الرئيسية » خطابات الرئيس محمود عباس »

كلمة الرئيس محمود عباس خلال اجتماع اللجنة الوطنية العليا المكلفة بتنفيذ قرارات المجلس المركزي

20 شباط 2019

 

بسم الله الرحمن الرحيم

"يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون"

صدق الله العظيم

أكاد أقرء هذه الآية وأظن واعتقد أن الله سبحانه وتعالى وججها للشعب الفلسطيني المرابط الصابر الصامد في أرضه؛ ولذلك قال لكم: اصبرو وصابروا واتقوا الله لعلكم تفلحون إن شاء الله.

شعبنا العظيم

في كل يوم تصدر سلطات الاحتلال قرارات وتشرع في ممارسات تسهدف الإجهاز على حقوقنا الوطنية. والقرار الذي صدر اليوم ببناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة في القدس، وتصعيد الاحتلال ممارساته واعتداءاته على المسجد الأقصى يأتي في سياق الإجراءات العنصرية التي تهدف إلى تركيعنا وإجبارنا على الموافقة على بيع القدس. لن يفلحوا؛ والتنازل عن حقوق شعبنا الثابتة في فلسطين، لن يفلحوا. وإن ما اتخذته الإدارة الأمريكية من قرارات وإجراءات هي باطلة ومرفوضة. ونؤكد على مواقفنا الثابتة برفض اللقاءات مع الادرة الأمريكية ما لم تتراجع عن مواقفها وقراراتها.

 ونقول أيضًا: لن نقبل بأمريكا وسيطًا وحيدًا للقضية الفلسطينية؛ وإنما في إطار لجنة دولية منبثقة عن مؤتمر دولي. وغير هذه، لا نثق بأن بأمريكا وسيط لا نقبل بها بعد أن أثبتت لنا جميعًا وللعالم أنها منحازة كل الانحياز لإسرائيل. وما تقوم به حكومة الاحتلال من تهويد للقدس وتغول في الاستيطان واستباحة للدم والأرض الفلسطينية وعربدة قطعان المستوطنين يتزامن مع إصرارنا الحفاظ على حقوقنا وثوابتنا؛ وفي مقدمتها القدس الشريف.

أيها المرابطون على أرض الرباط؛ إن قرار حكومة الاحتلال بقرصنة أموالنا تحت ذريعة أنها تدفع لعائلات الشهداء والأسرى هو إجراء احتلالي يأتي في سياق تشديد الحصار علينا؛ بهدف تمرير صفقة العار، صفقة القرن. وإن هذا القرار هو المسمار الأخير في نعش اتفاق باريس، وتنصل فاضح من كل الاتفاقات الموقعة؛ أي إن إسرائيل الآن تستبيح كل الاتفاقات الموقعة بيننا وبينهم؛ وليس فقط اتفاق باريس. وإنني بسم الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية، أعلن رفض وإدانة هذا القرار الظالم؛ ونؤكد أننا لن نستلم الأموال منقوصة قرشاً واحداً، ولن نقبل بذلك إطلاقا؛ إما أن تأتي كل أموالنا وحقوقنا، أو لن نقبل استلام قرشًا واحد منهم، ما داموا قرصنوا جزءًا من المبلغ فليقرصنوا بقيته.

كما نؤكد أن موضوع عائلات الشهداء والأسرى في سلم أولوياتنا القصوى؛ وأي مبلغ يتوفر لدينا سيكون مخصصاً لهم؛ وبعد ذلك نفكر في الباقي؛ حتى يفهم الجميع أن الشهداء والأسرى والجرحى هم أعظم وأشرف ما لدى شعبنا.

وإنني أمام تنصل حكومة الاحتلال من الاتفاقات كافة، أطالب العالم بتحمل مسؤولياته، وأحذر من التداعيات الخطيرة لانسداد أفق السلام، واستمرار حكومة الاحتلال في إجراءاتها وجرائمها ضد شعبنا، وليست الحكومة فقط، إنما قطعان المستوطنين المدعومين من جيش الاحتلال الإسرائيلي

وهنا، وبهذه المناسبة، نشكر ونثمن موقف الاتحاد الأوروبي، الذي طالب إسرائيل بضرورة احترام الاتفاقات الموقعة؛ يعني أن هناك أصواتا مع العدالة؛ وهذه الأصوات من أوروبا. نعرف أننا على حق، ونحن دائما على حق؛ ولكن عندما يأتي صوت من أوروبا بهذا الشكل يؤكد أنهم يقفون إلى جانب الحق، ولو بشكل مبدئي وبسيط.

إن القيادة المجتمعة الآن تدرس اتخاذ خطوات عدة للانفكاك الاقتصادي وقرارات أخرى؛ ما يعني أن كل الأبواب مفتوحة، وليس فقط ما يتعلق بالاقتصاد؛ وإنما الأمن والسياسة وغيرها. لكم الحق أن تناقشوا وتدرسوا وتتخذوا القرارات اللازمة بهذا الشأن؛ أنتم القيادة العليا للشعب الفلسطيني وأصحاب القرار؛ فقولوا ما شئتم، وما يمليه عليكم ضميركم والمصلحة العامة؛ ولا بد عند ذلك من تنفيذ كل ما يتخذ، كذلك التوجه للجهات والمؤسسات القانونية الدولية لمحاكمة دولة الاحتلال لسرقتها أموال الشعب الفلسطيني.

 ومن المواضيع التي نريد أن نناقشها أيضًا، استباحة الأرض والإنسان، واستباحة كل شيء تقوم به إسرائيل؛ يجب أن يناقش أيضًا.

شعبنا البطل، إن الظروف التي تمر بها قضيتنا الوطنية تحتم على الجميع التصرف بدون مزاودة وبالمسؤولية الكاملة التي تتماهى مع مصالح شعبنا، وأن نكون جبهة واحدة لتعزيز جبهتنا الوطنية للدفاع عن مصالحنا الوطنية، والتمسك بثوابتنا وحقنا في الحرية والاستقلال والعودة وإقامة دولتنا الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

هذه الثوابت التي أعلنت عام 1988، في المجلس الوطني الفلسطيني، بحضور كل المنظمات والشخصيات الفلسطينية، وكان يحضر في ذلك الوقت أعضاء المجلس الوطني وعددهم 736 عضوًا؛ وبالإجماع أخذت هذه القرارات، وهذه الثوابت ما زالت ثوابت الشعب الفلسطيني، وهي مقدسة، وكل من يفرط بها يفرط بحق الوطن؛ لذلك علينا أن نحاسب أنفسنا على أساس هذه الثوابت التي أعلنت في "إعلان الاستقلال" عام 1988.

نتمسك بهذه الثوابت وندافع عنها ونطالب الجميع الالتزام بها، كما نتمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعيًا ووحيداً للشعب الفلسطيني، وهي البيت المعنوي لشعبنا، ولن نفرط بها، ومن لا يؤمن بها كما حصل في موسكو، من بعض التنظيمات، فليبق في الخارج، ولن نتعامل معه. وانا أقول: باسمي وباسم المنظمة وباسم "فتح": لن نلتقي مع هؤلاء، الذين يشككون بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد، أو لا يقبلون بها أو يرفضون هذا أو ذاك.

إذا لم يلتزم هؤلاء بما التزمنا به في عام 1988 فليبقوا في الخارج، ولن ينتقصوا من وجود وقوة الشعب الفلسطيني، وسيبقون على الهامش كما بقي غيرهم. الكلام الذي سمعناه في موسكو مؤسف ومحزن، لذا من اليوم وصاعداً لن نقبل أي دعوة من أي جهة كانت لا تعترف بمنظمة التحرير، فإذا هم يرفضون الاعتراف بمنظمة التحرير فبمن يعترفون! فليبق هؤلاء خارج الإجماع الوطني.

والسلام عليكم