خطاب للسيد ياسر عرفات حول استمرار المؤامرة ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني.

بيروت، 10/ 1 /  1980

ثم جاء هذا الالتحام العضوي بين الثورة الفلسطينية وبين الحركة الوطنية والقومية اللبنانية ليصنع هذا النسيج الثوري الفريد الطراز، يا إخواني، هذا النسيج الذي عمدته الدماء الزكية الطاهرة، وليس من قبيل الصدف أن يكون شهيد الحركة الوطنية هو شهيد فلسطين الأول؛ هو الشهيد كمال جنبلاط. وليس من قبيل الصدف إطلاقًا أن تكون بداية المؤامرة في لبنان هي استشهاد شهيد لبنان وشهيد فلسطين معروف سعد. ماذا يعني هذا؟ يعني أن ما حدث في أرض لبنان وعلى أرض لبنان إنما هو مؤامرة ضخمة خطيرة أعدّتها المخابرات الأمريكية، أعدها البنتاغون الأمريكي، ثم بدأت بعد ذلك حلقات المؤامرة تتسع وتتسع، ولكن أعظم شيء يا إخواني، أنهم ظنوا أنهم يستطيعون أن يهزمـــــوا الثــــورة الفلسطينية ويهزمـــوا الثوار في الثورة الفلسطينية، ولكن هذا الالتحام الثوري الرائع بين الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية القومية اللبنانية، هذا الالتحام اللبناني – الفلسطيني هذا التعانق بين البندقية اللبنانية والبندقية الفلسطينية هو الذي هزم المؤامرة وهزم المتآمرين وهزم كيسنجر وأعوان كيسنجر في هذه المنطقة.

اقول هذا الكلام يا اخواني لأن فعلا كانت المؤامرة التي سببت هذه المعارك كانت مؤامرة شرسة ولا زالت، لم تشبع بعد من لحم شهدائنا ولا ارتوت من دماء شهدائنا ولذلك اقول في هذا الوقت بالذات ونحن نحتفل بالذكرى الخامسة عشرة وفي هذه المناسبة  بالاحتفال بالذكرى العشرين لاتحاد طلبة فلسطين، اقول ان علينا ان نكون يقنين تماما لأبعاد المؤامرة الخطيرة وليس من قبيل الصدف ان يجتمع عملاء اميركا، يجتمع السادات وبيغن بأوامر من اميركا ويقولون ان احداث افغانستان السبب وانها هي التي هزت الارض بهم، ولم يهزهم احتلال القدس، ولم يهزهم احتلال فلسطين ولم يهزهم احتلال الجولان او جنوب لبنان لقد قاتل عبد الناصر وقاتل الشعب المصري من اجل الجلاء الانكليزي، ثم يأتي اليوم ويعلن قائد الجيش المصري انه توجد قواعد لأميركا المجرد تدريب الضباط الأميركيين في مصر ومعنى ذلك ان مصر تحولت من قاعدة انكليزية حررها الأحرار والشرفاء في مصر الكنانة، في مصر عبد الناصر، لتصبح كما يريد السادات مكانا للمساومات ومكانا للاحتكارات، يأتي شارون وتأتي الامبريالية الاميركية والاسرائيلية تحاول ان تمتص خيرات الشعب المصري وتمتص قدرات الشعب المصري حتى يطيحوا بالمارد المصري. مصر عبد الناصر هي التي ستتحدى هؤلاء العملاء وهذه القواعد الاميركية والاسرائيلية فيها، هذه هي مصر التي نعرفها. عندما اقول بأن المؤامرة كبيرة. اعني كل كلمة فيما اقول، وليس من قبيل الصدف بعدما عدنا من تونس واذا بالأبواق تندب ما حدث في تونس. لماذا ؟ لأن الامة العربية استطاعت في تونس ان تتحدى المؤامرة، كانوا يريدون في تونس تفجير ما حققناه من  تضامن في بغداد وهذه الصيغة  للحل في لبنان، بتنظيم العلاقة بين الثورة الفلسطينية وبين السلطة اللبنانية لم يرقهم هذا. عندما قالت قمة تونس بضرورة تنفيذ ما اتفق عليه في بيت الدين لم يرقهــم ايضا، انهم غير راغبين في الوفاق. على ماذا تنص قرارات بيت الدين. اول ما تنص عليه : وفاق لبناني - لبناني، انهم لا يريدون هذا، انهم يريدون استمرار المؤامرة. ولذلك جاؤوا بعد تونس واذا بهم يحاولون نقل القضية الى مجلس الامن وما عجزوا عن اخذه في قمة تونس يحاولون اخذه من مجلس الامن، ولكن عليهم ان يفهموا. انه اذا هم معتمدون على اصدقاء فنحن ايضا لدينا الاصدقاء الذين نعتمد عليهم والشرح في هذا المجال يطول. وكما فشلوا في اخذ قرار من قمة تونس، عجزوا كذلك من اخذ قرار في مجلس الأمن لأن اصدقاءنا وعلى رأسهم الاتحـــاد السوفياتي وقفوا معنا، ولا ننسى ان المحاولة الاولى جــرت مع فيليب حبيب، الذي جاءنا بالمؤامرة، ليس صدفة ايها الاخوة، عندما عدنا من تونس، ان نرى استعراض الدبابات الاسرائيلية على بعد خمسمائة متر من المجلس السياسي للحركة الوطنية اللبنانية وليس من قبيل الصدقة محاولات اثارة الشغب في هذه الظروف، ولكنني متأكد من ان هذه الوحدة الفلسطينية اللبنانية الوطنية والقومية ستتكسر عليها كل المؤامرات والمتآمرين. اقول لكم بأنه ليس باستطاعة احد دخر هذه الارادة الثورية التي عمــدت بالدم فلا مناورات الأساطيل الاميركـية. حيث السادس منها يتجمــــع امامنا والخامس والسابــع في الخليــــــج وجنوب ایران انها لا تخيفنا ولا تخيف غيرنا. لقد مني السادات وشركاؤه في كامب ديفيد عندما وضعوا مؤامرة الحكم الذاتي بالهيمنة من الترغيب والترهيب، واذا شعبنا في الارض المحتلة القنبلة الزمنية تنفجر في وجه هذه المؤامرة، هذا هو الشيء الذي يجب علينا ان لا ننساه هذا الشعب الأعزل انفجر في وجه المؤامرة وكما قال شتراوس لم نجد واحدا يقبل بالحكم الذاتي. ولكن هل انتهت المؤامرة ؟ هل انتهى كيسنجر، وصوره المتكررة في الادارة الاميركية وفي البنتاغون الاميركي؟ أبدا ايها الاخوة، انهم كل يوم يحيكون مؤامرة وقضية فمسؤول العلاقات الخارجية الليبي احمد شماقة يدعو اليوم الامة العربية واتحاد الاطباء العرب الى حوار عربي اميركي يعقد في نيويورك وتتكفل الجماهيرية بتسفير كل الوفود العربية درجة اولى على حسابها، كما قال المثل « في الجراب يا حاوي » وفي هذا المجال. اسأل لماذا حملة القذافي هذه على منظمة التحرير ؟ لماذا قرر حرمان الشهداء في الثورة الفلسطينية ؟ لأن هناك تحولا. هناك حوار عربي - اميركي يدعو اليه القذافي في نيويورك وينفق عليه القذافي من أموال الشعب الليبي ومع ذلك قلنا له لا نريد منك شيئا غير الصمود ونحن معك بكل ما تطلبه امام ما تواجه من عدوان ولماذا يدعو القذافي لهذا المؤتمر. هناك اتفاق مع الولايات المتحدة بان يسلمها 850 ألف مليون برميل بترول، يسلمها القذافي حتى عام ١٩٨٥. ان هناك شيئا مهما في منطقتنا هناك معادلة اساسية الرقم الصعب فيها هو الثورة الفلسطينية ثم اضيف اليه هذا الرقم الاصيل، الحركة الوطنية اللبنانية، لتصنع اعظم وأقوى رقم في هذه المنطقة العربية. دربنا صعب وشاق وطويل فلسنا ندرك ما سيخرجون به علينا غدا. في الوقت الذي يعلن السادات فيه انه مع الاسلام في افغانستان هــو ضد الاسلام في ايران، وهذا ما يجب علينا ان نضعه في اعتباراتنا ونحن نواجه كل هذه التحديات، ولكني اقول شيئا واحدا، طوبى لهذه الاجيال التي تعيش المجد والكبرياء وصناعة التاريخ، ومن يصنع التاريخ يجب ان يكون في هذا المستوى من المسؤولية والفخر لكم انكم العمالقة في صناعة التاريخ الذين يصنعون تاريخهم بأحرف من نور ونار.

المراجع:

الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1980، مؤسسة الدراسات الفلسطينيه، بيروت، 1981. ص، 15،16.

وفا، بيروت، ١١/ 1/ 1980،  ص 15، 16.