خطاب للسيد ياسر عرفات بمناسبة الذكرى السادسة عشرة لانطلاقة الثورة الفلسطينية، ۱۹۸۱/۱/۱
خطاب للسيد ياسر عرفات بمناسبة الذكرى السادسة عشرة لانطلاقة الثورة الفلسطينية،
۱۹۸۱/۱/۱
( فلسطين الثورة، بيروت، عدد خاص، مطلع ۱۹۸۱، ص ۱۳ - ۱۸)
يا كل اهلنا وجموع شعبنا الاصيل.
يا كل مناضلينا في متاريس الثورة
يا اخواني وأحبتي المقاتلين الاشاوس.
يا جماهير امتنا العربية العظيمة.
لقد اقتحمنا معا عامنا المنصرم بكل ما لدينا من عنفوان ثوري تحدينا به المستحيل، واخترقنا به الزمن لنؤكد ثوابت وحقائق هذه المنطقة من العالم ثوابتنا نحن وحقائقنا التي تكرسها ملحمتنا الثورية، باعتبارها الاساس الوحيد الذي تنطلق منه وعبره ومن خلاله كل معطيات القضايا والاحداث الجارية في امتنا ومنطقتنا لانها منطق الحقيقة الفلسطينية الناصعة، التي ينطلق تيارها مع تيار التاريخ، يصنع فيه ويحفر في منعطفاته، ويكتب على صفحاته بأحرف من نور ونار مرشدا نضالیا لأمتنا ولأجيالنا المتعاقبة.
اليست هي الملحمة العربية في تاريخنا المعاصر، ملحمة الصمود الاسطوري أمام التحديات الكبرى في منطقتنا، بكل ما حوت وتحوي من مفارقات، وبما تكالبت عليها من اطماع وبكل ما واجهت وتواجه من معارك عسكرية وسياسية فكرية واقتصادية، تتفجر المعارك هنا وهناك، من حولها يسرق لهيبها الانظار، بعيدا عن هذه الملحمة المعجزة، ولكن سرعان ما يرتد اليها البصر ( وهو حسير ) فلا يبقى في دروب النضال العظيم غير فرسانه يتراصون كجلاميد الصخور، يذودون عن الامة في هذا الممر الصعب والشاق، كل ما يمكن ان يتكالب عليها من ذئاب بشرية وأطماع سياسية وجشع اقتصادي، حيث يحاول الامبرياليون نهب ثروات هذه الامة، ويسابقون الزمن في امتصاص دمائها وخيراتها ومقومات حياتها المالية والاقتصادية مستخدمين في ذلك كلب الحراسة الذي تمثله هذه الطغمة العسكرية الاسرائيلية الغازية، ومسخرين في سبيلها هذا الطراز الساداتي الذي ارتضى بهم أسيادا، ويقدم لهم من هــــذه القلعة المصرية الشامخة التي سلمها اليهم بكل التسهيلات لتحركاتهم ومؤامراتهم من أرض الكنانة ومن على ضفتي النيل الخالد، ومن سواحل مصر الحبيبة، وفي منطقة الشرق الاوسط كلها.
أما كيف صمدت هذه الفئة المؤمنة امام اعتى المؤامرات وأشد العواصف والاعاصير، وكيف صمد ثوارنا المجاهدون الذين اعتمرت قلوبهم بالايمان والعقيدة والفكرة ممارسة وعملا.
فتلك هي المعجزة التي تصنعها الجماهير بارادتها، وتصميمها وصدقها. كيف استطاعت البقاء رغم هذا التركيز الكبير لقوى الاعداء وسيل مؤامراتهم وضخامة تفوقهم المادي والعسكري وباعتباره جزءاً لا يتجزأ من هذه الآلة الجهنمية الامبريالية الصهيونية الاستعمارية العنصرية الفاشية التي تقودها وتحركها الولايات المتحدة الأمريكية وتغذيها بكل معطيات الحياة وأدوات العدوان، تسليحا وتمويلا وخبرة وتكنولوجيا متقدمة لتقتل بها اطفالنا ونساءنا وشعبنا وتحتل بها ارضنا ووطننا ولكنه الايمان صانع المعجزة ومبدع النصر.
این تهدیدات بيغن، باستعمال وسائل لم يعرفها حتى الشيطان نفسه في مواجهة صمود شعبنا وثورته، لتحقيق اطماعه التوسعية العدوانية الصهيونية.
این وعيد الجنرال ايتان بأن هذه الحرب ستستمر بيننا وبين الفلسطينيين ولن تتوقف الا بانتهاء احد الطرفين، ثم يزيد ليقول : « ونحن لن ننتهي » وهو في هذا يعبر عن سياسة الطغمة العسكرية الحاكمة في اسرائيل وساعيا لتقديم رأس يوحنا المعمدان الفلسطيني الجديـد على رقصات الحـرب والعمليات العسكرية الاسرائيلية المستمرة، الى السيد الاميركي الجديد.
واننا هنا باسم هذه الثورة وثوارها وباسم هذا الشعب ومناضليه وباسم الاحرار الشرفاء في امتنا العربية وفي العالم اجمع اقول له : ونحن لن ننتهي كذلك وان هذه الثورة وجدت لتبقى ووجدت لتنتصر. نحن نعرف ان هذه الخطة القادمة خطة التخلص من الرقم الفلسطيني وشطبه من معادلة الشرق الاوسط وسط هذه الاركام المتراكمة من سيل الخيارات التي يتشدقون بها ويتحدثون عنها وينظرون اليها.
لقد ظنوا ان اعلاناً أمريكيا، ثم تهيئة داخلية اسرائيلية، ثم ترديدا ساداتيا لها، انتظارا لعميل آخر، يزحف في ركاب الحل الاستسلامي الجديد، يمكن من خلاله تنفيذ هذه الخطة وهذا المخطط ونسوا او تناسوا ان الملحمة والمعجزة الثورية في الثورة الفلسطينية المنطلقة من قلب الجماهير العربية ومن وجدان جموع شعبنا رقم لا يمكن تخطيه او تجاوزه او القفز عنه، او الغاؤه، وبدونه لن تسير معادلة السلام، ولن يستقيم الوضع في الشرق الاوسط، قد يستطيعون توجيه ضربة هنا او ضربة هناك، وهذا من قوانين الصراع وقاموس المواجهات من كر وفر الى استنزاف واستنزاف متبادل، ولكن عليهم ان يتذكروا جيدا ماهية هذه الثورة التي تتصدى لهم والتي يقاتل أحرارها في سبيل قضية من اعدل القضايا المعاصرة ضد ابشع احتلال استيطاني صهيوني امبريالي، وليتذكروا معركة الكرامة ومعارك جبل الشيخ والعرقوب ومواجهات جماهيرنا في الجليل وغزة والعمليات في القدس ونابلس وبئر السبع والخليل والانتفاضات الشعبية في كل فلسطين. ليتذكروا انتفاضات شعبنا الرائعة والمستمرة التي يتحدى بها الاحتلال والبطش والقهر بعظمة وقوة وكبرياء وليتذكروا كيف احال الاطفال من ابناء شعبنا الجبار حجارة ارضنا الى قنابل تخيف أعداءنا، وكيف واجهت فتياتنا رصاصهم الاجرامي بصدورهن وأجسادهن، وكيف زرعت أقدام وأرجل ابطالنا بسام وكريم باصرار في ارض فلسطين، وكيف واجه مناضلونا من امثال ملحم والقواسمة والتميمي، جبروتهم بكل الشمم والتحدي المستمر، وكيف يتحدى أسرانا الابطال في سجون الاحتلال الصغيرة الضيقة داخل سجن الاحتلال الكبير بصلابتهم وايمانهم وتنظيمهم ويصنعون معجزة كبرياء الحق امام جبروت الباطل، ويناضلون وهم داخل هذه السجون أروع وأرقى سبل النضال.
ليتذكروا معارك الثمانية ايام في الجنوب اللبناني الصامد البطل وكيف كانت المواجهة معهم محتدمة ومتأججة - لم ينقطع فيها الالتحام القتالي والصدام المتواصل لحظة واحدة اثناءها والتي كان فيها اول طلب لوقف اطلاق النار من قبلهم في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، لقد اجبروا امام فدائيينا الذين قال عنهم رئيس اركان العدو الصهيوني السابق الجنرال غور: « انني امام اناس قرروا ان يموتوا ».
هل لا زال الجنرال ايتان ورئيسه بيغن وكافة قياداتهم يتذكرون ما حدث لاهم لواءين من ألوية جيشهم - وهما يحاولان اقتحام قلعة الشقيف في ارنون وكيف انزلت بهم القوات المشتركة اللبنانية الفلسطينيـة الهزيمة المنكرة.
هل لا زالوا يتذكرون معارك الجرمق والعيشية والريحان والمحمودية والسعديات والدامور والعرقوب والنبطية وبرج رحال والعباسية والقتال لا زال سجالا بالصمود الاسطوري الرائع والمجابهة العملاقة المستمرة، بالرغم من تحشداتهم العسكرية المتزايدة، وبكل آلة الحرب والدمار الأمريكية المتقدمة الحديثة والتي تصب جام حممها وجحيمها برا وبحرا وجوا على القرى اللبنانية والمخيمات الفلسطينية بعد ان تحلل جيش العدو الاسرائيلي ويا للاسف من اعبائه القتالية الاخرى بعد مؤامرة كامب ديفيد، ليتركز الآن على الجبهة الشمالية السورية اللبنانية بالذات - وعلى القوات المشتركة اللبنانية - الفلسطينية خاصة، تلك القوات التي تلاحمت في اروع نسيج ثوري في امتنا العربية في عصرها الحديث.
هذا هو شعبنا صاحب الملحمة عملاق بثورته بجذوره في اعمق اعماق ارضنا العربية الفلسطينية الحبيبة المقدسة - وشامخ براسه يعانق السحاب. انها شجرة مباركة زيتونة اصلها ثابت في الارض وفرعها عال في السماء روحها من روح الله. اليست هذه الارض المقدسة ارض الرسالات والرسائل فما من نبي او رسول الا ومر بها او ولد فيها. ولذا كانت القدس هي فلسطين، وفلسطين بدايتها بيت المقدس، ومن هنا كانت القدسية فيها وكان الانتقاء، ومن هنا تأتي ينابيع الايمان للمجاهدين والمناضلين في ثورتنا المباركة بعيدا عن التعصب الاعمى والتمييز العنصري البغيض محتضنين الشهادة بقوة وسكينة ويحملون أكفانهم فوق اكفهم وتتساوى عندهم الحياة مع الموت والشهادة مع البقاء، تراهم مقبلين على الحياة يعطونها اعظم العطاء – يعطونها الابداع الثوري والامثولة الانسانية النبيلة لتعايش الانسان مع اخيه الانسان – تعايش شعبنا بمسلميه ومسيحييه ويهوده في مساواة وعدل واخاء بعيدا عن التعصب والتمييز العنصري بعيدا عن التسلط العسكري والارهاب الفاشي والآلة العسكرية الجهنمية الأمريكية التي تبغي السيطرة على المنطقة مستخدمة جميع سبلها ووسائلها بما فيها تقديم هذا الانسان اليهودي طعما للنيران ووقودا للحرب، التي يدفع اليها من هذه الطغمة العسكرية المحتلة لديارنا وشعبنا، والتي يعلنون فيها بكل وقاحة ان الارض ارضهم ولا حق لسواهم عليها، وأن المواطنية لهم والحقوق حقوقهم، في الوقت الذي ينطلق فيه الانسان الفلسطيني بمثله وقيمه معتبرا أن اليهودية هي جزء من التراث الكريم النبيل لارضنا المقدسة الطاهرة. هذا هو الفرق بين العقليتين والقيم والاهداف، وهو فرق شاسع بين من يسيرون مع تيار التاريخ و من هم ضد تيار التاريخ - والانتصار دائما لهذه الفئة الاخيرة المؤمنة مثلا وقيما وحضارة.
و من هنا كان قرار مجلسكم الوطني باننا نمد ايدينا لجميع القوى الديمقراطية والتقدمية اليهودية التي تناهض الارهاب الصهيوني والتمييز العنصري والفاشية وترفض الاحتلال وتعترف بحقوق شعبنا الفلسطيني ليعيش حرا كريما في دولته المستقلة.
يا جماهير امتنا العربية
يا جموع شعبنا
ايها الاحرار والشرفاء
لقد اقتحمنا معا وجنبا الى جنب بقوة ثورية خلاقة الاتون الملتهب الذي لا زال يحيط بمنطقتنا ولا زال يتفاعل فيها، والذي ازدادت فيه حدة التفجيرات من الخليج الى المحيط - ودفعت أمريكا بأساطيلها العسكرية الثلاثة لتحيط بالمنطقة وتحاصرها وتسيطر على منافذها في الخليج والمحيط الهندي والبحر الابيض المتوسط والبحر الاحمر - واستطاعت هذه ان توجد لها قواعد في جزيرة مصيرة في عمان، وفي بربرة وممباسا في كينيا، والصومال وفي رأس بناس في مصر، وحتى القاعدة الجديدة، قوة التدخل السريع المتواجدة حاليا في صعيد مصر.
ثم انفجرت الحرب بين ايران والعراق الشقيقين فكان علينا ان نتحرك وبلا ادنى تأخير او تلكؤ لانها نار داخل البيت في منطقتنا ستأكل كثيرا وكثيرا جدا ونحن ضدها لانه لا مصلحة لأحد فيها الا الامبريالية العالمية والصهيونية وحلفائها، وانه يجب ايقافها وعلى الجميع استخدام كل الجهود الممكنة وفوق الممكنة وكل القدرات والامكانات والوسائل والسبل لايقافها بعيدا عن حساسيات هنا او حساسيات هناك.
يجب ايقافها واتخاذ القرارات الواعية والشجاعة، والا فهي بداية البلقنة والتمزق والتشرذم الذي يخططه أعداؤنا لمنطقتنا وللقضاء على قوانا اخوة وأشقاء وأعني انها ليست حربا تخص الاخوة العراقيين والاخوة الايرانيين وحدهم، وانما تخصنا في الثورة الفلسطينية اولا وتخص امتنا العربيةوتخص كل القوى الحرة الشريفة في منطقتنا ولذلك كان تسارعنا للعمل من خلال دول عدم الانحياز بدعوة مكتب التنسيق فيه والذي اجتمعت اللجنة المنبثقة عند اجتماعها الأول في بلغراد وتابعت عملها ولا زالت ونحن لا نستطيع ان ندعي اننا توصلنا الى حلول ولكننا على الاقل نجحنا في حصر النيران حتى الآن وعدم توسيع رقعة القتال. ونحن نحتاج لهذه القدرات الشجاعة في الشدائد والملمات لتأخذ على عاتقها هذا الواجب الحتمي النبيل والذي لا بديل غيره ونحن على ثقة من ان اخوتنا في ايران والعراق لكل هذا متنبهون.
ثم فوجئنا بالتمزق العربي امام وعلى عتبة مؤتمر عمان، وقد حاولنا نحن واخوتنا ان نحول دون ذلك وتقدمنا بمبادرتين من اجل انقاذ الموقف ولكن الاصرار كان مفاجئا بعقده على الصورة التي تمت عليها قمة عمان، وتفاعلت من بعدها الاحداث التي كادت ان تنفجر بيننا وبالقرب منا لولا ما حدث من تدارك لها قبل اندلاعها. لقد وجدنا انه يتعين علينا ان نتابع العمل مع الجزائر ومع اخوتنا العرب الآخرين من اجل استعادة التضامن العربي المتكامل في مواجهة مخططات أعداء امتنا وفي مواجهة مؤامرة كامب ديفيد بصورها القديمة او المتجددة ومتفرعات هذه المؤامرة من حكم ذاتي الى استعمار اقتصادي الى ترويض وتدجين الى مزيد من الاستيطان والمصادرة للاراضي
وحتى سرقة المياه وطرد القادة وقتلهم والتفنن في تهجير السكان لتحيك المؤامرة وليزداد الطوق ولتحكم القبضة وأمام هذا كله تتزايد يا اخواني المسؤوليات الملقاة علينا في ثورتنا الفلسطينية فنحن جزء لا يتجزأ من هذه الامة العربية يصيبنا ما يصيبها ويقوينا ما يقويها فوحدة الموقف العربي باتجاه وحدة الهدف المركزي لامتنا العربية باتجاه فلسطين المغتصبة هي الارضية الصلبة التي تقف عليها ثورتنا جنبا الى جنب مع الارضية الشعبية القوية لجموع اهلنا وثوارنا ومناضلينا.
هذه المسؤوليات تأتينا من خلال الموقع النضالي لثورتنا العملاقة والتي تزداد قوة وأصالة واحتراما وتقديرا يوما بعد يوم وشهرا بعد شهر وعاما بعد عام لتصب جميعها باتجاه هدفنا الثوري باتجاه وطننا العربي فلسطين.
فليس مصادفة كل هذه المسؤوليات وهذه المكانة المتزايدة لثورتنا، انه شلال الدم الذي لم يتوقف لحظة واحدة في مسيرة ثورتنا وهذه المواكب من الشهداء الأبرار التي لم تنقطع على درب الجهاد الطويل والصعب وانطلاقا من ذلك اثبتت اصالتها الراسخة وقوتها الكامنة في شعبنا ومن خلال كل الثوار في الثورة الفلسطينية والتي تفخر ثورتنا انهم يمثلون هذا العديد من الاصدقاء والاشقاء والاخوة الاحرار يفجرون معنا وفي ثورتنا هذه الطاقات لاحداث التغيير الاستراتيجي بانتصار ثورتنا الفلسطينية بأبعادها العربية وجذورها وامتداداتها العالمية والانسانية.
من هنا يا اخوتي، ليست مصادفة ان ينعقد في عام اقتحامنا الثوري مجلس الامن ست مرات لبحث قضيتنا الفلسطينية ومتفرعاتها وأن تنعقد ايضا جلسة استثنائية طارئة للجمعية العامة للامم المتحدة لبحث قضية شعبنا الفلسطيني وجلسة اليونسكو والخطاب الفلسطيني فيها وقرارات الامم المتحدة ووقوف ۱۱۷ دولة تعترف بحقنا وبمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني واجتماع لجان السلم في بلغاريا وأول جائزة باسم هوشي منه لثورة فلسطين وثوار فلسطين والقائمة يا اخوتي طويلة من نيكاراغوا الى الهند، بجانب الرفاق في الدول الاشتراكية الصديقة الى مجموعة دول عدم الانحياز والدول الافريقية الى الدول الاسلامية الشقيقة واجتماعات وقرارات لجنة القدس ثم تأتي أخيرا وليس آخرا اوروبا ودورها وبيانها السياسي، وهل هو مجرد بيان منفرد ام له امتدادات وتفاعلات علينا تقييمها بدقة دون اعطائها اكثر من حجمها الحقيقي وقدرتها الفاعلة في ظل الوعي على ميزان القوى في العالم وهل في امكانية اوروبا وخاصة دول السوق المشتركة الخروج من الارادة الأمريكية
والقرار الاميركي كما قال ماسكي وغيره من المسؤولين الاميركيين في أكثر من مرة تصريحا وتلميحا,
يا اهلنا الصامدين في ارضنا المحتلة ،
يا اهلنا في اماكن الشتات واللجوء ،
يا كل ثوارنا ومناضلينا
وحدتنا الصلبة، وحدتنا الوطنية الحقيقية، هي الدرع الاساسي الحامي لشعبنا وحقوقه، وحـــدة شعبنا داخل وخارج ارضنا المحتلة والتي تكسرت على قلعتها العنيدة كل المؤامرات والمناورات وتكسرت عليها مؤامرات التوطين والمشاريع المشبوهة ومؤامرة الحكم الذاتي التي تمثل بالنسبة لشعبنا عبودية اخرى وان ارتدت أثوابا جديدة هذه الايام لتجميل وجهها القبيح.
خلال وحدة شعبنا داخل وخارج الارض المحتلة الملتحمة بكل فئاته وقواه الوطنية التي اثبتت اصالتها في المعتركات والمحن وزادتها صقلا المجابهات والآلام، ولكنها اعطت للعالم اجمع المثل والامثولة في الاصرار العنيد الشامخ لهذا الشعب المعطاء على انتزاع حقه من براثن الوحوش الكاسرة التي تتربص به تنهش حتى جثث شهدائه.
وحدة شعبنا بكل منظماته المسلحة وتنظيماته الشعبية والجماهيرية وبأطفاله ونسائه بشیبه وشبابه يصنع للاجيال القادمة حياة العزة والكرامة والاباء والشمم الحياة الحرة الكريمة فوق ترابنا الحر الكريم دون تبعية او خضوع، الا لارادة هذه الجماهير الشعبية الفلسطينية والعربية، صاحبة الحق وصاحبة القرار وصاحبة المصلحة، هذه الوحدة التي عمدتها الدماء وثبتتها أرواح الشهداء وحمتها سواعد شعبنا، انطلقت وترسخت من خلال ديمقراطية البنادق التي كانت الريادة فيها لحركة فتح وانطلقنا نبشر بها ونحافظ عليها فكرا وأسلوبا وممارسة وعملا باعتبارها تجربة ثورية رائدة في الثورات.
لقد بنينا هذه الوحدة على اسس واضحة من الفهم الصحيح والتمييز الدقيق بين الديمقراطية الحقيقية وبين استغلال شعار الديمقراطية بغرض تشويه بعض مضامين هذه الديمقراطية الواعية القوية فيحاول البعض القفز عليها واستغلالها وتحقيق بعض المكتسبات الضيقة الصغيرة على حساب شعبنا ومكتسباته العظيمة والجبارة.
ان حركتنا وثورتنا الرائدة في انتهاج هذا الاسلوب الثوري في التعامل الديمقراطي مع الانسان الثوري المؤمن بقناعته الوجدانية التي لا تهتز ولا تلين في هذا المسار والمخاض الاليم، انما انطلقت من المقولة التي تقول : ان العبيد لا تحارب ولكننا في نفس الوقت نؤكد وتركز على اهمية عدم الخلط الفوضوي تحت هذا الشعار المقدس.
لندع ألف زهرة تتفتح ولكن يجب ان يكون تفتحها في بساتين الثورة وليس خارجها وليس لصالح قوى تحاول ان تفرض سيطرتها على هذه الثورة، العملاقة، وهم في هذا وعبثا يحاولون، لان موقف الثورة في هذا حازم حاد وحاسم صارم لا يساوم ولا يهادن ولا يهمل وان امهل.
ان الثوار كل الثوار وان المناضلين كل المناضلين جموع شعبنا ستحافظ على ديمقراطيتها الثورية وعلى مكتسباتها الثورية لانها احدى الركائز الاساسية في عماد وحدتنا الوطنية وهي علامة صحيحة لصورة الغد المشرق لدولتنا الديمقراطية المبنية على هذه الأسس والمفاهيم والاعتبارات الهامة في مسيرة شعبنا لتحقيق الذات الوطنية بكل صفاتها وتبلها وأصالتها وأقداسها.
فيا اخواني ويا احبتي
ايها المقاتلون الاشاوس
ويا حاملي البنادق في ثورتنا المباركة المنتصرة
اليكم جميعا اتوجه اليوم للعمل معا من اجل المزيد من التلاحم النضالي بيننا جميعا.
لنعمل سويا من اجل مزيد من العمل لتقوية وحدتنا الوطنية الراسخة لندعم بها مسيرة شعبنا الظافرة. وحدة البنادق كل البنادق في الثورة، وحدة المناضلين كل المناضلين في المسيرة، وحدة الثوار في الخندق الثوري، وحدة شعبنا كل شعبنا البطل.
لنصنع معا الغد المشرق لاطفالنا ولاجيالنا المقبلة على ارضنا الفلسطينية الحرة المستقلة.
ايها الابطال الصامدون تحت الاحتلال.
ايها الفرسان الثوار في المواجهات العسكريةاليومية.
يا شعبنا العظيم في عطائك.
في هذا اليوم الذي نودع عامنا السادس عشر من عمر ثورتنا العملاقة المباركة المنتصرة والظافرة عام الاقتحام الثوري، لنلج معا ونقتحم معا ونتواكب معا في عامنا السابع عشر مسجلين لامتنا العربية اطول ثورة في العصر الحديث، ضد الامبريالية الصهيونية، ضد العنصرية والفاشية الجديدة، ضد القهر والظلم والطغيان، حاملين رايتنا خفاقة عالية تزداد كل يوم شموخا وتتعمق كل يوم اصالة وكبرياء لانكم انتم وما زلتم فرسانها وحماتها ولانكم انتم الذين اعطيتم هذا الزخم الثوري الذي اينعت فيه انجازات ومكتسبات وانتصارات ثورتكم ومن هنا كانت الاهمية لهذه البنادق العملاقة ولهذه السواعد التي تحملها لانها المعيار الحقيقي لهذه القيم الحضارية بكل ما تجسده من دفاع عن الحق وعن الشعب وعن التراث وعن التاريخ وعن المبادىء والمثل العليا النبيلة وعن الارض المقدسة التي بورك
ولم تقتصر اشعاعات هذا الزخم الثوري على شعبنا الفلسطيني ولكنها تخطته الى الأبعاد الحضارية في خضم محيطها العربي فأثرت على مسار حركة التحرر العربية وتآخت مع حركات التحرر العالمية في آسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية. اثرت فيها وتأثرت بها وتفاعلت معها لتصنع هذا النسيج المتفرد من العمل الثوري العظيم وخلقت بذلك طاقات وبعثت كوامن من مجريات الاحداث في منطقتنا، أليس هذا الإبداع الثوري ابداعا خلاقا لان هذا الشعب المعطاء كان وقوده ونوره وعطاءه وانعكس هذا واضحا وجليا في قرار التعبئة العامة التي هزت أعداءنا عندما اصبحت دعوة التعبئة العامة تدفقا طوعيا يرفد الثورة بفلذات الأكباد ويهبها المهج والارواح يتسابقون الى مواقع الحسم والبطولة، والى مناقع الدم والشهادة ويهبون الحياة لشعبهم ولامتهم من خلال مقارعتهم للموت وطلبا للشهادة يثبتون بها حقائق هي حقائق الشعب وحقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف لان الحقيقة الفلسطينية شعبا ووطنا وحقوقا تشكل شبحا وهاجسا مخيفا لهذه الاطماع والاحلام التوسعية والاستيطانية العدوانية، ولانها تشكل ثقلا على الضمير العالمي وتشكل كابوسا لهذا المعتدي والمحتل للارض والديار وحلفائه والته العسكرية.
الیست حملات ريغان الظالمة علينا تعبر تعبيرا دقيقا عن قوة هذه الثورة وأهمية القضية، بالرغم من كل محاولات التعتيم والتشويه، لانها الحقيقة الثابتة والرقم الصعب والهام في معادلة الشرق الأوسط، عندما تهجم على ثورتنا في اول تصريحين له بعد الفوز بالرئاسة وسواء أراد او لم يرد فقد وضعنا على رأس مشاكل الولايات المتحدة وهمومها جنبا إلى جنب مع جميع ما يقلق الادارة الأمريكية الجديدة ويشغلها من سالت « ٢ » الى محاولات اعادة الهيبة الأمريكية والنفوذ الاميركي والسيطرة الأمريكية في المواجهات الساخنة والباردة على النطاق العالمي ولكن ليعلم القاصي والداني وسواء صرح ريغان ضد شعبنا وثورتنا بعد انتخابه رئيسا للولايات المتحدة او قبل فوزه بالرئاسة سواء جاء الى الحكم على رأس الطغمة العسكرية الإسرائيلية بيريس او بيغن ألا فليعلم الجميع ان لا حل ولا استقرار ولا سلام ولا امن بالقفز على حقوق شعبنا الثابتة غير القابلة للتصرف بما فيها حقنا في العودة وحقنا في تقرير المصير وحقنا في اقامة دولتنا المستقلة فوق ترابنا الوطني الفلسطيني، وان الخيار الفلسطيني هو وحده خيار السلام العادل والدائم في منطقة الشرق الاوسط لانه السلام الذي اكدته الشرعية الدولية عبر ميثاقها وقراراتها التي تركز على حقوقنا الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف.
لا سلام بدون السلام الفلسطيني
ولا امن بدون الامن الفلسطيني
ولا استقرار بدون الاستقرار لشعبنا في دولته الحرة المستقلة على ترابنا الوطني الفلسطيني.
ولا حل بدون الرقم الفلسطيني باعتباره الرقم الاساسي الصعب في معادلة الشرق الأوسط.
بهذا التصميم وبهذه الارادة وبهذا الاصرار والعناد الثوري الذي لا يعرف الملل ولا الكلل ولا التعب ولا التردد ولا التراجع وانما التقدم بثبات وثقة يصنع تاريخنا ويصنع تاريخ امتنا وتاريخ المنطقة. ان صناع التاريخ هم حماته، وان صناع المستقبل هم وحدهم اصحابه وهم القادرون على القتال والنضال ومن اجله وفي سبيل تحقيقه الهدف كبير ونبيل وسام. وبهذا تدخل العام السابع عشر لثورتنا متسلحين بأروع ما يمكن ان يتسلح به مجاهدون وثوار وأحرار وبأعمق ما يمكن ان يزخر به شعب وجماهير هذا الشعب من الايمان العميق في قلوبنا وبكل المثل السامية التي نؤمن بها وبكل الكبرياء والتحدي المتجمع في امتنا العربية، امام غطرسة هذا العدو والته العسكرية الأمريكية لقد صنعنا المستحيل معا وصنعنا ملحمة الصمود وصنعنا معجزة الثورة معا منذ اللحظة التي تحول فيها شعبنا من شعب لاجىء وكم مهمل في اروقة وكالات الاغاثات الدولية الى كراديس الجهاد وصفوف الثوار وأعدنا المنطق السياسي الى حقائقه وأصوله، والآن وفي عامنا السابع عشر نقتحم المستحيل الجديد وتكتب الملحمة الجديدة ونصنع المعجزة المتجددة، نواجه التحديات المصيرية باتجاه هدفنا الوطني والقومي باتجاه فلسطيننا وقدسنا في عامنا السابع عشر خيارنا الوحيد فلسطيننا ولا خيار غيره ولا خيار بديلا عنه، انه عام الخيار الفلسطيني ارادة وملحمة وما اروعها من ملحمة وما انبلها من معجزة تصنعها السواعد المؤمنة ويخلقها الشعب العظيم ونحن معا وسويا وجنبا الى جنب نصنع الحدث ونصنع التاريخ بأحرف من نور ونار وتسير مواكب النصر وقوافله وسط الليل المدلهم المحيط بمنطقتنا وبأمتنا ومثار النقع فوق رؤوسنا تتهاوى استاره لتصنع الفجر الجديد والامل المشرق والاختيار الفلسطيني على ارضنا الفلسطينية الحبيبة محررة ومستقلة. طوبى للفرسان المكافحين والمقاتلين في خنادق العزة والكرامة والكبرياء وتحية اكبار واعتزاز لشعبنا الصامد المثابر البطل في وجه سياط الاحتلال وتحية وتقديرا وافتخارا لشعبنا الذي استبدل اللجوء في وجه سياط الاحتلال وتحية تقدير بألوية النصر.
الخلود والمجد كل المجد لشهدائنا الابرار
وانها لثورة حتى النصر
المرجع: الوثائق الفلسطينية الغربية لعام 1981. مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت. ص1،2،3،4،5،6.