الرئيسية » خطابات الرئيس محمود عباس »

كلمة الرئيس محمود عباس خلال لقائه أعضاء أقاليم حركة فتح المنتخبين في مقر الرئاسة بمدينة رام الله،

01 آذار 2020

 

نمر بصعوبات ربما كانت أكبر؛ ولكن أقول أنتم لها وقادرون على تخطيها.

 

في البداية أهنئكم جميعًا على نجاحكم في أقاليمكم؛ وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أننا ما زلنا نحافظ على الديمقراطية التي نحترمها ونقدرها ونعتبرها نبراسا لنا في عملنا، سواء في حركة "فتح"، أو في منطمة التحرير الفلسطينية؛ ونجحنا في تحقيق الديمقراطية في فتح، ونأمل قريبا أن ننجح في ديمقراطية منظمة التحرير الفلسطينية بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية التي أعلنا عنها قبل فترة من الزمن؛ ولكن تعلمون أن هناك عقبات تضعها إسرائيل أمامنا؛ من أجل عدم تحقيق الديمقراطية؛ والسبب أن إسرائيل تمنع الانتخابات في القدس؛ ونحن نرفض رفضًا قاطعًا أن نجري انتخابات في غزة والضفة الغربية؛ ولا نجريها في القدس عاصمة فلسطين الأبدية؛ وننتظر الوقت المناسب من أجل تحقيقها في القريب العاجل.

إنما قلنا للجميع: نحن نرفض أن نجري هذه الانتخابات دون القدس. هناك من يطالبنا بإصدار مرسوم للانتخابات. ونقول: لا يجوز أن نصدر مرسومًا ونحن غير مطمئنين وغير واثقين من أن هذه الانتخابات ستجري؛ وعندما نحصل على موافقة لإجراء الانتخابات في القدس سنصدر المرسوم الخاص بذلك؛ لأنكم كما تعلمون، هناك ضغوط كثيرة علينا من جهات أوروبية وغير أوروبية أنه لا بد أن نصدر مرسومًا ثم ننتظر. وإذا أصدرنا مرسومًا ولم تحصل الانتخابات ماذا نفعل؟ لا يجوز أن نصدر مرسومًا ثم نفشل في تحقيق الانتخابات؛ ولذلك نحن ننتظر ونتمنى أن نجري هذه الانتخابات في أقرب وقت ممكن.

أعود مرة أخرى لأقدم لكم التهاني الحارة لكم بالنجاح في انتخاباتكم؛ وأريد أن أبدي ملاحظة على ما يجري في انتخابات فتح، وأسمع كثيرا أن هناك ضغوطًا من بعض الشخصيات والأفراد: انتخبوا فلانًا ولا تنتخبوا فلانًا؛ وهذا كلام لا يجوز بأي حال من الأحوال، وغير مسموح به إطلاقًا أن يحصل، ولو صدر عني شخصيًا؛ يعني لو جئت وقلت لكم انتخبوا فلانًا ولا تنتخبوا فلانًا، فلا تسمعوا مني؛ لأن هذه الانتخابات لكل أبناء الحركة؛ وكل أبناء الحركة هم أبناؤنا؛ والقائد المسؤول هو قائد للجميع، وليس قائد لواحد أو لفرقة. ومن الآن فصاعدًا أقول للتعبئة والتنظيم ولكم: لا يجوز أن نقول: انتخبوا فلانًا ولا تنتخبوا فلانًا، إطلاقا؛ والحاضر يبلغ الغائب.

 

أهنئ الأخ نبيل أبو قبيطة الذي أخلي سبيله هذه الأيام؛ وننتظر إن شاء الله إخلاء سبيل هاني جعارة ونائل أبو العسل. إن شاء الله قريبًا يخرجون من السجن.

إخوتنا الأعزاء أخواتنا، هناك قضايا كثيرة نمر بها هذه الأيام وأبرزها "صفقة العصر". تعبنا كثيرا من الحديث عن "صفقة العصر"؛ ونحن قلنا في بداية البدايات، عندما أعلن ترمب أنه يضم القدس ويعتبرها موحدة وينقل سفارته من تل أبيب إلى القدس: نحن نقطع علاقتنا مع الإدارة الأميركية. وإلى الآن علاقتنا مقطوعة مع الإدارة الأميركية، ولن نقبل أن نعود.

طبعا عندما استمروا هناك كثير من الأشقاء قالوا لنا: لننتظر ماذا سيأتي من الصفقة. وقلنا: بعد الذي حصل ماذا نتنظر عندما تذهب القدس من طاولة المفاوضات! لا ننتظر شيئًا، ولا يهمنا أي شيء آخر. وقلنا: بالنسبة للقدس، يكفينا أن نرفض كل ما يأتي وما سيأتي بعدها. وقلت تعبيرًا استعملته بالجامعة العربية: أول القصيدة كفر، فماذا سيكون في متن القصيدة ونهايتها إذا بدايتها كفر؟ وحقيقة ما ظهر بعد ذلك من "صفقة العصر" 181 صفحة كفر كلها من أولها إلى آخرها. على كل حال هذا ما ورد في "صفقة العصر" لا بد أنكم قرأتموه؛ وأرجو أن تقرأوه.

وأنا قلت في أميركا وفي مجلس الأمن: لا أعتقد أن الرئيس ترمب هو الذي كتب هذه 181 صفحة؛ ولا اعتقد أن كوشنير وفريدمان هما من كتبها؛ أعتقد أن الذي كتبها هو خبير إسرائيلي؛ وأظن هو دوري غولد.. هو الذي كتب هذه الصفحات كلها؛ لأنه هو الذي يعرف أنه يوجد "بوظة ركب"، ومكتوب ذلك في الصفقة، وموجود كنافة نابلسية. هذه الأشياء لا يعرفها الأميركان؛ وإنما الذي كتبها هم الإسرائيليون.. وهم أملوها على الأميركان الذين نقلوها لنا. أيا كان الذي كتبها فهي مرفوضة بداية ونهاية، ولن نتعامل معها إطلاقًا.

هناك من يقول: إن هناك اتصالات سرية بيننا وبين الإدارة الأميركية. نحن لا يوجد بيننا وبين الإدارة الأميركية أية اتصالات؛ ولكن هناك اتصالات ما زالت قائمة مع بعض أعضاء الكونغرس؛ أما مع الإدارة الاميركية فلا يوجد أية علاقات على الإطلاق. وما تسمعونه لا أساس له من الصحة. وأرجو أن يفهم هذا من قبل الجميع، وما دامت صفقة العصر موجودة على الطاولة لن يكون هناك مفاوضات. نحن قلنا حتى لا نكون عدميين: نحن نرفض صفقة العصر؛ ولكن نقبل المفاوضات برعاية رباعية على أساس الشرعية الدولية والاتفاقات المعقودة؛ فإذا وجد هذا فنحن على أتم الاستعداد لدخول المفاوضات. وعندما نقول "رباعية" أي الأربعة.. واحد لا، أيًا كان.. لا أميركا أو غيرها؛ لن نقبل واحد أن يكون هو الوسيط. الوسطاء 4 كما قبلناهم بالبداية مستعدون أن نقبل الرباعية الدولية؛ ولكن أن تكون على الطاولة فقط قرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن والجمعية العامة وقرارات حقوق الإنسان؛ أية قرارات دولية نقبل بها؛ إنما رؤية أميركية وموقف أميركي لا نقبل أن يفرض علينا؛ وقلنا هذا الكلام ونقوله: في الوقت الذي تقبلون بذلك نحن مستعدون للمفاوضات بيننا وبين الجانب الإسرائيلي؛ وغير ذلك نحن نرفض أي نوع من المفاوضات؛ وإن كنتم تذكرون أوسلو نحن أجريناها بيننا وبين الإسرائيليين وحدنا وعلى أساس تطبيق الشرعية الدولية، وإذا تذكرون 242، على أساس تنفيذ قراري 242 و338؛ ولكن عندما جاءت أميركا بعد ذلك واستولت على الورقة، ومنذ ذلك اليوم، من عام 1993 إلى يومنا هذا لم تتقدم القضية خطوة واحدة إلى الأمام؛ بسبب أن أميركا هي التي وضعت يدها عليها. وحصلت مفاوضات في كامب ديفد، وفي واي ريفر، وحصلت لقاءات كثيرة ولكن لم تتقدم القضية خطوة واحدة إلى الأمام؛ وهذا يعني أن أميركا لا تريد سلامًا في الشرق الأوسط؛ ولكن عندما كان رابين كان يريد السلام؛ فحصل اتفاق. وهذا الاتفاق انتقالي؛ ولكنه يشكل خطوة أساسية للمفاوضات النهائية؛ لأنه أشار إلى نقاط ست.. هذه النقاط هي التي يجب أن يتم التفاوض عليها خلال خمس سنوات، ونصل بعد ذلك إلى الحل النهائي. ثم قُتل رابين؛ وقُتلت المفاوضات، وانتهى أي حوار مجدٍ بيننا وبين الإسرائيليين. واسمحوا لي أن أذكر أيضًا (لأنهم يذكرون ذلك) اللقاءات بيننا وبين أولمرت.. صحيح حصلت لقاءات بيني وبين أولمرت في بيته؛ ومعي وفد ومعه وفد، وتحدثنا في قضايا المرحلة النهائية؛ لكن لم نتفق على أي شيء. لا يعني هذا أننا كنا مختلفين في كل شيء؛ ولكن في أشياء كثيرة كنا متفقين تقريبًا عليها؛ ولكن غير متفقين بشكل نهائي؛ ولذلك قلنا عنها في ذلك الوقت "تفاهمات"؛ لأننا كنا قريبين جدا من بعضنا البعض. ثم في آخر لقاء ذهبنا لزيارته في البيت، فقيل لنا إنه قد ذهب إلى السجن؛ ولم يحصل أي شيء؛ فعندما يتحدثون عن اتفاقات أو عروض أولمرت، هذا غير صحيح، في حديث لمدة ثمانية أشهر في كل شيء، في قضية الحدود، واللاجئين، والقدس؛ كلها تحدثنا فيها"، وكلها كان فيها كلام إيجابي؛ ولا أقول اتفاقيات؛ ولكن الرجل وضع في السجن. وهو قال هذا الكلام مؤخرا في نيويورك، وجاء إلى نيويورك وقاله فعلًا. ما عدا ذلك ليس بيننا وبين الإسرائيليين أية أشياء أخرى.

 

وبالنسبة لإضراب النقابات بما فيها نقابة الأطباء، هذا الموقف غير مقبول وغير مسؤول خاصة في ظل الظروف الصعبة والدقيقة التي نمر بها، بدءًا مما يسمى "صفقة القرن"؛ وفيروس كورونا، والحصار الاقتصادي الممارس علينا.

يجب على الجميع التحلي بالمسؤولية؛ فأنت قبل أن تكون طبيبًا، أنت إنسان، ولو كنت في آخر الدنيا وكنت مشغولًا يجب عليك العودة لعملك في ظل انتشار هذا الفيروس. وبالمناسبة: طلب مني المسؤولون في وزارة الصحة إلغاء هذا الاجتماع بسبب فيروس "كورونا" إلا أنني أصريت على المجيء، لأن اللقاء مع الإخوان أعضاء الأقاليم مهم، ويجب أن أحضر وألتقيهم.

في الأسابيع الماضية، حدث هجوم شديد على لجنة التواصل الفلسطينية، وهي اللجنة التي تتصل مع المجتمع الإسرائيلي. هذه اللجنة ليست للرفاهية؛ ولكن واجب أن نذهب ونلتقي مع الناس ونتحدث معهم من أجل قضية السلام.. من أجل الحديث عن السلام.. وهذه قضية ليست منذ الآن.. هذه قضية أنا أول واحد بدأها في عام 1973.. بدأت أتصل باليهود، فأنا بدأت في ذلك الوقت، وفعلا حصل عليّ هجوم لمدة أربع سنوات؛ وفي عام 1977 كان في مجلس وطني في القاهرة، وكانت الجلسة تستمر لعشرة أيام؛ وفي اليوم العاشر الساعة 10 ليلًا طلبت الكلمة لأتكلم عن الموضوع؛ وفعلا تكلمت بما أعرف وبمعلوماتي وبقناعتي لمدة 45 دقيقة انتهت بتصفيق حاد من الجميع؛ حتى من الذين هاجموني. وأخذنا قرارًا بنفس الليلة باللقاء مع القوى اليهودية داخل الوطن المحتل وخارجه؛ وبدأنا ثم أكملنا هذا في المجلس الوطني في عام 1984، ثم في كل مجلس كانت ترد هذه القصة. وكان دائما يقال إنه لا بد من الاتصال مع الإسرائيليين والحديث معهم ومحاولة إقناعهم وإفهامهم أننا نريد سلامًا.

لا يجوز أن تشتم أحدًا؛ وهذه الوسيلة لا تعطيك امتيازًا؛ ومن يشتم سيحول للقضاء؛ وفعلا جرى تحويل البعض للقضاء، وسيحول كل من يفعل ذلك للقضاء.. كل من يفتري على أي إنسان -ليس في هذا الموضوع فقط- يجب أن يحول إلى القضاء.

دوركم (أعضاء الأقاليم) وما فعلتموه عندما ذهبنا إلى مجلس الأمن الدولي لندافع عن القضية كان مشرفًا جدًا؛ لأن الأميركان قالوا: إن الشعب ضد الرئيس أبو مازن؛ فكان موقفكم مشرفًا جدًا؛ وما تفعلوه هذه الأيام في الخليل في الحرم الإبراهيمي وفي القدس وفي نابلس أيضًا مشرف جدًا ويثلج الصدر؛ ويجب أن يفهموا أننا نحارب بعيوننا وبأيدينا وبكل جوارحنا؛ ولا نتركهم يتلاعبون بنا، وهم يرون الجمهور الأعزل من السلاح، والنساء والأطفال يواجهونهم؛ وبهذا سنحقق ما نريد.