الرئيسية » خطابات الرئيس محمود عباس »

كلمة الرئيس محمود عباس في الذكرى 15 لاستشهاد الرئيس ياسر عرفات

11 تشرين الثاني 2019

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

رحم الله ذلك الرجل الذي حمل الأمانة وصانها وسار بها مناضلاً حتى الرمق الأخير وهو يحميها برموش عينيه.. يحميها بكل ما لديه من قوة، وسلَّمنا هذه الأمانة؛ فهل نحن قادرون على الاستمرار بها؟ هذا السؤال لنا جميعًا.

 

رحم الله الرجل الذي أطلق الرصاصة الأولى في سماء فلسطين، فأصبحت بعد ذلك ثورة ينظر إليها العالم جميعًا أنها حركة تحرير وطن، وأنها حركة تستحق كل الاحترام، وأنها واصلة بإذن الله إلى أهدافها.. إلى مراميها، واصلة إلى تحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

 

رحم الله ذلك الرجل الذي حمى القرار الوطني الفلسطيني المستقل. وقد لا يستطيع البعض أن يفهم ما معنى هذا هذا القرار الذي كان نهباً للجميع وكان يدعيه الجميع وكان يريده الجميع؛ ولكن ياسر عرفات أخذ هذا القرار بيده ليكون هو الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

 

رحم الله ذلك الرجل الذي تمسك بالثوابت وأعلن هذه الثوابت. ويذكر بعضكم أن هذه الثوابت أقرت في عام 1988، ولا زالت هذه الثوابت ثوابت لا يستطيع أحد أن يتخلى عنها، ولا يستطيع أحد أن يتنازل عنها، ولا يستطيع احد أن يتجاهلها؛ فهي منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا ثوابت الشعب الفلسطيني التي ستبقى ثوابتَ إلى أن يتم التحرير، تحرير فلسطين بإذن الله.. تحرير الدولة الفلسطينية.

 

ذلك الرجل رحمه الله، ورحم زملاءه، ورحم أقرانه، الذين بدأوا معه وانتهوا؛ ولكن نضالهم لم ينتهِ.. توفوا إلى رحمة الله، وبقيت ذكراهم عطرة في قلوب الجميع. هؤلاء الشهداء.. هؤلاء القادة، من أبو جهاد إلى أبو السعيد إلى أبو إياد إلى كل الشهداء الأبطال الذين مضوا في سبيل الله.. هؤلاء الشهداء الذين ضحوا في سبيل الله وفي سبيل القضية الفلسطينية.. هؤلاء الشهداء وأقرانهم من كوادر هذا الشعب.. من كوادر هذه الأمة بالآلاف مضوا لهدف واحد فقط، وهو تحرير فلسطين، ولا زلنا نسير على عهدهم ونحن ماضون على عهدهم.

 

حاول البعض أن يسرقوا منا الحلم.. حاول البعض أن يحرفوا هذا الهدف.. حاول البعض أن يقولوا ما لا نقول.. حاول البعض أن يقدموا لنا صفعة العصر، فصفعناهم في وجوههم؛ لأننا لا نقبل، بأي حال من الأحوال، أن نتنازل عن قضيتنا.. أن نتنازل عن مصيرنا.. أن نتنازل عن حلم شعبنا.. هذا الحلم سيبقى حلماً إلى أن يتحقق على أيديكم بإذن الله، وفي القريب العاجل .

 

وجاءت إسرائيل لتقول: إن الشهداء مجرمون، وإنهم إرهابيون، وإنهم قتلة! خسئت إسرائيل، ولن نقبل ابداً أن نتنازل عن شهدائنا؛ فهم اقدس ما لدينا؛ شهداؤنا، أسرانا، جرحانا؛ هؤلاء أقدس ما لدينا؛ لن نقبل التنازل عن أموالنا كاملة؛ هذه أموال من حق شهدائنا، وسنستمر في موقفنا هذا إلى أن يتنازلوا هم، وإلا فنحن ماضون في طريقنا.

أيتها الأخوات، أيها الإخوة، هذه هي مسيرتنا، ونحن اليوم نعاني ما نعاني: نعاني الضيق، ونعاني الحصار، ونعاني كل أصناف الضرب والهيمنة؛ ولكن فشلوا في أن يفرضوا علينا شيئاً؛ نحن هنا قائمون.. نحن هنا باقون، ولن نخرج من هذا البلد.. لن نخرج من بلدنا.. نحن اليوم ستة ملايين ونصف في أرض فلسطين التاريخية؛ سنبقى هاهنا.. سنحمي أرضنا.. سنحمي وطننا.. سنحمي أملنا وهدفنا.

 

نحن أيها الإخوة لن نتراجع عن الحق؛ القضية ليست قضية عناد أو رفض لمجرد الرفض؛ وإنما نرفض ما لا ينسجم مع حقوقنا.. نرفض ما لا يقبله شعبنا.. نرفض كل هذا ونحن سائرون إلى الأمام.

 

وهذه الأيام قررنا ان نذهب إلى الانتخابات التشريعية ومن ثم الانتخابات الرئاسية، وهذه الانتخابات يجب أن تعقد في غزة وفي القدس؛ وبدون ذلك لا يوجد انتخابات في غزة وفي القدس؛ ونحن ننتظر، ونحن نأمل أن يأتي الجميع بجواب واحد موحد: أن يكونوا على قدر المسؤولية.. أن يقولوا نعم للانتخابات لأنها تحمي شريعتنا.. تحمي وجودنا.. تحمي قضيتنا؛ وبالتالي من هو حريص على القضية والوجود فليسر في هذه الانتخابات؛ ونحن تحت كل الظروف سائرون بها إن شاء الله لنحققها، ثم بعد ذلك لنحقق أملنا وحلمنا وهو الدولة الفلسطينية المستقلة وتقرير المصير والعودة -إن شاء الله- إلى أرض الوطن.

والسلام عليكم.