الرئيسية » خطابات الرئيس الراحل ياسر عرفات »

خطاب الرئيس ياسر عرفات في ذكرى رحيل الرئيس عبد الناصر

09 كانون الأول 2024

خطاب الرئيس ياسر عرفات في ذكرى رحيل الرئيس عبد الناصر

 

كان المناضل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قائدا وزعيمًا ورائدًا مصريًا وعربيًا ودوليًا.

 ليس سهلًا عليّ أن أكتب عن المناضل الرئيس جمال عبد الناصر في ذكرى رحيله؛ لأنه ليس ذكرى، بل روح الأمة العربية التي لا ولن تموت، ولأنه روح المقاومة الفلسطينة التي قال عنها "لقد وجدت المقاومة الفلسطينية لتبقى ولتنتصر". إن المناضل الرئيس جمال عبد الناصر، بروحه وشجاعته وبفكره الخلاق وبحلم الوطن العربي الأكبر، ليس ذكرى وليس قضية الأمس، إنه الحاضر، قضية اليوم، قضية الغد العربي المشرق الذي أعطاه المناضل الرئيس عبد الناصر حياته كلها، وسقط شهيدًا قوميًا عربيًا ووطنيًا مصريًا ومقاومًا فلسطينيًا على أرض الصراع والمواجهة ضد الاستعمار قديمه وحديثه، وضد اغتصاب فلسطين واستعمارها واستيطانها، وضد التجزئة والتمزق، إنه العزة والكرامة.

إن قضية المناضل الرئيس جمال عبد الناصر ورسالته وكفاحه هي قضية كل عربي من المحيط إلى الخليج، سواء كان حاكمًا أو مواطنًا؛ لأن مبادىء جمال عبد الناصر هي المبادىء التي على أسسها تنهض أمتنا العربية، وتأخذ مكانها تحت الشمس. 

لقد كرس المناضل الرئيس جمال عبد الناصر حياته من أجل عزة الأمة العربية ووحدتها وكرامتها، ومن أجل طرد قوى الاستعمار من كافة أرجاء الوطن العربي، ومن أجل فلسطين الجريحة، نهض هذا الضابط المصري الشاب من حصاره في الفالوجة في فلسطين ليحاصر ويطرد قوى الاستعمار من أرض الكنانة، قلب الوطن العربي النابض، "فعلى الاستعمار أن يحمل عصاه ويرحل"، "ولا مكان بعد اليوم للمستعمرين والمحتلين والغزاة"، "فهذه الأرض عربية ولن يرفرف فوقها إلا علم الأمة العربية الخفاق".

إن المناضل الرئيس جمال عبد الناصر حي في أمته، وفي العقول والسواعد العربية التي تحمل رسالته في التحرر والوحدة والتقدم العربي، ولن تتخلى عن مبادئه، ولن تلقي الراية التي رفعها المناضل الرئيس جمال عبد الناصر منارة مضيئة للأمة كلها.

أما فلسطين فعبد الناصر المناضل والرئيس هو شهيدها الأكبر، إنه الجندي والفدائي والمقاوم في حصاره بالفالوجة، الذي رفض الاستسلام واختار الصمود والمقاومة وحمل فلسطين في قلبه ووجدانه وفي فكره طول حياته، ورفض غياب فلسطين وتغييبها، والفضل له في إحياء الكيان الوطني الفلسطيني بعد نكبة عام 1948، حين قرر إنشاء المجلس التشريعي الفلسطيني في قطاع غزة، ليكون نواة فلسطين المستقبل التي كان عبد الناصر يعد لها العدة في أرض الكنانة. 

لم ولن ينسى الشعب الفلسطيني أن المناضل الرئيس جمال عبد الناصر شهيد فلسطين الذي رعى قيام منظمة التحرير الفلسطينية لقيادة الشعب الفلسطيني في معركة التحرير واستعادة الأرض الفلسطينية المحتلة، ومن أجل قيام دولة فلسطين المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، ومن أجل حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم وأرضهم.

والآن يقف الشعب الفلسطيني شامخًا في معركة تحرره الوطني من الاحتلال الاسرائيلي ومن الاستعمار الاستيطاني، وأقول لكم بكل أمانة أن المناضل الرئيس جمال عبد الناصر معنا في الخندق، معنا في الحصار، ومعنا في التضحية والفداء، فكرًا ورجولة وروحًا خلاقة، وقامة لا تعرف الانحناء، ولا التراجع مهما اشتد الخطب وعظمت التضحيات.

إن قدرنا أن نصمد وأن نضحي، كما صمد وضحى المناضل الرئيس جمال عبد الناصر، فلا قيمة للحياة بلا وطن وبلا حرية وبلا كرامة وطنية، ومن قلب هذه الحرب الوحشية ضد شعبكم في فلسطين، أدعوكم جميعًا إلى استنهاض الهمم والنفوس تحت راية مبادئ وقيم وكفاح المناضل جمال عبد الناصر، فليس أمام الأمة العربية بتاريخها وحضارتها ومقدساتها الدينية إلا طريق الكرامة والتحرر والوحدة، ودحر قوى الهيمنة والاستعمار. والأمة العربية قوية عزيزة، وجديرة بالحياة الحرة الكريمة، ولا سبيل أمامنا غير الصمود والتضحية من أجل الوطن والأمة والمستقبل. 

فتحية إلى المناضل الرئيس جمال عبد الناصر النبراس المضيء أمام الأمة وأجيالها، وإن المناضل جمال عبد الناصر الرئيس والقائد والزعيم والرائد حيّ فينا وفي أجيالنا، لم ولن يموت أبدًا.

والسلام وعليكم ورحمة الله وبركاته.