خطاب للسيد ياسر عرفـات في الاحتفال التكريمي للطلبـة المتفوقين يؤكد فيه أن الثورة الفلسطينية تواجـه الصهيونية بثـورة السلاح وثـورة العلـم والفكـر.
خطاب للسيد ياسر عرفـات في الاحتفال التكريمي للطلبـة المتفوقين يؤكد فيه أن الثورة الفلسطينية تواجـه الصهيونية بثـورة السلاح وثـورة العلـم والفكـر.
بيروت، 19/2/1981
نعم يا أبنائي ويا بناتي، نعم يا زهرات ويا أشبال شعبنا، إننا نفاخر في هذا الوقت بصنعنا ثورتين: الثورة الأولى والأساسية هي ثورة العلم وثورة المتفوقين، لأن الهجمة الصهيونية على شعبنا ليست هجمة عسكرية فقط، إنما هي هجمة حضارية قاومها شعبنا بما يتوجب عليه أن يقاوم هذه الهجمة الحضارية بموقف حضاري، هو العلم وذلك بعد نكبة عام ١٩٤٨.
فالثورة الأولى التي صنعها شعبنا، إذن، هي ثورة العلم؛ ليقول لبيغن، وبن غوريون من قبله، ولريغان وكارتر وترومان بأننا لسنا شعب الهنود الحمر، إنما نحب شعب العلم. فإذا ما اعتقدوا أنه بإمكانهم السيطرة على أرضنا، من خلال تفوقهم العلمي فهم واهمون. إن شعبنا استطاع من خلال مأساته، أن يصنع أعظم ثورة علمية في هذه المنطقة وفي العالم الثالث.
أما الثورة الثانية التي أنجزها شعبنا، صحيح أنها مهمة، ولكنها لم تكن ممكنة، وهي الثورة المسلحة، بمنأى عن الثورة الأولى ثورة العلم والمتفوقين. بهذا نفخر أننا أنجزنا -ورغم مأساتنا- ثورتين، وكانتا ردًّا على ادعاء جون فوستر دالس الذي تنبأ بانتهاء القضية الفلسطينية مع تقادم الزمن، وكان الرد "دلال المغربي" التي ولدت خارج فلسطين، وعادت إليها تقود أول مجموعة ثورية أجبرت العدو الصهيوني على إعلان حالة الاستنفار -لأول مرة في تاريخه- ما بين حيفا وتل أبيب ويافا. من هنا أقول لدالس: إن الشعب الفلسطيني لن يموت ولن ينتهي، وهو الملحمة الحقيقية في هذه المنطقة العربية.
نعم، شعبنا هو الملحمة في منطقتنا، من خلال ثورتين هامتين، فعلى صعيد ثورة العلم لدينا أعلى نسبة تعليم، قياسًا بهذا الكيان الصهيوني، في الوقـت الذي تخلق فيه كوادرنا من السجن، من هذه المأساة من مخيماتنا بينما يستورد العدو متعلميه من مختلف أنحاء العالم، رغم هذا تفوقنا عليه. وهذا هو الانتصار الأول الذي حققناه علـــى العـدو الصهيوني، أما الانتصار الثاني فتمثل في البندقية التي حملها شعبنا، في ظل ظروف التشكيك بهذه البندقية، التي صنعت المعجزة، وتفرض الآن وجودها على معادلة الشرق الأوسط؛ لانه لا حل بمعزل عن هذه البندقية الفلسطينية. لكن البندقية وحدها قاطعة طريق، فعظمة بندقيتنا أنها بندقية مع شعب وفكر يحميها، لذلك فهي بندقية ستحقق نصرها، ونصر أمتنا العربية.
من هنا أناشدكم العلم، العلم، الكتاب، الكتاب، الكتاب، القلم، القلم، القلم. الفكر، الفكر، الفكر، التفوق، التفوق.
المراجع:
( مجلة فلسطين الثورة، بيروت، 20/3/1981 )
الوثائق الفلسطينية العربيه للعام 1981، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، ص133،134.