كلمة ياسر عرفات في مؤتمر دعم حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف في بلجيكا
كلمة ياسر عرفات في مؤتمر دعم حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف في بلجيكا
معالي السيد مصطفى نياس رئيس المؤتمر وزير خارجية السنغال،
معالي السيد إيريك ديريك وزير خارجية بلجيكا،
معالي السيد هينادي يود فينكو رئيس الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة،
معالي الأخ الدكتور عز الدين العراقي أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي،
السيد ممثل الأمين العام لجامعة الدول العربية،
معالي السيد كيران برندرجاست ممثل الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة،
فخامة السيد كارلوس ليموس سيموندس ممثل رئيس حركة عدم الانحياز،
نائب رئيس جمهورية كولومبيا،
أصحاب المعالي وزراء الخارجية وممثليهم، أصحاب السعادة السفراء وممثلي الدول، الأصدقاء في المنظمات غير الحكومية،
أيتها السيدات، أيها السادة،
يسرني أن أعبر باسم الشعب الفلسطيني وقيادته، وباسمي شخصيًّا عن شكرنا وتقديرنا العميق لمملكة بلجيكا الصديقة، ملكًا وحكومة وشعبًا؛ لاستضافتها هذا المؤتمر الدولي من أجل دعم الشعب الفلسطيني، وتمكينه من ممارسة حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف على ترابه الوطني، مثمّنين عاليًا جهودها المستمرة والبناءة مع شركائها من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الصديق، الرامية إلى دعم عملية السلام في الشرق الأوسط، والعمل على إنقاذها من المأزق الذي آلت إليه، ودفعها إلى الأمام، وإعادة بناء وإعمار مؤسسات الشعب الفلسطيني واقتصاده الوطني، وبناه التحتية التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي.
ويسرنا كذلك أن نعرب عن بالغ شكرنا وعميق تقديرنا لرئيس وأعضاء لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، على الدور الكبير الذي يضطلعون به، في الدفاع عن الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وبالإضافة لذلك فإننا نؤكد رغبتنا في أن تحقق فلسطين المشاركة الكاملة في أعمال الأمم المتحدة.
كما ويطيب لي أن أتوجه بالشكر والتقدير العميق إلى الأخ الدكتور عز الدين العراقي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وإلى ممثل الأخ الأمين العام لجامعة الدول العربية، على الجهود المباركة والمخلصة التي بذلوها في تنظيم هذا المؤتمر الهام، والمشاركة فيه، والعمل على إنجاحه.
ولا يفوتني في هذا المقام أن أشكر بشكل خاص معالي السيد كوفي عنان الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، وممثله معالي السيد كيران برندرجاست، وكذلك معالي السيد هينادي يودفينكو رئيس الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، على مشاركتهم في هذا المؤتمر.
ويسعدني أن أتقدم بخالص الامتنان والعرفان إلى حركة دول عدم الانحياز، ورئيسها فخامة السيد الرئيس إيرنستو سامبير رئيس جمهورية كولومبيا الصديقة، وإلى ممثلة فخامة السيد كارلوس ليموس سيموندس الذي يشاركنا مؤتمرنا هذا، تعبيرا عن دعم ومساندة وتضامن حركة عدم الانحياز مع الشعب الفلسطيني ونضاله العادل، من أجل استعادة وممارسه حقوقه.
كما ويسرني أن أعرب عن جزيل شكرنا وتقديرنا إلى السادة أصحاب المعالي وزراء الخارجية وممثليهم، وإلى السادة أصحاب السعادة السفراء وممثلي الدول الصديقة، وإلى كافة الأصدقاء في المنظمات غير الحكومية، على ما يكرسونه من جهد ودعم لنصرة قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية العادلة والمشروعة.
السيد الرئيس،
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة،
أيها السيدات والسادة،
إن انعقاد مؤتمرنا هذا في ظل الظروف الدقيقة والخطيرة التي تمر بها عملية السلام في الشرق الأوسط، وعلى كافة المسارات، وخاصة المسار السوري واللبناني والفلسطيني، يكتسي أهمية بالغة؛ بسبب الجمود الذي يعتري هذه العملية، وفشل كافة الجهود الإقليمية والدولية التي بذلت لإحيائها، ومن هنا فإن الشعب الفلسطيني الذي ارتبطت قضيته منذ نشأتها الأولى بمنظمة الأمم المتحدة، يعلّق -بشكل خاص ومباشر- آمالًا كبارًا عليها وعلى المجتمع الدولي بأسره؛ من أجل إنصافه وتمكينه من استعادة وممارسة حقوقه الثابتة، وفي مقدمتها حقه في العودة وتقرير المصير، وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
فالأمم المتحدة تتحمل مسؤولية تاريخية تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته، فهي التي صادقت على القرار 181 الصادر عنها والخاص بتقسيم أرض فلسطين الانتدابية، من أجل إقامة دولتين، إحداهما عربية والأخرى يهودية، وهي التي أكدت، من خلال عشرات القرارات لهيئاتها المختلفة، على عدالة وشرعية حقوق الشعب الفلسطيني، وحددت كذلك أسس ومرجعية إقامة السلام في الشرق الأوسط، لهذا فإن الأمم المتحدة تقع على عاتقها مسؤولية دائمة تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، إلى حين التوصل إلى إقامة السلام المنشود، السلام العادل والدائم والشامل، الذي يكفل الأمن والاستقرار لكافة شعوب دول منطقة الشرق الأوسط، ويضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والمقدسات الفلسطينية والعربية.
السيد الرئيس،
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة،
أيها السيدات والسادة،
يصادف هذا العام مرور خمسين سنة على النكبة التي لحقت بالشعب الفلسطيني وأجياله المتعاقبة، التي أدت إلى اقتلاعه وتشريده من أرض وطنه، وتجريده من كافة حقوقه الإنسانية، والاستيلاء على ممتلكاته ومقدراته، وتعريضه طيلة تلك العقود الخمسة الماضية في الشتات لكافة أشكال وألوان الظلم والقهر والعذابات المتسمرة. غير أنها كانت أيضا خمسين سنة من النضال المستمر، خاضها الشعب الفلسطيني؛ من أجل استعادة هويته الوطنية، والحفاظ على وجوده، وفي سبيل ممارسة حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير، وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، حتى يتسنى له الإسهام -وعلى قدم المساواة وجنبا إلى جنب مع كل شعوب المنطقة وحركات التحرر في العالم- بناء وتدعيم السلام الدائم، وتحقيق الأمن والاستقرار والرخاء فيها للجميع.
ونحن إذ نستذكر هذه الأحداث والظروف التاريخية القاسية والمريرة التي عانى منها الشعب الفلسطيني طويلًا، وما زال يعاني، لنحث المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة، ونناشدكم أيها الأصدقاء وكل محبي الحرية والعدل والسلام والديمقراطية في العالم، تكثيف جهودكم الخيرة وتفعليها، وبذل جلّ مساعيكم لمؤازرة الشعب الفلسطيني، في نضاله العادل من أجل ترجمة هذه الأهداف النبيلة، وحماية سلام الشجعان، ولكي يمارس من خلاله استقلاله وسيادته الوطنية، أسوة بكافة شعوب الأرض.
ويتزامن هذا العام أيضا مع حلول الذكرى الخامسة لتوقيع اتفاق إعلان المبادئ، وإقامة السلام العادل والشامل مع حكومة إسرائيل، والذي مثل بداية لمرحلة جديدة في الشرق الأوسط، وتحولًا تاريخيًّا في مجرى الصراع العربي الإسرائيلي؛ بهدف الوصول إلى تحقيق السلام المنشود، سلام الشجعان الذي اخترناه عن إيمان وقناعة، والذي شرعنا في بنائه مع شريكنا الراحل إسحق رابين، ومضينا فيه قدما من بعده مع السيد شمعون بيريز، وتابعناه في اتفاق بروتوكول الخليل مع الحكومة الإسرائيلية الحالية.
إن جوهر إعلان المبادىء والاتفاقات التي تلته هو الاعتراف المتبادل بالحقوق المشروعة والسياسية للجانبين، وبناء عملية سلام تقود إلى تنفيذ قراري مجلس الأمن 242 و338، وبما يضمن استعادة وممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف، وتحقيق المصالحة التاريخية بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، على أساس من المساواة والتكافؤ والاحترام المتبادل، كما تضمن الاتفاق الانتقالي ترتيبات المرحلة الانتقالية التي تستمر لمدة خمس سنوات، وتهدف إلى تعزيز الثقة وبناء الولاية الفلسطينية، ونقل الصلاحيات، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية، وخارج المدن والقرى الفلسطينية المحتلة، والشروع في التفاوض حول قضايا الحل النهائي، وخاصة القدس والمستوطنات والحدود واللاجئين والمياه، وغيرها من القضايا الأخرى الدقيقة والحساسة التي يتوقف على إيجاد حلول عادلة ومقبولة لها مستقبل ومصير عملية السلام في الشرق الأوسط، كل ذلك من أجل بناء واقع جديد يتمتع فيه الشعب الفلسطيني بزوال الاحتلال الإسرائيلي، وبالاستقلال والسيادة وتحقيق الانتعاش الاقتصادي، وعلى نحو يكفل الأمن والاستقرار لكافة شعوب ودول منطقة الشرق الأوسط.
السيد الرئيس،
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة،
أيها السيدات والسادة،
إننا نواصل العمل من أجل إقامة السلام سلام الشجعان بمثابرة وإصرار، وقد أحرزنا إنجازات هامة على هذا الطريق، بالرغم من الصعوبات الكبيرة التي واجهتنا، وما زالت تواجهنا، ولإحباط الجهود السلمية المبذولة وقتل عملية السلام في مهدها، ولكننا من خلال الوعي والإصرار استطعنا متابعة مسيرة السلام، والاستمرار بها إلى أن جاء واقع جديد على الجانب الإسرائيلي، وهو واقع تميز بغياب الإرادة السياسية لحكومة السيد نتنياهو، وبتهربها من الاستمرار في عملية السلام، بل وتنكرها للاتفاقات الموقعة ولمبدأ الأرض مقابل السلام، ورفضها تنفيذ هذه الاتفاقات الموقعة، واستحقاقاتها العالقة. هذا وإن هذه الحكومة لتحاول بشكل واضح وصريح خلق صياغة مرجعيات جديدة لعملية السلام، ترمي إلى تكريس الاحتلال الإسرائيلي، ونبذ كل ما اتفق عليه وفرض سياسة الأمر الواقع، والحل الإسرائيلي علينا، من خلال إجراءاتها الأحادية الجانب، وكذلك تهدف إلى إملاء إرادتها على الشعب الفلسطيني وقيادته، وحملها على التفريط بأجزاء واسعة من الأرض الفلسطينية المحتلة، وخاصة في مدينة القدس الشريف وما حولها، غير أن هذه المحاولات لن تفلح أبدا، وهي أمر مرفوض، ولن يقبل بها الشعب الفلسطيني، ولا قيادته.
إذ نؤكد على تمسكنا بالسلام كخيار إستراتيجي، ونبذل كل جهد ممكن لإنقاذ عملية السلام، وإخراجها من الطريق المسدود الذي وصلت إليه، لنطالب حكومة إسرائيل بضرورة تنفيذ الاتفاقات المبرمة، وبالتزام الأطراف بالشروط التعاقدية لهذه الاتفاقات، ونحن من جانبنا سوف نستمر في تنفيذ التزاماتنا، بالرغم من الصعوبات الكبيرة الناجمة عن السياسات والمواقف الإسرائيلية المتناقضة مع روح السلام وجوهره. وبالمقابل فإنه يتعين على الجانب الإسرائيلي بشكل خاص، أن يُتمّ عمليات إعادة الانتشار الثلاثة المتفق عليها، وأن يمتنع عن القيام بأية إجراءات أحادية الجانب من شأنها خلق حقائق جديدة على الأرض، تؤدي إلى استباق مفاوضات الحل النهائي، ورسم خريطة الوضع النهائي من جانب واحد.
إن استمرار الحكومة الإسرائيلية الحالية في سياسة فرض الأمر الواقع المتمثلة في مواصلة هدم البيوت، ومصادرة الأراضي الفلسطينية، وبناء وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية غير المشروعة عليها، وخاصة في مدينة القدس الشريف وتهويدها وعزلها وحصارها مع مدينة بيت لحم بالمستوطنات وقوات الجيش، وطمس معالمها وملامحها الدينية والتاريخية والحضارية وهويتها العربية الإسلامية والمسيحية، وإيجاد خلل في تركيبها الديمغرافي من خلال مصادرة هويات المواطنين الفلسطينيين فيها، وطردهم منها، والعبث والتلاعب بوضعها القانوني، وخلق مدينة بديلة في مستوطنة أبو غنيم منافسة لمدينة بيت لحم التي تستعد للاحتفال بالذكرى الألفية الثانية لميلاد سيدنا المسيح عليه السلام، وكل هذه الأعمال والمحاولات المحمومة تتناقض مع روح السلام والاتفاقات المبرمة، وتهدد بنسف عملية السلام برمتها في المنطقة. ومن هنا فإن إنقاذ عملية السلام يقتضي من الحكومة الإسرائيلية الوفاء بالتزاماتها وتنفيذ الاستحقاقات المترتبة عليها، وفقًا لبنود الاتفاق الانتقالي وبروتوكول الخليل، وخاصة ما يتعلق منها بفتح مطار غزة واستئناف العمل في الميناء، وإقامة الممر الآمن وفتح المعابر، وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وتسهيل العمل في المناطق الصناعية، وغير ذلك من المخالفات المتعددة.
إن امتناع إسرائيل عن تنفيذ الاستحقاقات الواجبة عليها، إضافة إلى انتهاكاتها الأخرى التي لا تحصى للاتفاقات وحملاتها الإعلامية المستمرة ضد السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، عززت مشاعر النقمة والغضب والإحباط لدى الجماهير الفلسطينية، وولدت إحساسًا بعدم الثقة، وقتلت كل الآمال التي انبثقت إثر الشروع في عملية السلام؛ الأمر الذي أدى إلى نشوء واقع خطير تجب معالجته فورًا، وقبل فوات الأوان. ومن هذا المنطلق، فإننا نهيب بالمجتمع الدولي وبمنظمة الأمم المتحدة وهيئاتها العاملة، ألا تسمح باستمرار تعنت الحكومة الإسرائيلية ومماطلاتها وتهربها، وأن تضع حدًّا لاستهتارها المتواصل، ولضربها عرض الحائط بقرارات الشرعية الدولية، وشرعة حقوق الإنسان، واتفاقية جنيف الرابعة والاتفاقات المبرمة، وكما ينبغي على الأغلبية الإسرائيلية التي تريد السلام، أن تتحرك وتبادر لممارسة الضغط على الحكومة الإسرائيلية الحالية؛ لحملها على احترام قرارات الشرعية الدولية، وتنفيذ الاتفاقات المبرمة، والمضي قدمًا بعملية سلام الشجعان إلى غاياتها المنشودة، من أجل مستقبل أطفالنا وأطفالهم.
إننا نقدر في هذا المجال جهود الولايات المتحدة الأمريكية، بما في ذلك الجهود الشخصية لفخامة الرئيس كلنتون، ومعالي الوزيرة أولبرايت، ونأمل أن نرى استمرارًا وتفعيلًا لهذه الجهود، وتكثيفًا لها؛ لضمان تحقيق الالتزام الإسرائيلي بتنفيذ الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها في واشنطن، بحضور وتوقيع راعيي عملية السلام، وبشهادة وتوقيع الاتحاد الأوروبي والنرويج وجمهورية مصر العربية والأردن، وحضور اليابان، كما نثمن عاليًا أيضًا جهود روسيا الاتحادية، والاتحاد الأوروبي والصين واليابان، وأشقائنا العرب والمسلمين، ودول عدم الانحياز، وأعضاء الأسرة الدولية التي تحرص على هذه الاتفاقيات، وحرصها على الأمن والسلم الدوليين.
إننا نناشد أيضا الأسرة الدولية تحمل مسؤولياتها، والقيام بدورها لممارسة الضغوط على الحكومة الإسرائيلية، والتوقف عن انتهاكاتها للاتفاقات المبرمة، كما نعتقد جازمين أن العديد من الأطراف الدولية المؤثرة والمعنية تملك بالفعل الوسائل اللازمة، وفقًا للقانون الدولي، وطبقًا لالتزاماتها القانونية والسياسية والأخلاقية تجاه السلام، والتي تؤهلها للقيام بهذا الدور الفاعل والمؤثر والبنّاء، تجاه بناء السلام في الشرق الأوسط.
السيد الرئيس،
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة،
أيتها السيدات والسادة،
إننا نتطلع بأمل وثقة كبيرة إلى متابعتكم الجادة لنتائج الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة، وبشكل خاص لعقد اجتماع الخبراء للأطراف المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، وذلك للتحضير لعقد مؤتمر حول الإجراءات القسرية لضمان احترام بنود تلك الاتفاقية، كما نطمح أيضا إلى قيام هيئات منظمة الأمم المتحدة الأخرى، وخاصة مجلس الأمن، بواجباتها وفقًا لميثاق الأمم المتحدة.
إن الحديث عن مجلس الأمن وقراراته وعن القانون الدولي يذكرنا بشكل خاص وملحّ، بالأزمة الأخرى الراهنة التي يمر بها الشرق، والتي يمكن أن تتسبب بالمزيد من المعاناة لشعب عربي آخر، ألا وهو الشعب العراقي الشقيق، علاوة على النتائج الخطيرة والدمار والويلات التي قد تجرها الأزمة على المنطقة بأسرها.
إننا نؤيد وندعو بقوة إلى حل سلمي للأزمة الحالية حول العراق، وذلك على أساس تنفيذ قرارات مجلس الأمن، واحترام القانون الدولي، وبما في ذلك الحفاظ على وحدة وسيادة العراق وسلامته الإقليمية، وكذلك إننا ندعم كافة الجهود الخيرة المبذولة للتوصل إلى الحل المطلوب، بالوسائل الدبلوماسية والسلمية، وبالحوار البناء، وخاصة ما قام به السيد كوفي عنان من جهد بناء، أثمر بتوقيع الاتفاقية الأخيرة بين الأمم المتحدة والحكومة العراقية، والتي رجحت ما كنا ندعو إليه من خيار سلمي على أية خيارات أخرى.
السيد الرئيس،
أيها السيدات والسادة،
في غضون عامين، سيشهد عالمنا حدثا ذا أهمية فريدة وبالنسبة للإنسانية جمعاء، ألا وهو الاحتفال بالذكرى الألفية الثانية لميلاد سيدنا المسيح عليه السلام، فلقد حبانا الله أن تكون بلادنا فلسطين، وتحديدًا مدينة بيت لحم مهد السيد المسيح، وموقع هذا الحدث البارز في تاريخ الإنسانية، ونحن إذ نستعد للاحتفاء باستقبال شعاع شمس اليوم الأول لعام 2000 لنأمل أن تكون هذه المناسبة الدينية والتاريخية العظيمة بداية جديدة، مفعمة بالمحبة والسلام لعالمنا، ولبني الإنسان، وفاتحة عهد جديد للشعب الفلسطيني يكون فيه من إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
إننا نقوم بالعمل المطلوب، نبذل الجهد اللازم والمستمر، ونضطلع فيه بمسؤولياتنا لإمكانياتنا المحدودة، ونسهم من خلاله بنصيبنا في التحضير لإحياء هذه الذكرى، غير أن هذا لا يكفي، ولذا فإننا ندعو الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ودول العالم إلى توجيه وتكثيف الجهود، والإسهام معنا لإنجاح هذه الاحتفالات الدينية والتاريخية العظيمة لميلاد سيدنا المسيح عليع السلام.
وختامًا، أتوجه إليكم يا أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة، ولكافة السيدات والسادة بجزيل الشكر، وعميق التقدير المقرون بامتناننا وعرفاننا، على مشاركتكم لنا لعقد هذا المؤتمر الهام، الذي عبرتم من خلاله عن تضامنكم ومساندتكم ودعمكم الكريم لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، مُهيبين بكم تكريس جهودكم الخيّرة، ويذل جلّ ما بوسعكم من أجل تجسيد تلك الحقوق على أرض الواقع؛ حتى يتسنى له العيش بحرية وكرامة على أرض وطنه، مثله في ذلك مثل كل شعوب الأرض، ولحماية السلام سلام الشجعان، في الأرض المقدسة من أجل أجيالنا القادمة، ومن أجل أطفالنا وأطفالهم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.