الرئيسية » خطابات الرئيس محمود عباس »

كلمته الرئيس محمود عباس بمؤتمر قمة الاتحاد الإفريقي في دورته الخامسة والعشرين zzz*zسنة تمكين المرأة والتنميةzzz*z المنعقدة في جوهانسبورغ بجمهورية جنوب إفريقيا

15 حزيران 2015

بسم الله الرحمن الرحيم

فخامة الرئيس الصديق روبرت موغابي،

فخامة الرئيس الصديق جاكوب زوما، رئيس جنوب إفريقيا،

معالي السيدة زوما، رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي،

أصحاب الجلالة والفخامة والدولة،

معالي السيد نبيل العربي، الأمين العام للجامعة العربية،

الأصدقاء الأعزاء،

أشكركم على دعوتكم الكريمة لي لمشاركتكم هذه القمة في دورتها الخامسة والعشرين، تحت عنوان "سنة تمكين المرأة والتنمية"، ويسعدني أن أتواجد بينكم هذا العام أيضاً، معززين بالتالي هذه العلاقة النضالية العميقة، ومؤكدين على الروابط التي تربط فلسطين بالقارة الإفريقية؛ وتلك التي تربط القارة الإفريقية بفلسطين، تاريخاً وحاضراً ومستقبلاً.

كما ويطيب لي أن أكون وإياكم اليوم في انعقاد هذه الدورة للاتحاد الإفريقي العتيد، هنا في جمهورية جنوب إفريقيا الصديقة، صاحبة التاريخ النضالي العريق من أجل الحرية والسيادة والاستقلال، وانتصاراتها في التخلص من العنصرية والأبارتايد.

وأتمنى لاتحادكم ودوله الأعضاء تحقيق المزيد من النجاحات، لما فيه خير شعوبكم وأوطانكم الصديقة.  وإنني لعلى ثقة تامة بأن الاتحاد الإفريقي، بما يضم في عضويته من دول تمثل بمجموعها هذه القارة العملاقة، المفعمة بالتاريخ، والتضحيات الجسام- إنما يقدم لنا عبرة وخلاصة تجربة خلاقة يستلهم منها شعبي المكافح في فلسطين، وفي الشتات، العبرة لإنجاز حقوقه الوطنية الثابتة في نيل حريته وسيادته واستقلاله.

نعلم بأن قمتكم هذه حافلة بالموضوعات والقضايا الحساسة والجوهرية، التي تهم قارتكم وشعوبها، وتهدف لتعزيز العمل المشترك فيما بينها، وخاصة بشأن تمكين المرأة والتنمية، والنهوض بالاقتصاد ورفع مستوى المعيشة، وكذلك العمل من أجل السلام والأمن والاستقرار، ومكافحة العنف والإرهاب بكل أشكاله ومسمياته، مؤكدين دعمنا وتأييدنا لجهودكم في هذه المجالات الهامة؛ ونحن على أتم الاستعداد للتعاون وإياكم لتبادل الخبرات وتوفير الطاقات البشرية الفلسطينية المؤهلة، وبما يعود بالفائدة المشتركة على الجميع، ومن أجل حماية وتعميق انجازات هذه القارة العزيزة على قلوبنا.  ومن ناحية أخرى، فإننا نتابع بقلق، رغم بعد المسافات، تفاصيل ما يجري من تطورات وأحداث في بعض دول القارة؛ ونأمل أن يتمكن الاتحاد ودوله الأعضاء بالحكمة المعروفة عنهم من تجاوز هذه المحن الطارئة، من أجل التركيز وتسخير جميع الإمكانيات لصالح تنمية شعوب هذه القارة.

وفي هذا المقام، فإننا ندعو المجتمع الدولي بأسره، وخاصة الدول القادرة فيه، على الوقوف بقوة وإخلاص إلى جانب دول القارة الإفريقية في جهودها المبذولة لتحقيق التنمية المستدامة، وفي توفير الأمن والاستقرار والرخاء لمواطنيها كافة.

فخامة الرئيس، الأصدقاء الأعزاء،

إننا إذ نعتز بعلاقات الصداقة التي تربطنا بدول وشعوب قارتكم الأبية، التي نالت منذ عقود حريتها واستقلالها، لنثمن عالياً وقوفكم إلى جانب قضيتنا العادلة، متطلعين لاستمرار دعمكم السياسي والدبلوماسي لتطلعات شعبنا الفلسطيني، لتمكينه من نيل حريته، وتكريس استقلاله واقعاً ملموساً عبر دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها القدس الشرقية، من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الجاثم على أرضنا ومقدراتنا؛ ونحن من طرفنا ندرك بأن إفريقيا التي وقفت معنا، وظلت على مدى العقود الماضية في الهيئات والمحافل الدولية كافة تدعم حقوق شعبنا لن تخذلنا في هذا المجال.

أيها الأصدقاء الأعزاء، نحن ماضون في استكمال وتطوير بناء مؤسسات دولتنا وفق معايير سيادة القانون والحفاظ على الأمن، واحترام حقوق الإنسان والمرأة، وفي إطار من التعددية السياسية وعلى أسس الديمقراطية والمساءلة والشفافية. كما وإن توقيع دولة فلسطين مؤخراً لعدد كبير من المعاهدات والمواثيق الدولية ليس موجهًا ضد أحد، بل هو تأكيد على رغبتنا في موائمة عمل مؤسساتنا وتشريعاتنا الوطنية وفقًا للمعايير الدولية، وفي تثبيت الشخصية القانونية لدولة فلسطين، إضافة إلى انخراط دولتنا في الإطار المتعدد لصالح السلم والعدالة والتنمية والأمن العالمي.

وعلى الصعيد الداخلي الفلسطيني، فإننا نعمل على تذليل العقبات والعراقيل التي تحول دون تنظيم الانتخابات الفلسطينية، ومن أجل ذلك فإننا مستمرون في توحيد أرضنا وشعبنا وتحقيق المصالحة الوطنية؛ وكلفنا الحكومة الفلسطينية بالعمل المتواصل لتوفير ما نحتاجه من أموال لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة، رغم العقبات التي تعترض سبيلها؛ حيث ترك العدوان الإسرائيلي قطاعنا الحبيب مثقلاً بالجراح، فإضافة إلى أكثر من 2200 شهيد، أغلبهم من الأطفال والنساء، دمر أكثر من 80 ألف بيت إضافة إلى البنية التحتية، هذا دون ذكر ما دمر في حربه الأولى والثانية خلال الأعوام الأخيرة.

وبهذه المناسبة ورغم كل هذا الدمار والاعتداء المتواصل، إلا أننا نجدد التأكيد على تمسكنا بخيار السلام الشامل والعادل وخيار الدولتين اللتين تعيشان جنبًا إلى جنب بسلام وأمن وحسن جوار، وعلى أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية والاتفاقات الموقعة بين الجانبين وصولاً لاستقلال دولة فلسطين على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وحل جميع قضايا الوضع النهائي، بما فيها قضية اللاجئين والإفراج عن الأسرى.

إن ما يمنع تحقيق هذا السلام المنشود هو استمرار إسرائيل في الاحتلال والاستيطان وفرض الأمر الواقع، مستندة لغطرسة القوة.  ونود أن نؤكد رفضنا لأية حلول انتقالية أو ما يسمى "الدولة ذات الحدود المؤقتة"، التي تقسم الأرض والشعب والوطن، نرفضه رفضًا قاطعًا، ونأمل من كل من يعمل على إحيائه التوقف عن ذلك.

وفي هذا الإطار، فإن أية مبادرات أو جهود لتحقيق السلام يتوجب أن تكون وفق المعايير والقرارات الدولية المعتمدة، في إطار سقف زمني محدد لإنهاء الاحتلال، وبالتنسيق مع لجنة المتابعة العربية لتمكين شعبنا من نيل حريته وسيادته واستقلاله بعد 67 عامًا من العذابات والتشريد، وبعد 48 عامًا على احتلال الضفة الغربية، وبما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة.

فخامة الرئيس،

الأصدقاء الأعزاء،

للأسف الشديد فإن الحكومة الإسرائيلية الجديدة، والتي هي امتداد للحكومات السابقة، تتهرب من استحقاقات السلام المنشود، وإن استمرار إسرائيل في رفضها للقانون الدولي يستدعي منا جميعاً التحرك العاجل.  وندعوكم أيها الأصدقاء الأعزاء لاستمرار مناصرة الموقف الفلسطيني في مساعيه وفي إطار مجلس الأمن والمنظمات الدولية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي على أراضينا وإقامة الدولة الفلسطينية على أساس حدود العام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

الأمر الذي من شأنه أن يجلب السلام المنشود لمنطقتنا، ويزيل حالة الاحتقان التي تشهدها، والتي قد تدفع بها نحو حروب طائفية وعرقية ذات صبغة دينية، وهذا ما لا نريده إطلاقًا، والذي ستكون عواقبه وخيمة على المنطقة والعالم بأسره.

وكما تعلمون، فقد شرعت مؤخراً مؤسسات الاتحاد الأوروبي بوضع علامات تمييزية على منتجات المستوطنات الإسرائيلية؛ لتوعية المستهلك الأوروبي من خطورة شراء واستهلاك تلك المنتجات غير القانونية حسب القانون الدولي. وعليه ندعوكم جميعاً لاتخاذ خطوات شبيهة على مستوى الاتحاد الإفريقي، رغم أن بعض دولكم كانت سباقة في التعامل مع موضوع مقاطعة منتجات المستوطنات كجزء من إجراءات أوسع لوقف القيام بأية أعمال في تلك المستوطنات، وفي اعتماد إجراءات المقاطعة الشاملة للمستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأرض الفلسطينية المحتلة في مخالفة صريحة للقانون الدولي والقرارات الأممية.

ختاماً أشكركم، أيها الأصدقاء على دعمكم المتواصل لقضيتنا العادلة، قضية إفريقيا بأسرها، قضية فلسطين هي قضية إفريقيا أيضا، ونشيد بمساهماتكم الإيجابية التي ترسخونها دوماً في المحافل الدولية، بحيث تعزز من صمودنا وتقربنا من استكمال الاستقلال والحرية.  وفي نهاية كلمتي أتمنى لقمتكم النجاح، ولقارة إفريقيا ودولها وشعوبها الصديقة، والاتحاد الإفريقي دوام التقدم والازدهار.

والسلام عليكم.