الرئيسية » خطابات الرئيس محمود عباس »

كلمة السيد الرئيس محمود عباس بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد

14 كانون الأول 2015

 بسم الله الرحمن الرحيم

أيها الإخوة الأعزاء والأخوات العزيزات،

ما فهمته من الأرقام التي سمعتها أن هناك 460 شكوى ضد الفساد، وهذا الرقم يفرحني كثيرًا ليس لأنه عندنا فساد؛ ولكن لأن الإخوة، الشعب، الناس،أصبحت حريصة على مكافحة الفساد؛ وبالتالي كل إنسان يشعر أن إنسان ما فاسد، يكتب بحقه. وهذا أيضًا نوع من الشجاعة المعنوية التي يتمتع بها أهلنا وإخواننا؛ وأنهم لم يعودوا يخافون من أصحاب النفوذ والسلطة والفساد (إذا كان عندهم فساد)؛ وبالتالي أنا سعيد جدًا أن أسمع بهذه الأرقام، وأضع بين قوسين:(أتمنى أن تكون الشكاوى المقدمة صحيحة أو على الأقل أن لا تكون كيدية)؛ لأن سمعة الناس مهمة جدًا. بالنسبة لنا سمعة يجب أن تبقى عطرة لكل الناس. لا يجوز لأحد أن يلوغ بسمعة أحد، إلا إذا كان متأكدًا مما يقول، ومما يفعل. عند ذلك لا مانع؛ بل بالعكس. وأنا أقول هنا لكل أبنائنا وبناتنا وأهلنا الحاضرين السامعين في الراديو أو في التلفزيون: أن يسارعوا لكي يقدموا أية شكوى ضد من يشعرون أنهم يتلاعبوا في المصلحة العامة؛ يتلاعبوا في الأموال العامة؛لأننا نريدها دولة نظيفة؛ دولة قانون؛ لا دولة بشر؛ أي أن القانون هو الذي يجب أن يسود، بصرف النظر عن كل الناس. ومن هنا نحن سائرون في هذا الخط، والهيئة تسير بشكل حثيث في هذا الخط، وتعرف الهيئة ورئيسها انه لا يتدخل أحد بشؤونهم. إذا وصلت الشكوى لنا تحال كما هي؛وإذا وصلت من غير مكتبنا (من أي مكتب)، فتدرس بكل الجدية، وتناقش حتى يصدر القرار فيها؛ مع الحرص الشديد على سمعة الناس؛لأنك مجرد أن تقول أن فلان فاسد ويكفي هذه الكلمة لتكون كالنار في الهشيم؛ ولا يستطيع هذا الرجل أن يدافع عن نفسه، ولا يستطيع أن يحمي نفسه، ولا ولا ولا.  ونكون قد اتهمناه ظلمًا وعدوانًا. إذًا أي قضية يجب أن تدرس بمنتهى السرية وبمنتهى الكتمان إلى أن يصدر القرار. وعندما يصدر القرار، يصبح هذا شيئا علنيًا.وعلى الرجل الذي ارتكب بحق وطنه، بحق أهله، شيئا ما خطا أو جريمة أو جناية أو جنحة-أن يتحمل مسؤولية ذلك؛لأننا مصممون على أن نسير في هذا الخط إلى النهاية.

وكما ذكر: هناك انتماءات لكل المنظمات الدولية للأمم المتحدة ولغيرها من المنظمات؛ وهناك اتفاقات واجتماعات ومؤتمرات تعقد بين الفينة والأخرى في مختلف دول العالم؛ ونحن دائما شركاء فيها (مش شركاء زينات مملكات)؛ شركاء، ونحن نقدم أنفسنا على أننا نسعى بكل جهدنا من أجل الشفافية والمحاسبة والمسائلة.  وأتمنى أن نتحدث من اليوم ليس عن الفساد باعتباره كلمة.  مكروه أن نتحدث عن الشفافية، عن المسائلة، عن المحاسبة؛لأنها تؤدي إلى نفس الغرض؛ بينما ولا أسهل أن تأتيك تهمة من هنا وهناك (لا يزيدون عليك، يقولون:"فاسد"؛ دبر حالك، دافع عن نفسك! ما بتقدر ما بتقدر. دافع.  لك (وَلَكْ)أخي،شو دليلك!آه: هلا بدنا نحكي. شو الدليل؛ عنا أدلة؟ لك أخي احكي).  فأنا مبسوط جدًا بهذه الأرقام من الشكاوى، وفعلا؛ التي تدل على الشجاعة المعنوية والأدبية، والحرص الوطني أن هناك اهتمامًا خاصًا من الشعب بهذه المسألة الحساسة؛ لا نريدها. نريد أن تجتث شأفتها من الجذور. لا نريد أن يكون عندنا شيء؛ لا نريد أن يكون عندنا هذا الفساد وغيره.  نريدها دولة القانون؛لأننا-بإذن الله- مقبلون على إقامة الدولة.  كل المؤسسات جاهزة: القوانين جاهزة، الدستور جاهز، لم يبقَ إلا أن نعلن الاستقلال. سنعلن الاستقلال قريبًا أن شاء الله.

الواحد ما بقول عن زيتو عكر؛ فأنا بس بحب أقول: فعلًا أن"هيئة مكافحة الفساد" تعمل بجد وبشفافية؛ يعني لا يوجد فلان خاطر؛ شنو كلمة "خاطر"؛"شنو" كلكم بتعرفوها؛ فلان،أو فلان؛ أو الرئيس بحب فلان؛ بلاش؛ ما نعمل، لالا ما في شي من هاد؛ كل الناس سواسية أمامها؛ وكلكم مراقبون، كلكم مراقبون على ما يجري؛ ولكن نراقب بحذر ونراقب بمسؤولية وبأخلاق؛ لأن ما يهمنا هو النتيجة؛ ولا يهمنا التشهير. إذا كنت غاضبًا من أحد، أشهِّر به، ولا أسهل. وكما قال أبو شاكر:أنا قبل كم يوم، يعني، اجتني تهمة بلاش. عليه محاربة الفساد؛ بقولي: وين؛ قلي ما في عندك مطب! ليش بتقول هيك! طيب بطلنا، طيب ماشي؛ فإذا هذه هي المؤسسة التي افتخر شخصيًا أنني أطلقتها وأفتخر بالإخوة، وعلى رأسهم الأخ رفيق؛ الذين يعملون بها، وأتمنى لهم النجاح؛ واتمنى منكم جميعًا (من هنا، ومن هو في الخارج)أن يساعد هذه اللجنة أو يساعد هذه الهيئة على أداء مهماتها على الوجه الأكمل. هناك قضايا أخرى ممكن أن نتحدث عنها؛ ولا أريد أن أعدكم بأن الوقت سيكون قصيرًا، كما فعل أخي أبو شاكر؛ رح أطول شوي عليكم في قضايا مهمة،أحب أن تسمعوها ثلاث قضايا:

القضية الأولى: إضافة إلى الشفافية الآن نسميها "الشفافية والمسائلة والمحاسبة".التكنولوجيا نحن شعب لا يملك من الدنيا إلا عقله، ليست لدينا ثروات طبيعية، والاحتلال جاثم على صدورنا، والإمكانات ضعيفة جدا؛ لكن عندنا العقل؛ ولذلك يجب أن نهتم جدًا بالبذور الصغيرة (الشباب الصغير الذي بدأ يتفتح) وأنا قابلت هنا قبل بضعة أشهر العديد من هؤلاء الشباب، لا يزيدون عن العشرين؛ قابلت حوالي ثمانين (هؤلاء الذين تمكنوا من الحضور) وكلهم مبدعون؛ كلهم لديهم أفكار وضعوها على الكمبيوتر وقدموها؛ ومنهم من يترجمها إلى واقع؛ ومنهم من يستمر فيها.  هذه هي القضية الأساس التي يجب أن نرعاها أن نهتم بها، لأن هذه العقول إذا تفتحت وأنتجت فعلًا، سيكون عندنا ثروات، ليست طبيعية؛وإنما ثروات بشرية، وهذا ما تسعى إليه كثيرا من شعوب العالم التي لا تملك الثروات الطبيعية ،وإنما تملك العقول.  ونحن من الناس الذين يملكون هذه العقول.

القضية الأخرى: هي قضية الصحة والمستشفيات.قبل بضعة أيام التقيت مع الأخ وزير الصحة وسألته: كم نحتاج من الوقت حتى يأتي وقت لا نرسل أحدًا للعلاج في الخارج؛ يعني ماذا ينقصنا هل الأطباء؟ هل المستشفيات؟ هل المعدات؟ لأنه لا يجوز هذا الشعب أطباؤه يعالجون من أمريكا إلى اليابان، وما بينهما؛ وهنا نحن في هذا البلد، نصف المرضى يعالجون في الخارج، ليش؟ فقلي: سنتين؛ نعم، منيح، ماذا ينقصكم؟ قال: ينقص كذا، وكذا،وكذا.  قلت له: كله ملبى فورًا. بما في ذلك طلب؛ أو هو يبحث قبل أن أتكلم معه؛ عن أرض لبناء مستشفى للسرطان، هنا قلتله: هل وجدت الأرض؟ قال نبحث. قلتله: كم تريد من الأرض؟ قال: أربع دونمات. قلتله: عندي خمسة الآن: روح حط أيدك عليهم؛ في عندنا ارض للدولة؛ وهذه ارض الدولة، يجب أن تستعمل في المكان الصحيح وللموضوع الصحيح.  وفعلًا أخذ الأرض؛ وإن شاء الله سيبنى المستشفى إضافة إلى بعض الاحتياجات هنا وهناك، من أجل تنمية علاج القلب، والكلى، والأطفال والنساء (كل هذه الأشياء). قلت له: بشرط، بعد سنتين. لا أريد إذا عشت (إذا ما عشت) انتو بتشفوا مش مشكلة إنو بعد سنتين؛ ما فش ولا واحد يطلع برة يتعالج.  فقلي أن شاء الله، بوعدك إنو خلال سنتين لن يكون أحد يعالج برة؛ لأنو عنا الأطباء، وعنا الإمكانات، وعنا المعدات، وعنا المستشفيات.  وبعتقد هذا من أهم الأمور التي يجب أن نرعاها ونهتم بها.

النقطة الثالثة: هي التعليم.  وزير التعليم -ما شاء الله عليه- وين؟ قاعد هون؟ لو مش هون كنا حكينا كم كلمة عنك. جلسنا جلسة معو، قلت له: وين التعليم التكنولوجي؟ وين التعليم الصحيح؟ وين التعليم اللي أنا بشوفوا في التلفزيونات في العالم! قلي: بوعدك هذا العام سيكون كذلك؛ إن شاء لله بنشوف. قلي هذا العام القادم سيكون كذلك؛ التعليم مهم لا يجوز أن نبقى في البرامج القديمة التقليدية التي لا تفيد؛ التي تحشى حشوا، في عقول الطلاب؛ نريد الطلاب أن يتعلموا شيئًا جديدًا؛ شيئا حديثا. فقلي (وهو صادق إن شاء الله): خلال هذا العام سيكون عندنا هذا النمط من التعليم؛ وأنا مع إني معلم قديم؛ بس بعرفش كتير باللي حكاه؛ لكن قلِّي: انو خلال فترة قصيرة سيكون هناك بس كمبيوتر في الصف لا يحمل الطالب معه أي شي ولا يحمل. قلت له: أنا هذا اللي بدي إياه.

فهذه الأمور التي نتمنى؛ نتمنى أن نحققها: تعليم، وصحة، تكنولوجيا، الشفافية (وأهم شي الشفافية؛ سيادة القانون) سيادة؛ قد ترى،إذا بلد فيهاش قانون، هي غابة، لو كانت أرقى بلاد العالم. إذا اعتدي على القانون ولو لمرة واحدة وقبل الناس، انتهت البلد؛ تصبح غابة؛ وبالتالي: المهم أن سيادة القانون ستكون موجودة إنشاء الله؛ ولا أحد يجرؤ؛ ولا أحد يسمح له؛ ولا احد. يجب أن لا تسمحوا لأحد يخترق القانون،أن يتجاوز القانون؛ لأن القانون هو تمثيل للرب على الأرض، كما أمرنا الله أن نطبق. إذا هو تمثيل؛ والقاضي هو ممثل؛ وبالتالي لا يستطيع أحد أن يتدخل في القانون.  ويجب علينا أن نحمي دولة القانون.

أوضاعنا السياسية، كما تعلمون:بدأت هبة جماهيرية مبررة؛ يعني لا نملك أن نقول للشباب: لماذا انتم خارجون؟ ولا أحدا أن يدعي انه أخرجه. خرجوا لأسباب عدة، أولها: أنهم بدأوا يشعرون باليأس من الدولتين؛ يتجولون لا يرون أساسًا منطقيًا لدولتين. أين دولتنا!مش موجودة: استيطان في كل محل؛ حواجز في كل محل؛ حيطان في كل محل؛ فبدأ اليأس يتسرب إلى قلوبهم وعقولهم.   نحن نتحدث عن الجيل الجديد؛ فبدا يتراكم هذااليأس. طب ما الحل؟لا يجدون أمامهم حلًا.

النقطة الأخرى الاعتداءات على الأطفال: هناك، كما تعلمون، ما يسمى (ستاتيسكو)الأمر الواقع متفق عليه منذ عام 1875، ومطبق منذ ذلك التاريخ.  في 2000 شارون اخترقه، وذهب إلى المسجد وقامت ثورة الأقصى خمس سنوات؛ وكانت ثورة مدمرة عارمة، سببها هذه الزيارة. الآن، يكررون نفس الكلام؛ يذهبون إلى الأقصى، ويعتدون على الناس، ويلوثون، ويعيثون في الأرض فسادا. طيب،أين هو ستاتيسكو؟ بقلك: هاد هو ستاتيسكو اللي إحنا عملناه. هلا، كيف ما فرضوه بعد 2000 يعتبرونه هو ستاتيسكو الذي اعتمد في عام 1875. طبعا أهل القدس شايفين، والذي يذهب ليصلي شايف؛ والذي لا يذهب يسمع؛ فهذه اعتداء على حرمة؛ اعتداء على مقدس؛ اعتداء على شيء يصيب قلوبنا وعقولنا وديننا طبع.  لا يهتموا النقطة الثالثة إنو المستوطنين بدأوا بأبو خضير؛ وأبو خضير مش أول واحد؛ بس أبو خضير قضية كانت بارزة (حرق، ثم إعدام)؛ ثم جاءت عائلة دوابشة (حرق ثم إعدام)؛ إضافة إلى مئات الاعتداءات على الناس، على  البشر، على الحجر، على المساجد، على الكنائس.  كل هذا أدى بالناس لتقوم بهذه الهبة الجماهيرية؛ طيب، امنعوا هذه الأسباب يا عمي؛ خلينا نشتغل في الأقصى كما كنا في الماضي؛ نحن لا نمنع الزوار؛ نحن نمنع الذين يعيثون بالأرض، في المسجد، فسادًا؛أما زائر بيجي بفوت كما كان في الماضي، بتفرج هنا، ما عنا مانع، وبدخل من خلال الأوقاف، وبطلع من خلال الأوقاف، أوقفوا هذه الاعتداءات، ما في عنا مشكلة.  ثم نريد أن نشعر أو نسوق لأهلنا أملا انو فعلًا في دولة بعد بكرة أو بعد شهر أو بعد سنة أو بعد خمس سنين؛ بس يفهموا الناس أو في شيء، أو أنا استطيع  أن أقول كلمة (وأنا يجب أن أكون صادق وعارف) إنو بعد المدة الفلانية، في دولة؛ ما في شي ما في شي؛ ولذلك، طبعًا كما تعلمون: ذهبنا لمجلس الأمن لنحصل على دولة كاملة العضوية؛ فشلنا؛ ثم ذهبنا إلى الجمعية العامة؛ فأخذنا"دولة مراقب"؛ وهذه الصفة تتفاعل كثيرا في العالم، إضافة إلى عشرات المنظمات التي وقعنا، وسنوقع عليها لنكون أعضاء؛ مثل "اليونسكو" التي وقعنا عليها أول شيء، ومؤخرا "مؤتمر المناخ"؛ نحن عندما حضرنا "مؤتمر المناخ"، ما كنا أعضاء؛ لكن مجرد أن صدرت قرارات المؤتمر، قدمنا طلب لنكون أيضًا أعضاء في هذا المؤتمر.

إذا هذا هو الوضع السياسي.  يضاف إلى ذلك، انو في اتفاقيات بيننا وبين الإسرائيليين، اتفاقيات. هذه الاتفاقيات نقضت جميعًا من 1993 إلى يومنا هذا؛ وفيها اتفاقيات موقع عليها رئيس الوزراء الحالي؛لأنو كان في 96 و99، وبعدها كان رئيس وزراء؛ وكان في لقاءات، وكان في اتفاقات، وعقد كذا اتفاق وقعه هو، ثم لغية؛ لنبلغ مؤخرا انو العودة للاتفاقيات غير واقعي، غير طبيعي، غير ممكن، ليش! ليش؛ اتفاقيات موقعة. فإحنا قلنالهم: إذا كان تعبرون عن حسن نوايا،نبدأ بتنفيذ هذه الاتفاقيات.  عند ذلك نطمئن إنو إحنا ماشيين في الطريق الصحيح طيب.  ما في شي؛ اوكي، نروح على المفاوضات؛ وقفوا الاستيطان، وطلعوا الأسرى. طبعا إحنا عنا آلاف الأسرى؛ لكن في اتفاق رسمي على 30 أسير، قبل اوسلوا؛ وطلعنا منهم أظن 75، وبعد 30 واحد بدو يطلعوا.  قالوا: لا ما بنطلعهم، ليش هيك! طب ما اتفقتوا! وبالمناسبة: مش أنا اللي اتفقت مع رئيس الوزراء؛ جون كيري اتفق مع رئيس الوزراء، وكان يكلموا من مكتبه، بطل.  طب ليش قال ما بدي؟ طيب إذا هذا ببطل، وهذا ببطل؛ أنا كيف أثق إنو بدو يسوي معي سلام! قال ممكن يسوي معي سلام؛ لكن نحن صابرين؛ صابرين وصامدين ومتمسكين بحقنا؛ ولن نتزحزح عن ذلك مهما كانت الأسباب والظروف.

 والسلام عليكم،،،