الرئيسية » خطابات الرئيس الراحل ياسر عرفات »

خطاب للسيد ياسر عرفات في المؤتمر الدولي للتضامن مع سورية والثورة الفلسطينية

15 كانون الأول 2024

خطاب للسيد ياسر عرفات في المؤتمر الدولي للتضامن مع سورية والثورة الفلسطينية

دمشق، 22/6/1981

في مستهل كلمته توجه السيد ياسر عرفات  بالشكر إلى جميع من قدموا إلى هذا البلد، بلد العروبة بلد سورية الأسد للتعبير عن روح التضامن التي يحملونها كأحرار وشرفاء ومناضلين وثوار، للوقوف مع الأمة العربية في هذا الوقت الخطير. وقدم تهانيه للرئيس الأسد على منحه وسام السلام ، وقال « إنني إذ أهنئك على هذا الوسام أهنئ نفسي، أهنئ سورية وأمتنا العربية». إنني أهنئكم في هذا الوقت الذي تقف فيه أمتنا العربية، وتقف فيه سورية بقيادتكم في هذا الخندق المتقدم، ليس دفاعًا عن سورية ولبنان وفلسطين، ولكن دفاعًا عن الأمة العربية التي تواجه اليوم هذه الأخطار المحدقة بها، الأخطار الصهيونية – الإمبريالية العالمية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية ». إن منحك هذا الوسام يعني أنك تحمل السلام، السلام الحقيقي وليس السلام المزيف، سلام الثوار والأحرار وليس سلام العبيد كما يخطط ريغان وبيغن والسادات لتركيع هذه المنطقة.

« إن معنى هذا الوسام أن هنالك إرادة في هذه المنطقة، وأن السلام الذي سيكون ويجـب أن يكون، ويجـب أن يصير ويجـب أن يستقر في هذه المنطقة؛ هو سلام الأحرار والشرفــاء في أمتنا العربية والعالم أجمع ».

« إنهم من خلال كامب ديفيد أرادوا تركيع منطقتنا بمعاونة، لكن شعب عبد الناصر الذي قدم منذ عام ١٩٤٨ وحتى الآن ٨٦ ألف شهيد وجريح لن يركع، ولن يستطيع السادات تركيعه أو تطبيعه » إن منطق كامب ديفيد هو تركيع المنطقة، وأن تنصاع لإرادة أمريكا. وليس من قبيل الصدف أن تحاصر منطقتنا ٣ أساطيل أمريكية، إذ يعربد الأسطول السادس، ويصرح رجال مسؤولون في البنتاغون بكل وقاحة أن حاملة الطائرات فورستر لن تغادر المنطقة الشرقية لحوض البحر المتوسط. والأسطول الخامس والسابع يحاصران منطقتنا في البحر الأحمر والمحيط الهندي والخليج، وللأسف استطاعوا من خلال السادات أن يجدوا في صعيد مصر قاعدة لهم، وأن يجدوا كذلك في قلعة عبد الناصر، مصر، وبأوامر من السادات قاعدة أخرى في رأس بناس على البحر الأحمر، وقاعدة أخرى في بربره في الصومال، ومصيرة في سلطنة عمان، هذا غير التسهيلات في الخليج. وليس هذا من قبيل الصدف، بل نتيجة تخطيط أمريكي هدفه الأساسي أن يسيطر على هذه المنطقة التي يوجد فيها ٨٠ بالمئة من احتياطي البترول في العالم وذات المكان الجغرافي الإستراتيجي ( آسيا وأفريقيا وأوروبا ) ولا بد أن نعترف أنهم استطاعوا تحقيق بعض الانتصارات، ثم يصدر الأمر من البنتاغون الأمريكي إلى رأس الجسر الاستعماري وهو المسمى الآن « إسرائيل » في فلسطيننا المحتلة التي تستخدم أحدث الأسلحة ضد الأمة العربية بالعدوان. نظروا ماذا يحدث داخل أرضنا المحتلة من تهويد الأراضي ومصادرتها، ومصادرة المياه وتقنينها، والقتل داخل السجون لقياداتنا وغيرهم، وهذا الكلام قالته لجان دولية من الأمم المتحدة.  وليس هذا فقط، إنما هناك ما يحدث في الجنوب اللبناني من احتلال جزء من أرض لبنان العربي، تحت ستار سعد حداد، ثم يعربدون ويعتدون على الشعبين اللبناني والفلسطيني وعلى القرى والمخيمات برًّا وبحرًا وجوًّا، مستخدمين أحدث آلات الحرب الأمريكية، بما فيها المحرمة دوليا. « آخر شيء طلعوا به أن قوة الردع العربية الموافق عليها في الجامعة العربية ممنوع أن تحمي نفسها وتحمي شعبي لبنان وفلسطين، ويطالبونها بسحب صواريخها التي أدخلتها لحماية نفسها من العربدة والقرصنة الأمريكية وليست الإسرائيلية، لأنها بقرار أمريكي صادر من البنتاغون، ويستخدمون اسم إسرائیل، يستخدمون اليهود كمادة لوقود الحرب والدمار» إن هذا الجحيم الذي يقابله شعبا لبنان وفلسطين ليس من إسرائيل فقط إنما بقرار أمريكي،  وهذه المحاولة لتركيع سورية تأتي بقرار أمريكي، والغارة الجوية الأمريكية الإسرائيلية على المفاعل الذري العراقي الذي يخضع لتفتيش الوكالة الدولية  للطاقة النووية إنما تمت بقرار أمريكي. إن الولايات المتحدة تتكلم عن الإرهاب، « ويقولون إن الاتحاد السوفياتي و م. ت.  ف.  وكوبا يديرون الإرهاب في العالم ».« إن الذي يقع كل يوم على الشعبين  اللبناني والفلسطيني، وهذا التهديد المستمر لسورية، وهذه العربدة للطيران الإسرائيلي فوق القوات السورية،  كل ذلك ليس إرهابا؟! ».

إذا كان الدفاع عن الوطن ضد المحتل الغاصب إرهابًا في منطقهم فمرحبا بالإرهاب، وإذا كانت مساعدة ثوار السلفادور والساندينيين في نيكاراغوا إرهابا فمرحبًا بالإرهاب. « ليعرف ريغان الذي يتكلم عن الإرهاب أنه هو أستاذ الإرهاب ومنظمه في العالم، ضد الشعب الفلسطيني واللبناني، وشعب السلفادور، وشعوب أمريكا اللاتينية وآسيا وإفريقيا، ضد كل المضطهدين في العالم. هذا هو الإرهاب الرسمي الدولي المنظم الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، هذا هو الإرهاب الذي يجب مطاردته وقطع يده، وسنقطع يد الإرهاب ». إن ليل مصر لن يطول، وإن ما يحدث في مصر الآن هو التباشير لتحريك الطوفان، وإن مصر ستلحق مرة أخرى بركب أمتنا العربية ».

« إننا مطالبون في هذا الوقت بوقفة من أجل الفرز الإستراتيجي بين الحليف والصديق من جهة، والعدو من جهة أخرى، وأنه ليفهم ریغان أن لدى أمتنا العربية أصدقاء في العالم، هم أنتم الذين تشكلون السند القوي. إن أصدقاءنا في العالم الذين نستطيع الاعتماد عليهم

امام هذه العربدة هم أصدقاؤنا في الدول الاشتراكية،  وعلى رأسهم الاتحاد السوفياتي الصديق، ولذلك أقول لريغان: إنه إذا كان لديك أوامر بعربدة الأساطيل في البحر الأبيض المتوسط فلدينا أصدقاء يستطيعون إيقاف هذه العربدة، ويقفون مع أمتنا في نضالها ضد هذا الطغيان. بعد الغارة على المفاعل النووي العراقي اعتقدوا أن الذراع الطويلة بإمكانها السيطرة على المنطقة، لكن أقول فقط لأصدقاء أمريكا في هذه المنطقة: هذه هي هدية أمريكا لكم. أقول لكم إن أمريكا تهددكم، ونحن وسورية والحركة الوطنية والشعب اللبناني لسنا بحاجة إلى طائرات إف - ۱۵ وإف – ١٦، وإن هذه الطائرات آتية لغرض القرصنة على منطقتنا ولفرض القوة، لكن كل هذه الطائرات لا تخيفنا. واختتم أبو عمار بالقول « إن المقصود من ضرب المفاعل النووي العراقي هو مصادرة إرادتنا، لكنهم ليعلموا أن الإرادة لا تصادر، وسنقاتل ومعنا أحرار العالم أجمع، سنقاتل بآخر طلقة وآخر طفل وسننتصر، وأرضنا ستبقى عربية، ونحن لا نفهم إلا منطق البندقية الثائرة، ولسنا وحدنا، فوراءنا أصدقاء، وعلى رأسهم الاتحاد السوفياتي، وجميع الشعوب المحبة للسلام ».

المراجع:

فلسطين الثورة، بيروت، 23/6/1981.

الوثائق الفلسطينية العربيه للعام 1981، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، ص 289، 290،291.