خطاب للسيد ياسر عرفات يؤكد فيه أن تجربة الثورة الفيتنامية تشكل قدوة لنضال الشعب الفلسطيني وكفاحه نحو التحرير والعودة.
خطاب للسيد ياسر عرفات يؤكد فيه أن تجربة الثورة الفيتنامية تشكل قدوة لنضال الشعب الفلسطيني وكفاحه نحو التحرير والعودة.
هانوي، 15/10/1981
الرفيق العزيز تشنغ تشن، الرفيق العزيز فام فان دونغ، أيها الاصدقاء، يسعدني أن أكون ورفاقي وفد منظمة التحرير الفلسطينية بينكم، في هذا البلد الثائر المناضل، ومع هذا الشعب الصديق المكافح البطل الذي انتصرت إرادته الصلبة على جميع المستعمرين، وفي مقدمتهم الإمبريالية الأمريكية، وحرر الشطر الجنوبي من ترابه الوطني، ووحد بلاده تحت قيادة واحدة وعلم واحد. باسم شعبنا العربي الفلسطيني المناضل، وباسم ثواره البواسل، وباسم إخواني أعضاء الوفد، وباسمي شخصيًّا؛ أحيي فيتنام الصديقة المناضلة، قيادةً وحزبًا وحكومةً وشعبًا.
أيها الرفاق الأعزاء،
لقد جئناكم من جبهة القتال الأمامية في الشرق الأوسط، والذي يشهد الآن هجمة إمبريالية أمريكية من أجل فرض الحلول الاستسلامية التي تكرس التسلط والاستغلال الأمريكي على المنطقة، ولتكريس التجزئة والتخلف على أمتنا العربية، وفرض الإرادة الصهيونية الإسرائيلية على أرضنا العربية الفلسطينية، ولقد كان الإعلان الأخير للتحالف الإستراتيجي الذي أعلنته أمريكا مع إسرائيل عملًا خطيرًا، يهدد أمتنا العربية، وشعبنا الفلسطيني وثورته المسلحة، وذلك ضمن مخطط احتواء المنطقة، وفرض سيطرتهم الكاملة عليها وعلى ثرواتها، وفي مقدمتها الاحتياط النفطي الهائل فيها. لقد انتهزت الإمبريالية الأمريكية طريق كامب ديفيد لفرض الاستسلام على أمتنا العربية، ولكن الشعب المصري الشجاع وجيشه البطل الملتزم بمبدئه القومي والوطني وقضيته المركزية فلسطين، هو الضمانة الأكيدة في مواجهة هذه المؤامرة على أمتنا العربية كلها، وعلى شعبنا الفلسطيني. إن هذه المخططات الأمريكية الصهيونية كشفت عن خطورتها من خلال الاعتداءات العسكرية المستمرة، وفي خلال شهر واحد ضربت طائرات العدو الصهيوني الأمريكية الصنع عاصمتين عربيتين، هما بغداد وبيروت، في الوقت الذي شنت فيه حرب استنزاف كاملة ضد الشعبين اللبناني والفلسطيني، ثم أتبعتها بهذه الحرب العنيفة التي حدثت مؤخرًا على جنوب لبنان، حيث استخدمت فيها أحدث الأسلحة الأمريكية، بما فيها المحرمة دوليًّا، وجعلت من هذه المنطقة حقل تجارب لأسلحة الدمار الأمريكية، واستمر العدو برًّا وبحرًا وجوًّا، في محاولة لسحق الثورة الفلسطينية، وضرب القوى الوطنية اللبنانية، ولكن القوات المشتركة الفلسطينية اللبنانية حققت هذا الانتصار الرائع ضد هذه الهجمات الشرسة، واستطاعت أن تصمد في وجه جميع المحاولات التي بذلها العدو، وسجلت بذلك انتصارًا كبيرًا لقوى التحرر والسلام والتقدم في منطقتنا. وفي نفس الوقت يقوم شعبنا داخل أرضنا المحتلة بمواجهات كبيرة ومستمرة، بالرغم من المعاناة والبطش والإرهاب الإسرائيلي، ويتحدى بإرادته الصلبة كل مشاريع التسوية التي اتفق عليها في مؤامرة كامب ديفيد، وخاصة مشروع الحكم الذاتي أو الادارة الذاتية، ولقد فشل أعداؤنا عبر الإرهاب والبطش والحرب التي شنّوها -ولا يزالون- على شعبنا داخل وخارج أرضنا المحتلة، فشلوا في تحقيق أهدافهم، رغم شراسة عدوانهم، وهو يُعِد الآن لحملة موسعة جديدة على الثورة الفلسطينية وعلى الشعبين اللبناني والفلسطيني، وذلك بضوء أخضر وموافقة أمريكية صريحة، كشفتها تصريحات المسؤولين الأمريكيين المختلفة. إن شعبنا ينظر بإعجاب وتقدير واحترام الى الشعب الفيتنامي البطل، وهو يعتبر أن تجربة الثورة الفيتنامية هي نموذج وقدوة لمسيرته النضالية نحو العودة والتحرير، وإقامة دولته الحرة المستقلة فوق ترابه الوطني الفلسطيني.
أيها الرفاق الأعزاء،
إن منطق الثورة يؤكد انتصار إرادة الشعوب المكافحة، لقد انتصرت ثورة فيتنام البطلة على الإمبرياليين الأمريكيين الغزاة، وتبعها شعبنا الفلسطيني في ثورته المسلحة، رغــم الظروف الصعبة التي نواجهها في منطقتنا العربيـة، وخاصة أن منطقتنا الآن تحاصرها الأساطيل الأمريكية في البحر المتوسط والبحر الأحمر، والخليج العربي والمحيط الهندي، إضافة إلى القواعد التي أقامها في رأس بناس في مصر، وبربره في الصومال، ومصيره في عمان، بجانب قوة التدخل السريع التي بدأت طلائعها تصل إلى منطقتنا لإحكام الطوق حولها. إلا أن شعبنا الفلسطيني وثواره المكافحين سيقاومون العدوان، وسيتابعون مسيرتهم من أجل تحرير وطنهم، ونحن على ثقة بأن جميع القوى المناضلة الحرة الشريفة الديمقراطية وفي مقدمتها الأصدقاء في الدول الاشتراكية، ستقف مع نضال شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية، في مواجهة هذه الهجمة الإمبريالية الأمريكية الصهيونية. ان الثورة الفلسطينية تكافح اليوم من أجل تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني، وتجسيد حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة فوق التراب الوطني الفلسطيني.
إن ثورتنا تقف بحزم وإصرار في مواجهة العدوان على الشعوب أينما كانت، ولذلك فان شعبنا يؤيد -وبحزم وبدون حدود- النضال العادل لشعوب آسيا، وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، ونشجب كل أنواع الظلم والعدوان والتسلط التي تشنها القوى الإمبريالية وعملاؤها، والصهيونية الأمريكية المعتدية.
أيها الثوار الأبطال،
إننا واثقون من النصر، لأنكم بانتصاركم الساحق على العدوان الإمبريالي الأمريكي، أعطيتم الأمل بالتحرر لكل الشعوب المناضلة، وكما أن علم الثورة البطلة المنتصرة الذي رفعه المقاتل الفيتنامي البطل على أرض الجنوب المحررة في هوشي منه تخليدا للزعيم العظيم والمعلم لهذه الثورة وكل الثوار في العالم، وكذلك سيرفع ثوارنا وأبطالنا في الثورة الفلسطينية علم فلسطين على القدس المحررة.
أيها الرفاق الأعزاء،
إن علينا واجبًا تجاه شعوبنا، وكل الشعوب المناضلة، خاصة شعوب دول عدم الانحياز هو ما يملي علينا أهمية القيام بمجهودات مكثفة ومستمرة، وعلى كافة الأصعدة؛ من أجل تعزيز وتقوية حركة عدم الانحياز وتطويرها، حتى تستطيع مواجهة هذه المحاولات المستمرة من القوى الإمبريالية العالمية وعملائها التي تحاول عرقلة مسيرة حركة عدم الانحياز، التي أثبتت التجارب أهمية المبادئ التي تسير عليها، من أجل خير شعوبها، ومن أجل نضال الشعوب المكافحة، ضد كافة أعداء الشعوب، من الإمبرياليين والفاشيين والصهاينة والعملاء.
أيها الرفاق الأعزاء،
أخيرًا فإنني في هذه المناسبة الطيبة التي تجمع رفاق الخندق الواحد، أشيد بالصداقة الكفاحية التي تربط بين الشعبين الفلسطيني والفيتنامي، وأحيي جميع انتصارات الشعب الفيتنامي الصديق على طريق البناء الاشتراكي والتقدم الاجتماعي، وأحيي الرفاق قيادة وحكومة جمهورية فيتنام الاشتراكية، وأحيي الشعب الفيتنامي البطل.
معا وسويا حتى النصر.
وإنها لثورة حتى النصر.
المراجع:
الوثائق الفلسطينية العربيه للعام 1981، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، ص 425، 426، 427.
وكالة وفا، بيروت، ١٦/10[A1] / 1981، ص 5، 9.
[A1]اكتبوا الأرقام كلها موحدة