خطاب السيد ياسر عرفات في الجلسة الختامية لاجتماع لجنة القدس الطارئ
خطاب السيد ياسر عرفات في الجلسة الختامية لاجتماع لجنة القدس الطارئ
الدار البيضاء، 18 / 8 / 1980
(( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير )) .
أيها الأخوة الكرام،
في هذه اللحظات التاريخية التي تمر بها أمتنا العربية أمام التحدي التاريخي، أمام التحدي الذي تتعرض له أمتنا العربية وهي تواجه هذا الطاغوت وهذا العدوان الخطير، لا بد لنا من وقفة تاريخية نراجع فيها أنفسنا، ثم ننطلق منها بعد ذلك لنقول: إن هذه الأرض أرض فلسطين، وإن هذه المدينة زهرة المدائن، القدس عربية إسلامية، وستظل عربية إسلامية، رغم كل المحاولات الصهيونية، ورغم كل المحاولات الإمبريالية التي تتزعمها الولايات المتحدة ضد الأمة العربية وضد الأمة الاسلامية. نعم، نحن في هذا التحدي التاريخي الحضاري لا بد لنا من وقفة، ولا بد لنا من عمل جاد، لقد كان اجتماعنا و اجتماع لجنة القدس هو أول اجتماع يعقد على صعيد المؤتمر الإسلامي، سبقته اجتماعات وبيانات وتصريحلت ترفض المؤامرة الخطيرة على مقدساتها وحضارتها ومستقبلها، ويمكننا أن نقول: إنه بعد عمل يومين حقق الاجتماع الهدف منه، ومثل وقفة حامية، يمكن السير بعدها على طريق الجهاد من أجل تحرير القدس إن شاء الله، جئنا إلى هذا الاجتماع ونحن نعيش مشاعر الغضب ومشاعر الحنق، مشاعر مضطربة، ولكنها في نفس الوقت تمثل ما يجیش به وجداننا. إن أمتنا العربية والإسلامية لا يمكن إلا أن تسير على طريق الجهاد لتحرير المقدسات وتحرير الأرض، لقد جئنا ونحن نثق بقدرة أمتنا العربية وأمتنا الإسلامية على رد العدوان على أمتنا، هذا العدوان الذي لا يمكن أن يدوم. فمنذ متى استطاعت القوة -مهما كانت هذه القوة- أن تفرض إرادتها على الشعوب، ونحن بجهادنا ونضالنا سوف نصحح المسار الذي يحاول الأعداء أعداء أمتنا أن يفرضوه علينا، على طريق الجهاد الصحيح، وعلى طريق النضال الطويل لتحرير فلسطين وتحرير القدس، وليرتفع عليها علم أمتنا العربية، أمتنا الإسلامية خفاقًا فوق روابي القدس، هذه هي إرادة أمتنا الإسلامية، ولن تكون هناك إرادة أخرى. أقول هذا أيها الاخوة، لأننا نعرف أنه في هذا الظرف وفي هذا التحدي ينتاب البعض منكم بعض اليأس، ولكنني أقول: (( اشتدي أزمة تنفرجي )) و "یا ایها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون" هذا هو طريقنا الذي نسير عليه من الرباط والمثابرة والجهاد، حتى النصر إن شاء الله.
أقول: ربما يتملك بعضنا اليأس، ولكننا نحن في الثورة الفلسطينية، عندما انطلقنا في جهادنا، كنا نعرف أننا نواجه عدوًّا يتفوّق علينا في كل شيء، وكنا نعرف أننا لا نواجه إسرائيل، وإنما نحن نواجه أميركا بكل أسلحتها، أميركا التي تدعم إسرائيل وتساندها بكافة الأسلحة والمعدات، وبكافة وسائل الدعم الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية والعسكرية، ومع ذلك يقف المجاهدون والمناضلون في الثورة الفلسطينية، مهما اختلفت جنسياتهم، ومهما اختلفت هوياتهم وألسنتهم ليقولوا شيئًا واحدً: إن المؤامرة لن تمر، وإن الثورة الفلسطينية ستستمر حتى النصر، وحتى التحرير، وحتى ترفع رايات أمتنا على روابي القدس. إننا -نحن شعب فلسطين- تعتز بهذا التكامل الإسلامي والعربي،
"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم ». نعتز بهذه الاستجابة لشعوبنا الإسلامية بنصرة الحق والعدل في فلسطين، و « إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم» صدق الله العظيم
المراجع:
الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1980، مؤسسة الدراسات الفلسطينيه، بيروت، 1981. ص، 290، 291.
وكالة وفا ، بيروت، 19 / 8 / 1980، ص 3 – 5.