتصدي، وتوريط سوريا الشقيقة في معركة غير مستعدة لها، ولكن تعاوننا وتنسيقنا المتعاظم مع سوريا الشقيقة فوت على العدو فرص توريط سورية بتوجيه ضربة قاسية لها. وتوالى جهدنا ونضالنا على المستوى العربي بدون كلل أو ملل، إلى أن جاءت اتفاقيات كامب ديفيد فكانت منعطفا آخر في العلاقات العربية، فدعت العراق الشقيق إلى عقد مؤتمر قمة عربي كنا من أوائل من لبى الدعوة لهذا المؤتمر، تقديرًا منا للمسؤولية وإحساسًا لجسامة الأخطار والتحديات التي تواجهها الأمة العربية في مرحلة كامب ديفيد.
وتثار من آن لآخر شائعات التوطين، وتهدف مثل هـذه الشائعات تشويه نضالنا الفلسطيني، ومحاولة للابتزاز السياسي الرخيص كلما تراءى للقوى الانعزالية وحليفتها إسرائيل أن كفة الميزان تميل لصالح القضية الفلسطينية.
ونسمع اليوم كما تعلمون من حملة واسعة حول مشاريع التوطين، علمًا بأننا لم نترك فرصة أو مناسبة أو مؤتمرا إلا أعلنا رفضنا ورفض شعبنا المشاريع التوطين خارج أرضه الفلسطينية، ولكن الإصرار على إثارة مثل هذه المقولات يهدف إلى إعاقة مسیرة السلام والأمن في لبنان، وزيادة شقة الخلاف وترسيخ التحالف الانعزالي الإسرائيلي.
وقد كنا منذ البداية مع مقررات بيت الدين وخطته الأمنية، ولكن الجانب الانعزالي رفض هذه المقررات، ومع الأسف فإن ضعف السلطة الشرعية يجعل من السهل على الجبهة اللبنانية أن تبتز هذه السلطة، وتؤثر عليها لتسير في اتجاهات خاطئة، وسيبقى الحال في لبنان على ما هو عليه إذا لم تحزم السلطة الشرعية بقيادة الرئيس سركيس أمرها، وهي تملك القوة والمقومات لمثل هذا الحزم إن أرادت ذلك؛ لأن قوات الردع العربية تحت إمرتها تتصرف بها كيفما شاءت، وتستطيع أن تفرض من خلالها ما تريد، ولكن السؤال الذي يطرح: هل هناك استعداد لذلك؟ وإلى أي مدى هذه السلطة جادة في هذا الأمر؟.
وبهذا الصدد نود أن نؤكد على تحالفنا وتلاحمنا مــــع الحركة الوطنية والجبهة القومية في لبنان والقوى الوطنية الأخرى، ونحن مصممون على تعزيز وتطوير هذا التلاحم ومساندة القوى، لإفشال مخططات إسرائيل في التوسع التدريجي في جنوب لبنان باستخدامها الشدياق وحداد. ولقد بدا واضحًا أن إسرائيل والقوى الانعزالية تريد أن تكرس الوضع الراهن، والانقسام النفسي، وخلق إدارة لا مركزية والترويج لحكومة فدرالية. وبالرغم من التصريحات التي نسمعها من آن لآخر حول حرص البعض على وحدة لبنان واستقلاله، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها يعملون على إعاقة مسيرة السلام وتقسيم لبنان، وخلق المزيد من الفرص لكي تتحكم إسرائيل شيئا فشيئا في جنوب لبنان، من خلال خلقها وتكريسها للكانتون المسيحي هناك في الجنوب. لقد أصبح لبنان قضية عربية، لا بد أن تتكاتف كل الجهود العربية المخلصة لحل أزمته، بالابتعاد به عن أزمة الشرق الأوسط إن أمكن. ولقد دعونا إلى مثل ذلك مرارًا عديدة، ولكن هناك من يريد أن يبقيها حلقة من حلقات التسوية الأمريكية لتبقى مشكلة دائمة لاستنزاف القوة العربية في هذا البلد الشقيق ونقطة ضعف في أية مجابهة جديدة مع العدو الإسرائيلي، وهي تقف الآن على مفترق طرق.
أيها الإخوة،
لقد أدركت سوريا الشقيقة مثل ما أدركنا ضرورة اتخاذ مبادرة تاريخية تعيد التوازن المختل بين العرب وإسرائيل، بعد أن عزلت مصر نفسها عن الأمة العربية. فكتب الرئيس حافظ الأسد رسالته المشهورة إلى الرئيس أحمد حسـن البكر، فتم اللقاء السوري العراقي في بغداد، وصدر ميثاق العمل القومي المبارك؛ فكان سببا أساسيا في إنجاح مؤتمر قمة بغداد، وانعقد مؤتمر القمة في بغداد، وكان همنا في هذا المؤتمر التأكيد على مقررات مؤتمري القمة في الجزائر والرباط، وتوسيع مضمونهما وإفصاح معاني مقرراتهم فصدرت القرارات الخاصة بفلسطين باسم المبادئ الأساسية، وذكرت الأهداف المرحلية التي نص عليها مؤتمر القمة في الجزائر، كما رفض المؤتمرون اتفاقات كامب ديفيد، ورفضوا التعاون مع نتائجها الاقتصادية والسياسية والقانونية وقدمت للمنظمة معونات تليق، لأول مرة بمهامها النضالية في المرحلة المقبلة، كما نصت البنود الأخيرة على الإجراءات التي يجب اتخاذها ضد النظام المصري في حالة توقيعه النهائي على اتفاقيتي كامب ديفيد. وطلب بعض أعضاء المؤتمر بإصرار من وراء الكواليس إرسال لجنة إلى الرئيس السادات، ورفضت منظمة التحرير هذه الفكرة، مع بعض الأشقاء الآخرين، وتحفظت عليها كتابيا، وأصررنا أن لا تناقش هذه المسألة في اجتماعات المؤتمر، ولتبقى عمل كواليسنا.
وسار مؤتمر بغداد مجمعا على كل قراراته بالرغم من المحاولات الحثيثة التي بذلها البعض لإفشاله، فكانت الحكمة والروية هي المبادئ السائدة في هذا المؤتمر، وخلا من المراودات والمناقصات، واتفق العرب على الحد الأدنى الذي يمكن الاتفاق حوله، فكان وقع هذا المؤتمر حسنًا على المستوى العربي والدولي، وكانت قراراته ورقة رابحة في يدنا، نلوح بها أمام من يحاول أن يدعي أن هناك من يقف مع السادات في نهجه ومسيرته الخاطئة. وانعكست قراراته على الدول الغربية بشكل خاص، فالدول العربية المنتجة للبترول بأجمعها تعارض اتفاقيات كامب ديفيد، وتدعم منظمة التحرير وتعزز موقفها على كافة المستويات، كما انعكس داخل أروقة الأمم المتحدة وفي وكالاتها المتخصصة، وسوف يأتي شرحنا لذلك في مكان آخر.
كما جرت داخل المؤتمر محاولات لتصفية الخلافات العربية بين سورية والعراق من ناحية، ومنظمة التحرير والعراق من ناحية أخرى، والأردن والمنظمة من ناحية ثالثة، وكانت محاولات ناجحة وصدر قرار المؤتمر بإلغاء قرار الجامعة العربية الذي ينص على تجميد عضوية اليمن الديمقراطي في الجامعة العربية الذي كان قد اتخذه مجلس وزراء الخارجية قبل شهر من ذلك في القاهرة بغياب جبهة الصمود والتصدي.
الحوار مع الأردن:
لقد جرت محاولات جادة مع الإخوة السوريين لكي نقيم حوارا مع الأردن، وتمكنا فيه من التوصل إلى نتائج جيدة، ولكن لم يتواصل مثل هذا الحوار، بل انقطع لسبب نجهله، حتى جاء الملك حسين داخل المؤتمر في بغداد، ليعلن استعداده لمد يده إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وكان علينا أن نستثمر هذا الموقف استثمارًا جيدا فيما يتطابق مع نظرتنا للساحة الأردنية، بما لها من أهمية بشرية وجغرافية بالنسبة لقضية فلسطين وللثورة الفلسطينية، ولعلاقاتنا بالحركة الوطنية الأردنية، تلك النظرة التي ترى في الساحة الأردنية ساحة أساسية على مستوى المواجهة مع العدو، كما أنها الساحة التي تضم أكبر تجمع من شعبنا، سواء في الضفة الغربية أو في الأردن، ولا شك أن ما ترتب على طبيعة العلاقات المتوترة بيننا وبين الحكم الأردني منذ عام ١٩٧٠، قد أحدث تأثيرًا كبيرًا على مصالح شعبنا ومواقفه؛ الأمر الذي زاد أعباءنا الوطنية، ومن الضغوط المرهقة لنا. ومن هنا كان عامل المحافظة على المكتسبات التي تمتع بها أبناء شعبنا في الماضي، وتعثرت فيما بعد، هو عامل يضاف إلى نظرتنا الأساسية نحو الساحة الأردنية في محاولة التوجه للحوار مع الأردن، بهدف الوصول إلى علاقات تسمح لنـــــــا بالتواجد بين أبناء شعبنا هناك، وعلى مقربة من أبناء شعبنا في الضفة الغربية، وتعيد لأبناء شعبنا المتضررين، مما حدث بيننا وبين النظام الأردني في الماضي من صراعات دموية، تأكيد مكتسباتهم المشروعة والمقررة، وتعيد إحساس الجميع بالوحدة والتآخي، وتخلق الظروف ليحظى العمل الفدائي بالتسهيلات الممكنة التي تعينه في نضاله اليومي، وبناء على هذا توجهت بعض الوفود إلى الأردن حاملة هذه الأهداف، ومسلحة بقرارات مؤتمرات القمة العربية في الجزائر والرباط وبغداد، وفتحت حوارًا مع المسؤولين هناك، لا نستطيع أن نزعم بنجاحه التام، كما علينا ألّا نتفاءل كثيرًا من ورائه إلا أن المصالح التي تعود على ثورتنا وشعبنا هناك من إيجاد علاقات تسمح مع الزمن بتحقيق ما ذكرناه، هي الدافع الذي يجعلنا حريصين على استمرار الحوار، والتوصل إلى أقصى ما يمكن أن نصل إليه مع الأردن.
فإذا كانت هذه الدوافع رائدنا نحو علاقات إيجابية مع الأردن، فإن موقف الحكم الأردني من اتفاقيتي كامب ديفيد كما أعلنه الملك حسين نفسه، قد شجعنا أكثر على العمل من أجل المحافظة على ذلك الموقف؛ لما ينطوي عليه من تعزيز لموقف الرفض والصمود، أمام مؤامرة التسوية الأمريكية، ولقد واجهتنا مشكلة بعض النصوص التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر القمة ببغداد، حول دعم صمود شعبنا في الداخل، فلقد ورد سهوًا أن مبلغ الصمود هو ١٥٠ مليون دولار يوزع بالمشاركة مع الأردن، والصحيح هو ١٠٠ مليون دولار، وخمسون للمنظمة، يوزع مبلغ المائة مليون بمعرفة منظمة التحرير الفلسطينية بالتنسيق مع الأردن، وقد ذهبنا للعراق لإجراء حوار مع أشقائنا هناك، وكان هذا الموضوع من جملة ما طرح من مواضيع، فكانت لقاءاتنا في منتهى الإيجابية والتفاهم الكامل، كما لا بد لنا ألّا ننسى أن مشروع برنامج العمل السياسي الذي أقرته كل المنظمات الفدائية قد نص على أن الحوار مع الأردن لا بد أن يقوم على أساس قرارات مؤثر القمة في الجزائر والرباط، ورفض الأردن لاتفاقات كامب ديفيد.
العمل على الصعيد الدولي المؤتمرات الدولية والأمم المتحدة:
إذا كنا في الماضي قد خفضنا نشاطنا، وتحركنا على المستوى الدولي لمبادئ الميثاق الوطني الفلسطيني وأحكام كل مـــن البيان السياسي والبرنامج المرحلي للمنظمة المقررين في المجلس الوطني الفلسطيني في دورته السابعة، فإن تحركنا بين الدورة الماضية وهذه الدورة قد أخذ في الاعتبار الجاد طبيعة المرحلة وظروفها وانعكاساتها إلى جانب ذلك.
في ظل هذه الظروف، اصطدمت قضية فلسطين خلال هذه الفترة في المؤتمرات الدولية ومنظمة الأمم المتحدة بحالة من الجهود على مستوى تطوير القرارات التي سبق لهذه المحافل أن اتخذتها بشأن القضية، وعانينا في هذه المحافل من انعدام القدرة على التنفيذ، إذ بلغت هذه القرارات ذروتها في الاعتراف بحقوق شعبنا في وطنه، وتأكيدها أكثر من مرة مع إدانة إسرائيل مرارا عديدة، باعتبارها معتدية واحتلالها لفلسطين يشكل العقبة الأساسية في وجــــه تنفيذ هــــذه القرارات، غير أن معطيات المرحلة الحالية، ودخول التسوية الأمريكية في مرحلة التنفيذ، قد أعطانا الفرصة لتطوير تلك القرارات في اتجاه إدانة السياسة الأمريكية في المنطقة، ورفض نتائجها، باعتبارها سياسة تؤيد العدوان وتتنكر لحقوق شعبنا الفلسطيني، وتهمل جوهر الصراع في المنطقة، ولا تؤدي إلى سلام عادل كما ينشده شعبنا، وينشده العالم کله. وهكذا كانت قرارات مؤتمرات وزراء خارجية الدول الإسلامية، ونخص بالذكر مؤتمر داكار (مايو) من العام الماضي (1978) ومكتب التنسيق لدول عدم الانحياز في هافانا في نفس العام، ومؤتمر وزراء خارجية دول عدم الانحياز في بلغراد ( يوليو من نفس العام 1978).
أما على صعيد الأمم المتحدة، فقد توجهنا إلى الدورة الثالثة والثلاثين لعام 1977 مطالبين مجلس الأمن الدولي عقد جلسة لبحث موضوع ممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، وقد تعاون معنا الأصدقاء من الدول، كما بذلت اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف جهودًا كبيرة في هذا الشأن، ولا سيما رئيسها (أمادوفال) الذي كان قد زار المنطقة قبل ذلك، بناء على دعوة من منظمة التحرير الفلسطيني،ة واطّلع على مختلف نشاطات الثورة، والتقى بأهلنا في المخيمات ومقاتلينا في القواعد وأشبالنا في المعسكرات. وكنا نحن نبذل تلك الجهود، نعلم جيدا أن حظ هذه الجهود من النجاح في اتخاذ قرار تنفيذي بحقوق شعبنا الوطنية ضعيفة بل معدومة؛ نظرًا لموقف الولايات المتحدة الأمريكية من هذه الحقوق وإمكانية استعمالها لحق النقض (الفيتو) لتبطل ذلك.
وانطلاقا من قرار الجمعية العامة بمطالبة مجلس الأمن، عقد مثل هذا الاجتماع لبحث توصيات اللجنة المذكورة، واتخاذ قرار بتوصياتها قبل بحث قضية فلسطين خلال الدورة الثانية والثلاثين، فقد كانت جهودنا غير عابثة، وذلك لكي نضع الإرادة الدولية في جانب والولايات المتحدة وحدها في جانب آخر، إظهارًا لعداء الولايات المتحدة الأمريكية لقضايا الشعوب وتحررها، وكشف نواياها المتعارضة مع ادعاءاتها في العمل من أجل السلام والحرية والعدل.
غير أن صدور البيان السوفيتي الأمريكي بتاريخ ۱۹۷۷/۱۰/۱ والذي اعترف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وهو أول بيان رسمي تتيناه الولايات المتحدة وتقر مثل هذا النص الصريح، قد جعل مطالبة الولايات المتحدة بالموافقة على قرار مجلس الأمن بهذا الشأن أمرًا يمكن أن يؤثر على ما جاء في البيان السوفييتي الأمريكي بخصوص الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وهذا ما حمل وفد الاتحاد السوفييتي التصديق على الطلب إلينا بعدم الإصرار على عقد جلسة خاصة لمجلس الأمن في تلك الفترة لبحث الموضوع المذكور. غير أن مجلس الأمن قـــد انعقد لبحث تقرير لجنة العشرين، واعتبر جلسته مفتوحة حتى لا يتعرض لاتخاذ قرارات ليس لها نصيب من النجاح.
إذا كان هذا قد جرى على هامش الدورة الثانية والثلاثين، فإن الجمعية العامة في دورتها المذكـــورة قـــــد اتخذت عدة قرارات بخصوص قضية فلسطين، أكدت فيها قراراتها السابقة، كما اتخذت قرارًا جديدًا يقضي بإنشاء وحدة إعلامية تابعة للأمانة العامة للأمم المتحدة، مهمتها العمل الإعلامي على مستوى العالم، والدعوة لحقوق الشعب الفلسطيني التي اعترفت بها الجمعية العامة، واعتبار يــوم التاسع والعشرين من شهر نوفمبر من كل عام اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى قرار يدين إقامة المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة، وآخر يدين إسرائيل لممارساتها اللاإنسانية ضد السكان العرب في الأراضي المحتلة.
الدورة الثالثة والثلاثين للجمعية العامة:
في خضم الأحداث المتسارعة نحو التسوية الأمريكية لمشكلة الشرق الأوسط، وبعد التوقيع على اتفاقات كامب ديفيد بوقت قصير، بدأت الجمعية العامة للأمم المتحدة دورتها الثالثة والثلاثين، في شهر سبتمبر الماضي ۱۹۷۸، وبحثت قضيتي فلسطين والشرق الأوسط، واتخذت بشأنها قرارات، اعتُبرت استفتاء على اتفاقات كامب ديفيد على لسان مندوب إسرائيل وأوروبا الغربية، فبعد أن وافقت الجمعية العامة على قرارها المتعلق بقضية فلسطين الذي تضمن -بالإضافة إلى تأكيدها على قراراتها السابقة بشأن حقوق شعبنا الوطنية- إعلانها أن صحة أية اتفاقات ترمي إلى حل مشكلة فلسطين تستدعي أن تتم هذه الاتفاقات في إطار الأمم المتحدة وميثاقها وقراراتها، على أساس نیل شعب فلسطين وممارسته على وجه تام لحقوقه غير القابلة للتصرف، بما في ذلك الحق في العودة، والحق في الاستقلال الوطني والسيادة الوطنية في فلسطين، وإشراك منظمة التحرير الفلسطينية في هذه الاتفاقات. نقول بعد ذلك وافقت الجمعية العامة على قرار مماثل بخصوص قضية الشرق الأوسط؛ مما جعل كلا من مندوبي إسرائيل والولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية اعتبار هذا التصويت بمثابة استفتاء على اتفاقات كامب ديفيد، في معرض معارضتهم لهذا القرار، أثناء تعليلهم للتصويت ضده، وبذلك تكون اتفاقات كامب ديفيد قد سقطت بقرار غير مباشر من الجمعية العامة للأمم المتحدة، بسبب موقف أولئك المندوبين واعتبارهم أن الموافقة على هذا القرار يعني رفضًا لاتفاقات كامب ديفيد، ونقطة ضعف في أية مجابهة جديدة مع العدو الإسرائيلي.
العلاقات مع الدول الاشتراكية:
منذ الدورة الثالثة عشرة دورة الشهيد كمال جنبلاط، طرأ تغير إيجابي على علاقاتنا مع المعسكر الاشتراكي، إذ بدأت الأحداث الدولية وما طرأ عليها تنعكس إيجابيا على علاقاتنا، بعدما تطورت طرق وقنوات الحوار السياسي مع الاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية الأخرى التي سعت جاهدة -ولا تزال- معنا في سبيل تحقيق الحل العادل لقضية فلسطين، مع التمسك بالمبدأ الثابت بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وبأنها الجهة الوحيدة التي تقرر مصير الأرض الفلسطينية، وقد جسد الاتحاد السوفييتي ذلك منذ البدء، في البيان الأمريكي السوفييتي المشترك الصادر في أكتوبر عام ١٩٧٧، عندما استطاع أن ينتزع من الولايات المتحدة أن لا حل في الشرق الأوسط دون ضمان الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني، وبالتحديد من يمثله. ولكن -مع الأسف- تراجعت الولايات المتحدة الأمريكية بعد ثمان وأربعين ساعة على صدور البيان، عن مضمونه؛ تحت ضغط الصهيونية العالمية.
ومنذ صدور البيان المذكور الذي رافق تسلم الإدارة الأمريكية الجديدة والعلاقات الاشتراكية والدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، بدأت تتوتر نتيجة للعوامل الدولية المختلفة والمستجدة، ومن ثم فإن قضية الشرق الأوسط بشكل عام وقضية فلسطين بشكل خاص بدأت تزداد تعقيدا. فالولايات المتحدة الأمريكية تحاول الضغط على الاتحاد السوفييتي ( والدول الاشتراكية الأخرى) في محاولة منها للتأثير عليه، وانتزاع الموافقة منه على مخططاتها الرامية إلى التفرد بالتسوية في الشرق الأوسط لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل. ومن هنا فإننا نرى أن كل الخطوات العربية -ابتداء من توقيع اتفاقية سيناء وحتى مؤتمر كامب ديفيد- هي تخطيط أمريكي، الهدف منه إبعاد الاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية عن المشاركة في تسوية قضية الشرق الأوسط، وهذا يرجع لتخوف الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية من التمسك المتشدد والمبدئي للاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية، في وجهة نظرهم من التسوية في منطقتنا، والملخصة بالنقاط التالية:
1) الانسحاب الكامل من كل الأراضي العربية.
2) ضمان الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره، بما في ذلك إقامة دولته المستقلة.
3) ضمان أمن وحدود كل دول المنطقة.
وبناء على هذه المبادئ، فإن من حق منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد التحدث عن الحقوق الفلسطينية، وأن تسعى لإنشاء الدولة المستقلة في الضفة والقطاع، وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة ولا إسرائيل، فكانت الخطوات الأمريكية مع نظام السادات حجر الزاوية الذي استخدم لإبعاد الاتحاد السوفييتي عن مجالات التسوية، فكانت زيارة السادات للقدس نسفًا لمؤتمر جنيف الذي يجعل الاتحاد السوفييتي أحد رؤسائه، ثم كامب ديفيد التي نسفت أسس التسوية التي أقرتها المحافل والمؤتمرات الدولية، وكذلك إلغاء الدور الفلسطيني ذي العلاقة المتينة بالمعسكر الاشتراكي، وتذويب القرارات العربية بهذا الشأن، حول ما سمي بمقررات كامب ديفيد والحكم الذاتي. إن العلاقات الفلسطينية الاشتراكية قد تطورت خلال السنتين الماضيتين كما قلنا، إلى درجة التنسيق الكامل حول الأحداث الجارية في المنطقة، وقد سعينا في تنسيقنا إلى تطوير المواقف الإيجابية، ساعين في ذلك إلى تشديد الموقف السوفييتي ومواقف الدول الاشتراكية الأخرى، آملين من ذلك دعم وتقوية منظمة التحرير الفلسطينية على الصعيدين العربي والدولي، كما كان حوارنا حول بعض نقاط الاختلاف يأخذ مجراه الإيجابي لتعميق مفهوم الدول الاشتراكية لظروف النضال الفلسطيني، وقد كان هناك العديد من التقدم في هذا المجال.
وعندما نتكلم عن المعسكر الاشتراكي، لا بد لنا أن نشير إلى العلاقات الجيدة التي كانت ولا تزال تربطنا بالصين الشعبية، وقد سعينا عبر لقاءات عديدة إلى تعميق الصداقة بيننا، وإفهامهم خطورة التحرك الأميركي في المنطقة ضد أمتنا العربية وشعبنا الفلسطيني، وبخاصة بعد اتفاقات كامب ديفيد، مع علمنا الأكيد بأن الموقف المبدئي للصين الشعبية تجاه قضية فلسطين لم يتغير.
أيها الإخوة:
إن المعسكر الاشتراكي -وعلى رأسه الاتحاد السوفييتي- هو حليف إستراتيجي لنضال شعبنا الفلسطيني، تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية. ولهذا فإننا سنسير على نفس الطريق في المزيد من التلاحم والحوار الذي أعطى ثماره، ففي خلال العامين المنصرمين قامت وفود عديدة -وعلى مستويات متعددة- بزيارات رسمية إلى الدول الاشتراكية، فكانت زيارات اللجنة التنفيذية التي وضعت أساسات متّنت العلاقات الثنائية مع تلك البلدان، وطورت برامج الدعم المتبادل بيننا.
كما قامت وفود من الدائرة السياسية بجولة على بعض الدول الاشتراكية، حيث قدمنا إليها برامج تضامنية لدعم النضال السياسي والجماهيري لشعبنا الفلسطيني، تلك البرامج التي وضعناها لأول مرة من جانبنا؛ بهدف برمجــة العمل اليومي وتمديد قناة اتصالاتنا، من أجل الدعم المادي والسياسي والعسكري، بعد توقيع تلك البرامج في كل من جمهورية ألمانيا الديمقراطية، وجمهورية هنغاريا الشعبية. ونحن في صدد إكمال البحث مع الدول الاشتراكية الأخرى، مثل رومانيا وبولندا وتشيكوسلوفاكيا التي وافقت غالبيتها على بحث الموضوع والتوقيع على رفع مستوى التمثيل، وكذلك إقرار البرامج التضامنية المذكورة. كما قمنا خلال السنتين الماضيتين بتطوير علاقاتنا والقفز بها إلى المجال الثقافي والفني، حيث أقيمت العديد من المعارض والمهرجانات الفنية التضامنية مع نضال شعب فلسطين، وقد ساهمت الدول الاشتراكية في إقامة تلك المعارض والمهرجانات، ودعت إليها كافة المنظمات الجماهيرية في الدول المختلفة، كذلك فقد تم توقيع العديد من الاتفاقات الإعلامية حول طرق التنسيق الإعلامي بين منظمة التحرير الفلسطينية والدول الاشتراكية. إن خطتنا في المستقبل هي الاستمرار في العمل على تطوير علاقاتنا الصديقة، وزيادة أسس التعاون مع الدول الاشتراكية في كافة المجالات، وهذا ينطلق من المبدأ الذي قررناه في دورتنا السابقة، في أن الكتلة الاشتراكية هـي الركيزة الأساسية من ركائز تحركنا الدبلوماسي، على صعيد علاقاتنا الدولية.
علاقاتنا مع دول أوروبا الغربية:
يمكننا أن نقيّم موقف الدول الغربية من خلال ما تمثله من مجموعات متعددة فهناك مجموعة لدول السوق الأوروبية المشتركة، وهناك مجموعة الأحزاب الاشتراكية الدولية، ومجموعة الدول الإسكندينافية، والمجموعة الأخيرة التي تتكون من اليونان وإسبانيا والبرتغال، وهي أقل هذه المجموعات تطورا اقتصاديا، وتتميز هذه الدول الأخيرة بسياسة تقليدية داعمة لمنظمة التحرير الفلسطينية في الأمم المتحدة، كما أنها كانت لا تقيم أية علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، ولكن طرأ تغير ملحوظ على أوضاع هذه الدول الثلاث بعد موت فرانکو، وسالازار، والانقلاب العسكري في اليونان، وكان من نتيجة ذلك أن بدأت إسبانيا تتململ لدخول حلف الأطلسي والاعتراف بإسرائيل، كما سارت على نفس المنوال البرتغال، أما اليونان فأصبحت سياستها أكثر جبنًا، علما بأن لديها سفارة إسرائيلية وما زالت ترفض الاعتراف بمنظمة التحرير وفتح مكتب لها في أثينا.
أما المجموعة الإسكندينافية فتتزعمها السويد، فكانت سباقة إلى الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية وحقوقنا الوطنية، وكان ذلك أثناء حكم الحزب الديمقراطي الاشتراكي برئاسة (بالمر)، وتقف فنلندا نفس الموقف، وإن لم يكن لنا مكتب فيها.
أما مجموعة دول السوق الأوروبية المشتركة بزعامة فرنسا، فلقد كانت تتطور في موقفها شيئا فشيئا، ويرجع الفضل في ذلك إلى الرئيس ديغول، فلقد أقمنا أول اتصالاتنا بالرئيس أثناء حكمه، الذي كان له مطامح معينة لقيـادة أوروبا، بعيدا عن السيطرة الأمريكية، واستمرت هذه العلاقة متطورة مع بومبيدو وديستان، ولقد عملت فرنسا كدولة -بمفردها وكعضو داخل السوق الأوروبية المشتركة- كل ما في وسعها لتطوير موقفها وموقف هذه الدول، وقد صدرت عدة بيانات عن دول السوق الأوروبية المشتركة حول الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وحقه في وطن قومي، فكان البيان الصادر في لندن بتاريخ ١٩٧٧/٦/٢٩ يعتبر بيانًا متقدمًا، ينص على حق الفلسطينيين في إقامة وطن لهم، وهم الذين يقررون ذلك بأنفسهم بعيدا عن أي تدخل أجنبي. وإذا أخذنا مواقف هذه الدول بشكل منفرد، من خلال اقتراعها في المؤتمرات الدولية، نلاحظ الموقف المتميز لفرنسا في هذه المجموعة، فإذا كان الأمر في مجلس الأمن أو في الجمعية العامة أو في الوكالات المتخصصة نرى فرنسا تمتنع عن التصويت، بينما نرى الدول الأوروبية الغربية الأخرى تقترع ضد القرارات الخاصة بنا أحيانا. ولا شك أن مواقف ألمانيا الغربية والدانمارك وبريطانيا وهولندا هي أسواء هذه المواقف، بالنسبة لهذه الدول، بالرغم من التطورات البطيئة على مواقف هذه الدول خلال مجموعة السوق الأوروبية المشتركة.
أما النرويج فقد خطت في الفترة القصيرة خطوات سريعة في موقفها الإيجابي بالنسبة لقضيتنا ومنظمة التحرير الفلسطينية، ولقد كان لوجود القوات النرويجية ضمن قوات الطوارئ الدولية في لبنان أثره الإيجابي في تغيير موقف النرويج إلى الأفضل، ولا شك أن دخول النرويج عضوا في مجلس الأمن في بداية هذا العام سيكون له أثـــــر على قضيتنا، ولصالح القضية العربية إذا لزم الأمر.
أما النمسا فقد تطورت مواقفها تطورا ملحوظا نحو القضية الفلسطينية، واتخذت مواقف إيجابية بمفردها ومن خلال مجموعة الاشتراكية الدولية، في كل من النمسا والسويد وفنلندا وألمانيا الغربية، وإيطاليا، وفرنسا، والنرويج، والسنغال، وإسبانيا، والبرتغال. ومن خلال هذه المجموعة لعب المستشار كرايسكي مع الرئيس سنغافور دورًا إیجابیًّا بالنسبة لقضيتنا، وبالرغم من الوثيقة التي سميت بوثيقة براند كرايسكي، فإننا نعتبر موقف النمسا موقفًا متقدمًا بالنسبة لكثير من الدول الأوروبية الغربية، فقد كانت هذه الوثيقة تتلاءم مع مضمون اتفاقيات كامب ديفيد، وقد اعترضنا على هذه الوثيقة التي نشرت في الصحف، وطالبنا أصدقائنا في الاشتراكية الدولية بعدم إقرارها، وقد تم التراجع عنها. ولا بد أن نشير هنا بشكل خاص إلى علاقاتنا الصديقة والوثيقة بالحزب الشيوعي الإيطالي، وبالأحزاب الاشتراكية والشيوعية والوطنية الأخرى في بعض بلدان أوروبا الغربية.
أما إذا أردنا التحدث عن الموقف الأمريكي، فيمكن تلخيصه -بالإضافة إلى ما سبق أن قلناه- بما يلي:
كانت الولايات المتحدة تنظر إلينا كقضية لاجئين، وصدرت في عهد نيكسون وثيقة ساندرز التي أشارت إلى الطموحات القومية للفلسطينيين، ثم أعلن كارتر عن حاجة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطن يؤويهم، ولم يحدد أين يكون هذا الوطن، ولم يصفه بوطن قومي، بل وطن للاجئين الفلسطينيين. وبعد ذلك بفترة من الزمن، قال الرئيس الأمريكي كارتر: إن منظمة التحرير الفلسطينية تمثل جزءًا جوهريًّا من الشعب الفلسطيني، واعتُبر ذلك تقدمًا في الموقف الأمريكي، وفي أول أكتوبر عام ۱۹۷۷ جاء البيان الأمريكي السوفييتي المشترك، ووردت في هذا البيان إشارة إلى الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وإلى ممثلي هذا الشعب، واعتُبرت تلك بمثابة التزامات أمريكية متقدمة نحو الشعب الفلسطيني، وطلبنا من الاتحاد السوفييتي الصديق تثبيت هذا البيان کوثيقة من وثائق مجلس الأمن، ولكن الجانب الأمريكي رفض ذلك بشكل قاطع، وبعد أيام من صدور هذا البيان ألقى الرئيس كارتر أمام الأمم المتحدة كلمة مشيرًا إلى نضال ثلاثين عامًا للشعب اليهودي، متجاهلا في نفس الوقت الشعب الفلسطيني ونضاله، ومشكلة اللاجئين الفلسطينيين ومعاناتهم القاسية.
كما فسر الحقوق المشروعة الواردة في البيان المشترك بحقوق الإنسان، وليست حقوقًا وطنية، ثم صدر بيان مشترك آخر إسرائيلي أمريكي، أعفى إسرائيل من التزامها بمضمون البيان السوفييتي الأمريكي المشترك. وبدأت فترة التراجعات الأمريكية عن التصريحات الرسمية التي صدرت حول القضية الفلسطينية، إلى أن وصل الحد إلى تصريح بريجنسكي الذي قال: (وداعا لمنظمة التحرير)، ثم إلى تصريح آخر للرئيس كارتر يشبّهنا فيه بـ "كلاكس كلان" الفاشية، كما جرت محاولات من الجانب الأمريكي -كما نعلم- للضغط على منظمة التحرير لقبول قرار ٢٤٢، وبعد ذلك ألقى ريابكوف كلمة في الأمم المتحدة، في دورتها الثالثة والثلاثين، اعترف فيها أن القرار ٢٤٢ لا يعالج الأبعاد السياسية للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وادّعى أن اتفاقيتي «كامب ديفيد» حاولتا سد مثل هذا النقص.
لقد سبق أن شرحنا السياسة الأمريكية في المنطقة، وشرحنا أطوارها والمراحل التي مرت بها بالنسبة للتسوية السياسية، لذلك لا نحتاج هنا إلى مزيد من الشرح، ولكن يمكن القول إن الإمبريالية الأمريكية لا تفهم إلا لغة المصالح، ولغة الطاقة والنفط، ولغة القوة والسلاح، وعلينا أن نستخدم كل هذه الإمكانات في الزمان والمكان المناسبين أو بعضا منها حسب ما تمليه الظروف.
موقف العالم الثالث
هناك في العالم الثالث مجموعات متعددة من منظمة الوحدة الإفريقية، إلى دول عدم الانحياز، إلى دول أمريكا اللاتينية، إلى منظمة المؤتمر الإسلامي. ولا شك أن الكثير من هذه الدول تشترك في منظمة أو أكثر من هذه المجموعات.
إننا بحكم انتمائنا لمجموعة الدول غير المنحازة التي نتمتع فيها بالعضوية الكاملة، وبحكم مسؤوليتنا في هذه المجموعة كأعضاء في مكتب التنسيق، فلقد عملنا على تعميق علاقتنا وصداقتنا مع هذه المجموعة التي انعكست إيجابيا في مقررات مؤتمر بلغراد الأخير، شأننا في ذلك منظمة المؤتمر الإسلامي، حيث إن قضية فلسطين تحتل دورًا بارزًا في أعمال المنظمة المذكورة وميثاقها، وتحظى بدعم سياسي ومالي، لعب دوره في المساهمة بتدعيم صمود شعبنا داخل الوطن المحتل، وبصورة خاصة في القدس الشريف، كما كان له أثر إيجابي على الصعيد الدولي، وتجسد ذلك في مؤتمر داكار، والأمم المتحدة في دورتها الأخيرة. وإذا شئنا أن نقيّم مواقف هذه الدول نستطيع القول إن هذه المجموعات تقف کمجموعات في نفس المستوى من الدعم والمساندة لنا، ولكن يوجد أعضاء من بين هذه المجموعات من يتميز موقفه عــن مواقف الدول الأخرى. كما أن هناك مجموعة أخرى هي مجموعة دول جنوب شرق آسيا، بدءًا في الفلبين وتايلند وسنغافورة وماليزيا وأندونيسيا وبورما بالإضافة إلى اليابان. ويمكن القول إن صلتنا بمثل هذه الدول قد قامت منذ سنوات، ما عدا تايلاند وبورما، فلنا مكتب في اليابان وتلقى الدعم السياسي من هذا البلد، ولكننا لا نلمس تطورا ملحوظا في موقف اليابان من القضية الفلسطينية، وربما يرجع السبب في ذلك إلى مشاكله الاقتصادية والسياسية المتعددة، وإن كنا نحتفظ بعلاقات وصداقات معينة مع كل الأحزاب هناك، بدءًا من الحزب الحاكم إلى الحزب الاشتراكي والشيوعي.
أما أندونيسيا -بالرغم من أنها دولة إسلامية وعضو في دول عدم الانحياز- فإن دعمها قليل، بالرغم من موافقتها على افتتاح مكتب لنا هناك منذ سنتين، بعد قيامنا بزيارة لها. ونحتفظ مع سنغافورة بصداقة جيدة، وماليزيا تقف إيجابيا كعضو في المجموعة الإسلامية ومواقفها مؤيدة لنا باستمرار، أما تايلاند فيمكن اعتبار مواقفها غير صديقة بالنسبة لنا، بالرغم من محاولاتنا تحييدها على الأقل، وبورما تكاد تعيش في عزلة تامة عن هذه المجموعات، وتقف موقفا محايدا.
أما الهند فالحق يقال إن سياسة الحكم الحالي بالنسبة للقضية الفلسطينية هي أفضل من سياسة أنديرا غاندي السابقة، حيث كانت مترددة خائفة من اتخاذ موقف واضح من القضية الفلسطينية ومن إغضاب إسرائيل. أما الآن فلقد فتحت أمامنا أبواب واسعة للعمل داخل الهند، كما أننا نلمس توجها إيجابيا في السياسة الهندية، ورغبة في تطويرها إلى الأفضل.
أما أفغانستان فلقد كان موقف محمد داوود مراوغًا يرفض افتتاح مكتب لنا، وبعد الثورة الأخيرة رحب الحكم الحالي بافتتاح مكتب لنا، وأعلن اعترافه بمنظمة التحرير وبأهدافنا المرحلية، وقد قمنا بإرسال وفد قبل أشهر إلى أفغانستان للدراسة والمطالعة، ولقد قوبل بترحاب كبير، وأعلنت الحكومة اعترافها بنا.
أما في إيران وتركيا فالأوضاع تكاد تتشابه إلى حد ما، كانت حكومة الشاه كاذبة مراوغة في دعمها للقضية الفلسطينية، وكانت تتحاشى افتتاح مكتب لنا، بالرغم من القرارات المتكررة التي كانت تتخذها المؤتمرات الإسلامية، ولعب الشاه دورًا رئيسًا في تشجيع الرئيس السادات وتوريطه في زيارة القدس، ومنّاه بالقروض والمساعدات لأنه كان يحلم بإمبراطورية شاسعة واسعة، فمدّ يده إلى القرن الإفريقي بهدف التدخل، بعد أن غزا الأراضي العربية، واحتل جزيرتي طنب الصغرى والكبرى وجزر أبي موسى، وسـاعـد على ضرب الثورة العربية في عمان، وكانت له أطماع في منطقة الخليج العربي، وكم سمعنا من بعض الدول الخليجية قلقها من القوة العسكرية المتزايدة لإيران، ولقد اتخذتها الولايات المتحدة وإسرائيل مركزًا للتجسس، ومنطلقا لأعمال عدوانية ضد حركات التحرير العربية والعالمية. من هنا كانت علاقتنا بإيران علاقة حذرة يقظة، فقد أقمنا مع الحركة الوطنية الإيرانية أوثق الصلات، فقد قاتل في صفوفنا العشرات من المجاهدين الإيرانيين، وسقط العديد منهم شهداء علـى أرض فلسطين. ونحن الآن على صلة مباشرة بقيادة سماحة الإمام آية الله الخميني الذي أعطى تعليماته بمنع النفط عن إسرائيل، وتدمير المؤسسات الصهيونية في إيران، وتصفية النفوذ الإمبريالي الأمريكي، والعمل على إقامة علاقات الصداقة والأخوّة بين البلدان الإسلامية المجاورة لإيران، والعمل على دعم المجاهدين الفلسطينيين لتحرير أرضهم فلسطين بما فيها القدس الشريف. إننا نراقب الأحداث في إيران عـن قرب وعن بعد، ونرجو لهذه الثورة النجاح والانتصار؛ لأن نجاح الثورة الإيرانية هو إسفين ضخم في التسوية الأمريكية في المنطقة العربية، وضربة قاسية للنفوذ والمصالح الأمريكية في المنطقة، وتثبيط لعزائم الرئيس السادات، الذي كان يقف شاه إیران مؤازرًا له في كل تصرفاته.
لقد كانت الثورة في إيران وقرارات مؤتمر القمة العربي في بغداد، من أكبر الأسباب التي جعلت الرئيس السادات يقلع عن التوقيع على معاهدة السلام بينه وبين إسرائيل في ۱۷ ديسمبر الماضي ۱۹۷۸، وجعلت الولايات المتحدة واسرائیل تفکران وتراجعان حساباتها من جديد في منطقة الشرق الأوسط. لقد كانت القوة العسكرية الضخمة في إیران -التي كانت تعمل لتكون الدولة السادسة- بمثابة تهديد للحركات والقوى التقدمية في المنطقة، وتهديد للسلام والأمن الدوليين، وعون لإسرائيل في مخططاتها العدوانية والتوسعية، فكانت تقف بشكل خفي مهددة أية تحركات عربية يمكن أن تؤثر في ميزان المعركة ضد إسرائيل.
أما علاقتنا بتركيا فيتحكم بها عاملان، قضية قبرص وقضية منظمة المؤتمر الاسلامي، تركيا بحاجة إلى الدعم العربي السياسي والمالي. وهي تطلب الدول العربية أن تدعمها في موقفها في قبرص لإقامة حكومة فدرالية بين الجاليتين اليونانية والتركية، ونحن لا نستطيع أن نأخذ قرار الموافقة على سياسة تقسیم قبرص، بل إن موقفنا مبدئي ضد تقسيم قبرص، ومع وحدتها واستقلالها وحيادها الإيجابي، وإزالة القواعد الأجنبية منها، وجلاء القوات الغازية عنها، ودعوة الجاليتين إلى التفاوض فيما بينهما للتوصل إلى حل عادل، وتنفيذ قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن الخاصة بهذه القضية. ولا يمكن لنا أن ننسى مواقف الرئيس الراحل مكاريوس المؤيدة للقضية العربية عامة، ولقضية فلسطين بشكل خاص. والحقيقة تجمعنا بقبرص علاقات صداقة عريقة منذ عهد الرئيس عبد الناصر -رحمه الله- ونحن إن كنا حريصين على إقامة علاقات صداقة مع تركيا، فقد سعينا في كثير من الحالات لدى الدول العربية المنتجة للبترول أن تمد يد العون والمساعدة الاقتصادية لتركيا، فإننا في نفس الوقت لا نستطيع أن نساوم على مبادئنا، وسوف تبقى سياستنا وعلاقتنا محكومة بهذه المبادئ التي سبق أن ذكرناها مرارًا وتكرارًا، فنحن مع حل مشكلة قبرص من خلال التفاوض وبشكل سلمي، بما يكفل المصلحة المشتركة للجاليتين اليونانية والتركية في الجزيرة.
لقد قمنا باتصالات متعددة مع الحكم في تركيا أثناء حكم حزب الشعب، ووافق على افتتاح مكتب لنا في أنقرة، وأعتقد أن الفضل في ذلك يعود إلى وزير خارجيتهم إحسان صبري - شاجلا بينجل. ولكن عندما تسلم حزب العدالة برئاسة آيجفيتش، تأجل افتتاح هذا المكتب من شهر إلى آخر، حتى تاريخنا هذا. وربما تكون الأحداث والقلاقل التي تتعرض لها تركيا هي السبب في عدم افتتاح هذا المكتب، ونأمل أن نقوم بافتتاحه في أقرب فرصة.
أما الباكستان فهي تحتفظ بسياسة تقليدية منذ نشأتها، بالرغم من تغيير الحكومات والرؤساء أو الأحزاب التي تحكمها، فالشعب الباكستاني يرى أن قضية فلسطين هي قضيته، وتمثل أحد أركان سياسته الخارجية، وإننا نعتقد أن من أسباب عزل الرئيس السابق علي بوتو قضية فلسطين، فلقد طلب كيسنجر منه التخلي عن دعمه لهذه القضية، والتخلي عن شراء المفاعل الذري من فرنسا، لأنه كان يعتقد أن الباكستان سوف تتعاون حتما مع الدول العربية في تبادل المعلومات الذرية.
ويمكن أن تتسرب مثل هذه المعلومات إلى إحدى الدول العربية، فتتمكن من صنع القنبلة الذرية، والمعروف أن الباكستان قد تقدمت تقدمًا ملحوظًا في مجال الأبحاث الذرية.
موقف الدول الإفريقية:
تنقسم في الحقيقة إفريقيا -بالإضافة إلى المجموعات الاقتصادية- إلى إفريقيا الغربية التي تتكلم الفرنسية، وإفريقيا الشرقية التي تتكلم الانجليزية أو البرتغالية، ولا شك أن السنغال وغينيا وبنين والكونغو برازافيل وغينيا بيساو وأنجولا في المنطقة الغربية تقف مواقف الصداقة والدعـم لقضيتنا، أما نيجيريا وليبيريا وزائير فإنها ما زالت تقف مواقف غير واضحة، وترفض نيجيريا افتتاح مكتب لنا هناك، بالرغم من أنها دولة إسلامية بترولية تشارك في اتخاذ القرارات الخاصة بذلك في المؤتمرات الإسلامية. أما علــــى الجانب الشرقي، فإن أوغندا وموزمبيق وتنزانيا ومدغشقر وزامبيا تقف موقفًا إيجابيا مساندًا لمنظمة التحرير الفلسطينية ومعترفة بها.
وهناك الحبشة، فقد أقمنا معها علاقات حديثة بعد قيام الثورة هناك، ولا ندري ما هو مستقبل علاقاتنا معها؛ بسبب عدم استقرار الأوضاع، وسياستها نحو أرتريا.
أما منظمة الوحدة الإفريقية، فقد تبنّت قضية فلسطين، وهي تصوّت في مجموعها لصالح القضية الفلسطينية في كل المحافل الدولية، ما عدا الأنظمة العنصرية في روديسيا وجنوب إفريقيا، وبعض الدول الأخرى كساحل العاج وملاوي. والحقيقة أن المساعدات العربية لإفريقيا قد شدت من أزر هذه الدول، فهي بحاجة ماسة إلى القروض والمساعدات، وقد كان مؤتمر التعاون العربي الإفريقي ناجحًا في استقطاب هذه الدول، بعد أن خصصت الدول العربية أكثر من بليون دولار للتعاون العربي الإفريقي، من خلال عدد من صناديق التنمية الاقتصادية والقروض أو المساعدات، أو من خلال إنشاء بنوك في بعض البلدان على أساس ثنائي، وليس على أساس مجموعات عربية إفريقية.
تبقى الدول الإفريقية في مجموعها مؤيدة لنا في المحافل الدولية، وفي الدورات التي تعقدها منظمة الوحدة الإفريقية، ولقد كانت هذه الدول أول من جمد علاقاته الدبلوماسية مع إسرائیل، إثر حرب تشرين عام ۱۹۷۳.
ولولا المفاوضات المصرية الإسرائيلية لبقيت معظم هذه الدول تقاطع إسرائيل، وتمتنع عن التعاون معها علـــى المستوى الاقتصادي، بالرغم من حاجاتها الماسة للمعونة الفنية.
إننا نقف مع حركات التحرر الإفريقية في روديسيا وناميبيا وجنوب إفريقيا. ولقد كان لنا دور أساسي في: إقناع العرب لتقديم عشرة ملايين دولار لحركات التحرر في إفريقيا، من خلال لجنة التحرير الإفريقية. وسوف نبقى ندعم هذه الحركات لتصفية الأنظمة العنصرية هناك، ولا شك أن تصفية الأنظمة العنصرية هي خطوة مهمة في تصفية الوجود العدواني الإسرائيلى فى الشرق العربي. مع موقف دول أمريكا اللاتينية إن أول الدول التي أقمنا معها علاقاتنا الدبلوماسية هي كوبا، ولا شك أنها تعتبر دولة اشتراكية. أما الدولة الثانية فهي المكسيك، ولقد لعب الرئيس السابق أتشيفيريا دورًا أساسيا في افتتاح مكتب لنا في المكسيك، كما لعب دورًا مهمًّا في الأمم المتحدة لدعم قضية فلسطين، وبسبب اتجاهاته التقدمية والتحررية، فلقد فتحت لنا أبواب المكسيك؛ ممــا أدى إلى قيام الصهيونية في أمريكا بفرض حصار اقتصادي على المكسيك فعانت من جرائه أزمة اقتصادية خانقة، وقد رفعنا الأمر إلى الجامعة العربية، وبدأت بعض الدول المنتجة للبترول بالتعامل معها لتخفيف عبء هذه الأزمة الاقتصادية. ولكن بعد ذهاب أتشيفيريا ومجيء الرئيس الحالي بدأت المكسيك تتراجع عن مواقفها المعلنة، وإن كانت لم تغير تعاملها مع مكتبنا في المكسيك، ولكنها تخشى تقديم التسهيلات لهذا المكتب خوفًا من النفوذ الصهيوني هناك.
لذلك أقمنا علاقات مع حزب العمل الاشتراكي الناشئ الذي يعتبر الحزب الثاني بعد الحزب الحاكم؛ لتخفف من الضغوط الصهيونية، وقد نجحنا إلى حد كبير في ذلك. أما في فنزويلا فما زال الحكم يرفض الاعتراف بنا، ولكنا نأمل التغيير بسبب سقوط الرئيس الحالي ومجيء رئيس صديق، كما يرفض الحكم في الأرجنتين والبرازيل، وكثيرًا ما تتباين مواقفها حسب الظروف والأحوال التي يمرون بها من شهر إلى آخر، أو من عام إلى عام. ولا شك أن التعامل الاقتصادي العربي مع تلك الدول له أثره الإيجابي.
ولكن لا بد من مرور زمن لتوطيد مثل هذه العلاقات، وتلعب الجاليات العربية والفلسطينية دورا مهمًّافي صنع هذه العلاقات، وقد قبلت البيرو افتتاح مكتب لنا هناك بدون حصانات دبلوماسية. وفي تشيلي تبلغ الجالية الفلسطينية أكثر من ١٥٠ ألفا، مع أننا ما زلنا نرفض إقامة علاقات مع هذا الحكم الفاشي، بالرغم من وجود كثافة ضخمة فلسطينية في هذا البلد، ولكننا نريد أن نُبقي في نفس الوقت على علاقات متينة مع أبناء شعبنا هناك بشتى الوسائل التي لا تسيء لسمعتنا الدولية، ونُبقي على علاقات مع الجالية الفلسطينية هناك.
ولا نريد أن نستفيض في البحث عن علاقاتنا مع الدول الأخرى، لأننا لا نستطيع أن نقيم علاقات مع كل هذه الدول لأسباب مالية أو سياسية، ولكننا نعتمد في الكثير من هذه الدول على الجاليات الفلسطينية أو العربية التي تعيش هناك، ومن خلالها نقيم هذه العلاقات ونرسل الوفود من آن الآخر، لنبقى على صلة مع أبناء شعبنا في المهجر. ولا بد من الإشارة في هذا المجال إلى أن هناك إمكانيات كبيرة لتقوية علاقاتنا وتطويرها مع دول أمريكا اللاتينية، على الصعيدين الرسمي والشعبي؛ الأمر الذي يجعلنا مطالبين بالمرحلة المقبلة ببذل مزيد من الجهد، والقيام بالاتصالات والزيارات، وضرورة توفير الإمكانيات اللازمة لذلك.
أما أستراليا ونيوزيلندا، فلقد أقمنا علاقات متينة مع الجالية الفلسطينية هناك، ومع الجناح اليساري لحزب العمل الاشتراكي، ولنا صداقات عديدة بشخصيات ومؤسسات أسترالية. ونستطيع القول إننا قطعنا أشواطا في بناء قواعدنا السياسية والدبلوماسية هناك. ونأمل في المستقبل القريب أن نتمكن من الحصول على اعتراف رسمي بنـا من حكومة أستراليا، لكي نفتح لنا مكتبًا هناك.
وفي كندا لنا صداقات متينة مع قطاعات نقابية وكنسيّة، وخاصة في منطقة الكيبك، وفي داخل البرلمان الكندي. وصداقتنا هذه تزداد وتتوسع، وتتخذ أشكالًا متعددة، ولكنها بحاجة إلى الدعم المادي ليكون إعلامنا على مستوى التحدي الصهيوني الضخم هناك.
الوضع الراهن واحتمالات المستقبل
إذا نظرنا إلى المنطقة العربية والشرق الأوسط كنظرة شاملة، وراجعنا أحداث إفريقيا وأوروبا والصراعات القائمة في بعض مناطق العالم؛ يمكننا أن نتنبأ ببعض الأحداث في المستقبل.
إن الولايات المتحدة ما زالت مصرة على القيام بدورها المنفرد الوسيط والمشارك في صنع التسوية السياسية في منطقة الشرق الأوسط، وليس هذا بعيدًا عن إستراتيجيتها الدولية في صراعها مع الاتحاد السوفياتي، بل إن ذلك صلب إستراتيجيتها العالمية.
لقد أسهم كيسنجر من خلال سياسة "الخطوة خطوة" والدبلوماسية السرية، وإثارة الصراعات المحلية؛ في كسب الكثير من الانتصارات في سريلانكا والهند والباكستان والصومال، وعمل على عودة سياسة الأحلاف والحروب المحلية إلى بعض مناطق العالم. فعلى أساس خلق التجمعات الاقتصادية لمجموعة جنوب شرقي آسيا بقيادة سنغافورة، ومجموعة غرب إفريقيا بقيادة السنغال، ثم محاولة خلق مجموعة دول المحافظة على أمن البحر الأحمر، ومجموعة الحفاظ على أمن الخليج العربي، بالإضافة إلى مجموعات أمريكية لاتينية أخرى؛ فإننا نلاحظ أن هذه السياسة الأمريكية ما زالت تهدف إلى إثارة المشاكل الداخلية والمحلية بشتى صورها؛ لتتمكن الولايات المتحدة من السيطرة على المفاتيح الرئيسة للمناطق في العالم التي تصل الشرق بالغرب والشمال بالجنوب، كما تريد إعادة ترتيب العالم، ليس على أساس مجموعات ومنظمات إقليمية متجانسة ومتناسقة سبق أن وجدت القبول والتراضي من الدول المعنية نفسها بدون تدخل خارجي، بل على أسس تخدم مصالح الإمبريالية الأمريكية، وتحافظ على نفوذها، فهدف السياسة الأمريكية ضرب التضامن العربي وحل الجامعة العربية، تعاون أمني بين بعض الدول العربية ودول غير عربية، وغير صديقة لنا سياستها في الخليج العربي، وحرمان دول صديقة وعزلها من الإطلال على البحر الأحمر ليبقى ذلك سببا للنزاع الإقليمي، وتكون الولايات المتحدة العضو الخفي في هذه المجموعة الاقتصادية المبعثرة، أو الأحلاف الأمنية الوهمية والموجهة ضد دول شقيقة أو صديقة في المنطقة، أو في المناطق الأخرى في العالم.
لقد أرادت إسرائيل أن تدخل الحياة العربية في كل أوجه نشاطاتها، ومن خلال أوسع الأبواب، وهي تصر لتشترك هذه الدولة العدوانية في استغلال ثروات العرب، من خلال كونها دولة شرق أوسطية متقدمة، يمكن الاستفادة من خيراتها الضيقة ومن عبقرية شعبها الفذ، وهذه في الحقيقة عقدة نقص كبير، يروج لها عملاء الولايات المتحدة وإسرائيل وسماسرة عداد.
كما كان يهدف من السياسة الأمريكية من خلق الصراعات المحلية التي تقسم الدول إلى دويلات وبلقنة المنطقة بأكملها، فالصراعات الإقليمية الطائفية والحروب المحلية، وتزويد أمريكا للدول بالسلاح لتحس بقوتها، وبأن قدرتها على تخطي حدودها الإقليمية أمر سهل، فغزو إیران باسم معونة قابوس كان من أهداف السياسة الأمريكية، كما أقنع الشاه بمد يده الطويلة لتصل إلى القرن الإفريقي، والانخراط في الصراع في تلك المنطقة، كما قامت دول عربية بالتدخل في زائير لصالح موبوتو الذي كان قبل ذلك تغزو جيوشه أنغولا، والهدف من ذلك ضرب التعاون العربي الإفريقي، وزرع الكراهية في نفوس الإفريقيين مرة أخرى ضد العرب.
أما نظرية أمن البحر الأحمر، فكان الهدف منها منع إثيوبيا في العهد الحالي من الوصول إلى مياه البحر، وبذلك عم التآمر على الثورة الأرتيرية، وتعرضت لأقصى المحن، بسبب اعتقاد بعض قادتها أن بإمكان دولة معينة أن تقدم لهم الدعم والعون. كما صرحت الولايات المتحدة بأنها مع استقلال أرتيريا، وتمكنت السياسة الأمريكية من إخراج الخبراء السوفييت من الصومال، بعد أن تمكنت من خداع الصوماليين، وتوريطهم في حرب لا طاقة لهم بها. وبالرغم مما بذلناه من جهود مع إخواننا الصوماليين، فقد أصروا علـى حل هذه المشكلة من خلال الحرب.
مقابل ذلك، نجح الاتحاد السوفياتي بمعونة الكوبيين في الحفاظ على استقلال أصدقائهم الأنغوليين، وتثبيت الحكم التقدمي هناك كما تم ذلك في أثيوبيا، ولحقت أفغانستان، فقام بها حكم تقدمي. وتعتبر هذه النجاحات التي أحرزتها الشعوب التقدمية والوطنية في هذه الفترة من الزمن هزيمة للسياسة الأمريكية، كما أن الحكم في اليمن الديمقراطي استطاع تثبيت وترسيخ أقدامه على أسس سليمة.
وقامت انتفاضة إيران فكانت بمثابة هزيمة أخرى للسياسة الأمريكية، وضربة قاسية ضد النفوذ الأمريكي الإسرائيلي في آن واحد. فنحن نعلم في الماضي أن إسرائيل كانت ترتبط بثلاث قواعد أساسية يتواجد فيها النفوذ الأمريكي بشكل كبير، هي إيران وتركيا وإثيوبيا. واليوم بدأت تهتز مثل هذه القواعد، بسبب مشكلة قبرص نشبت خلافات بين الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا، إلى حد جعل تركيا تقفل القواعد الأمريكية هناك ولو لفترة محدودة. كما قامت في إثيوبيا حركة تقدمية أطاحت بـ الإمبراطور هيلاسيلاسي. ونشهد اليوم في إیران ثورة ضد النفوذ الإمبريالي الأمريكي وقواعده العسكرية.
وهكذا تقطعت أوصال إسرائيل التي كادت هذه القواعد تدعمها وتؤيدها وفي عهد المفاوضات المصرية - الإسرائيلية. تهدف السياسة الأمريكية الإسرائيلية إلى عزل مصر عن الأمة العربية، وإلى قطع صلتها بالقضية الفلسطينية، وإلى تطور العلاقات فيما بينها إلى حد الدولتين الحليفتين. فإذا تم ذلك فإن هذا يعني تعويض إسرائيل عما فقدته من حلفاء في المنطقة، فكثيرا ما كانت تهدد تركيا سوريا في الماضي، وتهدد ايران العراق، ويهدد هيلا سيلاسي بقطع مياه النيل عن مصر. واليوم انتهت هذه القواعد ولم تعد حليفة لإسرائيل. ولكن مصر تحاول أن تكون الذراع الضارب للولايات المتحدة في القارة الإفريقية، وقد ورطت نفسها في زائير وفشلت، كما حاول السودان أن يلعب دورًا مماثلا لذلك وفشل.
فهل نتوقع الآن بعد كل هذه الأحداث أن تبقى الأمور على ما هي عليه؟ إننا نرى غير ذلك، فلقد جاء مؤتمر بغداد داعمًا للتضامن العربي، مزيلا الكثير الخلافات العربية، معززا لمنظمة التحرير الفلسطينية والمواقف السياسية والعسكرية. وجاء اللقاء السوري العراقي وميثاق العمل القومي تعزيزا لجبهة الصمود والتصدي، بل نواة أكبر لها. ووقفت الدول العربية المنتجة للنفط ضد اتفاقيات كامب ديفيد؛ مما جعل تحفظ الكثير من الدول الغربية يزداد تشددا، وجاءت أحداث إيران في فصل الشتاء لتخفض إنتاج البترول الإيراني، وهذا ما يؤثر على الدول الأوروبية وعلى اقتصادها، وهذا ما جعل وزير خارجية فرنسا، مثلا، يقوم بجولة في البلدان العربية المنتجة للنفط، وجعل فرنسا تجدد إقامة الخميني في باريس حتى تحتفظ لنفسها بنصيب من النفط الإيراني في المستقبل.
إننا نتوقع المزيد من الانتفاضات في منطقة الشرق الأوسط، فإذا وقع الرئيس السادات اتفاق السلام المقترح فإن الأوضاع الاقتصادية والسياسية داخل مصر ستزداد سوءا. ونلاحظ أيضا أن حليفه الرئيس النميري يمر في أصعب فترات حكمه، بعد أن فشل التحالف بينه وبين السيدين الصديق المهدي والشريف الهندي، وبعد أن تفاقمت الاضطرابات في النقابات داخل البلاد.
إن مناطق النفوذ الأمريكي في المنطقة العربية بشكل خاص معرضة لهزات عنيفة، وليس بالضرورة أن تحدث مثل هذه الهزات أو التغيرات الاجتماعية أو السياسية خلال فترة قصيرة من الزمن، غدا أو بعد غد. ولكن مثل هذه التغيرات ستحدث لأن المعلومات تشير إلى قرب توقيع معاهدة السلام، فليس امام الرئيس السادات سوى خيار واحد إن أراد البقاء في الحكم ولو لمدة قصيرة، مع الاحتفاظ بصداقة الولايات المتحدة وإسرائيل؛ وهو توقيع مثل هذا الاتفاق. فإذا تم التوقيع زادت المعارضة داخل مصر، ونمت بشكل غير منتظر، وليس صحيحا أن الرخاء سيعم مصر في هذا العام.
فإذا كانت الدول العربية قد قدمت لمصر بلايين الدولارات في العام الماضي فهل يمكن للولايات المتحدة أن تقدم لمصر مثل هذا المبلغ أو جزءا منه نقدا، بعد التوقيع على معاهدة السلام! أم أنها لن تقدم أكثر من سلع وبضائع ومواد غذائية فائضة لا يمكن أن تحل الأزمة في مصر. لذلك فإن الانفجار قادم ولن يطول الانتظار؛ لأن هذا هو منطق الحياة والتاريخ، وخاصة أن زيادة أسعار البترول ستنعكس مباشرة على زيادة أسعار السلع داخل مصر بدون زيادة للأجور، وهذا سيخلق نقمة شعبية تؤدي إلى انتفاضة تشبه انتفاضة ۱۸، ۱۹ يناير ۱۹۷۷. وعلى هدي هذه المعلومات والتحليلات السابقة كان لا بد لنا أن نضع برنامج عملنا السياسي، على المستوى الفلسطيني والعربي والدولي.
وفيما يلي موجزا لهذا البرنامج: -
على المستوى الفلسطيني:
فقد تم اتفاق جميع فصائل المقاومة على مشروع برنامج عمل سياسي، أقره وأوصى به المجلس المركزي في آخر اجتماع له قبل انعقاد مجلسكم الوطني هذا، وقد شمل البرنامج رفضًا لاتفاقيات كامب ديفيد، واستنكارا لهـا، وتمسكا بالحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في تقرير المصير واقامة دولته المستقلة، وتمسك البرنامج بمنظمة التحرير الفلسطينية، ومقاومة أي محاولة لخلق بديل لها، مع التمسك بقرارات القمة العربية في الجزائر والرباط، وقرارات الأمم المتحدة 3236 و3237. ثم أعلن البرنامج تصميمه الثابت على مواصلة وتصعيد الكفاح المسلح، وأكد أن قضية فلسطين هي جوهر الصراع العربي الصهيوني، ورفضه لجميع القرارات والاتفاقات والتسويات المجحفة بحقوقنا الثابتة، كما رفض مشروع الحكم الذاتي في المناطق المحتلة، وشدّد على وحدة شعبنا العربي داخل أرضنا المحتلة وخارجها، معلنًا رفضه لكل مشاريع التوطين والوطن البديل، والتمسك بفلسطين وطنًا تاريخيًّا، وعلى هذه الأسس تمت الوحدة الوطنية.
وفي المجال العربي:
أكدت الفصائل أن مواجهة اتفاقات كامب ديفيد هــي مسؤولية عربية، وقاعدتها الرئيسة هي سورية، ومنظمة التحرير الفلسطينية.
وأشار البرنامج إلى ضرورة تعزيز جبهة الصمود والتصدي، وأكدت الفصائل بوحدة وعروبة واستقلال لبنان، واحترام سيادته، والتزامها باتفاقية القاهرة، وتقدر الثورة الفلسطينية الدور الذي لعبه ويلعبه الشعب اللبناني. كمـا وافقت فصائل المقاومة على إجراء حوار مع الأردن، شريطة التزامه بقرارات مؤتمرات القمة في الجزائر والرباط، ورفض اتفاقات كامب ديفيد، وتمكين المنظمة من ممارسة مسؤولياتها النضالية والشعبية.
وفي المجال الدولي:
فقد أدانت فصائل المقاومة الدور التآمري الذي تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية وعزمها على مقاومة هذه السياسة، كما أكدت على أهمية تحالفها مع البلدان الاشتراكية ودول عدم الانحياز والدول الإسلامية والإفريقية والصديقة، وأعربت عن تضامنها مع حركات التحرر الوطني في العالم.
كما وضعت بعد ذلك برنامجا تنظيميا، وأسس المشاركة بين فصائل الثورة، وأسس القيادة الفلسطينية الجماعية.
ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد أن مشروع برنامج الوحدة الوطنية الفلسطينية كان قد تمت صياغته قبل اللقاء السوري العراقي وانعقاد القمة العربية في بغداد.
انطلاقا من حيث كان للقاء السوري العراقي والمؤتمر القمة العربي التاسع في بغداد أثر كبير في خلق علاقات إيجابية عربية شاملة، بدأت على أثرها علاقات (م. ت. ف.) تتطور بسرعة وبشكل ملحوظ مع طرفي ميثاق العمل القومي المشترك، إيمانا منا بأن هذا الميثاق جاء في توقيعه ومضمونه إنجازا قوميًّا، يكمل ويعزز جبهة الصمود والتصدي، ويقوى من قدرات نواة هذه الجبهة الممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية وسوريا، ويزيد من فعاليتها، ويعطيها مزيدا من الأبعاد الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية والعسكرية، بحيث يمكننا القول بأن حقيقة مهمة تشكل معادلة جديدة في المنطقة قد تشكلت، بحيث لا يمكن التقليل أو تجاهل أثرها الإيجابي على مستقبل الصراع العربي الصهيوني، وعلى توفير الدائرة الصحيحة للعلاقات الثلاثية الفلسطينية السورية العراقية ( قوى الجبهة الشمالية )؛ مما يقرب ضرورة ترجمة انعكاساتها بعلاقات وممارسات تلاحمية، تقوّي من طاقاتنا في معركة التحرير والعودة. كما لا بد أيضا أن تنعكس إیجابیا علی مستقبل العلاقات العربية عامة، وتتجسد في برنامج عملنا بصورتها الصحيحة في المرحلة القادمة.
هذا هو موجز لتصور كل فصائل المقاومة للعمل المستقبلي.
ونحن، إذ نضع بين أيديكم مثل هذا البرنامج السياسي، فإننا على يقين أنه سيحظى -بعد الدراسة والمناقشة- بقبولكم وموافقتكم.
وفقكم الله،
وثورة حتى النصر.
التقرير المالي
المقدم من قبل مجلس إدارة الصندوق القومي الفلسطيني
بعد توزیع تقرير إدارة الصندوق القومي الفلسطيني على الإخوة الأعضاء، قام الأخ الدكتور وليد قمحاوي رئيس مجلس إدارة الصندوق القومي بتلاوته، وهذا نصه: ـ
السيد الرئيس
السادة أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني
- مقدمة -
لا شك أن الأحداث الجسام التي تعاقبت على الحلبة السياسية، والمنعطفات الحادة التي مرت بها القضية الفلسطينية منذ انعقاد آخر دورة لمجلسكم في آذار ۱۹۷۷ تشد انتباه الجميع وتستأثر باهتمامهم دون ما عداها. ولا شك أن ضخامة هذه الأحداث السياسية وانعكاساتها الخطيرة على مستقبل القضية الفلسطينية تشغل تفكير الجميع وتقلق بالهم، ومن ثم تخطف الأضواء وتحجبها عن الحلبات الأخرى، وتجعل من الأحداث غير السياسية في المرحلة الراهنة مجرد أمور عادية رغم أهميتها.
فلا غرابة إذا ساد لدينا في الصندوق القومي الفلسطيني – شأننا في هذا شأن الآخرين - شعور بأن كل ما جرى ويجري على الساحات غير السياسية بشكل عام، وعلى صعيد الشؤون المالية بوجه خاص، يظل ثانويًّا في هذه المرحلة بالذات، لا سيما أن أوضاع البيت الفلسطيني ظلت على ما كانت عليه قبل الدورة الأخيرة لمجلسكم، أوضاع ما زال يغلب عليها تمزق وتشرذم يفرق الصف، وتسودها عصبية تنظيمية تحكم الأمور، ويطبعها تعدد وتنافس يحولان دون وحدة الجمع والصرف، ويطيل في عمرها حرص متزايد تبدیه فصائل المقاومة لتدعيم كياناتها؛ مما يجعل التوصل الي تحقيق الوحدة المالية يكاد يكون مستحيلا.
ولا عجب إن كانت أوضاع الفترة الماضية لم تترك أمام الصندوق القومي الفلسطيني سوى خيار واحد، حمله على تصريف الشؤون المالية على الوتيرة ذاتها التي كان عليها الحال في السابق، وأن تضطره هذه الأوضاع لكي يركز جل اهتمامه في المحافظة على ما حققه من مكتسبات، وأن يقصر نشاطاته الخارجية ضمن نطاق الدائرة التي حددها القسم الثاني من تقريرنا الحادي عشر، وبذلك لم يتمكن من تحقيق كل ما كان يصبو إليه من طموحات، ويأمل فيه من إنجازات، ولم تسفر جهوده ومساعيه إلا عن تحقيق عدد محدود منها، كان أبرزها نجاحه في إحداث المركز الاحصائي الفلسطيني، وجعله حقيقة ملموسة، بتعاون مع كل من مجلس الوحدة الاقتصادية العربية والمعهد العربي للتدريب والبحوث الإحصائية في بغداد.
مهام الصندوق القومي الفلسطيني
وفي ظل ما ذكرنا قام الصندوق القومي الفلسطيني، بصورة اعتيادية، بالمهام الموكولة إليه حسب نظامه الأساسي، واستطاع أن يحافظ على مركزه المالي، وأن يعززه رغم كل المشقات والصعوبات، ونجح في أن ينمي موارده ولو بقدر محدود، وأن يرسخ أوضاعه بما يكفل لمنظمة التحرير الفلسطينية بقاءها وديمومتها، وواصل مــد دوائر منظمة التحرير الفلسطينية ومكاتبها ومؤسساتها بما تحتاجه من أموال، وراقب إنفاق هذه الأموال ودقق حساباتها، وضبط النواحي المالية الخاصة بها.
1- الإشراف على نفقات الدوائر والمكاتب والمؤسسات وتدقيق حساباتها:
ففي المجال المدني قام الصندوق القومي الفلسطيني بمراقبة وتدقيق حسابات كل من:
أ - دوائر المنظمة:
المجلس الوطني الفلسطيني، اللجنة التنفيذية، دائرة الشؤون الإدارية، الدائرة العسكرية، دائرة التنظيم الشعبي، دائرة الإعلام والثقافة، الدائرة السياسية، الصندوق القومي الفلسطيني، دائرة شؤون الوطن المحتل، دائرة التربية والتعليم العالي، دائرة العلاقات القومية، دائرة الشؤون الاجتماعية.
ب - مؤسسات المنظمة:
مركز الأبحاث، مركز التخطيط، اذاعة صوت فلسطين، اللجنة السياسية العليا لشؤون الفلسطينيين في لبنان، قسم الإنشاءات، الكفاح المسلح الفلسطيني اللجنة الفلسطينية للسلم والتضامن، المجلس الأعلى للتربية والثقافة والعلوم.
ج - مكاتب المنظمة:
بيروت، دمشق، القاهرة، الاسكندرية، عمان، طرابلس، بنغازي، الكويت، بغداد، الجزائر، الخرطوم، الدوحة، الرباط، تونس، المنامة، صنعاء، عدن، نواكشوط، مقديشو، ابو ظبي، بلغراد، موسكو، برلين، بودابست، وارسو، بوخارست، صوفیا، براغ، بكين، بيونغ يانغ، هانوي، طوكيو، دكا، نيودلهي، كولومبو، إسلام آباد، کراتشي، دکار، كوناكري، دار السلام، كمبالا، برازافيل، آدیس آبابا، نیویورک، هافانا، مكسيكو، روما، باريس، لندن، جنيف، فيينا، مدريد، نيقوسيا، اليونيسكو.
2- مراقبة نفقات جيش التحرير الفلسطيني وتدقيق حساباتها:
وأما في المجال العسكري، فقد قام الصندوق القومي الفلسطيني بمراقبة وتدقيق وتصفية حسابات مختلف وحدات جيش التحرير الفلسطيني المتواجدة على الأراضي اللبنانية والأراضي المصرية، بتعاون تام مع الإدارة المالية للجيش، ووسط ظروف تنظيمية وإجراءات إدارية بالغة التعقيد.
3- اعتماد محاسبين قانونيين لفحص حسابات المنظمة:
وجريا على العادة قام المحاسبون القانونيون المعتمدون بفحص حسابات المنظمة، وتفتيش مستنداتها، وتم تزويدهم بجميع البيانات والإيضاحات التي استدعتها مهمتهم، وقد أرفقنا هذا التقرير بصور عن شهاداتهم، حول الحسابات الختامية لعام ۱۹۷٦/۱۹۷5 (ملحق رقم ٣)، والحسابات الختامية لعام ۱۹۷۷/۱۹۷٦ (ملحق رقم ٦). وبالرغم من توصية مجلسكم بأن تتخذ اللجنة التنفيذية بالتعاون مع الصندوق القومي الفلسطيني وقيادة جيش التحرير الفلسطيني الإجراءات الملائمة من أجل استدراك التحفظات الواردة في شهادة فاحصي الحسابات المعتمدين؛ فقد استحال معالجة معظم الملاحظات التي يتمسك بها فاحصو الحسابات المعتمدين ويكررونها في شهاداتهم المتعاقبة، وذلك لظروف موضوعية لا تزول إلا بزوال أسبابها، وفي مقدمة ذلك التصدع الذي أصاب الصف الفلسطيني، والتمزق الذي لحق بالقوى الفلسطينية، لا سيما النظامية منها، واستمرار رزوح قطاع غزة تحت الاحتلال. ولئن كان التغلب على التناقضات والسلبيات التي تحول دون معالجة ملاحظات فاحصي الحسابات القانونيين يحتاج إلى جهد حثيث ووقت وفير، فإن المصلحة العامة ترجح لدينا الإبقاء على هذه الملاحظات قائمة إلى أن يتسنّى إنهاؤها بأمانة وموضوعية على ما عدا ذلك من الحلول.
4- الحسابات الختامية لعام ١٩٧٦/١٩٧٥:
قام الصندوق القومي الفلسطيني خلال عام ١٩٧٦/١٩٧٥ بالصرف على دوائر المنظمة ومكاتبها ومؤسساتها، وبالإنفاق على إدامة جيش التحرير الفلسطيني والقوات التابعة له، في حدود الاعتمادات المرصودة لكل منها في ميزانية عام 1974/ 1975 وملاحقها الثلاثة التي اعتمدتها قرارات اللجنة التنفيذية رقم 24/75، تاریخ 22/1/1975، ورقم ٧٥/١٠٧ تاریخ 27/4/1975، وأقرها مجلسكم في دورة انعقاده الثالثة عشرة.
(1) لقد بلغت نفقات دوائر المنظمة ومكاتبها ومؤسساتها خلال عام ١٩٧٦/١٩٧٥ (193 /5,971,173) دينارا أردنيا نبين تفاصيلها في ( الملحق رقم 1 ).
(2) وبلغت الإيرادات خلال ذات العام (۹۷۱٫۱۷۳/۱۹۳ر5) دينارا أردنيا، نبين تفاصيلها في (الملحق رقم 2).
(3) ونرفق بتقريرنا هذا شهادة المحاسبين القانونيين المعتمدين، وتتضمن ملاحظاتهم حول الحسابات الختامية لعام ١٩٧٦/١٩٧٥ ( ملحق رقم ٣).
5- الحسابات الختامية لعام ١٩٧٧/١٩٧٦:
كذلك قام الصندوق القومي الفلسطيني خلال عام ۱۹۷۷/۱٩٧٦ بالصرف على دوائر المنظمة ومكاتبها ومؤسساتها، والاتفاق على إدامة جيش التحرير الفلسطيني والقوات التابعة له، في حدود الاعتمادات المرصودة لكل منها في ميزانية عام ١٩٧٤ / ١٩٧٥ وملاحقها الثلاثة التي اعتمدتها قرارات اللجنة التنفيذية رقم 24/75 بتاريخ ۱۹۷/۱/۲۲، ورقم 107/75 تاریخ ١٩٧٥/٤/۲۷ وأقرها مجلسكم في دورة انعقاده الثالثة عشرة.
(1) لقد بلغت نفقات دوائر المنظمة ومكاتبها ومؤسساتها خلال عام ۱۹۷۷/۱۹۷٦ (851/ 4,237,061) دينارا أردنيا، نبين تفاصيلها في ( الملحق رقم ٤ ).
(2) وبلغت الإيرادات خلال ذات العام (٨,٥٤٥,٦٥٢,٧٤٧) دينارا أردنيا نبين تفاصيلها في (الملحق رقم ٥ ).
(3) ونرفق بتقريرنا هذا شهادة المحاسبين القانونيين المعتمدين وتتضمن ملاحظاتهم حول الحسابات الختامية لعام ١٩٧٧/١٩٧٦ (ملحق رقم ٦).
6- الحسابات الختامية لعام ۱۹۷۷/ ۱۹۷۸:
كان مجلسكم في دورته الثالثة عشرة قد اتخذ القرار التالي:
(تفويض اللجنة التنفيذية بإعداد ميزانية عام ۱۹۷۸/۱۹۷۷ في حدود خمسة ملايين دينار أردني، يضاف إليها ما قد تحتاج إليه للتعليم العالي ضمن حدود الواردات، على أن يصار إلى اعتماد مشروع الميزانية هذا في جلسة مشتركة، تعقدها لهذا الغرض اللجنة التنفيذية ومكتب المجلس الوطني الفلسطيني ومجلس إدارة الصندوق القومي الفلسطيني ومديره العام).
غير أن استمرار الأحداث الدامية على الساحة اللبنانية، وقيام القوات الإسرائيلية باجتياح جنوب لبنان، والقصف الوحشي الذي تعرضت له مخيمات الفلسطينيين وأماكن تجمعهم، وما ألحقته الاعتداءات الإسرائيلية ببيوتهم ومساكنهم من خراب وتدمير، وما أنزله العدوان الإسرائيلي بالمدنيين الأبرياء - فلسطينيين ولبنانيين على حد سواء ـ من خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، وما تسببه من نزوح الأهالي وتشريدهم، وقيام ظروف إنسانية قاسية بينهم، ونشوء حاجة ملحة لإغاثة المهجرين وإيوائهم، وإسعاف المصابين ومعالجتهم، والتعويض على المتضررين ومساعدتهم، ورعاية أسر الشهداء وتقديم العون لهم، كل هذا جعل من المستحيل على اللجنة التنفيذية أن تتقيد بنص قراركم واضطرها تجاوز السقف الذي حددتم، ولم يمكنها من إعداد ميزانية عام ۱۹۷۷/ ۱۹۷۸ واعتمادها بالشكل الذي رسمه قراركم المبيّن أعلاه.
وتبعًا لما تقدم، اضطر الصندوق القومي الفلسطيني خلال عام ۱۹۷۸/۱۹۷۷ للصرف على دوائر المنظمة ومكاتبها ومؤسساتها، وبالإنفاق على إدامة جيش التحرير الفلسطيني والقوات التابعة له، بصورة اثني عشرية، وبالاستناد إلى نفس القواعد التي اعتمدها مجلسكم أساسًا لميزانية عام ١٩٧٦ ۱۹۷۷، وإلى القرارات التي اتخذتها اللجنة التنفيذية لمعالجة ذيول الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، ولمواجهة استمرار الأحداث الدامية على الساحة اللبنانية.
لقد انتهت في الثلاثين من حزيران ۱۹۷۸ السنة المالية ۱۹۷۸/۱۹۷۷، إلا أنه في غير مقدور الصندوق القومي الفلسطيني تقديم الحسابات الختامية للسنة المذكورة في الدورة الحالية؛ لأن عددًا من مكاتب المنظمة لم يرسل مصروفاته لعام ۱۹۷۸/۱۹۷۷ حتى الآن، ولأن قسمًا من نفقات جيش التحرير الفلسطيني لا يزال قيد التصفية، فضلا عن أن المحاسبين القانونيين المعتمدين لا يضعون شهاداتهم ويقدمون ملاحظاتهم بشأن حسابات عام ١٩٧٧/ ۱۹۷۸ قبل انتهائهم من تفتيشها.
لذلك سوف تقدم الحسابات الختامية لعام ١٩٧٧/ ۱۹۷۸ بشكلها النهائي في دورتكم المقبلة، ونستعيض اليوم عن ذلك بتقديم كشف بالنفقات والإيرادات التي تمت خلال العام المذكور، وهي على كل حال ليست حسابات نهائية.
(1) لقد بلغت نفقات دوائر المنظمة ومكاتبها ومؤسساتها خلال عام ١٩٧٨/١٩٧٧ (٤٨٢٣,٧٥٢/٢٠٠٦) دينارا أردنيا، نبين تفاصيلها في ( الملحق رقم 7).
(2) وبلغت الإيرادات خلال ذات العام (١٣,٥٦٥,٩٦٢/٦٥٤) دينارا أردنيا، نبين تفاصيلها في (الملحق رقم 8).
ونود هنا أن نسترعي الانتباه إلى أن حصيلة ضريبة التحرير في كل من ليبيا وفي الكويت، كما ظهرت في إيرادات عام ۱۹۷۸ لیست معدلا عاديا، بل هي وليدة ظروف استثنائية أدى إليها توقف المصارف في بيروت عن العمل، وانعدام الخدمات البريدية فيها، نتيجة للأحداث الدامية التي عمت أرجاء لبنان.
ففي ليبيا -وللأسباب التي ذكرنا- لم يستطع المصرف التجاري الوطني في بنغازي تحويل حصيلة ضريبة التحرير أولًا بأول كالمعتاد، فتراكم لديه منها ما يزيد عن مليون دينار ليبي، تمكنّا من تحويلها في عام ١٩٧٨.
وكذلك كان الحال بالنسبة للمصرف المركزي في الكويت، هذا بالإضافة إلى التباس حصل وما زال عالقًا دون تسوية، ذكرنا تفاصيله عند عرض موضوع الدعم المالي لعام ١٩٧٨.
7- الفائض في ميزانية عام ۱۹۷۸/۱۹۷۷: -
قد يبدو لأول وهلة أن عام ۱۹۷۸/۱۹۷۷ قد حقق فائضا مقداره ( ٦٤٨ / ٢١٠ / ٨,٧٤٢ ) دينارا أردنيا، بينما هو فائض نظري سوف ينخفض عند قطع الحسابات الختامية لعام ۱۹۷۷ / ۱۹۷۸ للأسباب الرئيسة التالية:
أ ـ لأن قسما من هذا الفائض قد تم استخدامه في تسديد الأقساط المستحقة على منظمة التحرير الفلسطينية، عن مساهمتها في رأسمال عدد من المصارف والصناديق والشركات التي انضمت المنظمة إلى عضويتها.
ب ـ ولأن قسما آخر من هذا الفائض قد تم استخدامه في شراء أراض وعقارات مست الحاجة إليها، واتخاذها مقرًّا لبعض دوائر المنظمة في دمشق وفي عمان.
ج ـ ولأن الرقم النهائي للنفقات الفعلية سوف يرتفع بعد استلام حسابات باقي المكاتب، وتصفية نفقات جيش التحرير الفلسطيني بكاملها.
وكيفما تطور هذا الفائض وأيا كانت نتيجته، يجب ألّا يغيب عن بال أحد ما عودتنا عليه الحكومات العربية من تمنعها بين الحين والآخر عن الوفاء بالدعم المالي الذي تلتزم به، فهكذا حصل لالتزامات عام ١٩٦٥ وما بعده، وهكذا حصل لالتزامات عام ١٩٧٦ وما بعده، وهكذا قد يحصل لالتزامات عام ١٩٧٩ وما بعده.
ويجب ألا ننسى أن سير الأحداث منذ مطلع عام 1976، والانفتاح العالمي الواسع الذي شهدته منظمة التحرير الفلسطينية قد ألقى على كاهل الصندوق القومي الفلسطيني أعباء مالية ضخمة جدا، يعجز عن مواجهتها دون دعم عربي، وطالما ظلت موارده من المصادر الفلسطينية على مستواها الحالي.
كما يجب أن نذكر على الدوام أن سلامة مسيرتنا وحرية تحركاتنا المقبلة تقتضي من جميع المعنيين ألّا يُفرطوا في التفاؤل، وأن يلتزموا جانب الحيطة والحذر عند تقديرهم لمركزنا المالي، سواء بالنسبة للفائض عام ۱۹۷۸/۱۹۷۷ أو اي فائض يليه.
8- الدعم المالي لمنظمة التحرير الفلسطينية خلال أعوام 1975-197:
كنا ذكرنا في تقريرنا الحادي عشر أنه بمقتضى القرار الذي اتخذه مؤتمر القمة العربي السابع المنعقد في الرباط،
ما بين السادس والعشرين والتاسع والعشرين من شهر تشرین الأول (أکتوبر) ١٩٧٤ التزمت الدول العربية بأن تقدم لمنظمة التحرير الفلسطينية سنويا الدعم التالي:
الدولة الملتزمة دولار أمريكي
المملكة العربية السعودية 8,510,630
الكويت 8,510,630
الإمارات العربية المتحدة 6,382,800
قطر 3,191400
الجمهورية العراقية 2,127,600
سلطنة عمان 319,140
البحرين 85,104
______________________
29,127,304
وبينا أن الصندوق القومي الفلسطيني قد تلقى بالفعل الدعم المقرر للمنظمة لعام ١٩٧٥ من كل من هذه الدول، باستثناء سلطنة عمان.
وأوضحنا أن الصندوق القومي الفلسطيني لم يتلق خلال عامي ۱۹۷5 و۱۹۷6 أي دعم من أي من المملكة المغربية، والجمهورية التونسية، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، والجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية، بالرغم من أن وفود هذه الدول قد وعدت في المؤتمر بأن تبلغ الأمين العام لجامعة الدول العربية مقدار ما تلتزم به سنويا من هذا الدعم.
وذكرنا أن عام ١٩٧٦ جاء فإذا بالدول العربية تستنكف عن الوفاء بالتزاماتها، فيمضي عام ١٩٧٦ دون أن يتلقى الصندوق القومي الفلسطيني أي دعم من أي من الدول العربية الملتزمة سوى البحرين، بالإضافة إلى شيك بمبلغ ( ٢٧٥ ٨٨٨ ٤ ) دولارًا أمريكيًّا، تفضل سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حاکم دولة الإمارات العربية المتحدة، بتقديمه للصندوق القومي الفلسطيني، بمناسبة عقد الدورة الثالثة والأربعين لمجلس إدارة الصندوق القومي الفلسطيني، بمدينة أبوظبي في أواخر شباط (فبراير) ١٩٧٦.
ونضيف الآن أن موضوع تقديم الدعم المالي للمنظمة قد أثير من جديد في مؤتمر القمة العربي السداسي بالرياض، وفي مؤتمر القمة العربي الثامن الذي انعقد في القاهرة، خلال الفترة من ٢٦ تشرين الأول (أکتوبر) ١٩٧٦، فالتزمت الدول العربية مجددا بأن تستأنف التزاماتها خلال عام ۱۹۷۸، وأن يترك أمر التزامات عام ١٩٧٦ ليكون موضوع مفاوضات ثنائية.
ورغم هذا التأكيد، ومن أصل كامل الالتزامات البالغة (٣٠٤ر ۱۲۷ ,۲۹) دولارات أمريكية في كل عام، اقتصر ما استلمه الصندوق القومي الفلسطيني خلال الأعوام الأربعة الماضية على المبالغ التالية:
دولار أمريكي
الدولة الملتزمة عام ۱۹۷5 عام 1976 عام ١٩٧٧ عام ١٩٧٨ عام ١٩٧٦
المملكة العربية السعودية 8,510,630 --
الكويت 8,510,630 -- 8,510,630
الإمارات العربية المتحدة 4,694,136 4,888,275 7,000,000 7,000,000
قطر 3,191,400 -- 2,127,600
الجمهورية العراقية 1,774,605 --
سلطنة عمان -- --
البحرين 85,104 85,104 85,104
26,766,505 4,973,379 17,723,334 7,000,000
وكان السيد رئيس اللجنة التنفيذية قد أفاد أعضاء مجلس ادارة الصندوق خلال الجلسة الخامسة والأربعين المنعقدة في دمشق بتاريخ ١٩٧٨/٦/٢٤ إن المملكة العربية السعودية قد سددت التزاماتها لعام ۱۹۷۷، ولكن المبلغ وفقا للمعلومات المتوفرة لديه قد حول خطأ باسم حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، وأن الاتصالات جارية لحل الإشكال الناجم عن هذا الخطأ، وإعادة تحصيل المبلغ إلى الصندوق القومي الفلسطيني الذي مازال يسعى لتحقيق ذلك.
كذلك قامت وزارة خارجية الكويت بتاریخ ۱۹۷۸/۸/۲۱ بإبلاغ مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في الكويت رسميًّا، أن حكومة الكويت حولت مبلغ (٨,٥١٠,٦٣٠) دولارًا أمريكيًّا إلى حساب حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) تمثل التزاماتها لعام ۱۹۷۸، وكان ذلك استجابة منها للمذكرة الرسمية رقم م. ك /۱۲۸۸ التي وجهها إليها مدير مكتب المنظمة في الكويت بتاريخ ۱۹۷۸/۹/۱۰، طلب بموجبها اقتطاع مبلغ مليوني دينار كويتي، أي ما يزيد عن (7,000,000) دولار أمريكي، من أصل التزام الكويت لعام ۱۹۷۸، وتحويله إلى حساب حركة التحرير الفلسطيني (فتح) بدلا من الصندوق القومي الفلسطيني؛ بحجة استرداد حصيلة راتب نصف شهر كان الفلسطينيون العاملون في الدولة قد تبرعوا به خلال أحداث لبنان، وأضيف إلى حصيلة ضريبة التحرير، وتم تحويله في حينه لحساب الصندوق القومي الفلسطيني، وظهر في حسابات الصندوق كجزء من إيرادات ضريبة التحرير في الكويت لعام ۱۹۷۸. وما زال هذا الموضوع أيضا عالقًا دون تسوية، رغم مطالبتنا المستمرة مكتب الكويت ضرورة تزويدنا بتقرير مفصل حول الموضوع يتخذ أساسا لتسويته.
9- الدعم المالي العربي لمنظمة التحرير الفلسطينية لعام ۱۹۷۹ وما يليه:
ما بين الثاني والخامس من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) ۱۹۷۸، عقد في بغداد مؤتمر القمة العربي التاسع، وكان من بين ما اتخذه من قرارات، قراران يقضي أولهما بتقديم الدعم لكل من سورية والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية. وبمقتضى هذا القرار التزمت الدول العربية التالية بأن تقدم إلى منظمة التحرير الفلسطينية سنويا -ولمدة عشر سنوات- الدعم التالي:
الدولة الملتزمة دولار أمريكي
الإمارات العربية المتحدة 28,571,428
جمهورية الجزائر الديمقراطية الشعبية 17,857,143
الجمهورية العراقية 37,142,857
المملكة العربية السعودية 71,428,572
قطر 16,428,572
الكويت 39,285,714
الجماهيرية العربية الليبية 39,285,714
250,000,000
على أن تسهم الدول العربية الأخرى من غير من ورد ذكرها أعلاه حسب اختيارها ومقدراتها، انطلاقًا من قومية العمل، وشرف المسؤولية الجماعية.
ويتم دفع المبالغ المذكورة على ثلاثة أقساط متساوية كل سنة، على أن يدفع القسط الأول من كانون الثاني (يناير) ۱۹۷۹ بطريقة مباشرة من الدول الملتزمة إلى منظمة التحرير الفلسطينية.
وبالنظر للأهمية القومية البالغة لصمود شعبنا العربي الفلسطيني في فلسطين المحتلة ضد مخططات العدو الصهيوني بكافة أشكالها، ولدعم كفاحه من أجل التحرير التزمت الدول العربية بمقتضى القرار الثاني بأن تخصص مبلغا سنويا قدره (۱٥۰) مليون دولار أمريكي ولمدة عشر سنوات يتم تقديمه من الدول المساهمة على الشكل التالي:
الدولة الملتزمة دولار أمريكي
الإمارات العربية المتحدة 17,142,857
جمهورية الجزائر الديمقراطية 10,714,286
الجمهورية العراقية 22,285,715
المملكة العربية السعودية 42,857,143
قطر 9,857,143
الكويت 23,571,428
الجماهيرية العربية الليبية 23,571,428
150,000,000
وما زلنا بانتظار الصيغة النهائية لتحديد كيفية التصرف بهذا المبلغ، وقد فهمنا أن (٥٠) مليون دولار أمريكي منه سوف تكون تحت تصرف منظمة التحرير الفلسطينية، بينما تكون (۱۰۰) مليون دولار أمريكي الأخرى بتصرف المنظمة بتنسيق مع الحكومة الأردنية.
10- الموارد المالية:
عند الحديث عن الموارد المالية، لا نرى أبلغ ولا أجدى من أن نردد ما أوردناه في التقرير الحادي عشر، وأن نعيد إدراجه بحرفيته في تقريرنا هذا، معاودين التأكيد أن الحديث عن الموارد المالية يظل حديثا محصورًا في إطار التمنيات ما ظل واقعنا المؤلم يتحكم بالساحة الفلسطينية، ناشرا في جنباتها كل سلبياته الخطيرة، فالمنظمات المتعددة، والولاءات المختلفة، والمواقف المتباينة، كانت جميعها وستظل سببا في قيام العقبات أمام ما بذل ويبذل لتنمية موارد الصندوق القومي الفلسطيني ومضاعفتها.
فاحتفاظ فصائل المقاومة باستقلالها المالي، وسعيها لتنمية مواردها المالية الخاصة بوسائلها وحسب اجتهاداته، وترتيبات توجيه التبرعات إلى مؤسسات معينة عن غير طريق الصندوق القومي الفلسطيني وتحت مختلف العناوين، يزيد في الصعوبات التي يعاني الصندوق القومي الفلسطيني منها في سبيل الحصول على موارد مالية مرموقة، ويبقي جهوده في هذا المجال محصورة ضمن الإطار التقليدي التالي:
أولا: ضريبة التحرير:
وهي مازالت تشكل الدعامة الثابتة التي يعتمد عليها الصندوق القومي الفلسطيني، وتغذي موارده بصورة متواصلة ومنتظمة حتى الآن. ويعود الفضل في ثبات معدل حصيلة ضريبة التحرير إلى أن جبايتها يتم بقوة تشريعات أو قرارات حكومية، صدرت لفرض ضريبة التحرير على الفلسطينيين العاملين فوق أراضي عدد من الأقطار العربية، وتكريس حصيلتها لصالح الصندوق القومي الفلسطيني.
ثانيا: المساعدات العربية:
والمساعدات العربية تلي ضريبة التحرير أهمية، وقد بلغ ما تلقاه الصندوق القومي الفلسطيني منها خلال عـام ١٩٧٨ (١٤٥٦٥٧٠٠٩) دينار أردني، كان أبرزها مبلغ (١,٦٢٢,٥٧٤) فرنك فرنسي، تبرع به الحزب الاشتراكي الدستوري في تونس.
ثالثا: تبرعات الجاليات العربية في المهجر:
ويبدو أن تبرعات الجاليات العربية في المهجر لا تتحقق إلا بزيارة الوفود لهذه الجاليات زيارات منتظمة، تقوم بها باستمرار، لتنظيم سلسلة من العلاقات والروابط بين الجاليات العربية في المهجر والصندوق القومي الفلسطيني.
القسم الثاني
نشاطات الصندوق القومي الخارجية
السيد الرئيس:
تابع الصندوق القومي الفلسطيني دورة من الزاويتين المالية والاقتصادية في الهيئات والمؤسسات العربية والدولية التي انضمت منظمة التحرير الفلسطينية إلى عضويتها، وبذل كل ما يمكن بذله لكي يبرز الشخصية الفلسطينية، ليعزز مكانة منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني.
11- في المجال المالي:
ففي المجال المالي تولى الصندوق القومي الفلسطيني تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية في عضوية المؤسسات المالية والعربية التالية، وشارك في نشاطات مجالس محافظيها:
أولا: صندوق النقد العربي
ثانيا: المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا
ثالثا: الصندوق العربي للمعونة الفنية للدول العربية والإفريقية.
رابعا: البنك الإسلامي للتنمية.
12- في المجال الاقتصادي:
وعلى الصعيد الاقتصادي شارك الصندوق القومي الفلسطيني في مختلف المؤتمرات الاقتصادية العربية والدولية، ومارس دوره في مؤتمرات واجتماعات المنظمات الدولية، والمؤسسات العربية والعالمية التالية، متمتعا بصفة العضوية الكاملة في:
أولا: الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي.
ثانيا: اللجنة الاقتصادية لغربي آسيا.
ثالثا: مجلس الوحدة الاقتصادية العربية بصفة عضو مراقب في:
رابعا: المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة.
خامسا: منظمة الأغذية والزراعة الدولية.
وكنا قد قدمنا في القسم الثاني من تقريرنا الحادي عشر عرضًا وافيًا لنشاطات الصندوق، في مختلف هذه المجالات، وأشرنا فيه إلى القرارات والنتائج التي تم التوصل إليها.
أما بالنسبة لنشاطات ما بعد دورتكم الأخيرة، فيمكننا تلخيص أبرز نتائجها كما يلي:
(1) معونة فنية قدمها الصندوق العربي للمعونة الفنية للدول العربية والإفريقية إلى بعض المؤسسات التعليمية في الوطن المحتل.
(2) البدء في إعداد دراسة جدوى إنشاء جامعة شعبية فلسطينية، بتمويل من قبل الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي واليونسكو.
(3) بدء الخطوات العملية لتنفيذ قراري اللجنة الاقتصادية لغربي آسيا وهما:
- ا ـ إعداد دراسة شاملة حول الأوضاع والإمكانات الاقتصادية والاجتماعية للشعب العربي الفلسطيني.
- ب - مشروع التعداد السكاني للشعب العربي الفلسطيني حيثما وجد.
(4) الحصول على خمس منح دراسات عليا في التخصصات الزراعية من منظمة الأغذية والزراعة الدولية،
وكذلك منحة مالية لتجميع معلومات زراعية عن الوطن المحتل.
(5) معونة فنية سنوية من مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، بدأ على أثر الحصول على نصفها بإنشاء المركز الإحصائي الفلسطيني، والتحضير جار لإنشاء مركز التوثيق الفلسطيني.
13- الحوار العربي الأوروبي:
تابع مجلس إدارة الصندوق القومي الفلسطيني من خلال وحدة الحوار العربي الأوروبي في منظمة التحرير الفلسطينية الجانب الاقتصادي من الحوار العربي الأوروبي، إذ شاركت وحدة الحوار في جميع اجتماعات اللجنة العامة للحوار، ولجان العمل المنبثقة عنها، وقامت بواجبها في التعريف بقضية شعبنا وحقوقه، كما استطاعت القيام بدورها القومي كجزء فعال من الجانب العربي في الحوار. ويتابع مجلس إدارة الصندوق القومي الجانب الاقتصادي من الحوار لتحقيق أهدافنا فيه.
14- مؤتمر ذوي الفعاليات الاقتصادية ورجال الأعمال الفلسطينيين:
لقد حقق أبناء الشعب العربي الفلسطيني المتواجدون في الشتات إنجازات مرموقة في مختلف المجالات الزراعية والصناعية والتجارية والمهنية والفكرية، ساهموا مساهمات بارزة في تطوير البلدان التي عاشوا فيها سني هجرتهم، واشتركوا في تطوير أجهزتها على جميع المستويات:
وقد شعر مجلس إدارة الصندوق القومي بالفائدة القصوى التي يمكن تحقيقها في دعم مكانة منظمة التحرير الفلسطينية، وتعزيز دورها لو أمكن وضع مثل هذه الطاقات الخلاقة في خدمة أهداف المنظمة.
لذلك أولى مجلس إدارة الصندوق القومي اهتماما خاصا بفكرة عقد مؤتمر لذوي الفعاليات الاقتصادية ورجال الأعمال الفلسطينيين، يكون من بين أهدافه:
أولا: حصر الكفاءات والإمكانيات والقدرات الفلسطينية في قطاع التجارة والاقتصاد والأعمال الحرة الأخرى، وتحديد أماكن تواجدهم وتنظيم هذه الطاقات.
ثانيا: خلق الترابط بين هذه الكفاءات والفعاليات الاقتصادية ومنظمة التحرير الفلسطينية.
ثالثا: قيام منظمة التحرير الفلسطينية بخلق المناخ المناسب لمساعدة المؤسسات الاقتصادية الفلسطينية لتمكينها من خدمة مصالحها الذاتية وتأدية رسالتها القومية.
رابعا: مساهمة رأس المال الفلسطيني بدور أكبر في دعم نضال الشعب العربي الفلسطيني من أجل التحرير وتنمية موارد الصندوق القومي الفلسطيني.
خامسا: تأسيس بنك وطني فلسطيني على أسس تجارية بحتة، يكون له مفهوم قومي وبُعد عربي، يتولى بالإضافة إلى الأعمال المصرفية العادية، الأعمال الاستثمارية، وأعمال التنمية كمشاريع الإنشاء والتعمير والإسكان، ويكون منطلقا لخلق مختلف الشركات الذي يحتاجها تعزيز الجانب الاقتصادي من النضال الوطني الفلسطيني، وصمود شعبنا وبناء وطننا.
ورغبة في أن تكون هذه التجربة رائدة وأصيلة منذ بدايتها، رأى الصندوق القومي الفلسطيني أن يجري عقد هذا المؤتمر بتمويل ذاتي، بحيث لا تشکل تکالیف انعقاده أي عبء جديد على منظمة التحرير الفلسطينية.
وفضلا عن الوجه الحضاري للشعب العربي الفلسطيني الذي سوف يبرز للعالم المتمدن بانعقاد هذا المؤتمر فإن الصندوق القومي الفلسطيني يشعر أن من الأهمية بمكان أن ينبري قطاع عريض من بين صفوف الشعب العربي الفلسطيني لكي يؤدي دوره الوطني، ويساهم في دعم الصمود الفلسطيني، فضلا عن اهمية ربط هذا القطاع العريض بمنظمة التحرير الفلسطينية، لكي يلعب دوره ويسهم بنصيبه في تعبئة كافة القدرات والطاقات الفلسطينية، وجعلها أرضية صالحة تنبثق عنها مؤسسات فلسطينية ذات تحرك ذاتي، تسعى لتوفير الوسائل اللازمة لاستمرارية النضال الفلسطيني، وتعمل من أجل ضمان اعتماد هذا النضال على موارد ذاتية، تكون أساسا للبناء الاقتصادي الوطني الفلسطيني.
لذلك يتوجه مجلس إدارة الصندوق القومي بإلحاح إلى المجلس الوطني الفلسطيني، لكي يتبنى فكرة عقد مؤتمر ذوي الفعاليات الاقتصادية ورجال الأعمال الفلسطينيين، ويبارك الأهداف التي تدفع بالصندوق القومي الفلسطيني للمضي قدما في اتخاذ الترتيبات التمهيدية للإعداد لعقده في أقرب فرصة ممكنة، وفي البلد الذي يتوفر فيه أكثر من غيره المناخ الملائم، ووسائل الإعلام اللازمة، وإمكانات الاتصالات الضرورية لنجاح المؤتمر، وأن يدعو كافة المنظمات والمؤسسات المختصة والجهات الفلسطينية المعنية أن تتعاون مع الصندوق القومي الفلسطيني لهذا الغرض، وتقدم وتوفر للجنة التحضيرية التي يعتزم تشكيلها ما يضمن عقد هذا المؤتمر ونجاحه.
ولئن اقتصر هذا القسم الخاص بنشاطات الصندوق القومي الفلسطيني الاقتصادية والخارجية على عرض موجز، انطلاقًا من النظرة الموضوعية والتعامل الواقعي مع الأمور في المنظمة، فإن هذا يفرض علينا التوجه إليكم برجاء اعتبار هذا الموجز ملحقًا بالعرض الوافي الذي حفل به القسم الثاني من تقريرنا الحادي عشر الذي قدمناه لمجلسكم في دورته الأخيرة.
- القسم الثالث-
-ميزانية المنظمة –
السيد الرئيس
15- ميزانية عام ۱۹۷۸/۱۹۷۷:
ابتدأ في الاول من تموز ۱۹۷۷ العام المالي ۱۹۷۸/۱۹۷۷ الذي كان مجلسكم قد فوض اللجنة التنفيذية بإعداد ميزانية له، في حدود مبلغ خمسة ملايين دينار أردني.
ولما لم يتم ذلك، وكانت المادة السابعة من النظام المالي توجب على رئيس مجلس إدارة الصندوق القومي الفلسطيني إبلاغ ميزانية منظمة التحرير الفلسطينية إلى دوائر المنظمة ومكاتبها ومؤسساتها؛ فقد قام بالتشاور مع اللجنة التنفيذية بالتعميم على هذه الدوائر والمكاتب والمؤسسات لتغطية نشاطاتها خلال الفترة من ۱۹۷۷/۷/۱ وإلى حين اعتماد ميزانية المنظمة لعام ۱۹۷۷/ ۱۹۷۸ بالإنفاق على هذه النشاطات في حدود ميزانية شهرية، تشكل جزءًا من أصل اثني عشر جزءًا من ميزانية عام ١٩٧٥/١٩٧٤ والملاحق الثلاثة التي أُلحقت بها.
16- ميزانية عام ۱۹۷۹/۱۹۷۸:
وكذلك ابتدأ في الأول من تموز ۱۹۷۸ العام ۱۹۷۹/۱۹۷۸ دون وضع ميزانية له؛ مما اضطر رئيس مجلس إدارة الصندوق القومي الفلسطيني إلى اللجوء لنفس التدبير، كما في عام ١٩٧٨/١٩٧٧.
وحيث إن السنة المالية ۱۹۷۸/ ۱۹۷۹ قد انقضي معظمها، لذلك يقترح الصندوق القومي الفلسطيني بغية تغطية نفقات سنة ۱۹٩٧٧/ ۱۹۷۸ الماضية ونفقات سنة ١٩٧٩/١٩٧٨ الجارية أن يصدر المجلس الوطني الفلسطيني بشأنهما القرار التالي:
(1) تتخذ مخصصات ميزانية عامي ۱۹۷۸/۱۹۷۷ و۱۹۷۹/۱۹۷۸ الواردة في الملحق رقم (٩) من التقرير الثاني عشر للصندوق القومي الفلسطيني أساسا لتغطية نفقات عام ١٩٧٨/١٩٧٧.
(2) يعمل خلال السنة المالية (۱۹۷۹/۱۹۷۸ بميزانية عامي ۱۹۷۸/۱۹۷۷ و۱۹۷۹/۱۹۷۸ الواردة في الملحق رقم (۹) من التقرير الثاني عشر للصندوق القومي الفلسطيني.
(3) يكلف الصندوق القومي الفلسطيني برصد مبلغ (٥٠) مليون دولار أمريكي من أصل أموال الدعم العربي
لعام ۱۹۷۹، يوضع تحت تصرف اللجنة التنفيذية، ويصرف بقرارات منها، لتغطية احتياجات القوى الفلسطينية ونفقات الوحدة الوطنية، وتطوير أجهزة المنظمة ومؤسساتها، خلال الفترة من ۱۹۷۹/۱/۱ - ۱۹۷۹/۹/۳۰. ويتم الصرف من هذه المخصصات تباعًا، وبنسب تتماشى مع مقدار ما يسدد من أصل أموال الدعم العربي لعام ۱۹۷۹.
17- مشروع ميزانية عام ۱۹۷۹ / ۱۹۸۰:
في أعقاب مؤتمر القمة العربي التاسع الذي انعقد في بغداد في شهر تشرين الثاني (نوفمبر)۱۹۷۸، وعلى هدي التمنيات التي أبداها رؤساء المؤتمر، مناشدين القوى الفلسطينية بأن توحد صفوفها في إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب العربي الفلسطيني، وعلى ضوء موقف رؤساء الوفود التي شاركت في المؤتمر الذين أبدوا رغبة وإصرارًا في أن تقدم حكوماتهم الدعم المالي الذي تلتزم به إلى منظمة التحرير الفلسطينية؛ في أعقاب ذلك ارتأت اللجنة التنفيذية إعداد ميزانية موحدة وموسعة تصلح لتغطية كافة النشاطات، وتعم كافة المجالات، وتشمل كافة القوى الفلسطينية، وأصدرت اللجنة التنفيذية لهذا الغرض قرارها رقم ٧٨/٢٥١ تاریخ ۱۹۷۸/۱۲/۱، شکلت بموجبه لجنة خاصة للموازنة، ضمت في عضويتها ممثلين عن عدد من فصائل المقاومة، وأناطت بهذه اللجنة وضع مشروع ميزانية عام ۱۹۸۰/۱۹۷۹، وعقدت اللجنة سلسلة من الاجتماعات، اتُّفق خلالها على معظم ما يتعلق بدوائر المنظمة ومكاتبها ومؤسساتها، ولكن لم يتم التوصل إلى رأي نهائي موحد حول وحدة الاتفاق وحجمه، فهناك رأي ينادي بضرورة اعتماد انفاق موحد يتولاه الصندوق القومي الفلسطيني، ابتداء بوحدة المقاتلين، وانتهاء بالنشاطات الموحدة، أما الرأي الآخر فيعتمد الاستقلالية لمرحلة انتقالية على الأقل، بحيث تنال فصائل المقاومة خلالها أنصبة الدعم المالي، لم يتفق على تحديدها بعد.
وخلال المداولات استقر رأي الجميع بمن فيهم ممثلو القوى الفلسطينية على ضرورة التحسب لاحتمال تخلف البعض عن الوفاء بكامل التزاماته، وأنه لابد من رصد احتياطي للصندوق القومي الفلسطيني، يستعين به لتمويل العمل الفلسطيني بسرعة ومرونة.
ولئن كان قد تعذر على اللجنة الخاصة إعداد مشروع ميزانية موسعة، فقد أمكن لها -على ضوء ما توصلت إليه مع ممثلي القوى الفلسطينية- تحضير ميزانية دوائر المنظمة ومكاتبها ومؤسساتها. وقد جرى إعداد هذه الميزانية كما في الملحق رقم (۱۰) من هذا التقرير، بعد أن تم إقرارها مبدئيًّا من قبل اللجنة التنفيذية، في جلستها المنعقدة بتاريخ هي ۱۹۷۹/۱/۱۲.
يضاف إلى ذلك أن موضوع تمويل النضال الفلسطيني في المرحلة المقبلة قد كان محور أبحاث مجلس إدارة الصندوق القومي الفلسطيني، عند عرض أبواب ميزانية عام ١٩٨٠/١٩٧٩ عليه، وموضع اهتمام أعضائه الذين بحثوا الوحدة المالية بكافة أبعادها، واستعرضوا إيجابياتها ومحاذيرها، وبحس وطني يعي أن الوقت قد حان لتجميع القوى وتوحيد الطاقات، وشعور بالواجب يدرك أن فرصة القضاء على أحد أسباب الفرقة والانقسام قد لاحت، قرر مجلس إدارة الصندوق بالإجماع ضرورة رفع شعار وحدة الجباية، ووحدة الإنفاق والتمسك به، باعتبار ذلك:
أولا - خطوة أولى على طريق الوحدة الوطنية الشاملة.
وثانيا ـ وسيلة من وسائل الرقابة على الأموال التي تجمع باسم شعب فلسطين، والإشراف عليها، إيرادات ونفقات، بحيث يمكن توجيهها الوجهة الصحيحة نحو تمويل النشاطات التي يحتاج إليها النضال الفلسطيني.
ومجلس إدارة الصندوق القومي الفلسطيني، إذ يناشد المجلس الوطني الفلسطيني بألّا يدع فرصة تحقيق خطوة مهمة على طريق الوحدة الوطنية تفلت، ومن ثم يتمنى عليه أن يقرر وحدة الجباية ووحدة الإنفاق؛ يقترح أن يصدر المجلس الوطني الفلسطيني القرارات التالية لتحقيق ذلك:
(1) أن يعمل بالنسبة لدوائر المنظمة ومكاتبها ومؤسساتها خلال السنة المالية ۱۹۸۰/۱۹۷۹ بميزانية عام ۱۹۸۰/۱۹۷۹ كما وردت في الملحق رقم (١٠) المرفـــــــــق بالتقرير الثاني عشر للصندوق القومي الفلسطيني، وتفوض اللجنة التنفيذية بأن تعد لهذا الغرض ملحقًا، توزع بمقتضاه مخصصات دوائر المنظمة ومؤسساتها، إلى ملاكات وفصول وبنود.
(2) تفويض اللجنة التنفيذية بأن تلحق بميزانية عام ۱۹۸۰/۱۹۷۹ المشار إليها في الفقرة (۱) السالفة ميزانية إضافية تعدها في حدود ما تبقى من أموال الدعم العربي المتوقع تسديدها خلال عام ۱۹۷۹ لتغطية النفقات الموحدة لجميع القوى الفلسطينية، ولمواجهة احتمالات المستقبل والتطورات المفاجئة. ويتم الصرف من هذه الميزانية الإضافية تباعًا، وبنسب تتماشى مع مقدار ما يرد الصندوق من أموال الدعم العربي لعام ۱۹۷۹.
(3) يجري اعتماد الملحق المشار إليه في الفقرة (١) السابقة والميزانية الإضافية لعام ۱۹۸۰/۱۹۷۹ المشار إليها في الفقرة (۲) السالفة، في جلسة مشتركة تعقدها لهـذا الغرض اللجنة التنفيذية ومكتب المجلس الوطني الفلسطيني ومجلس إدارة الصندوق القومي الفلسطيني ومديره العام.
البرنامج السياسي والبرنامج التنظيمي لمنظمة التحرير الفلسطينية
بعد تلاوة مشروعي البرنامجين السياسي والتنظيمي من قبل الأخ أبو عمار رئيس اللجنة التنفيذية القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية، ونقاشهما من قبل أعضاء المجلس بشكل مستفيض، وافق المجلس الوطني عليهما بالإجماع.
ا - البرنامج السياسي.
ب ـ البرنامج التنظيمي.
البرنامج السياسي
إن التسوية الأمريكية للصراع العربي الصهيوني، تجسّدت في اتفاقيات كامب ديفيد، تشكل أخطارًا مصيرية على قضية فلسطين وقضية التحرر الوطني العربية؛ فهي تسلم للعدو الصهيوني بمواصلة اغتصاب التراب الوطن الفلسطيني، وتلغي حق الشعب العربي الفلسطيني الثابت في وطنه فلسطين، وحقه في العودة إليه وتقرير مصيره، وممارسة استقلاله الوطني فوق أرضه، وتفرط في أجزاء أخرى من الأرض العربية، وتتجاوز منظمة التحرير الفلسطينية قائد الكفاح الوطني لشعبنا وممثله الوحيد الناطق باسمه، والمعبر عن إرادته.
كما أن هذه الاتفاقيات تشكل اعتداء على الشرعية الفلسطينية والعربية والدولية، وتمهد الطريق لإحكام سيطرة الإمبريالية الأمريكية والصهيونية على منطقتنا العربية والبلدان الإفريقية، واستخدام النظام المصري ـ في إطار التحالف مع الإمبريالية والصهيونية كأداة قمع لحركة التحرر الوطني العربية والإفريقية.
وإدراكًا منا لخطورة المؤامرة الجديدة وأبعادها، فإن المسؤولية الوطنية في منظمة التحرير الفلسطينية كممثلة لشعبنا العربي الفلسطيني، بجميع فصائله وقواه الوطنية، تحتّم علينا رفض المخطط التآمري الجديد، والتصدي له والدفاع عن شعبنا وحقوقه الوطنية الثابتة، في وطنه فلسطين وثورتنا الفلسطينية.
إن موقف جماهيرنا الفلسطينية الباسل داخل الوطن المحتل وخارجه، وموقف جماهير أمتنا العربية في رفض اتفاقيات كامب ديفيد، وإعلانها العزم على التصدي لهذه المؤامرة الجديدة على شعبنا وحقوقه الوطنية الثابتة، وأمتنا العربية يمنحنا المزيد من التصميم على مواجهة المؤامرة والمزيد من الثقة على دحرها.
وفي الوقت نفسه، فإنه تقع على عاتقنا مسؤولية كبرى، لا يمكن القيام بها إلا عبر موقف وطني وشعبي موحد، خلال منظمة التحرير الفلسطينية. واستجابة منا لإرادة شعبنا والتحديات التي تواجهنا، وإيمانًا منا بالوحدة الوطنية في منظمة التحرير الفلسطينية طريقا وحيدا لانتصارنا، وانطلاقًا من الميثاق الوطني الفلسطيني وقرارات المجالس الوطنية الفلسطينية ووثيقة طرابلس الوحدوية بين فصائل الثورة الفلسطينية، وحق شعبها في إقامة الدولة الديمقراطية على كامل ترابه الوطني، وفي مواجهة هذه المرحلة الدقيقة الخطيرة من نضال شعبنا؛ نعلن نحن ممثلي كافة فصائل الثورة والقوى الوطنية الفلسطينية ما يلي:
في المجال الفلسطيني:
أولا: التمسك بالحقوق الوطنية الثابتة لشعبنا في وطنه فلسطين، وحقه في العودة إليه، وتقرير مصيره على أرضه دون تدخل خارجي، وإقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني دون قيد أو شرط.
ثانيا: الدفاع عن منظمة التحرير الفلسطينية والتمسك بها ممثلا شرعيا وحيدا لشعبنا وقائدا لنضاله الوطني، وناطقا باسمه في كافة المحافل العربية والدولية، ومقاومة كافة المحاولات التي تستهدف النيل من منظمة التحرير الفلسطينية أو تجاوزها والالتفاف عليها، أو خلق بدائل أو شركاء لها في تمثيل شعبنا الفلسطيني، والتمسك بقرارات القمة العربية في الجزائر والرباط وبغداد، وقرارات الأمم المتحدة، وبخاصة ما صدر منها منذ عام ٧٤، بما فيها القراران ٣٢٣٦، ٣٢٣٧ التي تؤكد حقوقنا الوطنية الثابتة، والاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني.
ثالثا: التصميم الثابت على مواصلة وتصعيد الكفاح المسلح وكافة أشكال النضال السياسي والجماهيري، وبخاصة داخل الأرض المحتلة، باعتبارها تشكل ميدان الصراع الرئيس مع العدو الصهيوني؛ وذلك لتحقيق الحقوق الوطنية غير القابلة للتصرف أو التفاوض للشعب العربي الفلسطيني.
رابعا: التأكيد أن قضية فلسطين هي جوهر الصراع العربي الصهيوني وأساسه، ورفض جميع القرارات والاتفاقيات والتسويات التي لا تعترف بذلك، أو تنتقض من حقوق شعبنا الثابتة في وطنه فلسطين، بما فيها حقه في العودة وتقرير المصير، وإقامة دولته الوطنية المستقلة، وبشكل خاص قرار مجلس الأمن رقم ٢٤٢.
خامسا: رفض ومقاومة مشروع الحكم الذاتي في الوطن المحتل الذي يكرس الاستعمار الاستيطاني الصهيوني لأرضنا المحتلة، ويتنكر لحقوق شعبنا الفلسطيني، ويلغي هدف الاستقلال الوطني لشعبنا.
سادسا: التأكيد على وحدة شعبنا العربي الفلسطيني داخل الوطن المحتل وخارجه، ووحدة تمثيله من خلال منظمة التحرير الفلسطينية، والتصدي لجميع المحاولات والمشاريع التي تستهدف تجزئة شعبنا، أو الالتفاف على منظمة التحرير، والعمل على دعم نضال شعبنا في المناطق المحتلة، وتعزيز وحدته وصموده.
سابعا: تدعيم بناء الجبهة الوطنية الفلسطينية في داخل فلسطين، باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من منظمة التحرير الفلسطينية، وتوفير كل الوسائل للدعم السياسي والمادي لها، بما يمكنها من تعبئة جماهير شعبنا في الداخل في مواجهة الاحتلال الصهيوني ومخططاته ومشاريعه المعادية لشعبنا وحقوقه الوطنية الثابتة.
ثامنا: التمسك بفلسطين وطنا تاريخيا لا بديل عنه للشعب الفلسطيني، ومقاومة كافة مشاريع التوطين (الوطن البديل) التي يطرحها العدو الإمبريالي الصهيوني، لتصفية قضية فلسطين والنضال الوطني الفلسطيني، والالتفاف على حق العودة.
في المجال العربي:
اولا: التأكد أن مواجهة اتفاقيات كامب ديفيد وملحقاتها ونتائجها، بما تمثله من أخطار مصيرية على القضية النضال العربي، هي مسؤولية الجماهير العربية بأسرها، وقواها الوطنية والتقدمية، وأن الجبهة القومية للصمود والتصدي وحلقتها المركزية سوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية هـي القاعدة الرئيسة للتصدي لمؤامرة التسوية الأمريكية الصهيونية. وكذلك التشديد على الأهمية الإستراتيجية للقاء السوري العراقي وميثاق العمل القومي المشترك اللذين يشكلان سندا أساسيا لمجمل النضال العربي والقومي وقوى المواجهة العربية في معركة المصير العربي ضد العدو الصهيوني الإمبريالي.
ثانيا: العمل على تعزيز وتدعيم جبهة الصمود والتصدي، وتوسيع قاعدتها على قاعدة مقاومة مخططات التسوية الإمبريالية الصهيونية، والتمسك بهدف تحرير جميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة والحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، وعدم التفريط أو المساس بها، وتوفير كل الإمكانيات للدعم الجماهيري والمادي لجبهة الصمود والتصدي، وبشكل خاص لمنظمة التحرير الفلسطينية والقطر العربي السوري.
ثالثا: تدعو منظمة التحرير الفلسطينية كافة الأحزاب والحركات والقوى الوطنية والتقدمية في الوطن العربي إلى مساندة وتوفير كل إمكانيات الدعم الجماهيري والمادي لجبهة الصمود والتصدي، كما تدعو إلى التضامن والنضال، على قاعدة مقاومة مخططات التسوية الإمبريالية الصهيونية.
رابعا: تؤكد منظمة التحرير الفلسطينية تمسكها الثابت بوحدة وعروبة واستقلال لبنان، واحترامها للسيادة اللبنانية، والتزامها باتفاقية القاهرة وملحقاتها التي تنظم العلاقة بينها وبين السلطة الشرعية اللبنانية.
ب - تثمن منظمة التحرير الفلسطينية الدور الذي قام به الشعب اللبناني وقواه الوطنية والقومية والتقدمية، في دعم نضال الشعب الفلسطيني ودفاعها عنه، وهي تعبر عن اعتزازها بالتلاحم بين شعبنا الفلسطيني والشعب اللبناني وقواه الوطنية والقومية والتقدمية، في الدفاع عن الأرض اللبنانية والثورة الفلسطينية، ضد العدوان الصهيوني ومخططاته وأدواته المحلية، تؤكد أهمية استمرار هذا التلاحم وتعزيزه.
خامسا: أ - تشدد منظمة التحرير الفلسطينية على العلاقة ذات الطبيعة الخاصة التي تربط بين الشعبين الشقيقين الفلسطيني والأردني، وحرصها على استمرار التلاحم بـــــــين الشعبين الشقيقين.
ب- تعلن منظمة التحرير الفلسطينية تمسكها بقرارات القمة العربية في الجزائر والرباط وبغداد التي تؤكد أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وحق شعبنا في إقامة دولته الوطنية المستقلة، وتعتبر التزام النظام الأردني بهذه القرارات، ورفض اتفاقيات كامب ديفيد ونتائجها والتورط فيها وممارسة ذلك، وتمكين منظمة التحرير الفلسطينية من ممارسة مسؤولياتها النضالية والشعبية ضد العدو الصهيوني؛ هو القاعدة التي تحكم علاقة منظمة التحرير الفلسطينية مع النظام الأردني.
سادسا: تؤكد منظمة التحرير الفلسطينية حقها في ممارسة مسؤولياتها النضالية على المستوى العربي والقومي، وعبر أية أرض عربية في سبيل تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة.
سابعا: تعلن منظمة التحرير الفلسطينية أن مواقفها وعلاقاتها مع أي نظام عربي تحدد على ضوء موقف أي نظام من الالتزام بمقررات قمتي الجزائر والرباط، ومن رفض اتفاقيات كامب ديفيد وملحقاتها ونتائجها ومقاومتها.
ثامنا: تدعو منظمة التحرير الفلسطينية كافة القوى القومية والعربية والأنظمة الوطنية والصديقة إلى دعـم ومساندة الشعب المصري وحركته الوطنية؛ لتمكينها مــــن التصدي لمؤامرة السادات وإسقاط اتفاقية كامب ديفيد
وانعكاساتها على الشعب المصري وعروبته وتاريخه النضالي ضد الصهيونية والإمبريالية.
في المجال الدولي:
أولا: إن الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة الأمريكية ضد شعبنا الفلسطيني ونضاله الوطني، وضد حركة التحرير الوطني العربية وأهدافها في التحرير والاستقلال، سواء من خلال دعمها للكيان الصهيوني أو من خلال أدواتها في المنطقة العربية؛ يشكل عدوانا سافرا على شعبنا وقضيته الوطنية. وإن منظمة التحرير الفلسطينية -بالتلاحم مع جميع فصائل حركة التحرير الوطني العربية وقواها وأنظمتها الوطنية والتقدمية- تعبر عن عزمها على مقاومة سياسة الولايات المتحدة وأهدافها وممارساتها في المنطقة.
ثانيا: تؤكد منظمة التحرير الفلسطينية أهمية تحالفها مع البلدان الاشتراكية وفي مقدمتها الاتحاد السوفييتي، باعتبار هذا التحالف يشكل ضرورة وطنية في مجال التصدي للمؤامرات الأمريكية والصهيونية على قضية فلسطين وحركة التحرر الوطني العربية ومنجزاتها.
ثالثا: تؤكد منظمة التحرير الفلسطينية أهمية تعزيز وتدعيم تعاونها مع دول عدم الانحياز والدول الإسلامية والإفريقية والصديقة المؤيدة لمنظمة التحرير الفلسطينية ونضالها في سبيل الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني في العودة إلى وطنه وتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.
رابعا: تعبر منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها حركة تحرر وطني عن تضامنها مع حركات التحرر الوطني في العالم، وبخاصة في إيران وزيمبابوي ونامبيا وجنوب إفريقيا، وتصميمها على تعزيز علاقاتها النضالية معها، باعتبار أن النضال ضد الإمبريالية والصهيونية العنصرية قضية مشتركة لكافة قوى التحرر والتقدم في العالم.
خامسا: تعلن منظمة التحرير الفلسطينية تمسكها الثابت بالإنجازات التي تحققت للنضال الفلسطيني في الساحة الدولية من اعتراف دولي واسع بمنظمة التحرير الفلسطينية وبحق الشعب الفلسطيني الثابت في وطنه فلسطين وفي العودة إليه، وتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني، وهي الإنجازات التي تجسدت في قرارات الأمم المتحدة عام ١٩٧٤ حتى اليوم، وبخاصة القرارين ٣٢٣٦ و۳۲۳۷، وتؤكد حق منظمة التحرير الفلسطينية بالاشتراك في جميع الاجتماعات والمؤتمرات التي تبحث قضية فلسطين على هذه الأسس، وتعتبر أن أي بحث أو اتفاق في غيابها فيما يتعلق بقضية فلسطين باطل أساسه.
البرنامج التنظيمي:
أولا: تشارك فصائل الثورة والقوى الوطنية الفلسطينية كافة في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وفي مقدمتها المجلس الوطني والمجلس المركزي واللجنة التنفيذية، وعلى أسس جبهوية ديمقراطية.
ثانيا: القيادة الفلسطينية قيادة جماعية، بمعنى أن القرار مسؤولية الجميع، سواء من حيث المشاركة في اتخاذه ومن حيث تنفيذه، على اساس ديمقراطي بالتزام الأقلية برأي الأكثرية، طبقًا للبرنامج السياسي والتنظيمي، وقرارات المجالس الوطنية.
ثالثا: ضمان قيام دوائر المنظمة ومؤسساتها وأجهزتها بممارسة صلاحياتها كاملة وفق الاختصاصات المحددة لها في النظام الأساسي للمنظمة، وتشكل اللجنة التنفيذية مجالس عليا متخصصة على أسس جبهوية وفنية، تتولى وضع الخطط ومراقبة التنفيذ لمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وبخاصة في المجالات العسكرية والإعلامية والمالية.
رابعا: تشكل اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي حسب ما يتفق عليه، وضمن ما ينص عليه النظام الأساس الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية وقرارات المجلس الوطني.
خامسا: تتولى اللجنة التنفيذية القادمة في بداية عملها وضع الخطط اللازمة لوضع البرنامج المرحلي موضع التنفيذ، وتعيد النظر في دوائر وأجهزة المنظمة بشكل يراعى الكفاءة والنوعية؛ لضمان تحقيق المردود الاقصى من عمل هذه الدوائر والأجهزة.
هذا وقد وافق المجلس الوطني بالإجماع على البرنامجين السياسي والتنظيمي، وأحال كافة الملاحظات الصياغية إلى اللجنة التنفيذية.
مناقشة عامة حول التقريرين السياسي والمالي
شارك في المناقشة العامة العشرات من الإخوة الأعضاء متناولين المسائل الأساسية التي جاءت في التقريرين السياسي والمالي والتطورات السياسية بشكل عام، وبخاصة فيما يتعلق بتحديد ضوابط الحوار الفلسطيني الأردني، وقد كان لآراء الإخوة الأعضاء، ومناقشاتهم الأثر الإيجابي في أعمال اللجان.
لجان المجلس الوطني الفلسطيني
بعد انتهاء المجلس من المناقشة العامة تألفت لجان المجلس الوطني التالية:
1- اللجنة السياسية والقومية.
2- اللجنة العسكرية.
3- اللجنة المالية.
4- لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل والتنظيمات الشعبية.
5- لجنة الوحدة الوطنية.
6- لجنة الوطن المحتل.
وقد باشرت اللجان أعمالها، وعقدت كل منها عدة جلسات، نوقشت فيها المواضيع المتعلقة بها، ورفعت کل لجنة توصياتها إلى رئاسة المجلس الوطني، تمهيدا لعرضها على المجلس بهيئته الكاملة؛ لمناقشتها وإقرارها.
جلسة خاصة للترحيب بالمطران إيلاريون كبوجي
خصص المجلس الوطني الفلسطيني جلسة استثنائية للترحيب بالمناضل الكبير المطران إيلاريون كبوجي، حيث استقبله أعضاء المجلس الوطني استقبالًا حارًّا، كما كان لحضوره دورة المجلس أطيب الأثر في نفوس الجميع.
وقد ألقى المناضل المطران إيلاريون كبوجي كلمة في هذه الجلسة الخاصة، أعرب فيها عن سروره البالغ لتواجده بين أعضاء المجلس الوطني، وحضوره هذه الدورة، مؤكدًا أن النضال الوطني الفلسطيني سينتصر إن عاجلًا أو آجلًا.
وإن الشعب العربي الفلسطيني المناضل الذي يتصدى للاحتلال الإسرائيلي ببسالة كل يوم سيتمكن من تحقيق أهدافه وأمانيه الوطنية، في العودة وتقرير المصير والاستقلال الوطني الناجز.
ثم ألقى المناضل إنعام رعد نائب رئيس المجلس السياسي للحركة الوطنية اللبنانية كلمة، حيّا فيها المطران كبوجي، وشدد على الدور البطولي له في مقاومة الصهيونية وإسرائيل، ومؤكدا أن لبنان بكل طوائفه سيكون وفيا للطريق الذي سار عليه المطران كبوجي، حتى تتحرر فلسطين، ويتخلص لبنان الشقيق من عملاء إسرائيل، وتتحقق له وحدة أرضه وشعبه وعروبته.
مقررات المجلس الوطني الفلسطيني
عقد المجلس الوطني الفلسطيني بهيئته العامة عـدة جلسات، لمناقشة توصيات اللجان وإقرارها. وقد وافق المجلس على توصيات هذه اللجان، بعد إدخال التعديلات اللازمة عليها، وبذلك أصبحت هذه التوصيات قرارات صادرة عنه.
وهي على الوجه التالي:
1- اللجنة السياسية والقومية:
اجتمعت اللجنة السياسية والقومية صباح يوم السبت الموافق ۱۹۷۹/۱/۲۰ واختارت الدكتور نبيل شعث رئيسًا، والدكتور أسعد عبد الرحمن مقررًا. وبعد مناقشات مستفيضة في كافة المسائل والقضايا السياسية التي تعرض لها تقرير اللجنة التنفيذية، والقضايا التي طرحها بعض الأعضاء؛ رفعت توصياتها التالية إلى المجلس الوطني الفلسطيني بهيئته العامة والتي أقرها.
مقدمة:
إن التسوية الأميركية الصهيونية تستهدف -بالإضافة إلى تصفية قضية فلسطين وضرب الثورة الفلسطينية وحركة التحرر الوطني العربية- إخضاع الوطن العربي بأسره للسيطرة الأمريكية الإسرائيلية. وتشكل اتفاقات كامب ديفيد الصيغة الراهنة لتجسيد هذه التسوية.
وإن كانت هذه التحركات قد نجحت في استخدام النظام المصري واستعماله كأداة رئيسة في تنفيذ المخطط الأمريكي الإسرائيلي، فإنها تواجه عقبات مهمة في التطبيق، أدت إلى تعثرها مرحليًّا.
لقد شكل نضالنا ضد هذه التسوية وصمود شعبنا في الوطن المحتل العقبة الرئيسة أمامها. كما كان لقيام جبهة الصمود والتصدي، وصدور ميثاق العمل القومي السوري العراقي، وبنجاح مؤتمر القمة في بغداد؛ آثار مهمة في مواجهة مخططات التسوية.
ولا شك أن تصاعد المد الثوري في إفريقيا وآسيا، خصوصا ثورة الشعب الإيرانى البطل، وصلابة تضامن الثورة الفلسطينية مع حلفائها الإستراتيجية من (دول) المنظومة الاشتراكية، وعلى رأسها الاتحاد السوفياتي، ودول عدم الانحياز، والدول الإسلامية، والإفريقية، والشعوب الصديقة، وحركات التحرر؛ كان لها دور مهم في تعثر مخطط التسوية.
إن تعثر مخططات التسوية لا يعني توقفها أو التقليل من خطورتها، فالعدو الصهيوني الأمريكي مازال مستمرا في محاولة جر النظام الأردني لتوفير الغطاء لتنفيذ مشروع بيغن للإدارة الذاتية، أو ما يسمى بالحكم الذاتي، بعد توقيع الاتفاقية المصرية - الإسرائيلية، توطئة لجر المنطقة كلها لدائرة النفوذ الإمبريالي.
إن نجاح قوانا الذاتية وقوى أشقائنا وحلفائها في مواجهة التسوية، ووضع العقبات أمامها، يجب أن يحفزنا لتشديد هجومنا وتكثيف ضرباتنا ضدها؛ لإسقاطها نهائيًّا، وفتح الباب أمام ثوارنا لاستمرار معركة التحرير، لتحقيق السلام العادل الذي يحرر أرضنا، ويضمن حقوق شعبنا، ويقيم دولتنا الوطنية المستقلة على التراب الفلسطيني.
إن الثورة الفلسطينية هي طليعة القوى العربية المسؤولة عن تخطيط الإستراتيجية اللازمة لمواجهة التسوية الأمريكية الإسرائيلية، وتنفيذ تلك الإستراتيجية، وإن إقرار المجلس الوطني للبرنامج السياسي للوحدة الوطنية الفلسطينية بالإجماع، يشكل نقطة انطلاق إستراتيجية مهمة في مجابهة هذه التسوية وإحباطها.
إن المضي في مواجهة التسوية الأمريكية - الإسرائيلية لإسقاطها، يتطلب -بالإضافة إلى ما ورد في البرنامجين السياسي والتنظيمي- الاضطلاع بالمهام والمسؤوليات التالية:
ا - في المجال الفلسطيني
أ ـ تصعيد الكفاح المسلح ضد العدو الصهيوني، وتكثيف النضالات السياسية الجماهيرية، والعمل على تطوير مختلف المؤسسات الوطنية والنقابية، ودعم الجبهة الوطنية الفلسطينية داخل الوطن المحتل.
ب - رفض ومقاومة ما يسمى بمشروع الحكم الذاتي، والحفاظ على الإجماع الوطني داخل الوطن المحتل وخارجه.
ج- الارتقاء بالوحدة الوطنية الفلسطينية، مع إعطاء الأولوية للوحدة العسكرية، انطلاقًا من البرنامج السياسي والتنظيمي، والمحافظة على الحوار الديمقراطي، والالتزام بقواعده وضوابطه الثورية والأخلاقية، وعدم استخدام العنف لحل الخلافات.
2- في المجال العربي:
- أ - تعميق التلاحم بين الثورة الفلسطينية وحركة التحرر العربي على امتداد الوطن الكبير، وبشكل خاص الحركة الوطنية والتقدمية والقومية في لبنان، ودعوة الجبهة العربية المشاركة للثورة الفلسطينية لمتابعة وتصعيد نضالاتها، والدعوة لإباحة الحريات الديمقراطية العامة للجماهير الشعبية العربية، وقواها الوطنية والتقدمية؛ لتشكل أفضل الظروف الضرورية لتحقيق هذا التلاحم المطلوب، وتصعيد النضال لإسقاط التسوية الأمريكية – الإسرائيلية.
ب - التمسك بالجبهة القومية للصمود والتصدي والعمل على وضع قراراتها موضع التنفيذ.
جـ ـ دعم اللقاء التاريخي بين القطرين العربيين الشقيقين سورية والعراق (وميثاق العمل القومي)، المنبثق عنه باعتباره إنجازًا قوميًّا مهمًّا وسندًا للثورة الفلسطينية في النضال لإسقاط التسوية الأمريكية الإسرائيلية، والعمل على تحقيق أعلى درجات التنسيق بين منظمة التحرير وطرفي الميثاق.
د- اعتبار قرارات مؤتمر القمة العربي التاسع المنعقد في بغداد إنجازًا للتضامن العربي، في نطاق الحد الأدنى، من أجل مواجهة اتفاقات كامب ديفيد، والتحذير من محاولات الالتفاف عليها.
هـ - تعميق التلاحم الكفاحي بين الحركة الوطنية والتقدمية والقومية اللبنانية والثورة الفلسطينية، ودعم الجماهير اللبنانية الصامدة، ضد المطامع الصهيونية والمخططات الانعزالية المتواطئة مع العدو الصهيوني، دفاعًا عن أرض لبنان وسيادته، ووحدة أرضه وشعبه وعروبته.
و ـ تحية وتقدير للشعب العربي المصري الشقيق الذي طالما قدم التضحيات في سبيل القضايا القومية الكبرى، وفي طليعتها قضية فلسطين، ودعم حركته الوطنية المتصدية لمخطط التسوية الأمريكي - الإسرائيلي الذي جعل نظام السادات من نفسه أداة لتمريره وتنفيذه.
ز- دعوة جميع الأنظمة والقوى الوطنية والتقدمية في الوطن العربي للتنسيق فيما بينها، وتطوير علاقاتها، من أجل اسقاط التسوية الأمريكيـة - الإسرائيلية، ودعم الثورة الفلسطينية في تحقيق أهدافها.
ح - يقدر المجلس الوطني الفلسطيني نضال شعب جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ضد جميع المؤامرات الصهيونية والإمبريالية وأدواتها في المنطقة.
ط - يحيي المجلس الوطني كافة القوى الوطنية والقومية والتقدمية والتنظيمات النقابية والمهنية العربية التي شاركت في مؤتمر الشعب العربي في طرابلس ودمشق؛ لرفضها نهج السادات الاستسلامي، ورفضها اتفاقيات كامب ديفيد، وتأكيد دعمها للثورة الفلسطينية.
ي - يحيي المجلس الوطني مناضلي ومقاتلي القوات المشتركة في الجنوب، وأبطال جيش لبنان العربي الذين سطروا بدمائهم على أرض الجنوب عروبة لبنان ووحدته.
ك- العمل على إبقاء الأردن خارج إطار التسوية الأمريكية - الإسرائيلية، واعتماد القواعد التالية كأساس العلاقة بين منظمة التحرير الفلسطينية والنظام الأردني.
۱ ـ التشديد على ضرورة الالتزام بالقاعدة التي حددها البرنامج السياسي كأساس للعلاقة بين الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية، والتي تشترط التزام الأردن بقرارات القمة العربية في الجزائر والرباط وبغداد ورفضه لاتفاقات كامب ديفيد ونتائجها وعدم تورطه فيها، والتي تنص على تمكين منظمة التحرير الفلسطينية من ممارسة مسؤولياتها النضالية والشعبية ضد العدو الصهيوني انطلاقا من الساحة الأردنية.
٢ ـ التشديد على التمسك بوحدانية التمثيل الفلسطيني الذي تجسده منظمة التحرير الفلسطينية لسائر تجمعات شعبنا، بما فيها شعبنا الفلسطيني في الأردن.
٣ ـ التشديد على حق منظمة التحرير الفلسطينية في الاضطلاع بمسؤوليتها في دعم صمود شعبنا في المناطق المحتلة، وفق ما قررته القمة العربية في الجزائر والرباط وبغداد، والتي تحدد دور الأردن في هذا المجال، باعتباره دورًا تنسيقيًّا، دون المساس بحقوق شعبنا المكتسبة.
4- رفض أي إطار للعمل المشترك بين المنظمة والأردن يتعارض مع النقاط الآنفة الذكر.
5- التشديد على وجود مصلحة وطنية مشتركة بين الشعبين الشقيقين الفلسطيني والأردني، للتعاون في النضال ضد الاحتلال الصهيوني القائم على الأرض الفلسطينية، وضد خطر التوسع الصهيوني باتجاه الأردن.
3- في المجال الدولي:
أ- التشديد على أن الإمبريالية الأمريكية تقف على رأس أعداء شعبنا وأمتنا، بينما تقف المنظومة الاشتراكية وفي مقدمتها الاتحاد السوفياتي على رأس تحالفاتنا، وذلك إلى جانب حلفائنا وأصدقائنا من الدول الإسلامية ودول عدم الانحياز، والدول الإفريقية والآسيوية، والقوى والأحزاب الديمقراطية في العالم.
ب- الحرص على وحدة حركة دول عدم الانحياز، على أسس معادية للإمبريالية، ومجابهة النشاطات والمحاولات الرامية إلى بذر الانقسام في إطارها.
ت- تقدير رفض المنظومة الاشتراكية لاتفاقيات كامب ديفيد، وتقدير رفض دول عدم الانحياز والدول الإسلامية والجمعية العامة للأمم المتحدة لمنطق التسوية الأمريكية - الإسرائيلية ، والعمل على تعزيز هـذه المواقف.
ث-تقدير وتثمين الثورة الإيرانية الباسلة، باعتبارها إنجازًا ثوريًّا ضخمًا لصالح الشعب الإيراني، وتحقيق أهدافه الوطنية في الحرية والعدالة والتقدم، وضربة قاسية للإمبريالية العالمية والحركة الصهيونية بكل ما تمثلانه من مخططات وتحالف معادية لحركات التحرر الوطنية في الشرق الأوسط والعالم بأسره.
لذلك فإن دعم هذه الثورة المظفرة التي وقفت ثورتنا الفلسطينية إلى جانبها منذ البداية داعمة ومؤيدة ومساندة، ضمن حدود إمكانياتها، يعتبر الآن من المهمات الأولية لجميع حركات التحرر في العالم؛ وذلك لتثبيتها وتوكيد انتصارها ضد كل أعدائها.
(وقد قرر المجلس الوطني إرسال برقية دعم وتأييد إلى سماحة الإمام آية الله الخميني).
هـ ـ تأييد المجلس الوطني الفلسطيني لنضال شعب قبرص من أجل استعادة وحدة وطنه واستقلاله، وعودة اللاجئين من أبنائه إلى ديارهم، وتنفيذ قرارات عدم الانحياز والأمم المتحدة بشأن قبرص.
توصيات خاصة
توصية خاصة بالوضع في الجنوب اللبناني
لما كان نضال شعبنا الفلسطيني ضد خطر الاستيطان الاستعماري العنصري الصهيوني هو نضال يتعدى فلسطين إلى نضال ضد خطر يهدد الوجود القومي في المنطقة العربية كلها، بتوسعه ومطامعه، على غرار ما جرى في حرب حزيران ١٩٦٧، وما يتهدد الجنوب اللبناني حاليا، ولما كان شعبنا الفلسطيني يواجه في هذه المرحلة من المؤامرة الإمبريالية الصهيونية الممثلة في اتفاقات كامب ديفيد، الجانب الآخر من خطر الاستيطان الاستعماري ممثلا بمؤامرة التوطين خارج أرض الوطن المحتل، لذلك:
فقد قرر المجلس الوطني الفلسطيني في دورة انعقاده الرابعة عشرة/ دورة الشهيد هواري بومدين، تكليف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بما يأتي:
۱ - فضح الحملة المشبوهة حول التوطين والمستهدفة تغطية الاستيطان الصهيوني، في الجنوب اللبناني، والتأكيد باستمرار على موقف الثورة الفلسطينية الثابت رفض التوطين، والنضال ضده كجزء من النضال ضد الحل التصفوي الاستسلامي.
۲ - النضال على كافة المستويات لانسحاب قوات العدو من كافة الأراضي اللبنانية، وتحرير الشريط الحدودي المحتل، وإقفال بوابات العار.
3- العمل والتنسيق بين كل من سوريا والعراق والمقاومة الفلسطينية والقوى الوطنية والقومية والتقدمية اللبنانية؛ لتأمين كل أشكال الدعم السياسي والعسكري للجنوب اللبناني، باعتباره جزءًا من الجبهة الشمالية الشرقية لمواجهة العدو الصهيوني، على أن تشرف القيادة المشتركة للمقاومة والحركة الوطنية والجبهة القومية على طريقة تقديم هذا الدعم، بما يضمن المشاركة الفعلية للجماهير، وكافة المؤسسات والفعاليات والقوى الوطنية اللبنانية.
4ـ إنشاء صندوق قومي لدعم صمود الجنوب.
5- إدانة المتعاملين مع العدو الصهيوني ومطالبة السلطة اللبنانية بحسم أمرها لجهة تحويل هؤلاء على المحاكم المختصة.
6- اعتبار يوم السابع عشر من آذار يومًا عربيًّا وعالميًّا لدعم صمود أبناء الجنوب اللبناني.
توصية خاصة بإطار العمل المشترك:
نظرا لتعارض إطار العمل المشترك المقترح الذي لم تقره اللجنة التنفيذية، في عدد من بنوده، مع البرنامج السياسي والضوابط الأربعة الواردة في البيان السياسي؛ يطلب المجلس من اللجنة التنفيذية إعادة صياغة ذلك الإطار، على نحو يتفق مع البرنامج السياسي والضوابط الأربعة، لاعتماده بصيغته الجديدة أساسًا للعلاقة بين المنظمة والأردن.
توصية خاصة بوكالة إغاثة اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم (الأونروا).
لقد اطلع المجلس الوطني الفلسطيني، باهتمام وقلق بالغين، على المعلومات التي طرحت أمامه حول استمرار وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم (الأونروا) في تخفيض المواد الغذائية، وتقليص الخدمات الأساسية، وحول عزمها على إجراء المزيد من التخفيض والتقليص في المستقبل القريب، وحول دعوتها إلى تحميل الدول العربية مسؤولية الخدمات التربوية وسواها.
إن المجلس يحذر من هذا النهج الخطير، ويعتبره اعتداءً صارخًا على الحقوق الإنسانية والأساسية للاجئين الفلسطينيين، كما أنه يرى في هذا النهج محاولة لخلق ظروف تؤدي إلى تصفية الوكالة، تمهيدًا لتصفية قضية فلسطين نفسها، وذلك في إطار محاولة توطين اللاجئين الفلسطينيين توطينًا نهائيًّا في البلدان المضيفة، ومن شروط التسوية الأمريكية - الإسرائيلية الممثلة في اتفاقات كامب ديفيد.
لذلك فإن المجلس يرفض إجراءات الوكالة الأخيرة والإجراءات المرتقبة، ويطلب منها إعادة الخدمات كلها إلى ما كانت عليه، والمحافظة على المهمات الإنسانية المكلفة بها.
وتبعا لذلك، فإن المجلس يطلب إلى اللجنة التنفيذية أن تنبه المفوض العام للوكالة إلى النتائج التي تترتب على النهج الذي تسير فيه الوكالة، وأن تلفت نظره إلى أن جماهير شعبنا قد رفضت رفضا قاطعا التسوية الأمريكية الإسرائيلية، التي تسعى الوكالة وإجراءاتها المتعاقبة إلى وضعها موضع التنفيذ، وأن تذكره أيضا بأن مهمته واختصاصاته مستمدة من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي رفضت في دورتها الأخيرة منطق التسوية الأمريكية الإسرائيلية.
وأن تبلغه إصرار المنظمة على أن تظل سياسة الوكالة مستوحاة من قرارات الجمعية العامة، وليس من سياسة الحكومة الأمريكية، وأن تحذره مما قد تؤدي إليه غضبة الجماهير الفلسطينية، على كل من يتنكر لحقوقها الإنسانية الأساسية، وحقوقها الوطنية الثابتة.
ويقرر المجلس إنشاء لجنة خاصة من بين أعضائه، تتألف من المتخصصين في هذا الموضوع، ويكلفها بأن تتدارس في جميع المقترحات التي تقدم بها الأعضاء، أثناء مناقشة المجلس لهذه المسألة، وبصورة خاصة تلك المقترحات التي رمت إلى تحریر الوكالة من نفوذ الدول الغربية المتبرعة لميزانيتها، ولا سيما أمريكا، على أن ترفع اللجنة الخاصة تقريرها وتوصياتها إلى اللجنة التنفيذية في أقرب وقت مستطاع، لكي تنظر فيها اللجنة التنفيذية، ثم تقوم بالاتصالات السياسية اللازمة مع الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة، تمهيدا لطرح القضية أمام الدورة الرابعة والثلاثين للجمعية العامة للأمم المتحدة.
ويطلب المجلس إلى اللجنة التنفيذية أن تضطلع بكامل مسؤوليات الرقابة المباشرة على أعمال الوكالة وإجراءاتها، عن طريق المشاركة الفعلية في اجتماعات المشرفين وجلسات اللجنة الاستشارية للوكالة.
توصية خاصة بالنضال الإفريقي:
يحيي المجلس الوطني الفلسطيني نضال الشعوب الإفريقية ضد الإمبريالية والسيطرة الأجنبية، والعنصرية بكافة أشكالها، ويعلن عن تضامنه النضالي مع الشعـــوب الإفريقية في مقاومتها المسلحة للمشاريع الإمبريالية، مثل إقامة بانتوستانات في جنوب إفريقيا، أو ما سمي بالحل الداخلي في زيمبابوي، كما يعلن عن تقديره لدور دول المجابهة في دعمها لحركات التحرير الوطني، في كل من ناميبيا وزيمبابوي وجنوب إفريقيا.
ويؤكد المجلس الوطني الفلسطيني إدانته للإمبريالية والتمييز العنصري، بما في ذلك الصهيونية والأبارتهيد، كما يؤكد إدانته للترابط الجذري بين نظامي الحكم العنصري في كل الكيان الصهيوني وجنوب إفريقيا.
توصية خاصة بلجنة الأمم المتحدة الخاصة بتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه:
يثمن المجلس الوطني الفلسطيني ما قامت وتقوم به لجنة الأمم المتحدة الخاصة بتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه غير القابلة للتصرف، وخاصة تنظيم الاحتفال بيوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني في ٢٩ تشرين الثاني، كما يثمن جهودها بالإشراف على إصدار وثائــــــق دولية تتعلق بتطور قضية فلسطين، وبحقوق الشعب الفلسطيني، ويخص بالذكر رئيس اللجنة، ويتمنى المجلس على اللجنة أن تواصل جهودها من أجل تحقیق توصياتها التي أقرتها الجمعية العامة في دورتها الحادية والثلاثين.
توصيات خاصة بالشعب الفلسطيني:
- يوصي المجلس الوطني اللجنة التنفيذية بتنمية أطرها التنظيمية، وتطوير أجهزة ومكاتب المنظمة، لتقوم بالمهام الضرورية للتصدي للمشكلات اليومية لأبناء الشعب الفلسطيني في النزوح، ودعم الصمود من الداخل، بصفتها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وقائدة النضال الفلسطيني من أجل التحرير والعودة. كما يوصي اللجنة بإجراء الاتصالات اللازمة مع الدول العربية الشقيقة للتعامل مع هـذه المشكلات الحياتية، ومنها ضرورة كفالة حريات العمل والتنقل والإقامة للفلسطينيين.
-يوصي المجلس الوطني اللجنة التنفيذية بمواصلة السعي الجدي لإخراج المعتقلين السياسيين الفلسطينيين من السجون والمعتقلات، وخصوصا السجون الأردنية.
٢ - اللجنة العسكرية:
اجتمعت اللجنة العسكرية المنبثقة عن المجلس الوطني الفلسطيني/ دورة الشهيد هواري بومدين في الساعة الحادية عشرة من صباح يوم ۱۹۷۹/۱/۲۰
وانتخبت الأخ حسن صباريني رئيسًا، والأخ ممدوح نوفل مقررًا. وبعد مناقشات مستفيضة في كافة المسائل والقضايا العسكرية التي طرحها بعض الإخوة الأعضاء، رفعت توصياتها إلى المجلس الوطني الفلسطيني بهيئته العامة الذي أقرها.
۱ - التأكيد على مقررات المجلس الوطني في دورته الثالثة عشرة الخاصة بالوحدة العسكرية، بما ينسجم مع البرنامجين السياسي والتنظيمي اللذين أقرهما المجلس في دورته الحالية، وأية قرارات تتعلق بالوحدة الوطنية تنبثق عن أعمال المجلس في دورته الحالية.
٢ ـ التأكيد على القرارات الخاصة بجيش التحرير الفلسطيني المتعلقة بتمكين اللجنة التنفيذية من ممارسة دورها القيادي على جيش التحرير الفلسطيني بكافة مناطق تواجده، وإلزام قيادة الجيش بقرارات القيادة السياسية.
3- التأكيد على اللجنة التنفيذية بضرورة الإسراع في إنشاء المؤسسات العسكرية الموحدة والضرورية لتحقيق الوحدة العسكرية لكافة قوات الثورة الفلسطينية.
3- اللجنة المالية:
في يوم السبت الموافق ۱۹۷۹/۱/۲۰ اجتمعت اللجنة المالية المنبثقة عن المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الرابعة عشرة. وقد حضر الجلسة كل من الأخوين رئيس الصندوق القومي الفلسطيني ومديره العام، وانتخبت سعد الدين الغندور رئيسًا، والأخ إبراهيم بلعوس مقررًا، وبعد مناقشات مستفيضة في كافة المسائل والقضايا المالية التي تعرض لها تقرير الصندوق القومي، والقضايا التي طرحها بعض الإخوة الأعضاء، رفعت توصياتها إلى المجلس الوطني الفلسطيني بهيئته العامة حيث أقرها:
أولا: توصيات عامة:
(1) توصي اللجنة المالية بضرورة التعاون بين أجهزة ومكاتب منظمة التحرير الفلسطينية من جهة، وبين الصندوق القومي من جهة أخرى، وذلك بتقديم ومسك الحسابات النظامية، وتمكين الصندوق من أداء واجباته.
(2) تؤكد اللجنة المالية ضرورة تعاون الصندوق القومي الفلسطيني مع القيادات السياسية على استدراك التحفظات الواردة في تقارير مراقب الحسابات، وبخاصة تلك التي تدور من سنة إلى أخرى.
(3) متابعة سعي اللجنة التنفيذية العمل على تحصيل جميع التزامات الحكومات العربية تجاه منظمة التحرير والتي لم تسدد بعد، لا سيما التزامات الدعم المنبثق عن مؤتمر القمة السابع في الرباط عن الفترة من ١٩٧٥ - 1978.
(4) التأكيد وبشدة على جميع قرارات المجالس الوطنية المتعلقة بالوحدة الوطنية، وإشارة إلى برنامج الوحدة الوطنية الذي أقره المجلس الوطني في دورته هذه (الرابعة عشرة)، فإن اللجنة المالية توصي بضرورة العمل من أجل تحقيق الوحدة المالية، جباية وإنفاقا، وحث القيادة السياسية على الإسراع في ذلك، من خلال الإطار التنظيمي لمنظمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.
(5) إن اللجنة المالية -وقد ناقشت باهتمام ما جاء في تقرير الصندوق القومي عن المؤتمر الفلسطيني لذوي الفعاليات والكفاءات الاقتصادية، واقتناعًا بضرورة ذلك في هذه المرحلة، ونحن نخطو الخطوات الفاعلة نحو الوحـــدة الوطنية- فإن اللجنة المالية توصي: بأن يتبنى المجلس الوطني فكرة عقد هذا المؤتمر، وأن تتولى اللجنة التنفيذية الإعداد لعقده والإشراف عليه في أسرع وقت ممكن. على أن يراعى مبدأ مشاركة الجماهير الفلسطينية في أي مؤسسات اقتصادية تنشأ عن هذا المؤتمر، وبخاصة البنك الفلسطيني المقترح.
(6) إن اللجنة المالية -وقد ناقشت النشاطات الخارجية للصندوق القومي- توصي بما يلي:
أ- توسیع النشاطات الاقتصادية لمنظمة التحرير الفلسطينية عن طريق الصندوق القومي بصفته الجهة المكلفة من اللجنة التنفيذية، بإيجاد الوسائل الممكنة من أجل الاشتراك والانضمام إلى المنظمات والمؤسسات والمؤتمرات الاقتصادية العربية والدولية، ومتابعة تنفيذ قراراتها في كل ما يفيد الشعب الفلسطيني اقتصاديًّا واجتماعيًّا.
ب - التأكيد على ضرورة المضي قدما في إنشاء كل من المركز الإحصائي، ومركز التوثيق الفلسطيني.
ج - السعي لفرض ضريبة التحرير على القطاع الخاص الفلسطيني في البلاد العربية، أسوة بالعاملين في القطاع العام للفلسطينيين ومن هم من أصل فلسطيني. وكذلك فرض هذه الضريبة على الإخوة الفلسطينيين العاملين مع وكالة الغوث.
د ـ توسيع ودعم نشاطات الصندوق القومي في المهاجر من أجل زيادة الدعم المالي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ويتم ذلك من خلال موافقة وإقرار اللجنة التنفيذية لهذه النشاطات.
(7) لاحظت اللجنة المالية أن هناك نشاطات متعددة تبذلها القيادة الفلسطينية على المستويين الفلسطيني والعربي، من أجل توفير الدعم اللازم لصمود شعبنا في أرضنا المحتلة، ومن خلال تأكيدها على ضرورة وحدة الجباية والإنفاق، توصي بضرورة توحيد هذه الجهود في منظمة التحرير الفلسطينية، مع زيادة الجهد في هذا المجال، بحيث يغطي كافة المجالات والقطاعات والمؤسسات الوطنية داخل أرضنا المحتلة.
(8) توصي اللجنة المالية بضرورة تسوية أموال الدعم العربي المعلقة التي وردت في التقرير المقدم من الصندوق القومي الفلسطيني.
(9) على ضوء المناقشة العامة التي تمت في اللجنة المالية، فإن هذه اللجنة توصي بالتالي:
آ ـ إعادة النظر في رواتب ونسب علاوة غلاء المعيشة والتعويض العائلي المقرر للعاملين في المنظمة، لا سيما موظفي الفئة الخامسة وما دونها، بما يتلاءم مع مستوى المعيشة في البلدان المقيمين فيها.
ب ـ توفير المزيد من الدعم المالي للتنظيمات والاتحادات الشعبية بشكل يمكنها من القيام بمهامها على الوجه الأفضل.
(10) يتم وضع ميزانية منظمة التحرير الفلسطينية في حدود الدعم المالي المقرر في مؤتمر قمة بغداد، والإيرادات الأخرى للمنظمة من قبل اللجنة التنفيذية وفق الأسس التالية:
آ ـ تغطية نفقات منظمة التحرير الفلسطينية ودوائرها ومكاتبها ومؤسساتها، وجيش التحرير الفلسطيني.
ب- تغطية نفقات مؤسسة الشؤون الاجتماعية والهلال الأحمر الفلسطيني، وأية مؤسسات أخرى موحدة أو يتم توحيدها.
جـ - تغطية نفقات كافة فصائل حركة المقاومة بموجب نظام (توحيدي) خاص تضعه اللجنة التنفيذية.
د- يخصص نسبة من الواردات للاحتياطي العام في الصندوق القومي الفلسطيني.
هـ ـ يتم تبويب وتوزيع وإقرار هذه الميزانية بكل بنودها من قبل اللجنة التنفيذية، ومكتب رئاسة المجلس الوطني، والمدير العام للصندوق القومي.
و- إذا كانت الواردات الفعلية أقل من الميزانية المقررة يجري حسم النقص من كافة بنود الميزانية السابقة بنسبة ما خصص لها، باستثناء ما يتعلق بميزانية مؤسسة الشؤون الاجتماعية والهلال الأحمر الفلسطيني.
ثانيا: توصيات حول الميزانيات:
(1)المصادقة على الحسابات الختامية لأعوام ١٩٧٥ ۱٩٧٦ و۱۹۷۷/1979
(2) الموافقة على اقتراحات مجلس إدارة الصندوق القومي الفلسطيني الواردة في تقريره الثاني عشر:
أ - أن تتخذ مخصصات ميزانية عامي ۱۹۷۸/۱۹۷۷ و۱۹۷۹/۱۹۷۸ الواردة في الملحق رقم (۹) من التقرير الثاني عشر للصندوق القومي الفلسطيني أساسًا لتغطية نفقات عام ١٩٧٨/١٩٧٧.
ب ـ يعمل خلال السنة المالية ۱۹۷۹/۱۹۷۸ ميزانية عامي ۱۹۷۸/۱۹۷۷ و۱۹۷۹/۱۹۷۸ الواردة في الملحق رقم (۹) من التقرير الثاني عشر للصندوق القومي الفلسطيني.
جـ - أن يعمل بالنسبة لدوائر المنظمة ومكاتبها ومؤسساتها خلال السنة المالية ۱۹۷۹/ ۱۹۸۰ بميزانية عام ۱۹۷۹ / ۱۹۸۰ كما وردت في الملحق رقم (۱۰) من التقرير الثاني عشر للصندوق القومي الفلسطيني.
و تفويض اللجنة التنفيذية بأن تعد لهذا الغرض ملحقًا توزع بمقتضاه مخصصات دوائر المنظمة ومكاتبها ومؤسساتها إلى ملاكات وفصول وبنود.
٤ - لجنة شؤون الوطن المحتل:
اجتمعت لجنة شؤون الوطن المحتل المنبثقة عن المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الرابعة عشرة/ دورة الشهيد (هواري بومدين (يومي ۲۰ و۱۹۷۹/۱۱/۲۱)، وانتخبت الدكتور عبد العزيز الحاج أحمد رئيسا لها،
المسمّى مقررًا.
وبعد مناقشة التقرير الموجز والإيضاحات الشفوية التي قدمها رئيس دائرة الوطن المحتل،
جرت مناقشات مستفيضة لجدول الأعمال، وأقرت اللجنة التوصيات التالية التي رفعتها للمجلس الوطني الفلسطيني وأقرها:
۱- يؤكد المجلس الوطني الفلسطيني على وحدة شعبنا المصيرية والنضالية في داخل فلسطين وخارجها، ويؤكد أيضًا ضرورة تنفيذ البرنامج السياسي والتنظيمي للوحدة الوطنية، بكل إيجابية ومسؤولية.
٢ - يحيي المجلس بكل فخر واعتزاز نضالات شعبنا في الوطن المحتل، ويثمّن عاليًا موقفه البطولي وصموده المتواصل في رفضه وتصديه لتسوية الإمبريالية الصهيونية التي تمثلت في اتفاقات كامب ديفيد ومؤامرة الحكم الذاتي الإداري، وهذا ما تجلى في الإجماع الوطني لكافة قطاعات شعبنا التي عبرت عنها بأشكال نضالية مختلفة، كان آخرها المذكرة السياسية المهمة التي قدمت للمجلس، والتي أقرها مجلسكم واعتبرها وثيقة من وثائق هذه الدورة.
3- كما أكد المجلس التفاف شعبنا في الوطن المحتل حول منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا الفلسطيني في جميع أماكن تواجده، وموقفه الثابت في رفض الاحتلال الصهيوني، وتمسكه بأرضه وحقوقه الوطنية، وتصديه لمؤامرات خلق أية قيادة بديلة، وإصراره على تقويض كل محاولات المس بحقه في العودة وتقرير المصير، وقيام دولته المستقلة فوق ترابه الوطني.
4- يحيي المجلس نضالات وصمود مناضلينا في سجون الاحتلال الصهيوني الذين يمارس ضدهم أبشع أنواع القهر والتعذيب والاضطهاد، وإن المجلس، إذ يعرض هذا الواقع المرير الذي يعيشه مناضلونا في سجون الاحتلال على الرأي العام العالمي، فإنه يهيب بكل القوى الشريفة في العالم أن ترفع صوتها ضد هذه الممارسات اللاإنسانية التي تنتهك أبسط قواعد حقوق الإنسان.
5- إن المجلس، إذ ينظر بالتقدير والاعتزاز لنضالات جماهيرنا في الجزء المحتل من وطننا عام ١٩٤٨ التي أفشلت مخططات العدو الرامية إلى تذويب شخصيتهم وتهويد أرضهم وطمس ثقافتها الوطنية، ليحيّي كافة القوى المعادية للصهيونية، كما يحيي أبنائنا الطلاب الذين يتحدّون الاضطهاد العنصري الصهيوني بتأييدهم والتفافهم حـول م ت ف، وها هم يتعرضون الآن للملاحقة والتهديد بالطرد من جامعاتها ومعاهدها.
6- يؤكد المجلس ضرورة تعبئة وحشد كافة طاقات جماهيرنا في الوطن المحتل، من أجل تصعيد الكفاح المسلح، وتعزيز أشكال النضال كلها، كما يؤكد أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الجهة المسؤولة الوحيدة عن قضايا دعم صمود شعبنا في الوطن المحتل.
7- يؤكد المجلس على تدعيم بناء الجبهة الوطنية الفلسطينية في داخل فلسطين، باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من م. ت. ف، وضرورة توفير كل وسائل الدعم السياسي والمادي، بما يمكّنها من تعبئة جماهير شعبنا في الداخل، في مواجهة الاحتلال الصهيوني ومخططاته، ومشاريعه المعادية التي يشكل الحكم الذاتي إحدى حلقاتها الرئيسة.
۸ - إن المجلس، إذ يدين أي اتصال مع أطراف كامب ديفيد بصورة مباشرة أو غير مباشرة، لَيحذر بحزم من أي خروج عن الإجماع الوطني.
۹ - يؤكد المجلس وحدة المنظمات الشعبية والنقابية والمهنية في الداخل والخارج، وضرورة دعمها ماديا ومعنويا.
10- يؤكد المجلس أهمية دعم ورعاية العمال العرب الذين يعملون في أراض أو مؤسسات عربية، وتوفير الضمانات لحمايتهم من إغراءات العمل في مشاريع العـــــــدو، وتشجيع وتنمية مشاريع إنتاجية وطنية لاستيعاب العمال الذين يستغلهم العدو، ومقاومة محاولات العدو للاستيلاء على المشاريع الوطنية أو تحطيمها.
۱۱ - يؤكد المجلس ضرورة دعم جماهير الفلاحين، من خلال العمل على تأسيس جمعيات تعاونية زراعية؛ من أجل الالتصاق بالأرض، والحفاظ على عروبتها.
12- تنشيط ودعم المؤسسات الاجتماعية، وتعزيز وتطوير الخدمات الطبية والتعليمية والرياضية والفنية، والمحافظة على التراث الوطني لشعبنا.
13- يؤكد المجلس ضرورة الدفاع عن المقدسات أمام التطاولات الصهيونية، ومساعي العدو المستمرة لهدمها، أو تقسيمها، أو الاستيلاء عليها.
14- أ- دعم ورعاية المؤسسات والمعاهد التعليمية، وضرورة إنشاء معاهد مهنية وزراعية لاستيعاب طلابنا هناك، ودعم المدارس ورياض الأطفال ومراكز مكافحة الأمية.
ب ـ ضرورة إعطاء أهمية أكبر لقضايا الطلبة بعد المرحلة الثانوية.
١٥ - يؤكد المجلس ما يأتي:
أ- أهمية تشجيع الهجرة المعاكسة وعلى دعوة الدول العربية مجددًا؛ من أجل قبول عودة الرعايا اليهود الذين
نزحوا منها إلى فلسطين المحتلة، تحت تأثير التضليل الصهيوني.
ب - اتباع الوسائل الكفيلة بعدم هجرة أبناء شعبنا إلى الخارج، ومن أهمها تبني مشاريع الإسكان، ودعم وتأسيس الصناعات الوطنية، وتسويق المنتجات الزراعية.
ج- العمل على تشجيع وتسهيل عودة الفلسطينيين في المهجر إلى وطنهم، واستثمار أموالهم وكفاءاتهم فيه.
١٦ - التأكيد على مقاومة سياسة تفريغ الأرض من سكانها الفلسطينيين العرب، والدفاع عن الأراضي والممتلكات العربية، في وجه عمليات المصادرة والإغلاق والاستيلاء بأشكال وذرائع متعددة، والاستيطان، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بإحباط وسائل العدو المتتالية للسيطرة على الأرض الفلسطينية العربية، وتدعيم لجان الدفاع عن الأرض وتعميمها؛ لإحباط وسائل العدو للسيطرة على الأرض الفلسطينية العربية.
۱۷ - يؤكد المجلس على:
آ ـ دعم أسر المعتقلين والموقوفين، من خلال دعم وتطوير مؤسسة أسر الشهداء والمعتقلين؛ لتصبح قادرة على دعـم ومساندة كافة أسرى وشهداء ومعاقي الثورة الفلسطينية.
ب ـ تبني قضايا المعتقلين ودعم نضالاتهم داخـل السجون، وضرورة تدعيم لجنة الدفاع عن المعتقلين حتى تكون قادرة على القيام بمسؤولياتها في المجالات الدولية المختلفة.
جـ - المشاركة في التعويض بشكل مناسب على المناضلين الذين تنسف منازلهم على يد العدو الصهيوني، نتيجة مشاركتهم في النضال الوطني، وأن ترفع شعار المشاركة في إعادة كل بيت يهدمه العدو.
۱۸ - يؤكد المجلس أهمية الإنجازات التي حصل عليها الصندوق القومي، نتيجة لعضويته في المؤسسـات والصناديق واللجان العربية والإسلامية والدولية، ويرى أن يتطور ويعزز هذا الدور، لتحقيق مزيد من الدعم، وإعداد الدراسات والإحصائيات لشعبنا في الوطن المحتل.
۱۹ - العمل من أجل أن يولي الإعلام الفلسطيني -وبخاصة الإذاعي- أهمية بالغة لاحتياجات جماهيرنا في المناطق المحتلة، من حيث التوجيه السياسي الواضح والدقيق، والاهتمام بمعالجة قضاياهم الحياتية والجماهيرية. كما يؤكد المجلس أهمية إنشاء مركز إعلامي خاص بشؤون الوطن المحتل، وأن يقدم هذا المركز نشرات خاصة به.
۲۰ - يدين المجلس الوطني الفلسطيني جميع الإجراءات التي اتخذتها سلطات العدو الصهيوني لتهويد مدينة القدس، ويطالب المجلس دولة الفاتيكان وجميع المؤسسات الدينية في العالم، وكذلك جميع الدول، باتخاذ الإجراءات الكفيلة التي تحمي عروبة القدس، ومن ثم حرية الأديان فيها.
۲۱ - يحيّي المجلس الوطني الفلسطيني منظمة المؤتمر الإسلامي ومؤسساتها للدعم السياسي والمادي الذي تقدمه لنضال شعبنا العادل، ودعم صمود شعبنا في الوطن المحتل، وبخاصة لجنة القدس، وصندوق التضامن الإسلامي، وغيرها من المؤسسات التي تتمتع منظمة التحرير الفلسطينية بعضويتها.
۲۲ - في دائرة الوطن المحتل يؤكد المجلس على:
أ - ضرورة قيام دائرة الوطن المحتل وفروعها وأجهزتها بممارسة صلاحياتها ومسؤولياتها كاملة، وفق الاختصاصات المحددة لها في النظام الأساسي.
ب - إعادة بناء الجهاز التنفيذي للدائرة بما يمكنه من القيام بواجباته.
جـ - تشکیل مجلس أعلى للوطن المحتل على أسس قوية جبهوية من القوى الفلسطينية، وكذلك الكفاءات الفلسطينية كافة.
د ـ تشكيل لجان فنية متخصصة لإعداد الدراسات اللازمة.
5- لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل والتنظيمات الشعبية:
عقدت اللجنة اجتماعاتها يوم السبت ۱۹۷۹/۱/۲۰، وانتخبت اللجنة من بين أعضائها انتصار الوزير رئيسةً، وصلاح فلسطيني
وبعد المناقشات المستفيضة بشأن جدول أعمالها، اتخذت اللجنة التوصيات التالية التي أقرها المجلس الوطني الفلسطيني:
أولا: في مجال المقررات والتوصيات السابقة:
التأكيد على جميع قرارات المجلس الوطني الفلسطيني في دوراته السابقة، وضرورة العمل على تنفيذها.
ثانيا: في مجال الشؤون الاجتماعية والعمل:
1- دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل:
2- آ ـ ضرورة قيام هذه الدائرة بممارسة مهامها، ووضع الخطط والبرامج التنفيذية المتعلقة بنشاطاتها، وفقًا للقرارات الصادرة بشأنها.
ب ـ تخصيص الاعتمادات المالية اللازمة لتغطية كافة أوجه نشاطاتها، بحسب الميزانيات المقدمة للدائرة من المؤسسات والجهات الفلسطينية المعنية، وذلك وفق الإمكانيات المتاحة للمنظمة.
۲ - جمعية رعاية أسر مجاهدي وشهداء فلسطين:
آ ــ التأكيد على جميع القرارات السابقة والصادرة بشأن هذه الجمعية.
ب- تخصيص الاعتمادات المالية لتغطية جميع الالتزامات المالية المترتبة على هذه الجمعية، لتمكينها من الاستمرار في أداء خدماتها المتزايدة، تحقيقًا لأغراضها الإنسانية المعقودة في مجالي:
۱ - رعاية جميع أسر الشهداء والأسرى والمعتقلين والمتضررين والمفقودين والجرحى.
۲ - مشروع المدينة التعليمية لأبناء شهداء ومجاهدي فلسطين وتكاليف استكمال وتجهيز المرحلة الأولى منها، حسب الإمكانيات المتاحة للمنظمة.
٣ - الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية:
دعم المشاريع التي تعنى بالشؤون الاجتماعية للمرأة الفلسطينية، وتخصيص الاعتمادات المالية اللازمة لذلك.
٤ - التجمعات الفلسطينية المحتاجة:
الاعتناء بالتجمعات الفلسطينية المحتاجة والتي تعيش في بعض الدول العربية في ظل ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة، ولا تتلقى هذه التجمعات من هذه الدول أو من أية جهة غيرها أي عون أو مساعدة.
ثالثا: في مجال الشؤون الصحية والطبية:
1- جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني:
- أ- التأكيد على جميع القرارات السابقة والصادرة بشأن هذه الجمعية.
- ب ـ استمرار تقديم الدعم لهذه الجمعية لتمكينها من تقديم المزيد من خدماتها الطبية والإنسانية ولأكبر قطاعات ممكنة من الشعب الفلسطيني، داخل الوطن المحتل وخارجه.
جـ- تخصيص الاعتمادات المالية اللازمة لتغطية نفقات هذه الجمعية طبقا لاحتياجاتها العملية.
2- التأمين الصحي للأسر:
العمل على تعميم وشمولية (التأمين الصحي) ولجميع أسر مقاتلي الثورة الفلسطينية، والعاملين في منظمة التحرير الفلسطينية.
رابعا: في مجال الشؤون التربوية:
۱ - الاعتناء بالطفل الفلسطيني، وتشكيل لجنة مركزية للتنسيق تعنى برياض الأطفال باعتبارها المرحلة التعليمية الأولى. ووضع المناهج التربوية على أسس علمية ووطنية، وتعميمها على كافة تجمعات الشعب الفلسطيني، وتدريب الكادر الفني المطلوب لأداء هذه المهمة.
۲ ـ وضع مادة تعليمية حول فلسطين قضية وشعبًا لكافة المراحل التعليمية، والتأكيد على قرار المجلس الوطني الفلسطيني في دورته (۱۳) السابقة، بشأن مادة فلسطين التي يقوم بإعدادها مركز التخطيط.
3 ـ دعم وتطوير جميع المؤسسات الفلسطينية التي تعنى بالتأهيل المهني، والعاملة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية.
4ـ إلزام جميع الخريجين من الطلبة الفلسطينيين الذين حصلوا على منح دراسية من خلال منظمة التحرير الفلسطينية، أو أحد فصائلها أو اتحاداتها الشعبية، بالخدمة الثورية والعمل في مؤسسات الثورة الفلسطينية، ولمدة أقلها سنتان
خامسا: في مجال التنظيم الشعبي.
بعد مناقشة الدور الهام الذي تضطلع به المنظمات الشعبية في مسيرة الثورة والتحرير، ومن خلال الأهمية الخاصة التي تحتلها التنظيمات الشعبية الفلسطينية في مواقع النضال التحرري؛ توصي اللجنة بما يلي:
1 - تشكيل مجلس أعلى للاتحادات الشعبية يتولى التنسيق فيما بينها من جهة، وبينها وبين دائرة التنظيم الشعبي من جهة أخرى.
۲ - أن يسود مبدأ الوحدة الوطنية في مجال العمل الشعبي، وأن يكون مبدأ المشاركة في تحمل المسؤولية سائدًا؛ مما يعكس ويعزز من دور هذه التنظيمات في أن تمارس دورًا أكبر في تعزيز الوحدة الوطنية، بين كافة فصائل الثورة الفلسطينية، بما لا يتعارض مع روح العمل الديمقراطي والمنافسة الشريفة.
٣ - أن يقدم الدعم المادي والمعنوي للتنظيمات الشعبية، لكي يكون بمقدورها القيام بمهماتها، وتطوير نشاطاتها في كل المجالات، ولا سيما قواعدها وكوادرها في الأرض المحتلة، من أجل تصعيد مختلف أشكال نضالها، وتعزيز صمودها وفعاليتها، وكذلك إشراك التنظيمات الشعبية في لجان الأرض المحتلة التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهذا يقتضي النظر بجدية إلى الميزانيات المقدمة من هذه التنظيمات.
٤ - أن يستكمل توحید جميع منظمات الشباب والرياضة، ضمن إطار المجلس الأعلى للشباب والرياضة، وحق تمثيل الشباب والرياضة بهذا المجلس.
5 ـ أن تتضمن لوائح المنظمات الشعبية النص علـى التزامها بمبادئ الميثاق الوطني الفلسطيني.
٦ ـ أن يؤسس معهد تدريب نقابي وثقافة عمالية للتنظيمات الشعبية الفلسطينية، تحت إشراف دائرة التنظيم الشعبي.
7-توصي اللجنة والتنظيمات الشعبية بإنشاء مؤسسات إنتاجية وتعاونيات استهلاكية تدعم من منظمة التحرير الفلسطينية.
٦ - لجنة الوحدة الوطنية:
عقدت لجنة الوحدة الوطنية المنبثقة عن الدورة الرابعة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني اجتماعها يوم ١٩٧٩/١/٢٠، وقد أقرها بداية الجلسة انتخاب يحيى حبش رئيسًا، وإسماعيل خليل مقررًا. وقد اتخذت اللجنة نقاط البرنامج التنظيمي المقرر في المجلس الوطني جدولا لأعمالها، ولقد سهل أعمال هذه اللجنة الإقرار المسبق من قبل المجلس الوطني، في دورته الحالية لبرنامج العمل السياسي والتنظيمي للوحدة الوطنية.
وعلى هدي النقاط المقررة في البرنامج التنظيمي، فإن لجنة الوحدة الوطنية قد رفعت توصياتها التالية للمجلس والتي أقرها:
أولا: التأكيد على ما جاء في البند الأول من البرنامج التنظيمي، في ضرورة تمثيل فصائل الثورة والقوى الوطنية الفلسطينية كافة في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وفي مقدمتها المجلس الوطني والمجلس المركزي واللجنة التنفيذية. ونحيل كلمة كافة إلى اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، بحيث تحدد الفصائل والقوى التي عنتها بهذه الكلمة، بما يضمن تحقيق الوحدة الوطنية على أكمل وجوهها.
ثانيا: التأكيد على أهمية الحوار الديمقراطي باعتباره أسلوبا وحيدا في حل أي خلاف قد يحدث في الساحـة الفلسطينية، والالتزام بضوابطه الثورية والأخلاقية، وعدم استخدام العنف لحل الخلافات.
ثالثا: دعوة كافة فصائل الثورة الفلسطينية إلى انتهاج سياسة تعبوية وتثقيفية لأفرادها وللجماهير، تستهدف تعزيز الوحدة الوطنية، على قاعدة البرنامج السياسي والبرنامج التنظيمي لمنظمة التحرير الفلسطينية، والالتزام بمبدأ الحوار الديمقراطي، وإدانة أي اتهام أو تشهير خارج نطاق هذا الحوار.
رابعا: انطلاقا من المبدأ الجبهوي الديمقراطي الذي نص عليه برنامج العمل التنظيمي المقر في هذه الدورة، فإنه لا بد وأن ينسحب تطبيق هذه المبدأ الجبهوي الديمقراطي على الكفاءات والقوى الفلسطينية، بموجب قرارات المجلس الوطني الفلسطيني على كافة أجهزة ودوائر المنظمة، ومكانتها في المجالس العليا المراقبة للدوائر، والأجهزة والمجالس المحلية الشعبية، لمراقبة المكاتب الإقليمية، والأخذ بالاعتبار الكفاءات في هذه القوى في تشكيل هذه المجالس والأجهزة.
وإنها لثورة حتى النصر
جلسة خاصة لتأبين المناضل الشهيد علي حسن سلامة
عقد المجلس الوطني الفلسطيني جلسة خاصة لتأبين المناضل الشهيد علي حسن سلامة (أبو حسن) الذي اغتالته يد مجرمة من عملاء إسرائيل يوم ١٩٧٩/١/٢٢.
وقد ألقى كل من خالد الفاهوم رئيس المجلس الوطني، وفاروق قدومي رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأمين سر القيادة القطرية لمنظمة حزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان كلمات بهذه المناسبة المؤلمة، أبانوا فيها منزلة الشهيد الراحل، وأشادوا بدوره النضالي والبطولي دفاعًا عن قضية فلسطين والثورة الفلسطينية.
اللجنة التنفيذية
بعد مناقشات حول تشكيل اللجنة التنفيذية، تقرر بقاء اللجنة التنفيذية على حالها.
ولاية المجلس
قرر المجلس الوطني أن تستمر ولايته حتى يجتمع في دورته القادمة الثالثة.
بيان المجلس الوطني الختامي
في نهاية دورة المجلس الوطني الفلسطيني الرابعة عشرة، صدر عن رئاسة المجلس الوطني البيان السياسي الختامي التالي نصه:
بيان سياسي
عن أعمال الدورة الرابعة عشرة للمجلس الوطني
الفلسطيني دورة الشهيد هواري بومدين
جاء انعقاد الدورة الرابعة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني في الفترة بين يومي ١٥ و٢٣ كانون الثاني من عام ۱۹۷۹ الموافق ١٦-٢٤ صفر ۱۳۹۹ بمدينة دمشق عاصمة الجمهورية العربية السورية، بعد أن تعذر انعقاده بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، بسبب إبرام مصر لاتفاقيات كامب ديفيد، وقد حملت هذه الدورة اسم المغفور له الشهيـد هواري بومدين » رئيس الجمهورية الجزائرية؛ تعبيرًا عن تقدير ووفاء شعب فلسطين لنضال القائد الراحل في سبيل قضية فلسطين وقضايا الأمة العربية، والدور العظيم الذي قام به في تحرير الجزائر وتقدمها، ونصرة قضايا العالم الثالث.
استقبل المجلس في يوم انعقاده الأول سيادة الرئيس المناضل حافظ الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية الذي تفضل بافتتاح المجلس وبتوجيه حديث له، أكد فيـــه على تلاحم نضال شعب فلسطين العربي بشعب سوريا العربي، وأبرز خصوصية الثورة الفلسطينية في حركة النضال العربي، وحدد التزام سوريا بفلسطين، قضية وثورة وحقوقًا وطنية ثابتة.
وحضرت جلسات المجلس وفود كثيرة من الدول العربية الشقيقة، والدول الصديقة، ومن حركة التحرر الوطني، والتنظيمات السياسية في هذه الدول، وأسهمت هذه الوفود بكلماتها في إغناء مناقشات المجلس، مؤكدة تأييدها لنضال شعب فلسطين العربي وقضيته العادلة.
وخصص المجلس جلسة خاصة لتكريم سيادة مطران القدس المنفى المناضل إيلاريون کبوجي، بعد أن اختاره بالإجماع عضو شرف، تقديرًا لجهاده في سبيل قضية شعبنا العادلة، وتكريمًا لكل مناضلي شعبنا في سجون الاحتلال، وجميع المدافعين عن قضية الحرية والعدالة.
لقد جاء انعقاد هذه الدورة في مرحلة حاسمة، تعرضت خلالها المنطقة العربية لأخطر حلقات الهجمة الإمبريالية الصهيونية، مجسدة في اتفاقيات كامب ديفيد منهجا ومضمونا، ونتائجها وآثارها تستهدف تصفية قضية فلسطين والحقوق الوطنية الثابتة لشعبنا الفلسطيني، وإخراج مصر على يدي النظام الحاكم فيها من دائرة الصراع العربي الصهيوني، خطوة على طريق إخضاع المنطقة العربية ومقدراتها بأسرها للإمبريالية والصهيونية، والقضاء على منجزات الثورة الفلسطينية وحركة التحرر العربي، الأمر الذي واجهته جماهير شعبنا بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وجماهير الأمة العربية، وفي طليعتها شعبنا العربي في مصر، ممثلًا بقواه الوطنية والقومية والتقدمية، من خلال مواقفها النضالية التي تجسدت في قيام الجبهة القومية للصمود والتصدي وقراراتها، ومؤتمر الشعب العربي العام، وإعلان ميثاق العمل القومي المشترك بين القطرين الشقيقين سوريا والعراق، وانعقاد مؤتمر القمة العربية التاسع في بغداد، فكشفت بذلك عن مدى عمق قضية فلسطين في واقع النضال العربي ووجوده، والتصميم الواعي والحازم، على التصدي لهذه الهجمة الإمبريالية الصهيونية على المنطقة العربية، ودعم النضال الفلسطيني في داخل الوطن المحتل وخارجه، بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية. كما كشفت عن مدى عزلة سياسة الولايات المتحدة الأمريكية والسادات في المنطقة العربية، ومن خلال وعي قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ومجلسها الوطني بخطورة هذه المرحلة المتجسدة في هذه الاتفاقيات الاستسلامية، ودور النظام المصري المدمر فيها، جرت مناقشات المجلس واتخذت قراراته الخاصة بواجبات الثورة الفلسطينية وجماهيرها داخل وخارج الوطن المحتل، أخذًا بعين الاعتبار النهوض العربي الذي عبرت عنه عمليا قرارات قمة بغداد، والخطوة الوحدوية السورية العراقية. وانطلاقًا من ذلك كله اتخذ المجلس قراراته السياسية والمالية والعسكرية والإعلامية، كما ركز بشكل خاص على البرنامجين السياسي والتنظيمي الخاصين بتعميق فعالية وشمولية الوحدة الوطنية الفلسطينية، وأقرها بالإجماع.
وقد أكد المجلس اعتبار منهج واتفاقيات كامب ديفيد وما نتج وينتج عنها -بما في ذلك مشروع الحكم الذاتي في الضفة الغربية وغزة- مؤامرة يجب رفضها، ومقاومتها بكل الوسائل الممكنة، واعتبار المحافظة على الموقف العربي الجماعي النضالي من هذا المنطلق، وعلى أرضية قرارات جبهة الصمود والتصدي، ومؤتمر الشعب العربي، وقرارات قمة بغداد؛ إنجازات لا بد من التمسك بها، والعمل على تطويرها.
كما اعتبر المجلس ميثاق العمل القومي بين سوريا والعراق مرتكزا أساسيا في مواجهة المؤامرة، واستعادة التوازن الإستراتيجي مع العدو الصهيوني، الأمر الذي يحتم الوقوف إلى جانب هذا الميثاق ودعمه؛ ليحقق أهدافه في أسرع وقت ممکن، كما أكد المجلس أهمية العمل لدعم صمود أهلنا في وطننا المحتل، ونضالهم ضد مشروع الحكم الذاتي، والاحتلال الصهيوني، وما يترتب على ذلك من تصعيد نوعي وكمي للكفاح المسلح ضد العدو الصهيوني في وطننا المحتل.
كما أقر المجلس موضوع الحوار مع الأردن وفق الضوابط والأهداف التي أقرها البرنامج السياسي في هذا المجال، وبخاصة ما يتصل فورا بمقاومة وإحباط اتفاقيات كامب ديفيد ومشروع الحكم الذاتي، كما بحث المجلس المؤامرة الصهيونية والانعزالية على لبنان الشقيق، وأكد تمسكه بوحدة واستقلال وعروبة لبنان، وضرورة تعميق العلاقات النضالية الوثيقة مع القوى الوطنية والقومية اللبنانية، وجماهير الشعب اللبناني البطل على اختلاف طوائفه، انطلاقًا من أن القيادات الانعزالية اللبنانية لا تشكل إرادة من تدعي تمثيلهم من جماهير شعب لبنان البطل.
وقد دعا المجلس الوطني كافة القوى الوطنية والقومية والتقدمية في العالم العربي، وخاصة في مصر للتنسيق فيما بينها، وتطوير علاقاتها لإسقاط اتفاقيات كامب ديفيد، ولإسقاط منهج التسوية الأمريكية الصهيونية، ودعم الثورة الفلسطينية في تحقيق أهدافها الوطنية.
وقد لاحظ المجلس بقلق التأثير الأمريكي الرامي إلى تعطیل دور وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين، وكذلك المؤامرات المتوالية التي أخذت تمارسها الوكالة تجاه أهلنا في المخيمات الفلسطينية داخل وخارج الوطن المحتل، وقرر اتخاذ الإجراءات والاتصالات اللازمة في هذا المجال، بما يضمن مصالح جماهير شعبنا ويحبط هذه المؤامرات. وإن المجلس الوطني يحمّل وكالة الغوث مسؤولية ما يترتب على ممارساتها الأخيرة المشبوهة، من إضرار بمصالح شعبنا ومن ردود فعل الجماهير الفلسطينية على ذلك.
إن المجلس الوطني الفلسطيني، إذ يعي الدور الأمريكي الصهيوني في التآمر الشرس على قضية فلسطين وشعبها وقيادة هذا الشعب ممثلا بمنظمة التحرير الفلسطينية، فإنه يحيي كافة القوى الصديقة في العالم التي تقف إلى جانب شعبنا في نضاله من أجل استعادة حقوقه المغتصبة، وبخاصة الدول الاشتراكية وعلى رأسها الاتحاد السوفييتي، إلى جانب أصدقائنا وحلفائنا من الدول الإسلامية ودول عدم الانحياز والدول الإفريقية والآسيوية، والقوى والأحزاب الديمقراطية التي تناصرنا في العالم. كما بحث المجلس الوضع في إيران، وأكد وقوفه إلى جانب ثورة إيران بقيادة المجاهد الكبير آية الله الخميني ومواقفها الحاسمة إلى جانب قضية فلسطين ونضال شعبها ضد العدو الصهيوني. وقد حيّا المجلس هذه الثورة الفتية، وتمنى لها النصر الكامل، لكي تتمكن من وضع إمکانات إيران وشعبها البطل الشقيق إلى صفوف النضال ضد الإمبريالية والصهيونية لتحرير فلسطين والقدس الشريف.
هذا وقد كلف المجلس الوطني اللجنة التنفيذية وضع ما ورد في قرارات المجلس المتعلقة بالبرنامج السياسي، والبرنامج التنظيمي، وقرارات اللجان السياسية والمالية والعسكرية وغيرها، موضع التنفيذ، وإعطاء عناية خاصة للمؤسسات الاجتماعية الفلسطينية، ورعاية أسر الشهداء والأسرى المعتقلين، وبذلك تتابع اللجنة التنفيذية الحالية مسؤولياتها وفقا للنظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، على أن تجري دراسة وإقرار القواعد الجبهوية الخاصة بهذا الموضوع، قبل انتهاء مدة المجلس الوطني الحالي.
وقد اختتم المجلس أعماله بإرسال برقية شكر وتقدير إلى سيادة الرئيس حافظ الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية، على افتتاحه ورعايته لاجتماعات المجلس، وبرقية شكر أخرى إلى اتحاد عمال سوريا المناضل؛ لما قدمه للمجلس من تسهيلات أسهمت في تسيير أعماله.
إن المجلس الوطني الفلسطيني، إذ يحيّي صمود ونضال شعبنا في الأرض المحتلة، شعب لبنان وقواه ويحيي الوطنية التي تعمل من أجل وحدة لبنان وعروبته واستقلاله، ويحيي كل أصدقاء وحلفاء شعب فلسطين في العـــــالم، والقوى الوطنية المصرية التي ترفض مؤامرة كامب ديفيد، ويعاهد شعب فلسطين وكل أحرار العالم بأن يستمر النضال حتى تسقط كل المؤامرات ويتحقق النصر.
أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني
الدورة الرابعة عشرة
دورة الشهيد هواري بومدين
الرقم الاسم
1) عبد الرحمن أبو جبارة
2) حامد أبو سته
3) يحيى أبو شهلا
4) د. أمين الأغا
5) أسعد البرغوثي
6) صالح البرغوثي
7) إبراهيم بكر
8) صبري جريس
9) فاروق الحسيني
10) شفيق الحوت
11) محمود الخالدي
12) محمد الخضراء
13) د. حسام الخطيب
14) يوسف الخطيب
15) القس ايليا خوري
16) صلاح الدباغ
17) فاضل زيدان
18) منیر سوید
19) عبد المجيد شومان
20) فايز الصايغ
21) يوسف الصايغ
22) جمال الصوراني
23) قصى العبادلة
24) نمر المصري
25) سعيد عزیز
26) ياسر عمرو
27) خالد الفاهوم
28) عبد المحسن قطان
29) عبد الوهاب الكيالي
30) الشيخ عبد الرحمن مراد
31) محمد زهدي النشاشيبي
32) رفعت النمر
33) جودت الهندي
34) فائق وراد
35) عبد الكريم الكرمي
36) مجدي ابو رمضان
37) عبد الله حوراني
38) خليل الطبري
39) بلال الحســن
40) محمد علي عودة
41) يوسف البندك
42) هاني القدومي عثمان
43) عثمان ابو حاشية
44) أحمد صدقي الدجاني
45) سعید حمود
46) عبد الرزاق اليحيى
47) عبد الجواد صالح
48) وليد قمحاوي
49) عربي عـواد
50) عبد المحسن أبو ميزر
51) إسحق الخطيب
52) سليمان نجاب
53) عصام السرطاوي
54) بهجت أبو غربية
55) إلياس شوفاني
56) عماد شقور
57) حبيب قهوجي
58) حمود درویش
59) توفيق فياض
60) حنا ناصر
61) مصطفى ملحم
62) ألفريد طوباسي
63) لطيفة حواري
64) أحمد حمزة النتشة
65) عبد العزيز حاج احمد
66) خضر عبد الله
67) ساجي سلامة خليل
68) سعيد شقير
69) حنا قحاط
70) إبراهيم أبو لغد
71) عرابی مصطفی
72) إدوارد سعيـد
73) ميشيل فرح
74) عبد الحكيم أبو شعبان
75) عدنان درباس
76) جاويد الغصين
77) نبيل الشوا
78) الشيخ موسى أبو السعود
79) حسين الشرقاوي
80) عبد اللطيف عثمان
81) شكيب الدلال
82) علي شمس الدين الجعبري
83) یونس فريجات
84) فضل الشيخ أمين
85) عبد المجيد التايه
86) عبد المجيد حنونة
87) إبراهيم الخطيب
88) سليمان أبو ستة
89) عبد الله الدنان
90) أسعد عبد الرحمن
91) باسل عقل
92) مصطفی أبو مدین
93) عصام الأغا
94) محمود برکة
95) عبد الكريم طعان
96) عبد المجيد عيسى
97) صالح محمد محمد
98) علي عبد الرحمن
99) مصطفى سلامة
100) إبراهيم مصلح
101) بطرس بروع
102) زكي الريا
103) صالح زيداني
104) نبیل معروف
105) إبراهيم الشهابي
106) المختار سعيد الموعد
107) أحمد حجو
108) اللواء محمود عزام
109) نظيم فاعور
110) مصطفی رضوان
111) انتصار الوزير
112) عبد الخالق يغمور
113) إسماعیل محمد إسماعیل
114) عبد العزيز صقر
115) عطا الوحيدي
116) جميل مرقة
117) يوسف سمور
118) رشدي شاهين
119) إبراهيم قبعة
120) عزمي مراد
121) عزت أبو الرب
122) نجيب الأحمد
123) الشيخ عبد المجيد السايح
124) عليان عليان
125) إسحاق الدزدار
126) سعادات حسن
127) حسيب صباغ
128) أحمد يوسف الحسن
129) نافذ العطعوط
130) برهان حمـاد
131) إبراهيم عياد
132) أنيس القاسم
133) هيفاء الحسيني
134) عمر العقاد
135) عمر الشهابي
136) داود تلحمي
137) محمد عیسی
138) حاتم الحسيني
139) صبحي غوشة
140) إبراهيم الفتياني
141) خالد عبد المجيد
142) إبراهيم أبو عياش
143) إسماعيل شموط
144) ياسر عرفات
145) فاروق القدومي
146) صلاح خلف
147) خالد الحسـن
148) سعد الدين غندور
149) سليم الزعنون
150) سليمان الشرفا
151) خليل الوزير
152) يحيى عاشور
153) نبيل شعث
154) العميد سعد صايل
155) ياسين الشريف
156) إحسان سمارة
157) محمود عباس
158) نمر الصالح
159) حكم بلعاوي
160) محمد صبيح
161) محمد ابو ميزر
162) موسى عوض
163) محمد غنيم
164) توفيق الصفدي
165) هايل عبد الحميد
166) ربحي عوض
167) عبد الله الافرنجي
168) رفيق النتشة
169) موسى غيث
170) محمد جرادة
171) عمر الخطيب
172) أحمد وافي
173) فاطمة برناوي
174) هاني الحسن
175) حسن الصباريني
176) عبد الحميد القدسي
177) يحيى حبشي
178) عبد الكريم العكلوك
179) وجيه حسن
180) زهير محسن
181) سامي عطاري
182) عصام القاضي
183) محمود تیم
184) سامى قنديل
185) محمد خليفه
186) محمد ناصر
187) كمال الخالدي
188) فرحان أبو الهيجاء
189) أحمد عوض
190) فتحي موسى
191) عبد الرحيم غنيم
192) محمد قطاوي
193) إبراهيم الأطرش
194) يوسف بسماوي
195) أدیب عبد ربه
196) صالح رأفت
197) عصام عبد اللطيف
198) عبد الكريم حمد
199) عمر نوفل
200) كمال بقاعي
201) عبد الغني هللو
202) محمد کتمتو
203) تيسير الزبري
204) أسامة إسماعيل الشنار
205) أحمد دخيل الجمل
206) عبلة محمود أبو طه
207) مصطفى الزبري
208) أحمد اليمـاني
209) جورج حبش
210) تيسير قبعة
211) صلاح صلاح
212) محمد المسلمي
213) عمر قطيش
214) عبد الرحمن علي الحاج
215) يونس عبد طه
216) عبلة طه
217) عزمي الخواجة
218) شریف ملوح
219) عبد الرحيم احمد
220) أحمد الصرفي
221) ناصيف عواد
222) رکاد سالم
223) ذيب سرحان
224) حسن الطيراوي
225) محمود اسماعيل
226) أسعد عكة
227) سميح زیادة
228) أحمد جبريل
229) طلال ناجي
230) فضل شرورو
231) كايد سليماني
232) أحمد أبو لوحة
233) زكي الزين
234) محمد صالح
235) ریاض سعید
236) فتحي الراغب
237) حيدر ابراهيم
238) خالد عبد الغني
239) صبري بدر
240) يوسف عريقات
241) إبراهيم بلعوص
242) فهمي الهندي
243) أحمد عبد الكريم أبو عودة
244) سليمان علي أحمد
245) زيد وهبة
246) محمد أبو رفيع
247) محمد سكيك
248) عصام عبد الهادي
249) سميرة أبو غزالة
250) رقية حوري
251) سعادات كيلاني
252) مي صايغ
253) نجلاء ياسين
254) نهاية محمد
255) جميل شحادة
256) عبد الله حسن
257) نجلاء نصير
258) خالد البرد
259) رفیق قبلاوي
260) داود أبو الشكر
261) محمد الزبيدي
262) محمد جبر یونس
263) أحمد صخر بسيسو
264) عزام الأحمد
265) بكر عبد المنعم
266) ناصر القدوة
267) ياسين جابر
268) أحمد عبد الرزاق
269) توفيق الطيراوي
270) عبد الله أبو حسان
271) فتحي عرفات
272) بشير السنوار
273) سميح عبد الرحمن
274) وجدان صيام
275) ماجد أبو شرار
276) بسام أبو شريف
277) يحيى يخلف
278) زهير الخطيب
279) خيري حسن
280) محمد ملحم
281) هشام شریف
282) مروان عبد الحميد
283) كمال الحصان
284) أحمد علي عرفات القدوة
285) محمد عبد العال عبد العال
286) فخري ميعاري
287) سعید کمال
288) عبد اللطيف أبو حجلة
289) هارون هاشم رشید
290) نافذ يعقوب
291) علي إسحق
292) يونس الشريف
293) إسماعيل حسين خليل
294) فرحان أبو الليل
295) محمد أبو شنار
296) محمد عباس
297) عبد الفتاح غانم
298) سمير غوشة
299) أحمد عبد الحميد الحسين
300) عبد الله عبد الله
301) وديعة خرطبيل
الملف أدناه يحتوي على معلومات عن الدورة الرابعة عشرة للمجلس الوطني: