خطاب الرئيس ياسر عرفات أمام المجلس الوطني الفلسطيني في دورته التاسعة عشرة
خطاب الرئيس ياسر عرفات أمام المجلس الوطني الفلسطيني في دورته التاسعة عشرة
دورة الانتفاضة والاستقلال الوطني والشهيد أبو جهاد
بسم الله الرحمن الرحيم.
" أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير. الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله "
صدق الله العظيم.
السيد الرئيس، الأخ المجاهد، الأخ المناضل والوفي، ليس فقط لشعب الجزائر، وليس فقط لشعب فلسطين، ولكن للأمة العربية، وللأحرار، وللشرفاء في العالم أجمع، الأخ الشاذلي بن جديد،
إخواني، أشقائي، أصدقائي - أصدقاء وأشقاء هذه الثورة الفلسطينية، وهذا الشعب الفلسطيني، شعب الانتفاضة البطلة. شعب الانتفاضة المباركة.
دائما - ياسيادة الأخ الرئيس - كلما حزب بنا الأمر، وكلما اشتدت بنا الخطوب، تلفّتنا شمالًا ويمينًا فلا نجد دائما وأبدا إلا أخانا المجاهد - الثائر، الشاذلي بن جديد، وشعبه البطل. شعب المليون ونصف المليون شهيد. وليس من قبيل الصدف أن نعقد هذه الدورة في رحاب الجزائر، في رحاب شعب الجزائر، في رحاب الشاذلي بن جديد، وليس من قبيل الصدف، وعندما خرجنا بعد معارك بيروت، وملحمة بيروت، أن نعقد مؤتمرنا الوطني الفلسطيني هنا .... على أرض الجزائر، وفي رحاب الجزائر. وليس من قبيل الصدف أنه، عندما أردنا أن نوحد صفوفنا وحدة واحدة، أن نجتمع هنا على أرض الجزائر، لتقول : إن الشعب الفلسطيني، إن الإرادة الفلسطينية، إن المجاهدين الفلسطينيين، إن الثوار الفلسطينيين، وحدة واحدة متراصة، كما كان الجزائريون. نعم يا إخوتي، نعم يا أحبائي، بهذا المفهوم، وبهذا البعد الإستراتيجي لعلاقتنا مع الأخ الشاذلي بن جديد، نعقد هذه الدورة، وهذا الاجتماع، اجتماع القمة العربية، لماذا؟ لكي ندرس هذا الموضوع الهام في هذه الأمة العربية، الحدث الجديد في هذه الأمة العربية: انتفاضة الشعب الفلسطيني داخل أرضنا المحتلة، ضد هذا الكيان الصهيوني، لنقول، باسم الجزائر، باسم أمتنا العربية: إن هذا الشعب الفلسطيني ليس منفردًا وليس وحيدًا في الجهاد، وليس وحيدًا في النضال، وليس وحيدًا في ثورته، ولكن كل أمته العربيه - من أرض الجزائر، أرض الثوار الأحرار - تقف مع الشعب الفلسطيني في هذه الانتفاضة المباركة. نعم،– يا إخوتي، ونعم، يا أحبائي، بهذا المفهوم، وبهذا البعد الإستراتيجي دائمًا وأبدًا، وقفت الجزائر، وقفت - يا أخي الرئيس - إلى جانب شعبنا المناضل في كل الأيام الصعبة، وفي كل اللحظات التاريخية والمصيرية.
والآن هنا في هذا المجلس، جئتك يا أخي الرئيس - ولديك من المشاكل الشيء الكثير - وقلت لك: نريد أن نعقد هذا المجلس (في الجزائر)، فقلت لنا الكلمة التي لا أنساها: أنا مع فلسطين ظالمة ومظلومة. نعم، يا إخوتي، نجتمع اليوم على أرض الجزائر، وقد فقدنا أخي وحبيبي ورفيق دربي، الشهيد الرمز أول الرصاصة، أول الحجارة " الشهيد البطل أبا جهاد " لقد فقدناه وأرادوا باغتيال أخي الشهيد الرمز البطل أبوجهاد - أن يغتالوا هذه الانتفاضة، أن يغتالوا هذه الثورة العشبية الأصيلة، ولكنهم ما أرادوا، وما علموا، أن دمه قد توزع على هذه الأرض المباركة أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومهد المسيح عليه السلام، نعم، توزع دمه على هذه الأرض المباركة لتزداد إشعالا، إشعالا، إشعالا، ولتقول باسم هذا الشعب، باسم الأطفال، باسم النساء، باسم الرجال، باسم الثوار، باسم المجاهدين: إن هذه الثورة هي - كما قال فيها شهيد أمتنا العربيه، جمال عبد الناصر: وُجدت لتبقى، وأقول: وجدت لتبقى، ولتنتصر، لتنتصر، نعم، يا إخواني، هذا قدر الثوار في الثورة الفلسطينية. إننا كلما استشهد منا بطل تدافع في الركب أبطال وأبطال، ويتدافع في الركب الآن جنرالات الحجارة، الذين يتناغمون هذا التناغم الثوري الخلاق مع أطفال الـ "آر. بي. جي"، مع ثوار الـ "آر. بي. جي" في جنوب لبنان، في مخيمات لبنان، جنبًا إلى جنب مع إخواننا في الحركة الوطينية اللبنانية، الذين يدافعون معًا عن عروبة لبنان، يدافعون عن الوجود الفلسطيني في لبنان، ضد هذا العدو الصهيوني.
أقول: إن هذا هو التناغم الثوري بين أطفال الحجارة، بين جنرالات الحجارة، بين جنرالات الـ "آر. بي. جي" هذه هي الثورة الفلسطينية: بندقية وحجر، بندقية وغصن زيتون، نرفعه على أرض الإسراء والمعراج، مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومهد المسيح عليه السلام. نعم، يا إخواني، هذا هو الخط الذي نسير عليه. نحن تقول: بندقية في يد، حجر في يد، "آر. بي. جي" في يد. ولكننا نقول، في نفس الوقت، غصن الزيتون، لكي نقيم السلام، السلام الحقيقي، وليس السلام المزيف، ولا سلام الإرهابيين، ولا سلام هؤلاء المتعصبين، ولكنه سلام الفلسطينين الذي سنفرضه على هذه الأرض الفلسطينية، أرض السلام، أرض الإسراء، ومسرى النبي محمد، نعم يا إخواني، بهذا البعد وبهذه الشفافية الثورية بعيدة النظر، نحن ننطلق في هذه الثورة، ننطلق لنقول لك يا أخي الرئيس: إن هذه الثورة ستستمر حتي يرفع هذا العلم الفلسطيني، ونقول لهؤلاء الثوار، نقول لجنرالات الحجارة، نقول لجنرالات الـ "آر. بي. جي"، نقول لشعبنا في داخل أرضنا المحتلة، في الشتات والمهاجر، وفي كل مكان، نقول لهم: " إن العهد هو العهد، وإن القسم هو القسم، وإن هذه الثورة مستمرة حتى النصر.
أوجه التحية، كل التحية للأحرار، والشرفاء في العالم أجمع، ونقول: نحن معًا وسويًّا حتى النصر، حتى النصر.
بسم الله الرحمن الرحيم " إن الله اشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون، وعدا عليه حقًّا في التوراة والإنجيل والقرآن، ومن أوفى بعهده من الله، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به، وذلك هو الفوز العظيم " صدق الله العظيم .
الجزائر 12/11/1988